بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
يسر منتدى الطريق إلى الله
أن يقدم لكم
تلخيص لمشروع الفطرية "بعثة التجديد المقبلة"
للدكتور/ فريد الأنصاري رحمه الله، سائلين المولى عز وجل أن يطيب
أوقاتكم وأعمالكم بما يرضيه عنكم
مفهوم الفطرية
وأما مصطلح "الفِطْرِيَّةِ" فهو مصدر صناعي مأخوذ من الفطرة؛ للدلالة على معنى "المنهاج الفطري"
في التزام الدين والدعوة.
وأما حَدُّهَا فهو:
إِقَامَةُ الوَجْهِ للِدِّينِ حَنِيفاً، خَالِصاً للهِ؛ وذلك بِمُكَابَدَةِ القُرْآنِ ومُجَاهَدَةِ النَّفْسِ بِهِ تَلَقِّيّاً وبَلاَغاً؛ قَصْدَ إِخْرَاجِهَا مِنْ تَشَوُّهَاتِ
الْهَوَى إلَى هُدَى الدِّينِ الْقَيِّمِ؛ ومِنْ ظُلُمَاتِ الضَّلاَلِ إلَى نُورِ الْعِلْمِ بِاللهِ.
فبناء على هذا التعريف؛ تكون "الفِطْرِيَّةُ" بمثابة عملية إصلاحية وجدانية، تقوم أساسا على تصحيح ما فسد من فطرة الإنسان،
المجبول أصلا على إخلاص التوحيد، وإصلاح ما أصابها من تشوهات تصورية وسلوكية، في شتى امتداداتها العمرانية.
منهج الفطرية
الفِطْرِيَّةُ دائرة من حيث المنهج على تلقي رسالات القرآن، من خلال تلقي آياته كلمةً كلمةً، ومكابدة حقائقه الإيمانية مَنْـزِلَةً مَنْـزِلَةً،
إذ لا تَخَلُّقَ للنفس إلا بمعاناة! ولا تخلص لها من أهوائها إلا بمجاهدة! فالقرآن هو خطاب الفطرة.
مفهوم التلقي لرسالات القرآن
والمصطلح المفتاح لمنهج التعامل مع القرآن، في مدرسة "الفطرية"، هو مصطلح: "التلقي". لأن التربية القرآنية في مجالس القرآن
لا تكون إلا بتلقي الرسالات الكامنة في الآيات
فمن قرأ سورة الإخلاص ولم يتخلق بالإخلاص، ولا هو تحقق به، فمعناه أنه لم يَتَلَقَّ سورةَ الإخلاص! ولا هو ممن تلاها حقّاً،
ولو ظل يرددها آلاف المرات! (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ!)(البقرة: 121). وكذلك من قرأ المعوذتين ولم يتحقق بما فيهما من أمان، ولا نزلت عليه سكينتهما
فإنه لم يتلق الفاتحة بعد!
للإطلاع على رسالات القرآن فضلًا من هنا
هذه رسالات القرآن.. فمن يتلقاها؟
الفطرية منهاج دين ودعوة
إن اشتغال العمل الإصلاحي بإعادة بناء العمران الروحي للفطرة الإنسانية، مؤد بالضرورة إلى إعادة تجديد العمران الاجتماعي
والمادي للحياة الإنسانية برمتها! سياسةً واقتصاداً واجتماعاً. إذ ذلك هو المنهاج القرآني الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم
طيلة مدة بعثته الشاملة، بما استقرت عليه من كل وظائف النبوةِ، تلاوةً وتزكيةً وتعليماً.
فإذا صح للعمل الإسلامي هذا وجب أن يضبط الوسيلة الأساس، ألا وهي اعتماد خطاب الوحي لا غير،
القرآن الكريم وبياناته النبوية. فالقرآن بما هو كلام رب العالمين، المنـزل لهذه الوظيفة أساسا، هو المؤهل وحده لإعادة بناء هذا النوع من
الهدم والردم، الحاصل في الحياة البشرية اليوم
فإذا صح الأمران معا – الهدف والوسيلة تشخيصا وعلاجا – ثم شرع أبناء الدعوة الإسلامية فعلا في تطبيق "المنهاج القرآني الفطري"، كانوا هم أول
من يخضع لعملياته الجراحية، من حيث يشعرون أولا يشعرون؛ لأن الوحي لا يصل إلى الناس إلا بعد أن تشتعل بحرارته قلوبُ الدعاة إليه،
وتلتهب هي ذاتها بحقائقه
فشعور الداعية بأنه هو عينه قد صار موضوعا للإصلاح، لا آلة له فحسب، وبأن نفسه ذاتها قد صارت حديقة لمقص القرآن، يشتغل فيها بالتهذيب
والتشذيب، وتربة لمائه الصافي الرقراق تتلقاه بشغف وشوق، ومصباحا لزيته الوهاج تحترق به مواجيدها توهجا واشتعالاً،
كل ذلك علامة على أنه قد دخل في أول خطوات العمل الإسلامي السليم، وانخرط في مسلك السير الفعلي إلى الله، عبدا لله أولا،
ثم داعيا إليه بصدقٍ، جل علاه. ذلك هو الحق إن شاء الله، وإلاًّ (فَمَاذَابَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ؟)(يونس:32).
فقضية الفطرة إذن، هي قضية الدين في هذا العصر، وهي قضية الإنسان.
ومن هنا كانت الفِطْرِيَّةُ مشروعا دعويا قائما على هذا المعنى، يحمل رسالته التربوية هدفاً ووسيلةً.
أركان الفطرية
هذه رسالات القرآن.. فمن يتلقاها؟
الفطرية منهاج دين ودعوة
إن اشتغال العمل الإصلاحي بإعادة بناء العمران الروحي للفطرة الإنسانية، مؤد بالضرورة إلى إعادة تجديد العمران الاجتماعي
والمادي للحياة الإنسانية برمتها! سياسةً واقتصاداً واجتماعاً. إذ ذلك هو المنهاج القرآني الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم
طيلة مدة بعثته الشاملة، بما استقرت عليه من كل وظائف النبوةِ، تلاوةً وتزكيةً وتعليماً.
فإذا صح للعمل الإسلامي هذا وجب أن يضبط الوسيلة الأساس، ألا وهي اعتماد خطاب الوحي لا غير،
القرآن الكريم وبياناته النبوية. فالقرآن بما هو كلام رب العالمين، المنـزل لهذه الوظيفة أساسا، هو المؤهل وحده لإعادة بناء هذا النوع من
الهدم والردم، الحاصل في الحياة البشرية اليوم
فإذا صح الأمران معا – الهدف والوسيلة تشخيصا وعلاجا – ثم شرع أبناء الدعوة الإسلامية فعلا في تطبيق "المنهاج القرآني الفطري"، كانوا هم أول
من يخضع لعملياته الجراحية، من حيث يشعرون أولا يشعرون؛ لأن الوحي لا يصل إلى الناس إلا بعد أن تشتعل بحرارته قلوبُ الدعاة إليه،
وتلتهب هي ذاتها بحقائقه
فشعور الداعية بأنه هو عينه قد صار موضوعا للإصلاح، لا آلة له فحسب، وبأن نفسه ذاتها قد صارت حديقة لمقص القرآن، يشتغل فيها بالتهذيب
والتشذيب، وتربة لمائه الصافي الرقراق تتلقاه بشغف وشوق، ومصباحا لزيته الوهاج تحترق به مواجيدها توهجا واشتعالاً،
كل ذلك علامة على أنه قد دخل في أول خطوات العمل الإسلامي السليم، وانخرط في مسلك السير الفعلي إلى الله، عبدا لله أولا،
ثم داعيا إليه بصدقٍ، جل علاه. ذلك هو الحق إن شاء الله، وإلاًّ (فَمَاذَابَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ؟)(يونس:32).
فقضية الفطرة إذن، هي قضية الدين في هذا العصر، وهي قضية الإنسان.
ومن هنا كانت الفِطْرِيَّةُ مشروعا دعويا قائما على هذا المعنى، يحمل رسالته التربوية هدفاً ووسيلةً.
أركان الفطرية
الركن الأول: الإخلاص مجاهدة |
فهو فَصُّ الفطرية، ومُحُهَّا الذي تنطوي عليه، بما هي محاولة لإعادة بناء النفس على ما بُنيت عليه أول ما خُلقت، وقد كان أول بنائها على الفطرة,
وقد سبق أن أصل الفطرة الإنسانية إنما هو إخلاص التوحيد لله رب العالمينكما جعله الله في كتابه، وبَيَّنَهُ الرسولُ في منهاجه
إلا أن إخلاص التوحيد ليس مجرد معلومات تُلَقَّن،
ولا منظومات تُستظهر، بل هو حقيقةٌ إيمانيةٌ عظمى، وخُلُقٌ قرآني عميق، لا يُنال إلا بمجاهدة ومكابدة!
فتجعل كل رغائبك وكل أهوائك وكل ذراتك، الظاهرة والباطنة، فانية في قصده هو جل جلاله،(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايْ وَمَمَاتِيَ للهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ.
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 162-163).
وقد سبق أن أصل الفطرة الإنسانية إنما هو إخلاص التوحيد لله رب العالمينكما جعله الله في كتابه، وبَيَّنَهُ الرسولُ في منهاجه
إلا أن إخلاص التوحيد ليس مجرد معلومات تُلَقَّن،
ولا منظومات تُستظهر، بل هو حقيقةٌ إيمانيةٌ عظمى، وخُلُقٌ قرآني عميق، لا يُنال إلا بمجاهدة ومكابدة!
فتجعل كل رغائبك وكل أهوائك وكل ذراتك، الظاهرة والباطنة، فانية في قصده هو جل جلاله،(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايْ وَمَمَاتِيَ للهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ.
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 162-163).
الركن الثاني: الآخرة غاية |
وهو ميزان الداعية المؤمن لتقويم صفاء دينه، وبوصلته لضبط مسار دعوته. وما ارتبط شيء في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كما ارتبط ركن الإيمان بالله بركن الإيمان باليوم الآخر والإيمان بالآخرة هو حادي العبد إلى تحقيق منـزلة الإخلاص في إيمانه بالله جل علاه، فالحضور الأخروي الدائم في وجدان المؤمن يجعله آمنا من فتن الشهوات، ومن بريق الإغراءات، التي تفسد الدعوات وتدمر الحركات.
وقَيَّدْنَا الآخرة بالغاية؛ حتى لا يبقى هذا المعنى حبيس التصورات النظرية في الجدل الكلامي، بل ليصبح هدفا محددا واضحا، لكل عمل
إسلامي يُرْجَى به نيلُ رضى الله، والفوز بالنعيم المقيم في جنات الخلد، والنجاة من عذاب الجحيم.
كما ارتبط ركن الإيمان بالله بركن الإيمان باليوم الآخر والإيمان بالآخرة هو حادي العبد إلى تحقيق منـزلة الإخلاص في إيمانه بالله جل علاه، فالحضور الأخروي الدائم في وجدان المؤمن يجعله آمنا من فتن الشهوات، ومن بريق الإغراءات، التي تفسد الدعوات وتدمر الحركات.
وقَيَّدْنَا الآخرة بالغاية؛ حتى لا يبقى هذا المعنى حبيس التصورات النظرية في الجدل الكلامي، بل ليصبح هدفا محددا واضحا، لكل عمل
إسلامي يُرْجَى به نيلُ رضى الله، والفوز بالنعيم المقيم في جنات الخلد، والنجاة من عذاب الجحيم.
الركن الثالث: القرآن مدرسة |
وهو الصبغة العامة للفطرية، بما هي قائمة أساسًا على تلقي رسالات القرآن، سواء عبر برامج الربانية أو عبر مجالس القرآن.
وقد تبين ألا إمكان لإصلاح الفطرة الإنسانية إلا بالقرآن، لأنه إنما أُنْزِلَ أساسا لهذا القصد الرباني العظيم.
فالقرآن – بما هو كلامُ خالقِ الإنسان، العليم بأسرار تكوينه - هو كتاب إصلاح الفطرة الإنسانية وصيانتها.
ومن هنا كانت الفطرية مدرسة قرآنية بالدرجة الأولى.
وقد تبين ألا إمكان لإصلاح الفطرة الإنسانية إلا بالقرآن، لأنه إنما أُنْزِلَ أساسا لهذا القصد الرباني العظيم.
فالقرآن – بما هو كلامُ خالقِ الإنسان، العليم بأسرار تكوينه - هو كتاب إصلاح الفطرة الإنسانية وصيانتها.
ومن هنا كانت الفطرية مدرسة قرآنية بالدرجة الأولى.
الركن الرابع:الربانية برنامجًا |
وهو أحد مسالكها التربوية الرئيسة، الهادفة إلى تخريج طبقة الدعاة المربين، وهم طائفة الربانيين الحاملين لرسالة القرآن، المشتغلين بدعوته في الناس
أجمعين، بما يقتضيه مفهوم الربانية من مقام إيماني عظيم، وفقه دعوي متين.
ولذلك جعلنا لها برنامجا قرآنيا خاصا، استقريناه من مجموع الآيات الدالة على أخلاق الربانيين، وخصوص منازلهم الإيمانية، وما تقتضيه من العلم
والحكمة، معزَّزاً بالبيانات النبوية، الرامية إلى تخريج أئمة الهدى في الدين.
أجمعين، بما يقتضيه مفهوم الربانية من مقام إيماني عظيم، وفقه دعوي متين.
ولذلك جعلنا لها برنامجا قرآنيا خاصا، استقريناه من مجموع الآيات الدالة على أخلاق الربانيين، وخصوص منازلهم الإيمانية، وما تقتضيه من العلم
والحكمة، معزَّزاً بالبيانات النبوية، الرامية إلى تخريج أئمة الهدى في الدين.
الركن الخامس: العلم طريقة |
وهو راجع إلى كون العلوم الشرعية أساسا، هي المسلك الأساس لبناء علم الناس بالله وبدينه، عقيدةً، وشريعةً، وتربيةً وسلوكاً.
فلا مكان في الفطرية للخرافية، ولا للأهوائية الشخصانية. ومن هنا وجب أن تحمل رسالات الفطرية، لكل المسلمين، الحد الأدنى من العلم الشرعي،
الذي لا يُعبد الله إلا به، عقيدةً وشريعةً.
فلا مكان في الفطرية للخرافية، ولا للأهوائية الشخصانية. ومن هنا وجب أن تحمل رسالات الفطرية، لكل المسلمين، الحد الأدنى من العلم الشرعي،
الذي لا يُعبد الله إلا به، عقيدةً وشريعةً.
الركن السادس: الحكمة صبغة |
وهو صمام الأمان لسير العمل الدعوي. وقد كان غياب الحكمة سببا رئيسا في هلاك كثير من الدعوات واندثارها، أو انحرافها.
والحكمة في العمل الدعوي هي: "اتخاذ الإجراء المناسب، في الوقت المناسب، بالقَدْرِ المناسب". فهي إذن راجعة - في النهاية - إلى كلمة واحدة جامعة هي: حُسْنُ التَّقْدِيرِ والتدبير.
ويُتَحَقَّقُ منها بأمرين، أحدهما كسبي والآخر وهبي.
فأما الكسبي فهو: الفقه في الدين بمعناه المنهجي
والحكمة في العمل الدعوي هي: "اتخاذ الإجراء المناسب، في الوقت المناسب، بالقَدْرِ المناسب". فهي إذن راجعة - في النهاية - إلى كلمة واحدة جامعة هي: حُسْنُ التَّقْدِيرِ والتدبير.
ويُتَحَقَّقُ منها بأمرين، أحدهما كسبي والآخر وهبي.
فأما الكسبي فهو: الفقه في الدين بمعناه المنهجي
التي تفتح البصائر وتنير السرائر.
تعليق