السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر (ص/128-129) :
(( ينبغي لكل ذي لبٍّ وفطنةٍ أن يحذر عواقب المعاصي ؛ فإنه ليس بين الآدمي وبين الله تعالى قرابةٌ ولا رحم ، وإنما هو قائمٌ بالقسط ، حاكمٌ بالعدل .
وإن كان حلمه يسع الذنوب ؛ إلاَّ أنه إذا شاء عفا ؛ فعفا كلَّ كثيف من الذنوب ، وإذا شاء أخذ ، وأخذ باليسير ؛ فالحذر .. الحذر .
• ولقد رأيت أقواماً من المترفين كانوا يتقلَّبون في الظلم والمعاصي الباطنة والظاهرة ؛ فتعبوا من حيث لم يحتسبوا ؛ فقلعت أصولهم ، ونُقِضَ ما بَنَوْا من قواعد أحكموها لذراريهم .
وما كان ذلك إلاَّ أنهم أهملوا جانب الحق عزوجل ، وظنوا أنَّ ما يفعلونه من خيرٍ يقاوم ما يجري من شرٍّ ؛ فمالت سفينة ظنونهم ؛ فدخلها من ماء الكيد ما أغرقهم .
•• ورأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عزوجل إليهم في الخلوات ؛ فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات ؛ فكانوا موجودين كالمعدومين ، لا حلاوة لرؤيتهم ، ولا قلب يحنُّ إلى لقائهم !
• فالله .. الله في مراقبة الحقِّ عزوجل ؛ فإنَّ ميزان عدله تبين فيه الذرة ، وجزاؤه مرصدٌ للمخطيء ولو بعد حين ؛ وربَّما ظنَّ أنه العفغو ، وهو إمهالٌ ! وللذنوب عواقب سيئة .
• فالله .. الله .. الخلوات .. الخلوات .. البواطن .. البواطن .
فإنَّ عليكم من الله عيناً ناظرة !
وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه ؛ فكم قد استدرج وكونوا على مراقبة الخطايا مجتهدين في محوها ، وما شيءٌ ينفع كالتضرَّع ن مع الحمية عن الخطايا ؛ فلعلَّه ... !
وهذا فصلٌ إذا تأمَّله المتعامل لله تعالى نفعه .
• ولقد قال بعض المراقبين لله تعالى : قدرت على لذَّةٍ هي غايةٌ ، وليست بكبيرة ؛ فنازعتني نفسي إليها ؛ اعتماداً على صغرها ، وعظم فضل الله تعالى وكرمه .
فقلت لنفسي : إن غلبت هذه فأنتِ .. أنتِ ، وإذا أتيت هذه فمن أنتِ ؟! ، وذكَّرتها حالة أقوامٍ كانوا يفسحون لأنفسهم في مسامحةٍ = كيف انطوت أذكارهم ، وتمكَّن الإعراض عنهم ؛ فارْعوَت ورجعت عمَّا همَّت به ، والله الموفقِّ )) .
تعليق