اللافتة المشهورة التى تصدمك كثيرا على أبواب المؤسسات والهيئات الحكومية حين تكون لك حاجة فى مصلحة من مصالح الحكومة فتُصيبك بضربة يأس.
غالبا ما يأخذ الفضول عقول بنى آدم بعيدا خصوصا حين يشعرون أنهم ممنوعون
حين كنتُ أرى هذه اللافتة على هذا الباب الكبير الموصود فى وجهى كم أحببتُ أن أعرف ماذا وراء الباب
وماالضير أن أدخل وإن كنتُ من غير العاملين لأعرف من هؤلاء العاملون وماذا يعملون ؟ وددتُ حتى لو خرج أحد ليخبرنى ماذا يحدث بالداخل أو أن تكون لدى كاميرا تنقل مايقومون بطبخه داخل ورش العمل وما يحصل داخل غرف العناية الفائقة !!
لعله كان يحدث معك أيضا مثل هذا ، أغلبنا كذلك أليس كذلك ؟
كانت علاقة بينى وبين أحد الناس الذين أعتز بهم واتفقنا أن أذهب إليه فى مقر عمله وذهبتُ فى الموعد المحدد فأعلمونى بمقرالغرفة التى يعمل فيها صديقى ووجدتها على الباب " ممنوع الدخول لغير العاملين " المُهم خرج ليستقبلنى ثم دخلتُ معه وها أنا بين العاملين
كنتُ أتخيل خلف الأبواب ورش عمل وأناسا منهمكين فى أشغالهم كما تخيلتَ أنت ذات يوم ولكن قد أصبحنا نعرف مايدور داخل الغرف وحجرات العاملين فلعل الكثيرين منا من " العاملين" !! ، لقد أيقنتُ كما أيقنتَ أنت تماما بما لايدع مجالا للشك أن الغرف والحجرات والهيئات والمؤسسات فيها من غير العاملين الكثير وقد يكون الأغلب حتى لو التزموا باللافتة التى كتبوا عليها بخط أيديهم " ممنوع الدخول " لأنهم لو حققوها بصدق مادخل كثير منهم بل قد يكون الأغلب من هؤلاء العاملين
من غير العاملين !!!
إن البطالة المُقنعة والعاملين الذين يجلسون على مكاتبهم بلا عمل ينتظرون رواتبهم فى أواخر الشهور لم يكن هناك بينهم وبين الشباب العاطل كبير فرق بيد أن هؤلاء لهم رواتب وهؤلاء بلا رواتب والجميع فى النهاية من غير العاملين
إنى لأقف متأملا فى مثل هذه الغرف والحجرات وورش العمل التى امتلأت بالكثير من المتطفلين ومن غير العاملين الذين لم يكن لهم حق الدخول أو كان لهم حق الدخول ثم لم يعملوا بمقتضى هذا الحق
إن التطفل والتطلع لماخلف الأبواب ومابين دفف الكتب لمعرفة ماتحتويه دفع الكثير لاختراق هذه الحواجز ثم بعد دخوله أخذ كُرسيه وجلس يُقلب فى الجرائد والسير والأخبار فكم من قارئ فى سير أعلام النبلاء ووفيات الأعيان وصفة الصفوة ممصمصا شفتيه دامعة عيناه ملتهبا فؤاده وهو لايزال على كرسيه ككرسيه لايتحرك ولايتبدل ولايُقدم ولايؤخر
يدور الكون من حوله ويسير ولا يسير
ويسبح الطير حواليه ويطير وهو بعدُ عاجزلايطير
يدخل فى جُملة من يدخلون مفعولا به لافاعلا ومعمولا له لاعاملا ومتأثرا لامؤثرا
فهو ينتظر خالدًا آخر وعمرًا آخر وأبابكر آخر ولا أريد أن أزيد فأقول :
إن كثيرا ينتظرون رسولا آخر ليحثهم على العمل حثا ويدفعهم للعمل لدين الله دفعا ولايجلس أحدهم تؤثر فيه سماعة حاسوبه بالقرآن والدروس والخُطب تضرب قلبه فيبكى ولازيادة وترجُّ كيانه فيتحسر ولازيادة وتشد عزمه فيعزم ثم لازيادة
وإنك لتعجب ممن يتقلبون بين الصفحات منذ سنين يستفيدون ثم لايُفيدون !!
يكتفون بـ " جزاكم الله خيرا " و " موضوع قيم " تتساقط دموعهم على لوحات مفاتيحهم وبعدُ لازيادة ،
أما آن لهم أن يُقدموا شيئا ؟ أما آن لهم أن يكونوا من العاملين العاملين؟
اقول وأقصد
أما آن لهم أن يكونوا من العاملين العاملين ؟ ولايكونوا زيادة عدد ؟
؟؟؟؟؟!!!!!
قال أحد الخلفاء لأحد السلف : عِظنى ، علّمنى
فقال : أعملتَ بكل ما تعلم؟
قال : لا
قال : فلاأريد أن أثقل عليك بمالاتعلم
!!!!
إن الكُتب المعطلة والسير المُعطلة والعلوم المُعطلة قد لايكون لها كبير قيمة وهى صفحات وكلمات وخطب ودروس سقطت فى قيعان آذاننا فحبستها وماخرجت وماترجمتها جوارحنا على أرض الواقع هذه الأرض التى تشققت عطشًا لدين الله
تشققت عطشا لدين الله
إن هذا الاحتباس الدعوى الذى أصاب ملايين المسلمين حتى من الملتزمين يحتاج منا لوقفة صادقة فكم من عائب على الطواغيت الذين عطلوا فريضة الجهاد وهو مُعطل لها قبلهم
كثيرون ينبطحون للشيطان فيُحقر لهم أنفسهم ويسفهها فلايزال بهم حتى يصابوا بحالة من البكم النفسى خوفًا من أن يُحرجهم الآخرون ورهبا من أن تكون كلماتهم ليست على مُستوى كلمات العظماء
فسكتواولا بلاغة البُلغاء فصمتوا
فياالله !! كم كان عندهم من خبرات ضيعوها ومااستفدنا وكم كان فى أجوافهم من خيرات حبسوها ومااستفدنا وكم كان على علمهم من زكوات منعوها - ياالله !! فمااستفدنا وقد نبه لذلك صلى الله عليه وسلم فقال :
" لايحقرن أحدكم نفسه " !!
" لايحقرن أحدكم نفسه " !!
"لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرا لله عز وجل عليه فيه مقال ثم لا يقول فيه ، فيقول الله عز وجل ما منعك أن تقول فيه ، فيقول يا رب خشيتُ الناس ، فيقول فأنا أحق أن يخشى "
أما يفعلون كما يفعل الطير؟
والذى رفع السماء بلاعمد ، وبسط الأرض فلايُعلم لمنتهاها أمد
إنها لحقيقة التوكل
كلمات بسيطة تخرج من فمك وكنتَ لاتظن أن تعود بشئ
بلى والله
لو توكلتَ على الله حق توكله لرزقك كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا بمن اهتدى على يديك أو على الأقل بأجر وشرف الدعوة إلى الله هذه الدعوة التى تقاعس منا الكثير فى نُصرتها والتزم نفسه ولايريد الخروج منها ولايريد التحرك عنها يجلس فيها كما جلس الأول يُطالع على كرسيه ككرسيه لايتحرك ولايُغير
وتبقى الكلمات على الأوراق مدادا
لاغير
والكتب على الأرفف أعدادا
ولاغير
استعن بالله ولاتعجز
فلم أرَ في عيوب الناس عيبا ::: كعجز القادرين عن التمامِ
فاللهم لاتحرمنا من التوكل عليك
ومن شرف الدعوة إليك
واجعلنا بابا يٌقبل الناس منه عليك
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تعليق