رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
اللهم امين ووالله اننى لينشرح صدرى عندما ارى هذا الحب فى الله الذى جمعنا فى هذا المنتدى الطيب لاحرمنا الله من هذه الصحبة الطيبة فى الدنيا والاخرة
اللهم امين
********
" إن ابا سلمة كانت بينه وبين اناس خصومة فذكر لعائشة رضى الله عنها فقالت: يا ابا سلمة اجتنب الارض فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال : من ظلم قيد شبر من الارض طوقه من سبع ارضين "..متفق عليه من حديث عائشة..
اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً
رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سلسلة (الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال تابع ( القاعدة الأولى) خدمة الدين من ضروريات الدين
الوقفة السابعة
العصبية للدين
ودورك في إصلاح التركيبة النفسية والاجتماعية للمجتمع المسلم
… في ظني أن العصبية للدين توارت وراء العصبيات الأخرى التي تَرَبَّى عليها المسلمون ، كعُبِّيَاتِ الجاهلية الحديثة من قَوْمِيّة وشُعُوبيّة وقُطْرِيّة بل وحِزْبِيّات ضيقة ،
حتى تضاءلت مساحة الإسلام في بُؤْرة الشعور . وردُّ الفِعْل التَّلْقائي عند أي أزمة تَنْزِل بالإنسان يكون قويا بقدر المساحة التي تحتلها تلك الأزمة من بؤرة شعوره ،
ولا شك أن مشاعر المسلمين تحتلها أولويات أخرى غير دين الله تعالى ،
هذا ينبغي ألا نماري فيه - حتى على صعيد الملتزمين والغيورين على الدين - كنقطة انطلاق لعلاج هذا الخلل ،
أما إذا توارينا زُوْرَاً وراء الادعاءات الكاذبة فإنها لن تخدع رب العباد ولن تغني عن واقع الأمر فتيلا .
…وأعياني أن أبحث في علاج هذا الداء العُضال الذي تعانيه الأمة الإسلامية حيث لا أستثني نفسي منه ،
ولكنني من استقراء كثير من النصوص الشرعية ومن سيرة السلف ومراجعة حال النفس وأحوال كثير ممن حولي وجدت...
أن أساس تراجع الدين في سلم أولويات المسلمين يرجع إلى مزاحمة الدنيا للدين،
وهو ما يفهم من قوله تعالى :
{ أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة }
في معرض لوم المتأخرين عن الجهاد في سبيل الله . ولعمري إنها آفة الأولين والآخرين ، وفي حُبِّها تَجَنْدَلَ الصَّنَاديد صَرْعَى كأنهم أعْجَازُ نخْل خاوية ، وما حَذِرَها امرؤٌ إلا كان أولَ فوْز يَحُوزُه تَفَرُّغُ قلبه للاهتمام بما أمره الله به .
…والعجيب أيضا أن الخلل في مسألة تفضيل الدنيا على الآخرة لا يرجع إلا عدم فهم النصوص أو عدم الاقتناع بها ، ولكنه يرجع إلا التركيبة النفسية والاجتماعية التي ينشأ عليها الإنسان .
…ولقد رأيت أفرادا من أُسَرٍ واسعة الثَّراء لكنهم تَرَبَّوْا على يَدِ آباء ذوي حصافة ودراية بمكائد الدنيا ، فنشأوا على البساطة وعدم التكلّف ، بل إنهم إذا تعرضوا لبلاء من بلاءات الدنيا لم نر لهم جزعا كجزع عبدة الدرهم والدينار .
…وآخرون من ذوي الإِمْلاق لكنهم تَنَشَّأوا على حب هذه الفانية والتعلق بملذاتها وتمني الحصول على كل شهواتها ، فإذا ما أَلَمَّتْ بهم مُلِمّة - وإن دَقّت - رأيتَ السَّخَطَ يعلن نفسه بعبارات كفرية جريئة لا يَلْفِظُها إلا من خلا قلبه من الإيمان والرضا بالقضاء والقدر .
…إن هذه التركيبة النفسية هي التي تسهّل وجود الخونة بين أفراد الأمة ، كما أن هذه التركيبة النفسية كفيلة بأن تجعل صاحبها يتخذُ من الدنيا كعْبةً يستقبلُها ، فيتعبّدَ في مِحْراب شهواتها مخْلِصا ، لا يخطُر له الدين على بال فضلا عن أن يبذل له أو يجاهد في سبيله .
…وكذلك التركيبة الاجتماعية التي وضعت مفاهيم في الرَّفاه ومستوى المعيشة لا يعرفها شرع ولا عرف ،
فأضحى كل الناس يتسابقون ويتراكضون في حَلْبَة السَّبْق لتحقيق هذا المستوى
فإذا ما عَرَضَ لهم من أزمات المسلمين عارض تحجّجوا بأن ضروريات حياتهم لما يسْتكملوها
وأن للدين رب يحميه .
ولن تَعْدَم أن تسمع أمثالا تُصاغ من قبيل : (ما يحتاجه بيتك يكون حراما على المسجد) ، و(جُحَا أَوْلى بِلَحْمِ ثَوْرِه) ، في خَسَاسَةٍ لا تُعْهَد إلا عند بني إسرائيل .
…وحتى نُصلِح هذا العِوَجَ فإننا لا بد أن نمارِس دورا تربويا واسع المدى ، على نطاق الأفراد والمجتمعات ، لإصلاح هذه التركيبة الخاطئة ، ومقاومة زحف الشهوات المهلك الذي هو عَرَضٌ من أعراض حب الدنيا وداء عُضال في نفس الوقت .
…وهنا يأتي الحديث عن أساسيات الدور التربوي الذي يجب أن يمارَس على نطاق الأفراد والجماعات لإصلاح التركيبة النفسية والاجتماعية ،
رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلسلة (الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
تابع (القاعدة الأولى)
خدمة الدين من ضروريات الدين تابع الوقفة السابعة
أساسيات الدور التربوي الذي يجب على المسلم (الداعي إلى الله)
لإصلاح التركيبة النفسية والاجتماعية
…ومن أساسيات الدور التربوي الذي يجب أن يمارَس على نطاق الأفراد والجماعات لإصلاح التركيبة النفسية والاجتماعية ما يلي :
(1) تربية النشأ الصغير على مثل التضحية في سبيل الدين والبذل له والجهاد في سبيله : ويكون ذلك بالأساليب الآتية :
- تضمين المناهج العلمية والأدبية هذا المنحى التربوي ، سواء على نطاق التعليم الرسمي أو الأهلي .
- وجود جهد أدبي قصصي للأطفال يعالج هذا الجانب في الإصدارات الأدبية .
- تفعيل دور الناشئة عبر تشريكهم في قضايا المسلمين ومطالبتهم بالبذل ولو بالقليل ، وقد كان مما أبهجني أن أطفال النرويج استطاعوا جمع الملايين من الدولارات لأطفال البوسنة في حَمْلَةِ تبرُّعات مَرْعِيّة من وزارة التعليم أثبتت أن توجيه الناشئة كفيل بزرع نوازع الخير في قلوبهم ، وأَدْمَى قلبي أَنْ لم يكن من بين بلاد المسلمين من يوجّه أطفالَنا هذه الوِجْهة ، وأنى لهم ذلك والكبار في سُبات ؟!
- تكثيف دور الأسرة في غَرْس قِيَمِ التضحية والبذل والعطاء للدين ، ولا شك أن أُولى المبادئ التي يتعلمها الطفل إنما هي التي يَرْضَعُها من والديه ارْتِضَاعا .
(2) ممارسة دور مماثل لهذا الدور الذي يمارس مع النشأ الصغير مع الشباب ، وخاصة ذوي الميول الدينية ، لأن هؤلاء بطبعهم يميلون إلى تبنّي قضايا الدين .
(3) تكثيف الدور الإعلامي الإسلامي في عرض قضايا المسلمين ، بحيث يتواجد الصوت الإسلامي الذي يشرح القضية من وِجْهَة نظر المسلمين لا على هَوَى : ( رُوْيْتَرْ ) و ( أَسُوْشِيْتِدْبرسْ ). ولنا مع هذا الدور عَوْد في وسائل الدعوة .
(4) تكثيف الأدبيات الراقية التي تخاطب كل المستويات ، فمن شأن هذه المؤلفات - من نثر وشعر - أن تستنفر الوجدان وتحفز الهمم .
(5) رعاية المؤتمرات التي تعقد لمناقشة أو مناصر قضايا المسلمين ، لأن مثل ذلك له دور في تحريك الهم ورفع مستوى الإحساس بالقضايا المعالجة .
(6) تحريك دور الهيئات والجمعيات الإسلامية وتطوير أدائها ومعالجة العقبات التي تعترض دورها التربوي في تناول قضايا المسلمين .
(7) ضرورة مراجعة مفردات الخطاب الديني المتمثل في الخطبة والدرس وتقويم الاتجاه الإصلاحي الذي يركّز على مسائل أساسية في الدين مع عدم الإحاطة به ، وضرورة أن يستشعر المستمع العادي ثِقَل الهَمِّ عبر الخطبة والدرس ليبدأ التشارك في قضايا المسلمين .
(8) على صعيد الموضوعات التي يجب تكثيف طرحها على الناس : الزهد في الدنيا وملذاتها ، ولعمري إن هذه القضية من أساسيات الدين ، ولم تكن مواعظ القرآن والسنة إلا مُدَنْدِنَةً حولهما . ومع وجود المواعظ الزهدية لا بد أن توجد النماذج الزاهدة التي تذكر الناس بالله والدار الآخرة ، ويجب استغلال المناسبات التي تحضر فيها القلوب كمناسبات احتضار المرضى وعند الموت والدفن في التزهيد في الدنيا والترغيب فيما عند الله تبارك وتعالى .
(9) تنشيط دور الكتيّب والشريط الإسلامي ، وأن تكون الموضوعات التي تتناولها تلك الوسيلتان ذات قسط من قضايا المسلمين ، وكذلك في علاج التركيبة النفسية والاجتماعية الخاطئة في المجتمع المسلم .
(10) استغلال المناسبات الاجتماعية - كعقود الزواج والزيارات ونحوها - في طرح الموضوعات ذات الصلة .
وكما نرى من تلك المقترحات أنها رهينة الظرف ، فاجتهاد الداعية في استغلال الأفكار له دور في توليد كثير من الحلول والعلاجات التي من شأنها أن تؤثّر تأثيرا شديدا في تلافي الخطأ التربوي الذي أفرز هذا الجيل الذي لا يعْبأ إلا بشهواته .
رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلسلة (الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
القاعدة الثانية (تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بيننا وبينكم )
مما لا شك فيه أن الساحة تشهد زَخَمَاً في التحركات الدعوية النشطة ، ومنافسة في وجوه البرِّ والخير ، ومسابقة إلى صَبْغِ المجتمع بالصِّبْغَة الإسلامية ، وخلْع سِرْبَال الجاهلية (العلمية والخلقية) عنه.
ولن تخطئ عينك أيها القارئ الكريم رؤية اختلافات في موضوعات الخطاب الدعوي التي تسمعها من الدعاة على اختلاف مشاربهم ، مما قد يظنه البعض تناقضا أو خللا في مناهج تلك الحركات الإسلامية فيَعْمِد إلى التشغيب ووصف الحركات الإسلامية بصفات الأحزاب السياسية التي تسعى إلى الزعامة والكرسي وغير ذلك من الكلام المريض الذي لا يصدر إلا عن قلب مريض خلا عن الغَيْرة على دين الله تبارك وتعالى .
ولاشك أن بعض الحركات تُصِرُّ على مسالك في الدعوة تتناقض مع توجهاتها الدعوية مما يفقدها المصداقية على مر الأيام ولكنه ليس بمسلك عام ، ولا قاعدة مطردة فالحق أن مناهج الحركات الإسلامية العاملة على صعيد الساحة الدعوية ممن ينتسب إلى أهل السنة والجماعة لا تتعارض في الخطوط العامة مع أصول أهل السنة والجماعة ،
وغاية ما في الأمر أن الحركات الإسلامية تختلف فيما بينها حول الأولى بالاهتمام والصدارة في الخطاب الدعوي .
ونود هنا أن نؤصل للخطاب الدعوي وآليته الذي بها تستقر اهتمامات الدعاة ، وتتوازى مفردات خطابهم بما لا يؤدي إلى خَلَلٍ مُرْبِك ، أو تصادم مُؤَخِّر.
…وما سنتحدث عنه ليس خطا نلزم به كل الحركات الدعوية بقدر ما هي رؤى أرى أنها محل إجماع ، أو ينبغي أن تكون محل إجماع ، أدعو الأفراد ( أولا بحكم كون هذا الكتاب يخاطبهم بالدرجة الأولى ) والجماعات أن تتجاوب معه ، أو تتبنى بحثه والتشاور في شأنه ، لعله قد يتمخض عنه استقامة وتعاونا على جادة وكلمة سواء .
التوحيد: …إن دين الإسلام واضح الأركان ، بَيِّنُ المعالم ، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجهله إي داعية إلى الله تبارك وتعالى .
الحاكمية:
…وما إخال داعيةً يُماري أن النبي صلى الله عليه وسلم دارت دعوته على التوحيد وكان قطب رحاها تمحيص التوجه إلى الله تعالى في العبادة والطاعة ، وعدم الحيد عن الإخلاص للمولى ، تجاه أي طاغوت يستحوذ على وجدان الإنسان وينال من تعظيمه المطلق لله عز وجل .
كما لا أحسب أن هناك من ينازع أن حاكمية الله تبارك وتعالى على الخلق ، وانضواء الخليقة تحت حكم شريعته من آكد ما أصله القرآن والحديث النبوي ، ولنطلق على هذا الخط أو الأصل ( أصل التوحيد ) .
أصل الاتباع
…ولا يمكن أن يدور بخلد أي منتمٍ لدين الله تبارك وتعالى أن يتخذ أسوة وقدوة حياتية في هذه الدنيا غير النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن يتلقى عن أحد شرعا أو طريقة حياة أو منهج اتباع خلا نبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه ، ولنطلق على هذا الأصل ( أصل الاتباع ) .
أصل التزكية:
…كما أن الجميع مجمع أن الأنبياء والرسل لم يأتوا بالشرائع لأجل أن تتزين بها الكتب ودور العبادة ، بل لأجل أن يوجد لها واقع ملموس في دنيا الناس ، ولأجل أن توجد النماذج البشرية الكاملة التي اصطبغت بمنهج التزكية الشرعي متأسية بالأسوة العليا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أوصانا باتباعهم والتأسي بهم وهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين من أهل القرون الخيرية المباركة ، ولنطلق على هذا الأصل ( أصل التزكية ).
…إن هذه الأولويات ليست من قبيل الأولويات المتغيرة، أي التي تقبل النقل والتبديل عند حصول الغايات والأهداف ، بل هي من الأولويات المطلقة التي يسميها خبراء الاجتماع والسياسة بالاستراتيجيات الكبرى ، مثل أمن الدولة والأمان الاجتماعي والأمن الغذائي ، أو ما يسميه الفلاسفة بالثوابت المطلقة أو البدهيات أو المسلمات أو ما يمكن أن نستعير له اصطلاح الفقهاء : الضروريات الأصيلة.
وعليه فإن الدعوة تتبنى مثل هذه الخطوط وإن رزقت التمكين ، لأنها من أصول الدين وثوابت الشرع المطهر .
…وبإزاء هذه الخطوط العريضة يمكننا أن نتصفح الواقع الذي تحياه الأمة الإسلامية بل البشرية على نهج سواء .
…فتوحيد الله مختل في القلوب ، والإخلاص في التوجه إلى الرب تبارك وتعالى غير متأصل في النفوس كمنهج حياة، وحاكمية الله مهزوزة في نفوس الكثير من المسلمين أو قل : إنها غير واضحة المعالم ، ومرجعية النبي صلى الله عليه وسلم أو الشرع بمجمله أمر محتمل عند طائفة متكاثرة من المثقفين .
وغالبية المسلمين لا يقومون بأي مجهود جاد في تطهير نفوسهم وتزكيتها بتطبيق أحكام الشرع المطهر والقيام بما أمر الوحي ونهى ، بل يهيمون في أودية الدنيا سعيا وراء المادة والشهوة .
…وكل ما نراه من ظواهر أخرى مختلة في المجتمع فما هي إلا نتاج لاختلال تلك الأصول ، واهتزاز تلك الثوابت في قلوب الناس أو لنقل : في ضمير المجتمع المسلم .
…وبعض هذه الظواهر آخذ بِحُجَزِ بعض ، ورابطة العقد إنما هي تلك الأصول والثوابت ، فمتى انقطع منها شيء انفرط العقد أيما انفراط .
…وعلى أساس هذا التنظير الذي استعرضنا فيه الواقع الإسلامي يجب أن يرتب الدعاة أولويات اهتماماتهم في الخطاب الدعوي العام .
أما الخطاب الدعوي الخاص والذي يتضمن الدور التربوي الدقيق الذي يمارسه الدعاة في تهيئة وتنشئة أجناد الحق فله استراتيجية خاصة تناسبه ، وسنتحدث عنه بالتفصيل إن شاء الله في الطريقة الحادية والعشرون ( العناية بالشباب ) .
…ومعنى اهتمام الدعاة بهذه الأصول التي ذكرناها ( التوحيد ، الاتباع ، التزكية ) أن يكون خطابهم الدعوي ملاحظا لها متبنيا إياها في كل مداولة ، معتدا بمضمونها ، منافحا عن سمات هذه الأصول ومظاهرها رابطا كل فروع الدين بِآخِيَتِهَا.
…وأهداف الحركة الإسلامية ووسائلها يجب أن تتسق مع هذه الأصول الجامعة ولا تصطدم مع ثوابتها ، فالتمكين الذي ينشده كل مسلم وعاقبة النصر وظهور الدين وهيمنة أحكامه وتعبيد الخلق لرب الخلق ..كل هذه الأهداف مستقاة من تلك الأصول دائرة في فلكها مهتدية بنورها .
…كما ينبغي أن تتبنى الحركات الإسلامية هذه الأصول دستورا عمليا تراقب على ضوئه الخطوط العامة التي ترسمها لكوادرها في أي مشروع إسلامي .
…وإذا كان الفقهاء يستخدمون عبارة : ( هذا الفرع مخالف للأصول ) أي الأدلة والقواعد العامة والنظريات الكلية ، فبإمكان الدعاة أن يستخدموها بذات النسق قائلين : هذا التصرف الدعوي مخالف للأصول الدعوية ، أي القواعد العامة التي تقوم عليها الدعوة الإسلامية .
…فإذا تناصح الدعاة مثلا فما أحراهم أن يجعلوا هذه الأصول مادة نصحهم ، فلو انتهج داعية منهجا مبتدعا في الدعوة - كالدعوة إلى الذكر الجماعي - فيذكر بأن هذا المسلك يخالف أصل الاتباع الذي جعلناه خطا أصيلا نتمسك به لضمان نقاوة الخط الدعوي وثبات مصداقيته .
…وليس معنى ما سبق أن نجحد إمكان الاختلاف بين صفوف الحركة الإسلامية فيما يسوغ فيه الاختلاف ، أو نحلم بواقع دعوي خال من أية اختلافات أو تباينات في الأفكار والرؤى ، فذلك فوق كونه غير واقع قدرا فهو غير مأمور شرعا.
…بل المأمور شرعا أن يُردُّ الخلاف إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم ؛ قال الله تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } ، وأن يبذل كل مجتهد الوسع في البحث عن الحق وسلوك دربه وسبيله ؛
قال الله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } ، وما عليه من جناح بعد ذلك إن أصاب الحق عند الله أو أخطأه ، بل هو في كلتا الحالين مأجور غير مأزور مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ) .
…والواجب أيضا أن يتغافر الدعاة فيما بينهم وأن يتخلقوا بآداب الإسلام وفضائل الأخوة الإيمانية ومهيع السلف الصالح في الخلاف الرشيد.
…ونحن نظن الصحوة الإسلامية في واقعنا الراهن قد تداركت كثيرا من مظاهر التعصب المقيت الذي هو من ميراث عبية الجاهلية وفخرها بالآباء ، وصار ورود الحق والصدور عنه جادة يتواصى عليها جل الدعاة شفقة منهم على حال الإسلام والمسلمين ، وغيرة على ما آل إليه أمرهم بسبب الاختلاف المذموم .
…ولكن ينقصهم أن يزيدوا من التواصي بالحق في هذا الباب ، وأن يجعلوا من مقاصد اهتماماتهم في المرحلة الراهنة والقادمة توحيد الصف وتصفية المناهج الفكرية والدعوية من رواسب الجاهلية الممقوتة وآثار المخالفات الشرعية وبقايا الحزبية الضيقة .
…ولعمري إن ذلك إن لم يكن واجبا شرعيا فهو ضرورة دعوية يمليها الواقع الذي انتهز فيه أعداء الإسلام تشرذم الدعاة وتفرق الحركات الإسلامية فرصة للكيد الخبيث والمكر السيء .
…ولئن لم يتدارك الدعاة فرصتهم في نبذ الجاهلية المنتنة المتمثلة في الأهواء الدفينة وشهوات النفس المسيطرة على إرادات العقل فليس لهم من أمل في كسر قوة الكفر والظلم ودحر جحافل الشر التي تمالأت على عداوتهم وحربهم .
رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سلسلة (الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
القاعدة الثالثة حكم ابتكار الوسائل الدعوية
إن الشريعة الإسلامية الغراء قد حوت من مقتضيات الحفظ والصيانة ما يضمن لها الاستمرار والخلود ودوام البهاء والنضارة .
ومن هذه المقتضيات :
النهي عن الابتداع في الدين والأمر بلزوم حدود ما شرع الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم دون زيادة أو نقصان ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا حدثتكم حديثا فلا تزيدن علي ) ،
وقال صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) ،
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( اتبعوا ولا تبتدعوا ، فقد كفيتم ) .
…وبإزاء هذه النصوص يزداد حرص أهل السنة على لزومها وعدم تعديها خشية الوقوع في مذمة الابتداع ، وقد تداعى الدعاة في هذا العصر على ضرورة نقاء الصحوة من شائبة بدعة أو تهمة إحداث في الدين ، لأن من شأن ذلك أن يعود باللائمة على مصداقية الصحوة الإسلامية نفسها ، وبالتالي على أهليتها أن تكون حجة لله على الخلق .
…والذي لاشك فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينص على بدعية كل البدع بأن عينها وبينها ، لاستحالة ذلك مع تمادي الزمان وتولد المحدثات الكثيرة ، فكان تنبيهه صلى الله عليه وسلم على كليات القضية وأصول الابتداع ليقيس السني بعد ذلك ويتحرى الاتباع كيفما تيسر .
…والذي لاشك فيه أيضا أن جانب الابتداع مبني على الاحتياط لا التساهل ، فإذا تفاوت القول في قضية بين تبديعها وعدم تبديعها فالأحوط في جنب المتحري للسنة أن يزهد فيها وأن يلتمس البراءة من الابتداع ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
…لكن سمات الفعل المبتدع وملامحه قد يختلط بملامح وسمات الفعل المشروع ،
ويتجاور ذلك مع عدم وجود دليل خاص على التبديع ،
بل قد يتضافر مع ذلك اجتماع جمهرة من أهل العلم على اعتبار مشروعية ذلك الفعل في ظل تبديع الآخرين ،
فوجب عندئذ أن يأخذ الدعاة حِذرَهم ويسلكوا سبيل الأناة في تناول هذا الفعل ، وألا تأخذهم العزة بالإثم في سماع الهدى وتفيؤ ظل الشريعة .
…وفي المقابل لا بد أن يتهادن الدعاة فيما اختلفوا فيه من الحق ، وأن يتركوا التهاجر عند كل نازلة تنزل بالمسلمين ، وألا يفزعوا إلى التبديع سلاحا يشهرونه عندما يعييهم الدليل ، فإن شأن العلماء التريث فيما لم يستبن لهم حتى يستجلوا غامضه فيكون الإنكار على بصيرة من الهدى والبينات .
…وإذ نحض على التثبت - علما وعملا - فيما نأتي وما نذر من أمور الدعوة قبل اللجوء لسلاح التبديع ، فإننا نحذر - وبصرامة - أن يتخذ الدعاة من منهج التغافر في المختلف فيه تُكَأَةً للتوسع في استعمال الوسائل بزعم أنه لم يرد دليل بحظرها .
وقد ابتليت الدعوة بزمرة من الناس تمالأت على هذا المهيع حتى وصل بها التساهل إلى الوقوع في المحرم الصريح بزعم أنه البديل عن جاهليات المجتمع المعاصر ، ولمثلهم يقال : أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الإبل
…وقد تعرضت اهتمامات دعاة الصحوة الإسلامية لاستقطاب حاد حول قضية الوسائل الدعوية ،
وهل يجب أن تكون توقيفية ، أم أنه يجوز اختراعها وابتكارها دون خوف من مذمة الابتداع ؟
والحق الذي لا مرية فيه أن هذه المسألة من المسائل التي ينبغي ردها للكتاب والسنة ، واستقراء عمل السلف وسبيلهم مع اعتبار كلام الأئمة المعتبرين من أهل السنة والجماعة .
…وفي ثنايا البحث لا بد أن نفرق بين ما هو من تخريج المناط وبين ما هو من تحقيقه ،
فالأول بحث في دلالة الدليل ،
والثاني بحث في تحقق وقوع الدليل على الفرد الخارجي ( أي على المسألة الواقعة بالفعل ) .
…وكثيرا ما يكثر اللغط في مسألة لعدم التفريق بين هذه الأمرين ، فيكون الفريقان كمثل العميان الذين أمسك كل منهم بعضو من الفيل وأخذ يصف ما أمسك به متهما صاحبه بالجهل بما يصف .
…فمن المعلوم أن من أهم أمارات البدعة عدم ورد الدليل الشرعي على اعتبار أصلها أو وصفها فيظن المبتدع أنه بنيته الحسنة في اختراعها قد استزاد بابا للخير وانفرد بطريق إلى الله قد هجرها السالكون ،
فهذه هي البدعة الأصلية ،
التي لم يعتبرها الشرع بأي وجه من الوجوه .
فإذا ما اعتبر الشرع أصلها دون وصفها ( كالذكر الجماعي دبر كل صلاة فرض )
فهذه البدعة الإضافية
وهي التي شهد الدليل على جواز حقيقتها كمطلق الذكر ولكنه لم يشهد على اعتبار وصفها ككون هذا الذكر جماعيا ودبر كل صلاة فرض ، فجمهور أهل العلم على أن مذمة الابتداع تلحقها أيضا ،
ويفهم من نقل الشاطبي رحمه الله لآثار السلف في هذا الباب عدم اختلافهم في ذم البدعة الإضافية أيضا ، ولولا الاحتياط في نقل الإجماع لاعتبرته إجماعا عن السلف.
…وعلم بالاستقراء أن الأوصاف التي بابتداعها تكون البدعة إضافية هي الأوصاف التي توجد بها العبادة وهي : المقدار ، الكيف ، الزمان ، المكان ، السبب ( الوسيلة ) الغاية - أي النية - ، و الجنس ( الماهية ) .
…والمعنى أن هذه الأوصاف متى لم يرد باعتبارها دليل شرعي تكون البدعة و العبادة بذلك بدعة إضافية .
وما يعنينا في هذا المقام هو الوسيلة ،
إذ تقرر في علم أصول الفقه أن الوسائل لها أحكام المقاصد، والمراد دخول الوسائل في إطار شرعية المقاصد ، وفرعوا على هذا الأصل :
أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ،
وأن ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام .
…والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن :
هل هناك تعارض بين هذا الأصل ( الوسائل لها أحكام المقاصد ) وبين كون الإحداث في وسيلة العبادة يجعل العبادة داخلة في إطار البدعة ؟
…إن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى تقرير أمرين :
…الأول :
أن هناك فرق بين البدعة وبين المصلحة المرسلة والاستحسان عند من يقول بهما ،
يقول الشاطبي رحمه الله :
فإن كثيرا من الناس عدوا أكثر المصالح المرسلة بدعا ونسبوها إلى الصحابة والتابعين ، وجعلوها حجة فيما ذهبوا إليه من اختراع العبادات ..
ثم أخذ الشاطبي رحمه الله يبين أصل المصلحة المرسلة وأن الاعتداد بها يرجع إلى اعتبار المناسب الذي لم يشهد له أصل معين ...
ثم ساق عشرة أمثلة جرت في عهد الصحابة خرجت على جهة المصلحة المرسلة ولم تعتبر من البدع المحدثة ككتابة المصحف وتضمين الصناع ونحو ذلك ،
وبين أن ضابط المصلحة المرسلة أنها لا تنافي أصلا من أصوله ولا دليلا من دلائله وأن عامة النظر فيها ( المصلحة المرسلة )إنما هو فيما عقل معناه وجرى على ذوق المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول فلا مدخل لها في التعبدات ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية ، لأن عامة التعبدات لا يعقل لها معنى على التفصيل كالوضوء والصلاة والصيام .
…الثاني : أن حاصل المصلحة المرسلة - كما قال الشاطبي - يرجع إلى
حفظ أمر ضروري
ورفع حرج لازم في الدين ،
وأيضا مرجعها إلى حفظ الضروري من باب ما لم يتم الواجب إلا به ..
فهي إذا من الوسائل لا من المقاصد ..
ثم قال : وأما كونها في الضروري من قبيل الوسائل وما لا يتم الواجب إلا به : إن نُص على اشتراطه فهو شرط شرعي فلا مدخل له في هذا الباب ،
لأن نص الشارع فيه قد كفانا مئونة النظر فيه .
…وإن لم ينص الشارع على اشتراطه فهو إما عقلي أو عادي ، فلا يلزم أن يكون شرعيا ،
كما أنه لا يلزم أن يكون على كيفية معلومة ،
فإنا لو فرضنا حفظ القرآن والعلم بغير كتب عاديا مطردا لصح ذلك، وكذلك سائر المصالح الضرورية يصح لنا حفظها ، كما أنا لو فرضنا حصول مصلحة الإمامة الكبرى بغير إمام على تقدير عدم النص بها لصح ذلك ..ثم قال : إذا تقررت هذه الشروط علم أن البدع كالمضادة للمصالح المرسلة ..
…ثم أخذ الشاطبي يفرق بين الاستحسان وبين الابتداع فقال :
" فإن الاستحسان لا يكون إلا بمستحسن وهو إما العقل أو الشرع .
أما الشرع فاستحسانه واستقباحه قد فرغ منهما ( يعنى أنهما هما المعتبران دون غيرهما )
لأن الأدلة اقتضت ذلك ، فلا فائدة لتسميته استحسانا ، ولا لوضع ترجمة له زائدة على الكتاب والسنة والإجماع وما ينشأ عنها من القياس والاستدلال فلم يبق إلا العقل هو المستحسن :
فإن كان بدليل فلا فائدة لهذه التسمية ، لرجوعه إلى الأدلة لا إلى غيرها ، وإن كان بغير دليل فذلك هو البدعة التي تستحسن ..
ثم ساق كلاما طويلا مفيدا في تعريفات الاستحسان عند العلماء واختار أن الاستحسان المعتبر هو ما استند إلى أصول شرعية وثوابت دينية وأن الحكم بمجرد الهوى وميل الطبع هو عين الابتداع .
…مما سبق يمكننا تحرير المسألة كالآتي : (1) إن الوسيلة من جهات الابتداع التي إذا أُحدث فيها كانت البدعة إضافية ،
وقاعدة : الوسائل لها أحكام المقاصد صحيحة مطردة .
(2) إن قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد إنما هو في الوسائل الشرعية ( كالشرط الشرعي والسبب الشرعي ) أما الوسائل العقلية والعادية فلا تدخل في تلك القاعدة ، بل قد يكون لها حكما مستقلا يخالف حكم مقصدها .
ويمكننا صوغ القاعدة كالآتي :
الوسيلة إذا لم يتحقق المقصد إلا بها شرعا فالإحداث فيها ابتداع مذموم ، وإذا تحقق المقصد بها أو بغيرها ولم يدل دليل على اعتبارها أو عدم اعتبارها فالإحداث فيها ليس من الابتداع المذموم .
… وبهذا تلتقي القاعدتان ولا تتعارضان .
…وبذلك نعلم أن الوسائل الدعوية يجب أن تخضع لهذا التقدير العلمي ، وألا تكون خاضعة في منهج الدعاة إلى الهوى أو الطبع أو ما استقر في أعرافهم الدعوية ، فلا حاكم بينهم إلا شرع الله تبارك وتعالى . …ولكن قد يختلف العلماء في تبديع مسألة ،
رد: سلسلة(الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سلسلة (الايجابية في حياة المسلم) محمد مات خلف رجال
تابع القاعدة الثالثة حكم ابتكار الوسائل الدعوية
قلنا …ولكن قد يختلف العلماء في تبديع مسألة ،
فماذا يكون موقف الداعية من هذه المسألة ؟
والجواب أنه لا بد من التفريق بين ما هو بدعة في أصول الدين وفروعه ،
فالابتداع في أصول الدين دائر بين الفسق والكفر والضلالة المحضة ،
أما الابتداع في فروع الدين إن كان في أصول المسائل ( أي المقاصد ) كأصول العبادات مثل الصلاة والذكر ونحو ذلك فهي حرية بوصف الضلال الذي ألصقه الرسول صلى الله عليه وسلم بالبدعة .
أما إذا كانت فيما دون ذلك فليس الخطب فيها كغيرها .
…وقد قرر الإمام الشاطبي رحمه الله أن أحكام البدع ليست على رتبة واحدة وأن منها البدع المحرمة ومنها البدع المكروهة وأن المحرم منها ينقسم إلى صغير وكبير ، وإذا تقرر ذلك كان تصرف الداعية مع تلك المسألة المختلف فيها بحسب مكانتها وجلالة أمرها.
…ثم إن البدعة تنشأ على أربعة أوجه - كما قال الشاطبي - :
…أحدها : وهو أظهر الأقسام أن يخترعها المبتدع .
…والثاني : أن يعمل بها العالم على وجه المخالفة فيفهمها الجاهل مشروعة .
…الثالث : أن يعمل بها الجاهل مع سكوت العالم عن الإنكار وهو قادر عليه ، فيفهم الجاهل أنها ليست بمخالفة .
…الرابع : من باب الذرائع ،
وهي أن يكون العمل في أصله معروفا إلا أنه يتبدل الاعتقاد فيه مع طول العهد .
ثم يقول الشاطبي رحمه الله :
إلا أن هذه الأقسام ليست على وزان واحد ، ولا يقع اسم البدعة عليها بالتواطؤ بل هي في القرب والبعد على تفاوت .
فالأول هو الحقيق باسم البدعة فإنها تؤخذ علة بالنص عليها ويليه القسم الثاني ثم الثالث فالرابع .
قال :
وأما القسم الثاني والثالث فالمخالفة فيه بالذات والبدعة من خارج ، إلا أنها لازمة لها لزوما عاديا ، ولزوم الثاني أقوى من لزوم الأول.
…وقد ظهر لي في بعض المسائل أنها من البدع التي لا يجوز إقرارها ، مثل إمساك ورقة فيها أسماء أشخاص عند ذبح الأضحية وذكر هذه الأسماء عند الذبح ، فلما راجعت فيها الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله رد في فتوى مكتوبة لدي أن هذا ليس ببدعة وأنه يشهد له أصل مثل قوله صلى الله عليه وسلم عند ذبح أضحيته : ( اللهم هذا عن محمد وآل محمد ) .
…فعلمت حينها أن أمر التبديع ينبغي عدم التسرع فيه والهجوم على أحكامه .
وقد استبان لنا مما سبق أن الداعية ينبغي أن يتصف بما يلي : … أولا : الإلمام بالقواعد الأصولية التي تحكم مسائل البدعة والتبديع . … ثانيا : أن يأخذ في الاعتبار تفاوت البدعة في مراتبها . … ثالثا : ألا يتسرع في تبديع مسألة إلا بعد البحث التام لجوانبها ومراجعة أهل العلم بها . ... رابعا : أن يتسم بالحكمة في التعامل مع المخالف ( المبتدع ) .
…وقد حرصت أن أضع هذه القواعد وأن أحررها مجافيا التحيز لأحد ، مفضلا عدم التفصيل وضرب الأمثلة حتى لا يتكئ على هذه التفاصيل متكئ فيحسب نفسه أولى بكلامي من غيره ،
وكان هدفي ( الذي يجب أن يعلم ) أن ينضبط الدعاة بالقسطاس المستقيم
وألا يشوهوا الدين بالتوسع في ابتكار الوسائل الدعوية المبتدعة ،
وألا يجوروا على بعضهم إذا حصل الخلاف في بعض المسائل والله تبارك وتعالى هو المسئول أن يصلح أحوال المسلمين .
تعليق