رأيت قلعة كبيرة وسط غابة من الأشجار , سرت إليها مستغرباً سبب وجودها .
وعندما اقتربت منها قالت لي : من أنت ؟
قلت : أنا الداعية . فمن أنت ؟!
القلعة : أن الدعوة .
قلت متسائلاً : وما علاقة القلعة بالدعوة ؟
القلعة : أنا رمز من رموز الدعوة , لأن الدعاة يحتمون بدعوتهم ويرونها زاداً لهم على الثبات والنصر وكل هذه المعاني بي , فأنا قلعة الدعوة .
قلت : وهل ينتمي إليك الدعاة ؟
القلعة : نعم إنهم كثيرون – ويبدو أنك جديد في مجال الدعوة , أليس كذلك ؟
قلت متردداً : نعم هذا صحيح .
ثم تمالك الداعية نفسه وقال : أريد منك أن تصفي لي الداعية .
القلعة : إن الداعية مثله كمثل رجل رأى غابة تحترق بأشجارها, ورأي أناساً ينامون فيها فدخل إلى الغابة ليساعدهم على النجاة أنفسهم من النار , فمنهم من استجاب له وقفز معه ومنهم من ظل نائماً حتى تحرقه النار .
قلت : إنه لتشبيه جميل والله , هذا الذي أحاول ان أبثه في الناس فبعضهم يستجيب لي وبعضه يؤثر النوم , وبعض من يستجيب لي يعمل بعملي .
القلعة : نعم هذا ما أردت توضيحه .
قلت : ولكن بما أنك الدعوة فهل تنفعين من يلتزم بك وبمنهاجك ؟
القلعة : بالطبع , و إلا ما كنت قلعة .
فأنا احمي الدعاة , واقف معهم , بل واشفع لهم كذلك إن كان عند الدعاة تقصير .
فانظر إلى موسى عليه السلام :
رمى الألواح فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها واخذ بلحية نبي مثله , وهو هارون عليه السلام وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد صلى الله وعليه وسلم ورفعه إليه , وربه يحتمل له ذلك ويحيه ويكرمه , لأنه قام لله تعالى تلك المقامات العظيمة في مقابلة اعدي عدو له , وصدع بأمره , وعالج أمته القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر .
وانظر إلى موسى عليه السلام :
حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى غاضب ربه مرة , فأخذه وسبحنه في بطن الحوت , ولم يحتمل له ما احتمل لموسى .
فانظر أيها الداعية إلى فضل مقام الدعوة إلى الله تعالى وبركتها على موسى , وكيف أن الله قربه وأحبه على ما عنده من شدة في الحرص على حق ربه , فقد كان دائم الصدع بالحق والدعوة إلى الله تعالى .
الداعية :عن كلامك صحيح ومنطقي .. ولكني أشعر اني ضعيف فلا موهبة عندي ولا زيادة في العطاء والدعوة .
القلعة :لا تقل هذا الكلام . طالما أنا على قيد الحياة . فادخل في حماي والتزم مع الدعاة وسترى كيف تكون بعد ذلك .
ولهذا قال ( عبد البديع صقر ) رحمة الله : - { لا يصبح في الجماعة ضعفاء وأقوياء , وإنما يصبحون جميعاً عباداً لله وإخواناً , فالقوي في الجماعة المؤمنة , قوي لها , والضعيف فيها قوي بها }
قلت : وهل يعني ذلك أني إذا دخلت بداخلك سأكون قوياً بك .
القلعة : نعم هذا صحيح .
ولكن ينبغي لك أن ترفع شعاراً في حياتك ولا تتخلى عنه أبداً , حتى أكون قلعة حقيقة في حياتك .
قلت : وما هذا الشعار ؟
القلعة : هو قول الله تعالى :
{ ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صلحاً وقال إنني من المسلمين }
قلت : وما معني هذا الشعار ؟
القلعة : أن تدعو الله تعالى دائماً : ومن الدعوة إلى الله تحبيبه إلى عباده , بذكر تفاصيل نعمه , وسعة جوده , وكمال رحمته , وذكر أوصاف كماله , ونعوت جلاله ومن الدعوة إلى الله , الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله , وسنه رسوله , والحث على ذلك , بكل طريق موصل إليه .
فكل ذلك من مقامات الدعوة ومن مهام الدعاة .
قلت : ولكنها كثيرة على .
القلعة : لا تفعلها كلها في ساعة من نهار , ولكن احرص على فعلها في عمرك كله , فان لم تستطع فاعلم أنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ومن بلغ عن الله آية وعن النبي صلى الله وعليه وسلم حديثاً سمي داعية .
قلت : سأتحرك من اليوم لدعوة الناس ان شاء الله .
القلعة : إذا كنت ستبدأ فلا بد من سماع هذه الكلمة وهى ان : { حقيقة الإيمان لا يتم تمامها في قلب حتى يتعرض لمجاهدة الناس في أمر هذا الدين } .
مجاهدتهم بالقلب بكراهية باطلهم وجاهليتهم والعزم على نقلهم منها إلى الحق والإسلام .
ومجاهدتهم باللسان بالتبليغ والبيان ورفض باطلهم .
ومجاهدتهم باليد بالدفع والإزالة من طريق الهدى حين يعترضون بالقوة الباغية والبطش الغشوم .
قلت : وماذا تقصدين بالقلعة : أهي أنت ؟ أم ماذا ؟!!!!
القلعة : اعني بها الجماعة الصالحة , والدعاة الرفقاء على الدرب , فإنهم يسلونك ويؤازرونك ويثبتونك على طريق الحق فهذه هي القلعة التي أنت تحاورها .
ثم انتبه الداعية من نومه , ووضع يده على عينيه يحركهما وهو يفكر : هل هذا الحوار حلم أم حقيقة ؟ وهل هو خيال أم واقع ؟
ثم فتح عينيه وتبين انه كان في رؤيا مناميه فقال إنها رؤية والله لأنني جديد في الدعوة ويعلم الله ما أنا بحاجة إليه .
فسأنفذ وصايا القلعة حتى ادخل فيها واحتمي بحماها !! .
من كتاب حوارات دعوية
للأستاذ : جاسم محمد المطوع
وعندما اقتربت منها قالت لي : من أنت ؟
قلت : أنا الداعية . فمن أنت ؟!
القلعة : أن الدعوة .
قلت متسائلاً : وما علاقة القلعة بالدعوة ؟
القلعة : أنا رمز من رموز الدعوة , لأن الدعاة يحتمون بدعوتهم ويرونها زاداً لهم على الثبات والنصر وكل هذه المعاني بي , فأنا قلعة الدعوة .
قلت : وهل ينتمي إليك الدعاة ؟
القلعة : نعم إنهم كثيرون – ويبدو أنك جديد في مجال الدعوة , أليس كذلك ؟
قلت متردداً : نعم هذا صحيح .
ثم تمالك الداعية نفسه وقال : أريد منك أن تصفي لي الداعية .
القلعة : إن الداعية مثله كمثل رجل رأى غابة تحترق بأشجارها, ورأي أناساً ينامون فيها فدخل إلى الغابة ليساعدهم على النجاة أنفسهم من النار , فمنهم من استجاب له وقفز معه ومنهم من ظل نائماً حتى تحرقه النار .
قلت : إنه لتشبيه جميل والله , هذا الذي أحاول ان أبثه في الناس فبعضهم يستجيب لي وبعضه يؤثر النوم , وبعض من يستجيب لي يعمل بعملي .
القلعة : نعم هذا ما أردت توضيحه .
قلت : ولكن بما أنك الدعوة فهل تنفعين من يلتزم بك وبمنهاجك ؟
القلعة : بالطبع , و إلا ما كنت قلعة .
فأنا احمي الدعاة , واقف معهم , بل واشفع لهم كذلك إن كان عند الدعاة تقصير .
فانظر إلى موسى عليه السلام :
رمى الألواح فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها واخذ بلحية نبي مثله , وهو هارون عليه السلام وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد صلى الله وعليه وسلم ورفعه إليه , وربه يحتمل له ذلك ويحيه ويكرمه , لأنه قام لله تعالى تلك المقامات العظيمة في مقابلة اعدي عدو له , وصدع بأمره , وعالج أمته القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر .
وانظر إلى موسى عليه السلام :
حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى غاضب ربه مرة , فأخذه وسبحنه في بطن الحوت , ولم يحتمل له ما احتمل لموسى .
فانظر أيها الداعية إلى فضل مقام الدعوة إلى الله تعالى وبركتها على موسى , وكيف أن الله قربه وأحبه على ما عنده من شدة في الحرص على حق ربه , فقد كان دائم الصدع بالحق والدعوة إلى الله تعالى .
الداعية :عن كلامك صحيح ومنطقي .. ولكني أشعر اني ضعيف فلا موهبة عندي ولا زيادة في العطاء والدعوة .
القلعة :لا تقل هذا الكلام . طالما أنا على قيد الحياة . فادخل في حماي والتزم مع الدعاة وسترى كيف تكون بعد ذلك .
ولهذا قال ( عبد البديع صقر ) رحمة الله : - { لا يصبح في الجماعة ضعفاء وأقوياء , وإنما يصبحون جميعاً عباداً لله وإخواناً , فالقوي في الجماعة المؤمنة , قوي لها , والضعيف فيها قوي بها }
قلت : وهل يعني ذلك أني إذا دخلت بداخلك سأكون قوياً بك .
القلعة : نعم هذا صحيح .
ولكن ينبغي لك أن ترفع شعاراً في حياتك ولا تتخلى عنه أبداً , حتى أكون قلعة حقيقة في حياتك .
قلت : وما هذا الشعار ؟
القلعة : هو قول الله تعالى :
{ ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صلحاً وقال إنني من المسلمين }
قلت : وما معني هذا الشعار ؟
القلعة : أن تدعو الله تعالى دائماً : ومن الدعوة إلى الله تحبيبه إلى عباده , بذكر تفاصيل نعمه , وسعة جوده , وكمال رحمته , وذكر أوصاف كماله , ونعوت جلاله ومن الدعوة إلى الله , الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله , وسنه رسوله , والحث على ذلك , بكل طريق موصل إليه .
فكل ذلك من مقامات الدعوة ومن مهام الدعاة .
قلت : ولكنها كثيرة على .
القلعة : لا تفعلها كلها في ساعة من نهار , ولكن احرص على فعلها في عمرك كله , فان لم تستطع فاعلم أنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ومن بلغ عن الله آية وعن النبي صلى الله وعليه وسلم حديثاً سمي داعية .
قلت : سأتحرك من اليوم لدعوة الناس ان شاء الله .
القلعة : إذا كنت ستبدأ فلا بد من سماع هذه الكلمة وهى ان : { حقيقة الإيمان لا يتم تمامها في قلب حتى يتعرض لمجاهدة الناس في أمر هذا الدين } .
مجاهدتهم بالقلب بكراهية باطلهم وجاهليتهم والعزم على نقلهم منها إلى الحق والإسلام .
ومجاهدتهم باللسان بالتبليغ والبيان ورفض باطلهم .
ومجاهدتهم باليد بالدفع والإزالة من طريق الهدى حين يعترضون بالقوة الباغية والبطش الغشوم .
قلت : وماذا تقصدين بالقلعة : أهي أنت ؟ أم ماذا ؟!!!!
القلعة : اعني بها الجماعة الصالحة , والدعاة الرفقاء على الدرب , فإنهم يسلونك ويؤازرونك ويثبتونك على طريق الحق فهذه هي القلعة التي أنت تحاورها .
ثم انتبه الداعية من نومه , ووضع يده على عينيه يحركهما وهو يفكر : هل هذا الحوار حلم أم حقيقة ؟ وهل هو خيال أم واقع ؟
ثم فتح عينيه وتبين انه كان في رؤيا مناميه فقال إنها رؤية والله لأنني جديد في الدعوة ويعلم الله ما أنا بحاجة إليه .
فسأنفذ وصايا القلعة حتى ادخل فيها واحتمي بحماها !! .
من كتاب حوارات دعوية
للأستاذ : جاسم محمد المطوع
تعليق