كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
الغرض من الخطبة:
تذكرة بين يدي أيام كثر فيها الصراع على طلب الدنيا على حساب العمل ليوم الموت والسؤال.
المقدمة:
ـ الأحداث وتفاوت اهتمامات الناس: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (الليل:4)، (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (الإسراء:84)، (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ) (آل عمران:152).
- الغفلة عن الاستعداد لأخطر يوم: عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَبَكَى، حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: (يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا) (رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني).
القبور ديار الأموات:
مكانها عن الناس بعيد ليس فيها عمار ولا أنوار، ينتقل إليها ولا ينتقل منها، يوشك أن تستفرغ القبور من في الدور، لسان حال أهل الدنيا يقول لأهلها: دوركم سكنت وأزواجكم نكحت وأموالكم قسمت، ولسان حال أهلها يقول لأهل الدنيا: نحن مثلكم كنا وسيأتي يوم تصيرون منا.
ـ القبور... منزل لابد من نزوله محمولاً: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) (الجمعة:8).
ـ القبور... أهلها أعرف الناس بقيمة الحياة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- مر بقبرٍ فقال: من صاحبُ هذا القبرِ؟ فقالوا: فلانٌ، فقال: (ركعتان أحبُّ إلى هذا من بقيَّةِ دنياكم) (رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني).
- القبور... بيان لما بعدها: عن هانئ مولى عثمان -رضي الله عنه- قال: كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُذْكَرُ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ القَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني).
القبور... في بطونها ماذا يدور؟
- مر أبو الدرداء -رضي الله عنه- بين القبور فقال: "يا بيوت ما أسكن ظواهرك وفي داخلك الدواهي!".
ـ القبور... وفظاعة منظرها: عن عثمان -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني).
ـ القبور... ظاهرها مظلم فكيف بباطنها؟! قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ) (رواه البخاري ومسلم).
ـ القبور... نومة في بيت جديد: قال سعد بن وقاص -رضي الله عنه-: "الحدوا لي لحدًا وانصبوا على القبر نصبًا كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
وقال الشاعر:
غيرت موضع مرقـدي يومًا فنافرني السكـون
قل لي فأول ليــــــــلة فـي القـبر كيف تكـون؟
ـ القبور... ضمتها تعبر عن حالها مع نازلها: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً لَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ) (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني).
أول ليلة في القبر:
ـ في أول ليلة... فتنة القبر: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ) (متفق عليه).
ـ في أول ليلة... رؤية الملكين: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
ـ في أول ليلة... السؤال الخطير: من ربك؟ وما دينك؟ وما كنت تقول في الرجل الذي بعث فيكم؟
ـ حال العبد الصالح: يقول: هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- حال العبد الفاجر: يقول: هاه هاه لا أدري، ولكني سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته.
ـ بشرى العبد الصالح: ينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، ويقال له: صدقت على هذا عشت وعليه مت وعليه تبعث -إن شاء الله-.
ـ زلزلة العبد الفاجر: ينادي مناد من السماء أن كذب عبدي ويقال له: لا دريت ولا تلوت، على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث -إن شاء الله-.
ـ فضل الأعمال الصالحة في هذه اللحظات: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتِ الصَّلاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَتَقُولُ الصَّلاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَتَقُولُ فَعَلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ... ) (رواه ابن حبان، وحسنه الألباني).
حياة أهل القبور:
ـ نعيم وكرامة للصالحين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، وقال -تعالى-: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69). قال ابن القيم -رحمه الله-: "وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي البرزخ وفي دار الجزاء، والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاث".
ـ عذاب وهوان للفاجرين: قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، وقال -تعالى-: (لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (الأعراف:41)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَصَمُّ أَبْكَمُ فِي يَدِهِ مِرْزَبَةٌ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ كَانَ تُرَابًا فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً حَتَّى يَصِيرَ تُرَابًا، ثُمَّ يُعِيدُهُ اللَّهُ كَمَا كَانَ فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلا الثَّقَلَيْنِ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
من أسباب عذاب القبر:
ـ الكذب وهجر القرآن والزنا والربا: عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟) قَالَ: فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَالَ: (هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟) قُلْنَا: لاَ.
قَالَ: (لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ يُدْخِلُ ذَلِكَ الكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالاَ: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الحَجَرُ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالاَ: انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالاَ: انْطَلِقْ.
فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ وَعَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالاَ: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ، وَأَدْخَلاَنِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلاَنِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ!
قُلْتُ: طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ، قَالاَ: نَعَمْ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ، فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبَا، وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلاَدُ النَّاسِ، وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ المُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ فَارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ، قَالاَ: ذَاكَ مَنْزِلُكَ، قُلْتُ: دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي، قَالاَ: إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ) (رواه البخاري).
ـ النميمة وعدم الاستتار من البول: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مَرَّ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: (أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ) (متفق عليه).
ـ الغلول: أهدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غُلاَمًا يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى وَادِي القُرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي القُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلاً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَلا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا)، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ -أَوْ شِرَاكَيْنِ- إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: (شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ) (متفق عليه).
خاتمة: توهم نفسك من أهل القبور:
توهم نفسك وقد أنزلت القبر.
توهم جلستك في ضيق اللحد.
توهم نفسك وقد جاءك الملكان بهول مطلعهما.
توهم إذا سألوك وإلى أي الإجابتين تصير.
توهم ضربهما بأرجلهما جوانب قبرك وانفراجه عن جنة أو نار.
توهم قولهما لك: انظر ما أعده الله لك وهذا مصيرك، توهم حالك للقيام وللنشور والى أي الحالين تصير.
توهم عرضك بعد ذلك على الجبار ثم إلى جنة أو نار.
ـ قال صلى الله عليه وسلم: (يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا) (رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني).
تـزود من الدنيا فـإنـك لا تـدري إذا جن عـليك الليل هل تعيش إلى الفجر
فـكـم مـن عروس زينوها لزوجـهـا وقـد أخــذت أرواحـهـم لـيـلـة الـقــدر
وكم من صغار يرجى طول عمرهـم وقـد أدخلت أرواحهم في ظلمة القـبر
وكـم مـن سليم مات من غير عــلة وكـم من سقيم عاش حينا من الدهـر
وكم من فتى يمشي ويصبح لاهــيًا وقـد نسجـت أكـفـانـه وهـو لا يـدري
وكم من ساكن عند الصباح تبصره وعند المساء قد كان من سـاكن القبر
فـكـن مخلصًا واعمل الخـيـر دائـمًا لـعـلـك تـحـظـى بالـمـثـوبـة والأجــر
وداوم عــلى تــقــوى الإلـه فـإنـهـا أمـان من الأهوال فـي موقف الحشـر
فاللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، وأحسن خاتمتنا في الأمور كلها
www.anasalafy.com
تعليق