إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "




    كيف يمكنك أنت أن تَقلب المحنة إلى منحة؟
    كيف تستمتعُ بنعمة البلاء؟
    كيف يمكنك أن تعيش بسعادة مهما كانت الظروف؟
    كيف يمكنك التعامل مع الأمور أيّاً كانت بإيجابية وتفاؤل؟
    كيف تعلق قلبك بالله عز وجل فلا تخاف سواه ولا ترجو سواه؟

    كيف تمتلك عزيمة لا تنكسر، وروحا لا تقهر؟
    كيف تُطهّر قلبك من العتب على القدر؛ فيصير قلبك قلباً سليماً تحب أن تلقى الله عز وجل به؟
    كيف تحب ربك سبحانه تعالى حباً غير مشروط لا بتأثر بالظروف؟


    الإجابة عن هذه الأسئلة والكثيرِ غيرها سوف يكون في سلسلة بعنوان

    (فن إحسان الظن بالله عز وجل)

    إخواني، أخواتي: يعلم كثير منكم أنني تعرضت لمحنة ظلما، لكن الله عز وجل شاء بحكمته، ورحمته، ولطفه، وقدرته أن يجعل نار المحنة بردا وسلاما علي.

    الله سبحانه وتعالى هو الذي جعل الكهف مكانا للأنس والرحمة.

    انظروا إلى قصة أصحاب الكهف، انظروا إليهم عندما أحسنوا الظن بربهم سبحانه وتعالى؛ فقالوا:
    (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ)
    (الكهف)
    مكان موحش، مظلم، طريقه وعرة، بعيد، فيه الحشرات ولربما العقارب والحيات.
    ولكن مع ذلك هؤلاء الفتية أحسنوا الظن بربهم؛ فقالوا:

    (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا).

    حوّل الله عز وجل بقدرته ورحمته الكهف مكانا للأنس والرفق والرحمة واليسر.

    شاء الله عز وجل أن ينعم عليّ _في هذا البلاء_ نعما كثيرة جداً، فوجدت من العرفان والامتنان لربي الرحمن

    أن أحدث إخواني وأخواتي عن هذه النعم الكثيرة؛

    حتى نتعلم معاً فنّ

    (إحسان الظن بالله عز وجل)

    في كل حلقة من الحلقات سوف نتناول إحدى هذه الفوائد، ونناقشها في دقائق معدودة بإذن الله.

    فتعالوا نأوي إلى كنف الله، ونأنس بربنا سبحانه وتعالى، ونعطر مجالسنا بذكره.
    أسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بهذه السلسلة، وأن يجعلها في ميزان حسناتنا.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    د. اياد قنيبي



    التعديل الأخير تم بواسطة طالب للعلم والدين; الساعة 08-07-2013, 07:30 AM. سبب آخر: تعديل املائي جزاكم الله خيرا

  • #2
    رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

    كيف تتخلص من الخوف من المجهول

    الفائدة الأولى من فوائد التجربة التي مررت بها:

    تعلمت كيف أتخلص من الخوف من مجهول المستقبل...

    لماذا يخاف الناس عادة ويقلقون؟

    لأن المستقبل مجهول بالنسبة لهم.

    هذا الخوف ينغص على أهل الدنيا سعادتهم مهما كان عندهم من نعيم الدنيا لأنهم يخشون أن يزول هذا النعيم وتتبدل الأحوال.

    صاحب المال قد يفتقر...

    صاحب الصحة قد يمرض مرضا مزمنا..

    .الآمن قد يُروَّع...

    المحب لإنسان حبا شديدا قد يموت حبيبه.


    إذن...

    أتريد أن تعرف كيف تتخلص من الخوف من مجهول المستقبل؟

    ببساطة:

    اتخذ قرارا بالرضا عن القدر مهما كان.

    الآن! اتخذ هذا القرار،

    وقل:

    اللهم أسلمت نفسي إليك فالطف بي وأعني على النوائب ورضني بقضائك.

    كلما جاءك هاجس الخوف من المجهول

    جدد العهد والوعد بأن ترضى وثق في معونة الله لك.

    إذا فعلت ذلك
    فلن تخاف من المستقبل لأنه ما عاد مجهولا،

    بل أصبح صفحة مكشوفة لك!

    كيف؟

    ببساطة، أنت الآن بعد اتخاذ هذا القرار

    على يقين بأن كل ما يحصل هو لخيرك.

    ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم:
    ((عجبا أمر المؤمن: إن أمره كله له خير! وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن. إذا أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)).

    إذن فبعد أن تتخذ قرارا بالشكر في السراء والصبر في الضراء

    لا تقل:

    (لا أدري إن كان المستقبل يحمل لي خيرا أم شرا).

    فبنص كلام النبي صلى الله عليه وسلم أن المستقبل

    لا يحمل لك في هذه الحالة إلا خيرا.

    الجميل في الأمر هنا أنك أنت الذي ترسم مستقبلك بإذن الله.

    ليست المسألة أقدارا مجهولة تتقاذفك في وديان الضياع...

    بل أنت الذي تحدد مآلات ونتائج الأحداث المستقبلية...


    لم يعد مهما ظواهر الأمور:

    فقر أم غنى، صحة أم مرض، بقاء الأحباب أم وفاتهم...

    أنت!

    أنت من سيجعل هذا كله يؤول إلى مصلحتك وخيرك بإذن الله.

    ما عليك إلا اتخاذ قرار الرضا.

    أظنني أعلم ما تقوله في نفسك الآن! ستقول:
    (حتى لو اتخذت قرارا بالرضا والصبر، قد يقدر الله عليَّ ألا أصبر).

    لن أعالج أنا لك الخوف من هذه النقطة،

    بل سيعالجها الله سبحانه وتعالى

    ((ومن أصدق من الله قيلا))

    قال تعالى:
    "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".

    هذه الآية تحمل معاني عظيمة،

    منها أن الذي يستسلم لقضاء الله في المصائب

    يعني يتخذ قرار بالرضا

    فإن الله تعالى سيهدي قلبه ويثبته ويعينه.

    أيضا يعالج لك هذا الخوف رسول الله صلى الله عليه وسلم

    الذي قال في الحديث الذي رواه مسلم:
    ومن يتصبر يصبره الله



    إذن بادر أنت واتخذ القرار ولا تقل قد يُقدر الله علي بعد ذلك ألا أصبر.

    فالله أحلم من ذلك وأرحم.

    قد تقول:
    (أحاول أن أتخذ القرار بالرضا، لكني أحس بعدم الصدق في ذلك لأني أخاف أن يكون البلاء شديدا لا يمكنني تحمله).

    سنتعاون على التخلص من هذا الخوف أيضا عندما نتأمل اسم الله الحكيم واسمه المعين في الحلقات القادمة بإذن الله.

    قد تقول:
    أنا الآن أستطيع اتخاذ القرار لأني أحب الله تعالى.

    لكن إذا ابتلاني ابتلاء عظيما فأخشى أن تتأثر هذه المحبة...

    سنتعاون أيضا إن شاء الله على إعادة بناء محبتنا لله تعالى على أسس سليمة كي نطمئن إلى معيته ومعونته مهما كانت الظروف.

    المطلوب منك الآن فقط أن تثق وتؤمن وتوقن بحكمة الله ورحمته، فتتخذ القرار بالرضا.

    الرضا الكامل التام الذي لا تشوبه شائبة.المطلوب منك

    عندما تضع رأسك لتنام وتقول الدعاء النبوي:

    ((اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك)).

    أن تقولها بيقين مطلق وتسليم تام...

    لتكون مشمولا بالخطاب الذي وجهه الرحمن الرحيم إلى نبيه حيث قال:
    ((واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا)).

    أي لا تخف،

    أنت في حفظنا ورعايتنا يكتنفك حلمنا ولطفنا.

    اتخذ القرار بالرضا،

    وحينئذ ستلمس أن الله تعالى يحبك.

    ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم:
    (وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا لمن أحب).

    فالرضا إيمان، إن حزته فاعلم أن الله يحبك.وحينئذ ستطمئن إلى أن الله تعالى يريد بك خيرا، مهما حصل معك في المستقبل.

    فهل من المعقول أنه يبتليك ويرضيك لأنه يريد بك شرا؟!


    لا والله!

    بل ما صبرك ورضاك بالقدر إلا لأنه يريد بك خيرا...ويحبك.

    انظر حينئذ كيف ستنظر بإيجابية إلى أقدار الله تعالى،

    فالذي يقدر عليك هذه الأمور هو حبيبك الذي يحبك:

    الله سبحانه وتعالى. يقدر عليك الأقدار بمحبة...

    إن قدر عليك المرض فبمحبة، وإن قدر عليك الفقر فبمحبة.

    انظر إلى الطمأنينة والسعادة التي ستغمرك حينئذ...

    وأنت صاحب القرار بإذن الله.

    خلاصة الحلقة:
    اتخذ قرار بالرضا عن الأقدار الحالية والمستقبلية لتتخلص من الخوف إلى الأبد

    تعليق


    • #3
      رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      إخواني وأخواتي:

      نتكلم اليوم عن الفائدة الثانية من فوائد التجربة التي مررت بها.

      وضعتني هذه التجربة أمام حقيقيةِ

      (أن علي أن أحب الله عز وجل بلا شروط)

      قبل أن أشرح أود أن أسألكم عن رأيكم في الطائفة التالية:

      إنها طائفة من أبناء المسلمين اسمها
      (الطائفة الحبشرطية)

      ماذا تقول هذه الطائفة عن الله عز وجل في قاموسها؟

      تقول:
      "الله سبحانه وتعالى_ هو الذي فرض علينا الوجود في هذه الحياة الدنيا، و فرض علينا واجبات منعنا من محرمات، و بيده إسعادنا أو إشقاؤنا. ولكن نفوسنا تستثقل بعض الواجبات وتهوى بعض المحرمات، لذا فإن علينا أن نتعامل مع الله بموازنة، بحيث نفعل من الواجباتِ المقدارَ الذي يضمن استمرار نِعَم الله علينا مع أقل قدر من الثقل في نفوسنا، و نفعل _أيضا_ من المحرمات بالمقدار الذي يحقق رغباتنا لكن دون تعريضنا لقطع نِعَم الله أو نزول عقابه".

      تُرى، هل تعريف الطائفة الحبشرطية لعلاقة الإنسان بربه تعريف سليم؟

      هل _هكذا_ينبغي أن يُسلم نفسه وعاطفته لله رب العالمين؟

      هل عرفتم من هي الطائفة الحبشرطية؟

      إنها في الواقع كثير من جموع العالم الإسلامي، لا يقولون ذلك بألسنتهم، لكن لسان الحال أبلغ من لسان المقال.

      بل لعلك وأنت تقرأ هذه الكلمات ستجد نفسك منتسباً ضمنياً إلى هذه الطائفة.!

      إن هناك صفاتٍ في نفوسنا تبدو خطورتها عندما نشخصها ونعبر عنها بعبارات لا مجاملة ولا مداهنة فيها، قد نستنكرها ونستغربها لكن الحقيقة المرة أنها موجودة في نفوسنا وبدرجات متباينة لذا فقبل أن نربط الحبشرطية بالبلاء وبعنوان هذه الحلقة؛ دعونا نتعمق في تحليل النفسية الحبشرطية؛ لنرى إن كانت مختبئة في ثنايانا ولأي درجة.

      إن الحبشرطي يتذاكى ويجري التجارب في تعامله مع بربه سبحانه و تعالى...

      يحاول أن يصل إلى نقطة "الموازنة" التي يشبع فيها رغباته دون أن تُقطع عنه النعم الدنيوية.

      إذا ضم إلى حياته وأدخل في حياته معصية و أمرا مما حرم الله فإنه يترقب:

      فإن استمرت نعم الله ولم ينزل العقاب فإنه يستنتج أنه ما زال ضمن نقطة الموازنة، ويعتبر هذا المحرم أحد المكتسبات، أشبع رغبته دون قطع النعمة.

      وأما إذا أدت هذه المعصية إلى قطع نعمة من النعم أو نزول عقاب فإنه يستنتج أنه قد تجاوز نقطة الموازنة فيعود أدراجه ليتخلص من المحرم، ويعلن حالة الاستنفار القصوى: دعاء، بكاء، تضرع، اجتهاد، طاعات.

      لماذا؟

      لأنه يريد عودة النعم ودفع النقم.

      (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ)

      إذاً دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما، دعاء،يريد عودة النعم
      وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ
      يريد عودة النعم.

      والمصيبة أن نفسية الحبشرطي "تتبرمج" مع مرور الزمن على هذه "الموازنة "بحيث يستقر في حسه أن النعم التي هو فيها من حقه وأنه يستحقها:
      (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي)
      يعني أنا أستحق هذه الرحمة، أستحق هذه النعم أستحق رفع البلاء؛ لأنني أديت ما علي.

      وفقاً لهذه "الموازنة" فإن الحبشرطي يحب الله تعالى طالما أنه يمكن استمرار نِعَمِهِ ودفع نقمه _في نظره_ بهذه الموازنة والمد والجزر، لذلك سمّيناه (الحبشرطي( أي: أنه يحب الله _عز وجل_ حباً مشروطاً، مشروطاً باستمرار النعم، مشروطا باستمرار المصالح الدنيوية خاصة؛ فإن نفسية الحبشرطي قلما تتذكر الآخرة.

      تصور معي
      الآن ماذا يحصل إن أذنب الحبشرطي ذنبا فابتلاه الله _تعالى_ بما يكره، فتخلص الحبشرطي من هذا الذنب كالعادة وأعلن حالة الاستنفار القصوى، تضرع دعاء استغفار طاعات، لكن الله عز وجل شاء أن يستمر البلاء ويشتد.
      سوف يعتمل في نفسية الحبشرطي تساؤل: (لقد أديت ما عليّ أن أفعله، فلماذا لم يفعل الله _تعالى_ المتوقع منه؟

      وفقاً لعادة "الموازنة" التي تكرست في نفسية الحبشرطي فإن من "حقه" عندما يتخلص من المعصية ويجتهد في الطاعات أن يُرفع البلاء ويعود "المصروف" اليومي الذي يأخذه من الله عز وجل.

      فإذا حصل خلاف المتوقع فإن محبته المشروطة لله _عز وجل_ سوف تنهار! ولا عجب أن تنهار لإنها أسست على شفا جرفٍ هارٍ، و انبنت على فهم متشوه لعلاقة الإنسان بربه سبحانه وتعالى.

      إذاً: خلاصة الحلقة:
      لا تكن حبشرطيا، لا تبن محبتك لله على النعم الدنيوية.
      إذاً على أي شيء نبني حبنا لله عز وجل
      حتى لا ينهار هذا الحب في أي لحظة من لحظات حياتنا؟

      هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله
      والسلام عليكم ورحمة الله

      تعليق


      • #4
        رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

        جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ .

        جعله الله في ميزان حسناتكِ .
        القمم .. لأهل الهمم ، ومن هجر الرقاد سبق العباد

        ----
        من نذر نفسه لخدمة دين الله سيعيش متعبًا ولكن سيحيا كبيرًا؛
        فالحياة في سبيل الله أصعب من الموت في سبيل الله .
        ________

        خاب وخسر من أبتعد عن خدمة دين الله .






        تعليق


        • #5
          رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

          إبن حبك لله على أسس سليمة

          السلام عليكم ورحمة الله
          إخوتي الكرام:
          ذكرنا في المرة الماضية أن (الحبشرطيَّ) يشرط محبته لله عز وجل باستمرار النعم الدنيوية.

          إذاً؛
          هو يؤسس هذا البيت يعني: محبة الله
          يؤسسه على أسس، هذه الأسس هي:
          المال، الصحة، الاستقرار الأسري، الحرية، المكانة الاجتماعية.



          لكن، لاحظوا معي:
          هذه الأسس الدنيوية _جميعها_ أليست قابلة للزوال؟


          أليس هذا (الحبشرطي) مهددا

          في أي لحظة:
          بالفقر= زوال المال
          بالمرض= زوال الصحة
          بالحبس= زوال الحرية؟



          ماذا سيحصل حينئذإذا ابتلي بفقد أحد هذه الأسس؟


          سوف يميل البيت ويسقط وينهار.
          سوف تنهار محبة الله المشروطة في قلب هذا العبد الحبشرطي؛

          لأنه أسسها على أسس قابلة للزوال في أية لحظة.





          إذاً؛ كيف أعرف إن كانت محبتي لله عز وجل مهددة بالزوال في أية لحظة؟
          كيف أعرف إن كنت قد أسستها على أسس دنيوية؟


          حقيقةً، البلاءُ يساعدك في ذلك جدا،

          وهذه من نعم الله عليك في البلاء.
          عندما تبتلى وتدعو الله عز وجل وتطلب منه أن يرفع عنك البلاء

          ويعيد عليك النعم = قد يقدر الله عليك أن يستمر بلاؤك ويطول ويشتد، وحينئذ سوف تعرف إن كان حبك لله مشروطا بهذه المصالح الدنيوية.
          عندما واجهت محنة و حرمت فجأة من اشياء كثيرة

          هذا حقيق وضعتني أمام السؤال المهم:
          الآن وبعد حرمانك من هذه الأشياءهل ما زلت تحب الله عز جل؟


          هذا السؤال يساعدك في تشخيص مقدار (الحبشرطية) في نفسك؛ لتعيد بناء محبة الله على الأسس السليمة الصحيحة.





          أسألك بالله، هل أنت مستعد أن تشتري بيتا لتسكنه إذا علمت أن هذا البيت مرتكز على دعائم = على أسس واهية قابلة للانهيار والزوال في أية لحظة؟
          طبعا لن تفعل ذلك.

          فما ظنك بمحبة الله عز وجل التي من أجلها نعيش، بل من أجلها خلقنا؟
          فربنا خلقنا لنعبده، والعبادة محبة وطاعة.



          فهل أنت مستعد أن تغامر بمحبة الله عز وجل وتبنيها على أسس قابلة للزوال في أية لحظة؟





          إذاً، لابد لك أن تبني محبة الله في قلبك على أسس صحيحة.
          تُرى، ما هي هذه الأسس؟

          كثيرة، منها:
          التفكر في أسماء الله وصفاته وتأمل آثارها في الواقع.
          تعلق القلب بالآخرة ونعيمها.
          العرفان لله بنعمة الهداية.
          الامتنان لله بما أنعم عليك في الماضي بغض النظر عن الحاضر والمستقبل.



          بإذن الله سوف نتكلم عن كلٍ من هذه الأسس في حلقات قادمة.


          إذاً، هذه أشياء ثابتة لا تتغير، أسماء الله وصفاته، وانتظار الآخرة، هذه أشياء لا تتغير، ليست مهددة بالزوال، تبني عليها محبتك لله وأنت واثق مطمئن.



          أما ما يستجدّ لك في الحاضر والمستقبل من نعم جديدة ورفع بلاء؛ فهذه كلها تزيد محبتك لله _عز وجل_ ولكنها ليست شرطا في وجود هذه المحبة.
          قد يقال: لكن الله _عز وجل_ شرع تألف قلوب الناس بإعطائهم شيئا من نعيم الدنيا، معلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي قسما كبيرا من الغنائم للمؤلفة قلوبهم=لكفار يريد رسول الله أن يستميلهم للإسلام، بل إن مصرفا من مصارف الزكاة هو (المؤلفة قلوبهم)؟



          صحيح. لكن هذا التألف لقلوب الناس بنعيم دنيوي هو مرحلي مؤقت؛ حتى ينهار الحاجز النفسي بين قلب الغافل والإسلام، حتى تُزال الغشاوة عن بصره ليرى حقيقة الدين فتخالط بشاشة الإيمان قلبه، فلا يعود يأبه من ثَم أعطي أو منع.
          في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أنس قال: (وقد كان للرجل يجيء إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ما يريد إلا الدنيا... )



          يعني حبشرطي صرف (... فما يمسي...) من نفس اليوم (فما يمسي حتى يكون دينه أحب إليه وأعز عليه من الدنيا وما فيها)
          إذاً؛ تحول حبه لله إلى حب حقيقي مبني على أسس سليمة.



          أما أن يعيش الإنسان حياته كلها عِيشة المؤلفة قلوبهم فهذا وضع خطير غير مقبول، لأن محبته لله مهددة بالزوال في أية لحظة.



          عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد طوائف من الناس، ما الذي حصل؟


          المؤلفة قلوبهم _من أهل مكة_ الذين تألفهم رسول الله _لكنهم بعد ذلك بنَو محبتهم لله على أسس صحيحة_ كانوا هم أسود الإسلام الذين نافحوا عنه أيام الردة، وبذلوا في ذلك أرواحهم ودماءهم وأموالهم.



          بينما ارتد من بقي (حبشرطيا) متعلقا بالدنيا عندما واجه فتنة وفاة النبي وتمرد الزعماء


          إن استقرار هذا المفهوم في نفوسنا _(محبة الله غير المشروطة)_ يمنحنا فهما أعمق لكثير من حقائق ديننا.



          فمثلا: عندما نقرأ قول النبي _صلى الله عليه وسلم_
          (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)



          الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3174
          خلاصة حكم المحدث:
          صحيح


          قد يكون من أسباب ذلك:
          أن الطاعة الكثيرة المتقطعة كثيرا ما تكون مدافعةً لبلاء حل أو ابتهاجا مؤقتا بنعمة جديدة، خاصة إذا تبعها فتور شديد في الطاعة.
          أما العمل المستمر من الطاعات فعادة ما يكون نابعا من حب مستقر في القلب لا يتأثر بالحوادث السارة أو الحزينة.



          إذاً، أخي وأختي:
          إذا وجدت في نفسك هذا الداء الخطير شرطية محبة الله



          عليك أن تعترف به وتسعى لعلاجه؛ فهو أخطر من أي مصيبة دنيوية؛ لأنه مصيبة في الدين، لأنه خلل فيما نعيش من أجله. تخلص حينئذ من مرض (الحبشرطية) بإعادة بناء المحبة على أسس صحيحة سليمة لا تتأثر بالمتغيرات.
          وستكون حينئذ بصبرك وحبك لله وأنت مبتلى معلما للناس معنى المحبة الصادقة.



          ابن حبك لله على أسس سليمة لا تزول.
          والسلام عليكم ورحمة الله

          د. اياد قنيبي




          تعليق


          • #6
            رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

            ماشااء الله موضوع مهم للغايه حفظك البارئ ورعاك نريد المزيد
            سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

            تعليق


            • #7
              رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرا
              نفع الله بكم ورفع قدركم
              نفعكم الله بما نفعتمونا به
              أستغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته
              أستغفر الله العظيم من كل فرض تركته
              أستغفر الله العظيم من كل صالح جفوته
              أستغفر الله العظيم من كل برٍّ أجلته
              أستغفر الله العظيم من كل إنسان ظلمته
              أستغفر الله العظيم من كل ظالم صاحبته

              تعليق


              • #8
                رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله خيرا أختاه وبارك الله فيكم
                ونفع الله بكم ورفع قدركم
                استغُفِركَ ربّي مِن كُل نية سيئة جَالت في صُدورنا
                ومِن كُل عًمل سئ تَضيقُ به قبورنًا




                تعليق


                • #9
                  رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "

                  المشاركة الأصلية بواسطة | ذليلة لله | مشاهدة المشاركة
                  ماشااء الله موضوع مهم للغايه حفظك البارئ ورعاك نريد المزيد
                  سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
                  جزاكِ الله كل خير وبارك فيك

                  سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

                  تعليق


                  • #10
                    رد: تعلم فن احسان الظن بالله " سلسلة مفرغة د. اياد قنيبي "


                    لا تسأل الليل المسافر كم بقي
                    هوّن عليك فلست أول من شقي
                    هوّن عليك فلستَ أول صادقٍ
                    يرميه إحساس الظنون بمأزقِ

                    هوّن عليك وقُل خطيئة مُحسنٍ
                    رام الوفاء, فكان غير مُوفّقِ !

                    تعليق

                    يعمل...
                    X