رد: -<( ﻧَـــفّـــحٍـــاٌتْ مِــــن ﻧُــــوِرُ اٌلِــــحٍـــيٌــــاٌةُ ღ )>-
متابعة <سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُنِير>
طعامه صلي الله عليه وسلم
الموائد والجفان تروح وتغدو في بيوت علية القوم وأهل الأمر والنهي فيها.. ونبي هذه الأمة تحت يده، البلاد والعباد وترد إليه الإبل محملة بالأرزاق ويفيض بين يديه الذهب والفضة، يا ترى كيف مطمعه ومشربه، أعيشة الملوك أم أرفع وأعظم؟ أطعام الأغنياء والموسرين أم أكمل وأتم؟
لا تعجب وأنت تتأمل طعام الرسول صلي الله عليه وسلم وقلته وتقشفه ..
يحدثنا أنس رضي الله عنه حيث قال: « إن النبي صلي الله عليه وسلم لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف»( رواه الترمذي).
والضفف: قلة المأكول وكثرة الأكلة، والمعنى أنه لم يشبع إلا بضيق وشدة، أو ما شبع في زمن من الأزمان إلا إذا نزل به الضيوف، فيشبع حينئذ لضرورة الإيناس والمجابرة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم»( رواه مسلم).
وفي رواية: «ما شبع آل محمد منذ قام المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعًا حتى قبض»( متفق عليه).
بل كان عليه الصلاة والسلام لا يجد ما يأكل وينام طاويًا لا يدخل جوفه اللقمة،
عن ابن عباس رضي الله عنهما: « كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويًا هو وأهله،لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير»
( رواه الترمذي).
وليس الأمر من قلة وندرة، بل كانت تفيض الأموال من تحت يده وتفد إليه النجائب محملة، ولكنه الله عز وجل اختار لنبيه صلي الله عليه وسلم الحال الأكمل والأقوم.
قال عقبة بن الحارث رضي الله عنه: صلى بنا النبي صلي الله عليه وسلم العصر فأسرع ثم دخل البيت فلم يلبث أن خرج فقلت أو قيل له فقال: «كنت خلفت في البيت تبرًا -أي ذهبًا- من الصدقة فكرهت أن أبيته فقسمته»( رواه مسلم).
والسخاء العجيب والعطاء المنقطع النظير هو ما يخرج من يد نبي هذه الأمة،
عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل، فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال:
«يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر»( رواه مسلم).
ومع هذا العطاء والسخاء، تأمل حال نبي هذه الأمة عن أنس رضي الله عنه قال: « لم يأكل النبي صلي الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزًا مرققًا حتى مات»
( رواه البخاري).
وذكرت عائشة رضي الله عنها أنه كان يأتيها فيقول: «أعندك غداء»؟ فتقول: لا، فيقول: «إني صائم»( رواه مسلم).
وثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه كان يقيم الشهر والشهرين، لا يعيشه هو وآل بيته إلا الأسودان: التمر والماء(رواه البخاري، ومسلم).
ومع هذه القلة في الطعام والندرة في المأكولات فإن خلقه الرفيع وأدبه الإسلامي يدعوه إلى شكر نعمة الله ثم شكر من أعدها وعدم تعنيفه إن أخطأ، فقد اجتهد ولم يصب، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يعيب طعامًا ولا يلوم طابخًا ولا يرد موجودًا ولا يطلب مفقودًا، إنه نبي الأمة لم يكن همه بطنه ومأكله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما عاب رسول الله صلي الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه»( متفق عليه).
وللأحبة الكرام من تأخذهم المآكل والمشارب أسوق قول شيخ الإسلام ابن تيمية مختصرًا:
وأما الأكل واللباس: فخير الهدي هدى محمد صلي الله عليه وسلم وكن خلقه في الأكل أن يأكل ما تيسر إذا اشتهاه، ولا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، فكان إذا حضر خبز ولحم أكله، وإن حضر فاكهة وخبز ولحم أكله، وإن حضر تمر وحده أو خبز وحده أكله، ولم يكن إذا حضر لونان من الطعام يقول: لا آكل لونين، ولا يمتنع من طعام لما فيه من اللذة والحلاوة، وفي الحديث صلي الله عليه وسلم: «لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني».
وأمر الله عز وجل بأكل الطيبات والشكر لله فمن حرم الطيبات كان معتديًا، ومن لم يشكر كان مفرطًا مضيعًا لحق الله، وطريق رسول الله صلي الله عليه وسلم هي أعدل الطرق وأقومها والانحراف عنها إلى وجهين: قوم يسرفون فيتناولون الشهوات مع إعراضهم عن القيام بالواجبات، وقوم يحرمون الطيبات ويبتدعون رهبانية لم يشرعها الله تعالى، ولا رهبانية في الإسلام.
ثم قال رحمه الله: وكل حلال طيب، وكل طيب حلال فإن الله عز وجل أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، لكن جهة طيبه كونه نافعًا لذيذًا، والله حرم علينا كل ما يضرنا، وأباح لنا كل ما ينفعنا.
ثم قال رحمه الله: والناس تتنوع أحوالهم في الطعام واللباس والجوع والشبع، والشخص الواحد يتنوع حاله، ولكن خير الأعمال ما كان لله أطوع، ولصاحبه أنفع
(مجموع الفتاوى 22/310 باختصار).
متابعة <سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُنِير>
طعامه صلي الله عليه وسلم
الموائد والجفان تروح وتغدو في بيوت علية القوم وأهل الأمر والنهي فيها.. ونبي هذه الأمة تحت يده، البلاد والعباد وترد إليه الإبل محملة بالأرزاق ويفيض بين يديه الذهب والفضة، يا ترى كيف مطمعه ومشربه، أعيشة الملوك أم أرفع وأعظم؟ أطعام الأغنياء والموسرين أم أكمل وأتم؟
لا تعجب وأنت تتأمل طعام الرسول صلي الله عليه وسلم وقلته وتقشفه ..
يحدثنا أنس رضي الله عنه حيث قال: « إن النبي صلي الله عليه وسلم لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف»( رواه الترمذي).
والضفف: قلة المأكول وكثرة الأكلة، والمعنى أنه لم يشبع إلا بضيق وشدة، أو ما شبع في زمن من الأزمان إلا إذا نزل به الضيوف، فيشبع حينئذ لضرورة الإيناس والمجابرة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم»( رواه مسلم).
وفي رواية: «ما شبع آل محمد منذ قام المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعًا حتى قبض»( متفق عليه).
بل كان عليه الصلاة والسلام لا يجد ما يأكل وينام طاويًا لا يدخل جوفه اللقمة،
عن ابن عباس رضي الله عنهما: « كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويًا هو وأهله،لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير»
( رواه الترمذي).
وليس الأمر من قلة وندرة، بل كانت تفيض الأموال من تحت يده وتفد إليه النجائب محملة، ولكنه الله عز وجل اختار لنبيه صلي الله عليه وسلم الحال الأكمل والأقوم.
قال عقبة بن الحارث رضي الله عنه: صلى بنا النبي صلي الله عليه وسلم العصر فأسرع ثم دخل البيت فلم يلبث أن خرج فقلت أو قيل له فقال: «كنت خلفت في البيت تبرًا -أي ذهبًا- من الصدقة فكرهت أن أبيته فقسمته»( رواه مسلم).
والسخاء العجيب والعطاء المنقطع النظير هو ما يخرج من يد نبي هذه الأمة،
عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل، فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال:
«يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر»( رواه مسلم).
ومع هذا العطاء والسخاء، تأمل حال نبي هذه الأمة عن أنس رضي الله عنه قال: « لم يأكل النبي صلي الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزًا مرققًا حتى مات»
( رواه البخاري).
وذكرت عائشة رضي الله عنها أنه كان يأتيها فيقول: «أعندك غداء»؟ فتقول: لا، فيقول: «إني صائم»( رواه مسلم).
وثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه كان يقيم الشهر والشهرين، لا يعيشه هو وآل بيته إلا الأسودان: التمر والماء(رواه البخاري، ومسلم).
ومع هذه القلة في الطعام والندرة في المأكولات فإن خلقه الرفيع وأدبه الإسلامي يدعوه إلى شكر نعمة الله ثم شكر من أعدها وعدم تعنيفه إن أخطأ، فقد اجتهد ولم يصب، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يعيب طعامًا ولا يلوم طابخًا ولا يرد موجودًا ولا يطلب مفقودًا، إنه نبي الأمة لم يكن همه بطنه ومأكله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما عاب رسول الله صلي الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه»( متفق عليه).
وللأحبة الكرام من تأخذهم المآكل والمشارب أسوق قول شيخ الإسلام ابن تيمية مختصرًا:
وأما الأكل واللباس: فخير الهدي هدى محمد صلي الله عليه وسلم وكن خلقه في الأكل أن يأكل ما تيسر إذا اشتهاه، ولا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، فكان إذا حضر خبز ولحم أكله، وإن حضر فاكهة وخبز ولحم أكله، وإن حضر تمر وحده أو خبز وحده أكله، ولم يكن إذا حضر لونان من الطعام يقول: لا آكل لونين، ولا يمتنع من طعام لما فيه من اللذة والحلاوة، وفي الحديث صلي الله عليه وسلم: «لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني».
وأمر الله عز وجل بأكل الطيبات والشكر لله فمن حرم الطيبات كان معتديًا، ومن لم يشكر كان مفرطًا مضيعًا لحق الله، وطريق رسول الله صلي الله عليه وسلم هي أعدل الطرق وأقومها والانحراف عنها إلى وجهين: قوم يسرفون فيتناولون الشهوات مع إعراضهم عن القيام بالواجبات، وقوم يحرمون الطيبات ويبتدعون رهبانية لم يشرعها الله تعالى، ولا رهبانية في الإسلام.
ثم قال رحمه الله: وكل حلال طيب، وكل طيب حلال فإن الله عز وجل أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، لكن جهة طيبه كونه نافعًا لذيذًا، والله حرم علينا كل ما يضرنا، وأباح لنا كل ما ينفعنا.
ثم قال رحمه الله: والناس تتنوع أحوالهم في الطعام واللباس والجوع والشبع، والشخص الواحد يتنوع حاله، ولكن خير الأعمال ما كان لله أطوع، ولصاحبه أنفع
(مجموع الفتاوى 22/310 باختصار).
تعليق