إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(( العفو ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (( العفو ))


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين
    نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين أفضل الصلاة وأتم التسليم.
    "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" سورة آل عمران.
    سألت عائشة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت :
    "قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني"
    الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:
    الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم:3513
    خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

    اللهم إنك عفو عن المذنب ...عفو عن المقصر ...عفو عن الجريء على الذنب ثم يتوب وأنت تحب العفو .. تحب أن يعفو السيد عن خادمه ..
    تحب أن يعفو المخطئ عمن أخطأ عليه .. أن يعفو الأب عن ولده .. أن يعفو الزوجان بعضهما عن بعض .. أنت تحب العفو فاعف عنا .
    ما هي قيمة العفو في حياتنا ؟ من هم الذين يستحقون أن نعفو عنهم والذين لا يستحقون أن نعفو عنهم ؟ تعالوا اليوم نترك أثرا في العفو.
    يقول النبي عليه الصلاة والسلام :
    " ثلاثٌ أُقسِمُ عليهِنَّ : ما نقَصَ مالٌ قطُّ من صدقةٍ ، فتصدَّقُوا ، ولا عَفَا رجلٌ عن مَظلمةٍ ظُلِمَها إلا زادَهُ اللهُ تعالَى بِها عِزًّا ،
    فاعفُوا يزِدْكمُ اللهُ عِزًّا ، ولا فتَحَ رجلٌ على نفسِهِ بابَ مَسألةٍ يَسألُ الناسَ إلا فتَحَ اللهُ عليه بابَ فقْرٍ

    الراوي: عبدالرحمن بن عوف المحدث:
    الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3025
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    الإنسان المستغني لكن دائما يقول أعطوني فلوس ويكتب لهذا خطاب ويرسل لهذا رسالة ..يسأل الناس تكثرا فقط يبغى زيادة مال "إلا فتح الله عليه باب فقر" فقوله صلى الله عليه وسلم أن العفو يزيد الله به تعالى العبد عزا ورفعة هذا أمر مقرر ما يحتاج ولذلك أعظم العفو الذي فعله أبو بكر عندما عفا عمن قدح في عرضه عنها يعني لما خرج النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة ثم بعد ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها تأخرت عن الجيش وحصل ما حصل من مجيئها متأخرة وكان صفوان بن المعطل هو الذي رآها في البر وحدها وجاء وركبت على البعير ثم جاء بالبعير وصلت إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه فلما وصلت إليهم قال بعض المنافقين والله ما سلمت منه وما سلم منها وانتشر الكلام وكان في واحد هو ابن عمة أبي بكر اسمه مسطح بن أبي مسطح هذا الرجل كان فقيرا ولأنه كان قريب من أبي بكر كان أبي بكر ينفق عليه ويعطيه ويسدد عنه الديون وإذا اشترى شيئا حاسب عنه وهكذا وكان مسطح هذا كان ممن انطلق لسانه
    بالكلام عن عائشة وصار يدور في الشوارع ويجلس في الأماكن ويقول عائشة فعلت والله لو ما فعلت كان حصل كذا وبدأ يتكلم في عرض عائشة رضي الله تعالى عنها في كل موطن ثم أنزل الله تعالى براءة عائشة
    " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " سورة النور ،

    ثم بدأت الآيات تلوم الذين تكلموا في عرض عائشة رضي الله تعالى عنها
    "وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَـذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّـهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"سورة النور ، آيات شديدة للتأديب. فقال أبو بكر مسطح ابن عمتي والذي أنا أنفق عليه وأسدد عنه ديونه يتكلم عن بنتي والله لا أنفق عليه بعد اليوم أبدا سأتركه يموت من الجوع ..سأتركه إذا اشترى شيء يتورط مع البائع ...سأترك الذين لهم عنده ديون يأتون ويشتكونه عند النبي عليه الصلاة والسلام .. سأتركه يُسجن .. والله ما أنفق عليه بعد اليوم أبدا وإذا بالآيات تنزل في سورة النور نفسها يقول الله جل وعلا :" وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "سورة النور ، فقال أبو بكر لما نزلت الآيات قال : بلى والله أحب أن يغفر الله لي يعني أنا أعطيه ليس تقربا إليه أو لأني متزوج أخته إنما أنا تصدقت عليه لحاجته وإنه قريب .. ما دام إنه محتاج إلا والله أحب أن يغفر الله لي لأن الله تعالى قال:" أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "سورة النور.

    فالمقصود أن العفو حتى عمن أخطأ عليك .. العفو تزداد فضيلته كلما ازداد الجرم الذي وقع عليك يعني جاء واحد فرضا في سيارة وأثناء الوقوف في الإشارة غفل عن سيارته ورجع للوراء وضرب صدام بصدام فجئت وقلت "عفوت عنك لوجه الله .. اللهم إني..." جزاك الله خير لكن ما الذي حدث حتى تعفو عنه صدام بصدام ولا حصل شيء لسيارتك .. أو واحد مثلا كان التفت بالغلط وضربك مثلا بيده ثم قلت أنت عفوت عنك لوجه الله جزاك الله خير لكن أيضا الموضوع لا يستحق لا تعطي الموضوع أكبر من حجمه ،
    العفو كلما عظم كما فعلها أبو بكر هذا يقدح في عرضه ويتكلم في عرضه وأنا أنفق عليك وأسدد عنك ديون وأسدد عنك ما تشتريه من الناس وفي النهاية تتكلم في بنتي هذا جزائي ومع ذلك لما أقسم أبو بكر قال الله تعالى
    " وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا " سامحه يا أبا بكر ":" أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ "

    السلف رحمهم الله تعالى كان لهم أعاجيب في صفاء النفس في العفو عن الناس ، هذا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قالوا ذهب يوما إلى السوق ليشتري متاعا فاشترى المتاع ولما حمل على دابته وهو يحاسب يقولون فلما أراد أن يخرج المال فلم يجد كيس نقوده قال قد كان معي قبل قليل ، أين هو؟ سُرق؟ فأخذ الناس يقولون لعن الله من سرقه .. يسرق من عبد الله بن مسعود؟!! لعن الله من سرقه فقال عبد الله بن مسعود : "اللهم إن كان الرجل أخذه محتاجا إليه ومضطرا إليه فهو صدقة مني عليه" ،
    إذا هو المسكين خارج من البيت وأولاده جوعى أو مثلا زوجته مريضة أو يحتاج إلى شيء والمسكين متورط واضطر أن يسرق وغلبته نفسه لشدة الحاجة اللهم فإنه صدقه عليه الله يحلله ويسامحه الله يعفو عنه فإنه صدقة مني عليه ، وإن كان أخذه فجورا ، أخذه هكذا حب سرقة غني عنه لكن رأى الفلوس قريبة والتقطه ، "وإن كان أخذه فجورا اللهم فافتح على قلبه وأهده"
    انظروا القدرة على أن الواحد ينتصر على نفسه وطبعا هذه مرتبة عالية والله سبحانه وتعالى يقول :
    " لَّا يُحِبُّ اللَّـهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ " سورة النساء ، لو واحد ظلمك ودعوت عليه هذا جائز شرعا لكن نحن نتكلم عن أقوام فعلا استطاعوا أن يتجاوزوا هذه المشاعر التي عند الناس وأن يصلوا إلى مرتبة أعلى من ذلك بكثير .

    يقول الحسن بن أبي يقول :" والله لو سبني رجل في أذني اليمنى ثم اعتذر مني في أذني اليسرى لقبلت منه ذلك" وكأن الواحد يفتح المجال يا جماعة اعتذروا يا جماعة أنا أسامحكم اجعله فقط يأتي ويعتذر ، ومن أهم الأشياء في العفو أن الشخص إذا اعتذر منك اقبل عذره أحيانا الذي يجعل الإنسان ما يأتي ويطلب العفو أن الناس يتكبرون عن قبوله لذلك يقال :
    اقبل معاذير من يأتيك معتذرا
    إن بر عندك فيما قال أو فجرا
    لقد أطاعك من يرضيك ظاهره
    وقد أجلك من يعصيك مستترا

    أيهما أحب إليك عندما يكون لديك ولد مدخن إذا أراد أن يدخن أن يدخن أمامك في المجلس أو قام وذهب واختبأ وأخذ السيجارة ؟ طبعا كله خطأ لكن أيهما أحب إليك يختبئ أم أمامك؟ أكيد أنه يختبئ يا أخي ، الولد الذي يوصلك بالسيارة وأنت راكب معه ثم يخرج السيجارة ويدخن غير الولد الذي يوصلك ثم يقول لك يا أبي أنا عندي مشوار املأ البنزين وأعود وهي السيارة أصلا فيها بنزين لكن قصده يأخذ سيجارة ، يعني الشخص الذي يستتر احتراما لك هذا خير من الذي يأتيك بكل قوة وجه ويأتي ويفعلها أمامك.
    طبعا العفو له أساليب في استحضاره من الناس وطرق في قبولنا للناس له درجات أيضا هذا أيضا يحتاج إلى تفصيل.

    طبعا أول من يستفيد من العفو الشخص الذي يعفو يعطيك راحة نفسية وراحة بال يعني أنا مثلا في مجلس وواحد رمى علي كلمة جارحة ثم بعد ذلك قال لي أسف يا أبا عبد الرحمن فعفوت عنه خلاص يعطيك راحة بال انتهينا كوني أحقد عليه بكرة جاري يقف أمام سيارتي وجعلني أتأخر وحقدت عليه هكذا سوف أعيش في مشاكل في دماغي كلما استطعت أن تعفو عن الناس أرحت نفسك. منها أيضا كسب مرضاة الله .. الله يقول :" فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ "40" سورة الشورى ، منها أيضا الرحمة بالمسيء ونحن نسأل الله الرحمة والمغفرة ويعفو عنا "إن الله عفو يحب العفو" طيب ما دام أن الله يحب العفو فلنصنعه .

    أحد الشباب: يا شيخ بعضهم تعفو عنه كل يوم ويتجرأ
    الشيخ العريفي: كيف؟
    الشاب: يغلط عليك اليوم فتسامحه وإذا جاء اليوم التالي نفس الشيء كأنه يزود الغلط فكيف التعامل مع الشخص الذي تعفو عنه ويزيد في الأذى؟
    الشيخ العريفي: أحسنت ، الناس الذين نعفو عنهم نقسمهم قسمين: في ناس أنا أصلا مخالط له دائما يعني مثلا جاء ولدي وأنا توا منتهي من وضع الدرجات في الجامعة وسوف أسلمها غدا وكاتب هذا باللون الأحمر وهذا أضع دائرة رسوب وهذا وهذا وتركت كل هذا وخرجت لأصلي فجاء واحد من عيالي وقال سوف أوقعها طبعا ما وقعها في الأسفل .. لا .. جاء وشخبط عليها كلها فأنا الآن سوف أعيد كتابتها من جديد وأخذت أقول لماذا يا ولدي الله يهديك ثم جاء بعدها بيومين ثلاثة ومادة أخرى من المواد في الجامعة وجاء أيضا ووقعها بنفس الطريقة هنا يستحق العقوبة يعني أنا نبهتك المرة الأولى ما انضبطت هنا لا أعفو عنك هنا تعاقب. عندك مثلا موظف تأخر أول مرة عفونا عنه المرة الثانية إذا تأخر يعاقب لأنه إذا لم يعاقب سيقول والله زين أنام ساعتين زيادة لأن مديري يقول عفونا عنك عفونا عنك .. لا ما في عفونا عنك ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم تقدم معنا لما عفا عن أبي عزة هذا رجل مشرك جاء وقاتل المسلمين في معركة بدر
    وقال اعف عني أنا مسكين لما أُسر مع الأسرى وأنا آسف وسامحني فسامحه النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبو عزة لا أقاتلك بعد اليوم أبدا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "عفونا عنك" بعدها بفترة جاء في معركة ثانية يشارك فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : ألم تكن قد عاهدتني ألا تقاتلني؟ ما الذي جاء بك الآن؟ قال أبو عزة: أسف سامحني لن أقاتلك مرة ثالثة فقال عليه الصلاة والسلام : "لا أتركك تمسح عارضيك بمكة تقول: ضحكت على محمد مرتين" وأمر به صلى الله عليه وسلم بالعقوبة .

    فالمقصود أنه إذا الذي أمامك خطأه مرة أو أن تقابله مرة واحدة في مطار في مستشفى أو ما شابه ذلك فلا مشكلة اعف عنه لكن الذي لك به ملازمة وتعلم أنه لا يؤدبه إلا العقوبة هذا يعاقب بأسلوب معين .
    محمد : هل ممكن القاضي يعفو عن مثلا السارق والحكم الشرعي أن يقطع يده هل هو إلزامي أم هل يمكن أن يعفو عنه؟
    الشيخ العريفي:أحسنت ، طبعا هو يوجد حدود شرعية لا يملك أحد أن يتعداها الله سبحانه وتعالى ذكر:
    " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّـهِ" سورة المائدة وذكر أيضا "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ " سورة النور ، فيوجد نصوص شرعية واردة في ضبط هذه المسائل ،
    طبعا القاضي ممكن يعفو في أمور معينة مثلا لو كان الرجل مجنون أو ظهر له أنه من غير حرز أو لا يبلغ النصاب إذا في أسباب معينة لكن لو أنا ممكن واحد سرق مني قبل أن تصل للقاضي يمكن إني أعفو عنه مثلا أو مثلا إنسان صدم سيارتي قبل أن تصل للقاضي أنا أعفو عنه هذا الذي نتكلم عنه خاصة إذا كان له ظروف معينة أو لا يستطيع شيء .
    عبد الواحد : العفو بين الأهل خاصة في ظل المجتمع الموجودين فيه وكثرة الخصومات بين الأهل وبين الأب وابنه وبين الأسرة الواحدة فهل من الواجب أن يعفو عن نفس الشخص مرة واثنين وثلاثة لو اخطأ ؟

    الشيخ العريفي: نحن ذكرنا إذا كان الخطأ يتكرر منه كثيرا يجب أن يعاقب حتى ينضبط لكن إذا كان الخطأ مرة واحدة أو مرتين فعفوت عنه وهددته وقلت له المرة القادمة لن أسامحك .. نعم .. لكن الذي يبين لك منه أن لا مبالي يعني ممكن ابني يرتكب مخالفة سيارة وجئت وحاسبت عنه وقلت له المرة القادمة سأخصمها من مصروفك أو تبيع جوالك وتسدد عن نفسك ثم تفاجئت أن المرة الثانية عادي يسرع وصورته الكاميرا أقول ما في هنا أنت تسددها بنفسك أو مثلا أعاقبك بكذا وكذا ، صح نحن نقول عفو عفو لكن الشريعة جاءت بعقوبات منهج النبي صلى الله عليه وسلم ليس دائما عفو وعفو جاءت في بعض الأمور كان صلى الله عليه وسلم يعاقب وكان أحيانا يغضب وأحيانا يؤاخذ فكان ضبط المسائل بهذا الموضوع هو الذي يوصلك فعلا إلى العفو بالطريقة الشرعية التي شرعها الله تعالى.

    "قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" سورة يوسف.
    هذا يوسف عليه السلام لما رأي إخوانه وإذا هو لهم معه تاريخ مؤلم ، أخذوه وهو طفل ورموه في بئر على الأقل سلموني للناس وقولوا ربوه .. ترموني في بئر؟!!! يلدغني عقرب ولا ثعبان أو أموت غرقا وأنا طفل ثم يخرج من البئر يشتغل عبد مملوك ثم يسجن كل هذه المشاكل بسببكم أنتم لو تركتموني عند أمي وأبي وأتربى كما يتربى الناس ما كان حدث لي هذه الحياة التي تروها أضعتم علي شبابي وأضعتم علي طفولتي وسجنت وابتلاء فلما رآهم إذا هم كلهم سبب المشكلة التي وقعت عليه
    ومع ذلك قالوا
    "قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ"سورة يوسف ، كان ممكن يقول محرومين من السكن معي في مصر ارجعوا إلى الشام أنتم جئتم للحاجة إلى الطعام ارجعوا إلى هناك في حاجتكم الأولى أو يقول مثلا طيب لكن رجاء لا تسكنون عندي .. أمي وأبي فقط .. أنتم لا أريد أن أراكم سكنهم في قرية أو في جزيرة من الجزر ... لا ... قَالَ "لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ .. حصل خير والشيطان دخل بيننا .. "قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" سورة يوسف.

    لذلك قال بعدها "...
    مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ "100" سورة يوسف ، انظر سبحان الله قدرته على هذا العفو ولذلك في بعض الاستطلاعات الذي يجعل بعض الناس أحيانا لا يعفو يوجد أسباب كثيرة .. أحيانا عدم صفاء النفوس.. أحيانا عدم القدرة على تناسي الأخطاء التي سبقت عند الناس ونحو ذلك .. أنا الآن اسأل ربي العفو .. طيب اعف عن الناس مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله علمني دعاء أقوم به الليل في ليلة القدر قال قولي "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا" ما دام يا ربي إنك تحب العفو فأنا عفوت عن الذي صدم سيارتي بالغلط .. أنا عفوت يا ربي عن الذي سبني.. يا رب أنت رأيتني أعفو فعاملني يا رب بالحسنى كما أنا أعامل الناس بالحسنى ، نعم يا محمد
    محمد: بالنسبة للعفو بين الآباء والأبناء أو العكس بين الأبناء والآباء يعني لما الابن يعفو عن والده هل هذا يدخل في العفو؟
    الشيخ محمد: كيف ممكن يعفو عن والده؟
    محمد: والده ظلمه في موضوع معين وعفا عنه فهل هذا يدخل في العفو؟

    الشيخ محمد: أحسنت وبعض الآباء أحيانا يظلم بأنه لا يعدل بين أولاده فتجد مثلا ابني هذا كل ما طلب شيء أعطيته فلوس مثلا وابني الثاني أنا أتركه .. ابني هذا كلما طلب سيارة مثلا أعطيته سيارة وعنده مشكلة في المدرسة فذهبت وحليتها وابني الثاني أنا تاركه ثم كبروا .. كبر الاثنان وكل واحد استغنى لكن أنا أذكر أن أبي كان ظالما لي وأنا صغير أبي كان يتعامل معي بالسوء ، كيف أتعامل معه الآن؟ هنا يأتي العفو يعني أن أعفو عنه ولا شك يا أخي أن العفو عمن لك عليك حق أصلا عفو عن الوالد وله أصلا حق عليك وله فضل عليك وهو سبب وجودك في الحياة بلا شك أنه أعظم أجرا من عفوك عن خادم ولا عن سائق ولا عن واحد صدم سيارتك يعني كلما عظم حق هذا الشخص أو أعفو عن أمي مثلا أمي أهملتني ولا ربتني وتركتني يمين ويسار وهي متزوجة ومع زوجها
    وأنا ما رأيتها فقط إلا لما ولدت وبعد ذلك رمتني وعاشت حياتها ثم تقول بر بي وأنا كبير وأقول لا أنت أصلا كنت تتركيني وما رأيتك عشر سنوات حتى صار عمري عشر سنوات وأنت مع أولادك الآخرين ولا تلتفتي إلي .. يعني أيضا الدخول في العفو في مثل هذا المثال من أهم المهمات.
    ترى أول من يستفيد من العفو هو الشخص الذي يعفو .. يستفيد الأجر ومرضاة الله .. إذا عفوت عن الناس عند خطأهم يسر الله تعالى لك أيضا من يعفو عنك أنت عندك خطأك .. منها أيضا أن العفو رحمة وبالتالي أن الله تعالى يرحمك ومنها أيضا أمور كثيرة إذا احتسب الإنسان الأجر بعفوه وتناسيه عن ذلك وهو يرجو الله تعالى أن يأجره عليه بإذن يكون أهلا لأن يدخل في هذه الرحمة.

    سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم :
    " قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني
    الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:
    الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم:3513
    خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

    الطريق إلى نيل عفو الله جل وعلا عنا هو أن نعفو نحن عن الناس .. الطريق لنيل الرزق أن ترزق أنت الناس أيضا بالصدقة عليهم والهدية ونحو ذلك .. الطريق لأن ترفع عنك غضب الله ألا تغضب أنت أيضا على الناس ، يعاملك الله جل وعلا كما تعامله يقول الله جل وعلا
    "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ..."152" سورة البقرة ، "..نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ .. "67" سورة التوبة ،"..وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا.. "50" سورة النمل ، كلما كان المرء أرحم بعباد الله صارت الرحمة إليه أقرب وعليه أوسع.
    مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأبي مسعود البدري وإذا هو يضرب خادما له .. خادم أخطأ فيضربه فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
    "اعلم أبا مسعود .." فأبا مسعود من شدة الغضب ما انتبه لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فأعاد عليه :" اعلم أبا مسعود .." فما التفت قال :" اعلم أبا مسعود .."
    :" عن أبي مسعودٍ لمَّا ضربَ غُلامَه : اعلَمْ أبا مسعودٍ ، اعلَمْ أبا مسعودٍ ، اللهُ أقدَرُ علَيكَ مِنكَ علَى هذا

    الراوي: عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود المحدث:
    ابن تيمية - المصدر: النبوات - الصفحة أو الرقم: 410
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    أنت إذا ما سامحته ولا عفوت عنه عن خطأه وتجاوزت عنه أنت غدا تقول يا ربي سامحني على خطأي واعف عني واغفر لي وتجاوز عني ثم ربما يعاملك الله تعالى كما عاملت هذا ولذلك تعويد النفس على العفو والتسامح أول من يستفيد من ذلك هو الشخص الذي يسامح ويعفو .. سامح زوجتك .. أبناءك .. طبعا بالمناسبة هو له ضوابط تقدمت في الحلقة
    حتى لا يجرؤون عليك لكن النبي صلى الله عليه وسلم له الحالان لكن هي تقدم دائما أن يكون عفو في تعامله مع الناس.

    هنا كتاب بين يدي في غاية الروعة
    لأخينا سعد الطخيس يتكلم عن سلامة الصدر "خمسون وسيلة في سلامة الصدر" يعني كيف تجعل صدرك سمحا سليما على الناس .. ذكر كثيرا كلاما حسنا حقيقة .. ذكر كيف تتعامل مع من يعاديك كيف ربما تستطيع أن تقلب عداوته إلى صداقة : إظهار الحرص عليهم ..التلطف مع الناس .. دعاء الله تعالى أن يشفي صدرك على المسلمين ، كلما استطعت أن تفعل ذلك وأن تكبت ما في نفسك مثل ما قال الله ".. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "سورة آل عمران.
    كلما فعلت ذلك اقتربت أكثر وأكثر من صفات الأنبياء

    وأخيرا تعالوا نتفق على قاعدة قبل أن نفترق نجعلها تغريدة ليومنا هذا :
    يقول الله تعالى "..
    وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى. "237" سورة البقرة.
    (وما زاد الله عبدا بعفو إلا شرفا وعزا)

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 23-03-2015, 03:10 AM. سبب آخر: تكبير الخط

  • #2
    رد: (( العفو ))

    جزاك الله خيرا

    تعليق


    • #3
      رد: (( العفو ))

      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم


      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق

      يعمل...
      X