السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
حايكم الله وبياكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم
وأسأله سبحانه أن يرزقنا و إياك العلم النافع والعمل الصالح ...
آمين... آمين
وليسمح لي أحبتي في الله – جمعني الله بكم في ظله يوم لا ظل إلا ظله – أن أهدي لكم هذه المشاركة فكلما هممت بإضافة موضوع أظنه جديدا وجدت الأخوة والأخوات قد سبقوا في التفضل به والأصل فينا هنا بفضل الله أننا نتكامل أعوانا على الحق نصرة لديننا أسأل أن يؤلف بين قلوبنا كما ألف بين قلوب صحابة النبي _ صلى الله عليه و سلم _ حتى عم الإسلام ربوع الأرض ودانت لهم الدنيا ، نسأل الله أن يجعلنا جميعا خير خلف لخير سلف والحمد لله رب العالمين .
الموضوع
أقول و بالله التوفيق وعليه التكلان بعد حمد ربي والصلاة والسلام على النبي العدنان:
"إن فَهْمَ معاني الرموز الشرعية(كالتلبية والشهادة والعبادة والتحميد والتأليه والاستعانة والتكبير و ...و... ) يزيد من إيمان المسلم ويقوي قناعاته بتفاصيل هذا الدين العظيم، فكل كلمة في ديننا لها معنى وقصد لا يعقله إلا العالمون، ومن لم يفهمها فكبر عليه أربعة وتقبل فيه العزاء، ولسان الحال يقول لمن جهل: "عظم الله أجرك في قلبك " فمن يرد الله به خيرا يفقه في الدين وصدق النبي الأمين – صلى الله عليه و سلم –
أقول – أحبتي في الله -
كم من إنسان مسلم ذهب للحج وحاله بين أربعة أصناف :
أحدهما:صنف لا يعلم من الحج إلا اسمه فقط فهو بين يدي المطوف كالميت بين يدي المغسل لا علم له بأحكام هذا الركن العظيم من أركان الإسلام الذي يدين به لله، وهذا الصنف قد قصَّر في تعلم فرض يكمل به إسلامه وأمره إلى الله.
والثاني:صنف ما ذهب إلا ليقال له الحاج فلان أو الحاجة فلانة ، وهذا قد حبط عمله ، وإنا لله و إنا إليه راجعون.
والثالث:صنف علم الأحكام ولكنه ما فهم حكمتها وما فهم رموزها وما تمعن في أسرارها والتي قد تكون من صلب دينه، فذلك قد سقط عنه الفرض و أمره إلى الله ولكن هل عاد كيوم ولدته أمه؟ أحتاج إلى إجابة!
والرابع:علم الأحكام وفهم المعاني والأسرار وتنقل بين المناسك بقلبه، وتأمل ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِتَهْوِي إِلَيْهِمْ) فأين قلوب الحُجاج ( في الهدايا أم في المواصلات أم في الأموال أم في ....) أم هي قلوب مع الله،
نعم إخوتي في الله لقد جاء الأخير بقلبه فهانت عليه الدنيا، فعاد من الحج كيوم ولدته أمه.والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم.
ورحم الله من قال:
(الرَّكْبُ كثير و الحاج قليل ) وكأني به يمد صوته بلفظة " كثييييييييييييير "
فصل في التلبية في اللغة و علاقة معانيها بشهادة ألا إله إلا الله
أحبتي في الله ـ إن التلبية رمز من رموز التوحيد
وهناك عَلاقة لُغوية وثيقة بينها وبين الرمز الأعظم ( لا إله إلا الله ) ، فهما إجابتان لنداء الحق جل وعلا ،
ولما كان النداء عظيما كانت الإجابة عظيمة أيضا ،
وهذ وجه للتشابه بينهما
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
ـ رزقنا الله وإياكم الفهم ـ
فسبحان من دعا
وسبحان سبحان سبحان من ألهم إجابة الدعوة
والفضل منه و إليه يعود، فتأمل في ذلك بعيني قلبك ...
فلقد دعاك الله شرعا ، ودعاك قدرا للحج ،
فأما دعوته الشرعية:
فمتمثلة في قوله تعالى : "( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)
وأما الدعوة القدرية :
فمتمثلة فيما مَنَّ الله به على منْ قُدِّر له الحج ، حيث قدر الله له الإسلام والعقل وحفظه حتى سن التكليف ثم قدر له أمنة الطريق ووسيلة المواصلات التي تقله ، ورزقه المال الذي يتبلغ به إلى البيت الحرام وكذا قدر له من يكفل أهله و أولاده حتى عودته من أداء الفريضة، و... و ... ولله الفضل والمنة )
(قال ابن رجب في شرح حديث التلبية) :-
قوله لبيك اللهم لبيك معناه إجابة لدعائك مرة بعد مرة وليس المراد به حقيقة التثنية بل المراد التكرير والتكثير والتوكيد كما في قوله تعالى: " ثم ارجع البصر كرتين " ... وهي تتكون(أي لفظة لبيك) من ثلاث كلمات : ( لبى و لبى و ك ـ أعني كاف الخطاب ـ ) وما حدث هو اجتماع الكلمة الأولى مع الكلمة الثانية فصارتا ( لبين ) ـ على النصب بالياء ، فلما أضيفتا إلى كاف الخطاب حذفت النون للإضافة .
فائدة رائعة :- قال الرضي في شرح الكافية :
"كل ذلك ليفرغ المجيب بالسرعة من التلبية فيتفرغ لاستماع المأمورية حتى يمتثله"أهـ
قلت ( حادي الطريق ): وكذلك الشهادة نفيا و إثباتا ما هي إلا توكيد لأحقية الله المطلقة لكل صنوف الطاعة
وهي أيضا إجابة لأمر الله تعالى لعباده بالإسلام وفي مضمونه الإيمان.
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
أقول ( حادي الطريق ): وتأملوا أحبتي في الله فيما سبق فإن الإجابة وتنفيذ الأمر الغيبي لا تصدر إلا عن مصدق لهذا الغيب، وهذا التصديق المنافي للشك شرط من شروط الرمز الأعظم ( لا إله إلا الله )
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
قال ابن فارِس ـ رحمه الله ـ في كتابه مقاييس اللغة ـ بتصرف على قدر الحاجة ـ:
التلبية، وهو قوله: لَبَّيْك. قالوا: معناه أنا مقيمٌ على طاعتك. ونُصِب على المصدر، وثنّي على معنى إجابةً بَعْد إجابة.
و (لب) اللام والباء. أصلٌ صحيح يدلُّ على لزومٍ وثبات، وعلى خلوص وجَوْدة.
قلت(حادي الطريق) ـ ل ، ب ـ وهذا أصل الكلمة بعد تجريدها من الزيادة وهي تحمل هذه الدلالات الأربع والتي تشمل التوحيد كله :ـ
1- اللزوم. (وتحمل معنى المداومة و الاستمرار و الإقامة ) 2- الثبات. 3- الإخلاص. 4- الجودة ( وتحمل معنى الإحسان و إتقان العمل وإجادته )
وتفصيل ذلك كما يبينه ابن فارس في قاموسه الرائع
ومنه" ألَبَّ بالمكان، إذا أقام به. ورجلٌ لَبٌّ بهذا الأمر، إذا لازَمه
قلت: وفي ذلك إشارة إلى معنى ملازمة الطاعة و الوعد بعدم الانفكاك عنها
وحكى الفرّاء: امرأةٌ لَبَّةٌ: مُحِبَّةٌ لزوجها، ومعناه أنَّها ثابتة على وُدِّه أبداً.
قلت فالتلبية تحمل معنى المحبة والثبات على الود
ومن الباب لبْلَبَ من الشَّيء: أشفق، فهو ملبلب. وقال:* مِنّا المُلَبلِبُ والمشبِلُ *
و اللُّب معروف، من كلِّ شيء، وهو خالصه وما يُنتَقَى منه، ولذلك سمِّيَ العقلُ لُبَّاً. ورجل لبيب، أي عاقل. وخالصُ كلِّ شيء لُبابُه.
ومن الباب اللَّبَّة، وهو موضعُ القلادة من الصدر، وذلك المكانُ خالص. وكذلك اللَّبَب. يقال: لببتُ الرّجُل: ضربت لَبَّتَه. ويقولون للمتحزِّم: متلبِّب، كأنَّه شدَّ ثوبَه إلى لَبَّتِه مشمِّراً.
والخلاصة من مقاييس ابن فارس ::::
)التلبية هي:كأن تقول الإجابةُ بَعْد الإجابة لك يا رب، مخلص في طاعتك مقيمٌ ومداوم و ملازم عليها وأنا مُحِبٌ لك ثابتٌ على وُدِّي أبداً.مشفق من أن تردني خائبا غير مغفور لي، قد جئتك مشمرا عن ساعد جدي منقاد إليك بكل جوارحي وتمام عقلي وهذا أفضل ما عندي )
وكل هذا بفضل الله الملك الوهاب متضمن في معاني و شروط الرمز الأعظم ( لا إله إلا الله )
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
وفي[ كتاب الأفعال لابن القطاع ]قال : باب الثنائي المضعف
( وداره تَلُبُّ دار فلان أي تحاذيها )
قلت( حادي الطريق ) : ومحاذاة الدار تعطي معنى المواجهة والقصد والإرادة وهذا من أصول التوحيد، قال تعالى : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) الآية ، وتعطي معنى الاستقامة على الطاعة والتزامها،
وأقول: والخلاصة من كلام ابن القطاع ـ رحمه الله ـ:
(أن التلبية تحمل أيضا معنى الإخلاص في القصد و الإرادة والتزام طريق الطاعة والمراقبة) وكلها بفضل الله داخلة في معنى الرمز الأعظم ( لا إله إلا الله )
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
وفي [ المغرب في ترتيب المعرب للمطرزي ]
قال في باب اللام مع الباء:
( اللَّامُ مَعَ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ) ( ل ب ب ) : ( التَّلْبِيَةُ ) مَصْدَرُ لَبَّى إذَا قَالَ لَبَّيْكَ وَالتَّثْنِيَةُ لِلتَّكْرِيرِ وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وَمَعْنَاهُ إلْبَابًا لَكَ بَعْدَ إلْبَابٍ أَيْ لُزُومًا لِطَاعَتِكَ بَعْدَ لُزُومٍ مِنْ أَلَبَّ بِالْمَكَانِ إذَا قَامَ ( وَاللَّبَّةُ ) الْمَنْحَرُ مِنْ الصَّدْرِ ( وَلَبَّبَ ) خَصْمُهُ فَعَتَلَهُ إلَى الْقَاضِي أَيْ أَخَذَ تَلْبِيبَهُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا عَلَى مَوْضِعِ اللَّبَبِ مِنْ ثِيَابِهِ
قلت (حادي الطريق): والخلاصة من كلام المطرزي :
ومِن (لبب) خصمه فعَتَلَهُ تعطي معنى الانقياد و الإذعان) وهما من صميم معاني التوحي (فسبحان الله الذي أهم الإجابة )
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
وفي كتاب شرح الرضي على الكافية قال –رحمه الله - في المصادر المثناة لقصد التكرير قال:
قال ابن الحاجب: " ومنها ما وقع مثنى نحو: لبيك وسعديك "... وأصل لبيك: ألب لك إلبابين، أي أقيم لخدمتك وامتثال مأمورك ولا أبرح مكاني كالمقيم في موضع،
قلت (حادي الطريق)والكلام ظاهره التكرار ولكننا لن نعدم فائدة فالخلاصة من كلام الرضي ونقله عن ابن الحاجب:
بحذف المشار إليه سالفا في كلامنا ( أي ما تكرر منه ) يمكن إضافة هذا المعنى العظيم وهو : الإقامة في الخدمة وامتثال المأمور وهذا من لوازم الرمز الأعظم ( لا إله إلا الله ) وفيه تحقيق العبادة لله وحده، و العبادة حق التوحيد والحمد لله رب العالمين
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
وفي كتاب العين للخليل بن أحمد قال في باب (لبى) :
التَّلْبية: الإجابة، تقول: لَبَّيْكَ، معناه: قرباً منك وطاعة، لأنّ الإلباب القرب
قلت ( حادي الطريق ) والخلاصة من كلام الخليل : ((أجبتك بالحج لك قربة لك وطاعة لك ))
و الرمز الأعظم ( لا إله إلا الله ) من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى
فتشابهت في ذلك التلبية و الشهادة.
فانظر وتفكر بقلبك لتذوق حلاوة الإيمان
هدانا الله و إياك للحق وأحيا قلوبنا جميعا بإذنه إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل
أحبتي في الله
لقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم هذه المعاني وأكثر
فلهجت بها القلوب قبل الألسن
فكانوا يصرخون بها
ويعلون بها أصواتهم
هذا غيض من فيض مَنَّ الوهاب به على
الفقير إلى عفو ربه القدير
(( حادي الطريق ))
في بعض معاني لفظة لبيك فقط لا في كل ألفاظها
و إن ما كتبت – بفضل الملك الوهاب – لأشارك الأجر بإذنه تعالي فلا غنى لنا عن فضله طرفة عين و أسأل الله أن ييسر لنا اللقاء قريبا في وقفة ثانية
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
الفقير إلى عفو ربه القدير
(( حادي الطريق ))
في بعض معاني لفظة لبيك فقط لا في كل ألفاظها
و إن ما كتبت – بفضل الملك الوهاب – لأشارك الأجر بإذنه تعالي فلا غنى لنا عن فضله طرفة عين و أسأل الله أن ييسر لنا اللقاء قريبا في وقفة ثانية
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
تعليق