رسالة الرقص ورسالة الدعوة
روى أحمد في مسنده(ح14047)(عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بعُكَاظٍ وَمَجَنَّةَ وَفِي الْمَوَاسِمِ بِمِنًى يَقُولُ: (مَنْ يُؤْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ )،حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مُضَرَ كَذَا قَالَ، فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ ، وَيَمْشِي بَيْنَ رِجَالِهِمْ وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ يَثْرِبَ فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِن الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ ثُمَّ ائْتَمَرُوا جَمِيعًا فَقُلْنَا حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ ،فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ فَوَاعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعُكَ .قَالَ : (تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لَا تَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمْ الْجَنَّةُ). قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِهِمْ فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنَّ تَعَضَّكُمْ السُّيُوفُ ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَبِينَةً فَبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ عُذْرٌ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ .قَالُوا: أَمِطْ عَنَّا يَا أَسْعَدُ فَوَاللَّهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا وَلَا نَسْلُبُهَا أَبَدًا .قَالَ : فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ فَأَخَذَ عَلَيْنَا وَشَرَطَ وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ).
وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى(ح4480) : عنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَعْنِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، هَلْ تَدْرُونَ عَلَى مَا تُبَايِعُونَ مُحَمَّدًا ؟ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى أَنْ تُحَارِبُوا الْعَرَبَ ، وَالْعَجَمَ ، وَالْجِنَّ ، وَالإِنْسَ مُجْلِبَةً ، فَقَالُوا : نَحْنُ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَ ، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَ ، فَقَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اشْتَرِطْ عَلَيَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ تَشْهَدُوا أَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَتُقِيمُونَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَلا تَنَازَعُوا الأَمْرَ أَهْلَهُ ، وَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ " ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ قَائِلُ الأَنْصَارِ : نَعَمْ ، هَذَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَا لَنَا ؟ فَقَالَ : " الْجَنَّةُ وَالنَّصْرُ " .).
ما للفساق وما للدعاة إلى الله تعالى:
إن للفساق شأنا عظيما في البلاد فتفتح لهم الجامعات والمؤسسات والإعلام والأموال تأتيهم من كل جانب.... تكتشف المواهب من صغرها وتنمى بانتظام ورعاية... يتلو الفيلم الفيلم والأغنية الأغنية ... لا يملون ... لأن المال كثير والشهرة عظيمة وتكريم الدولة لهم كبير....حياتهم تستمر في هذا الشأن ويصفق لهم الناس للأسف ... استخفوهم فقبلوا هذا الإستخفاف....محصنين من ترك هذه الأعمال لا يملون ولا يتعبون ... تجرى لهم اللقاءات على أنهم النجوم والرموز وتفتح لهم الصحف للتعري وإبداء المفاتن ... في النهاية عاشوا حياتهم طولا وعرضا ...
أما الدعاة إلى الله تعالى حياتهم مملوءة ومحفوفة بالصعوبات بداية من عدم وجود المعين والناصر وقلته وندرته... إلى انفاق الأوقات والتضحية والبذل والجهد ... لا تهتم بهم البلاد ولا تفتح لهم المجال .. ولا تمدهم بالمال والمساعدة ...ولا تصدرهم للناس ... ولا تكتشف المواهب والطاقات ... وهم مع ذلك مفروض عليهم الاهتمام بالعمل الدنيوي والمعيشة إضافة إلى اهتماماتهم الدعوية .. ينطلقون منفردين ... ويستمرون في العمل بغير صاحب ولا رفيق ... طريقهم وصمودهم وثباتهم كما فعل من قبلهم من أسيادهم ... فبايعوا النبي محمدا صلى الله عليه وسلم مثل مبايعة الصحابة له صلى الله عليه وسلم .
ما القصد في التفرقة بين حال الفساق وحال الدعاة إلى الله تعالى؟
ـ (تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لَا تَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمْ الْجَنَّةُ).
إنها المبايعة على الاستقامة والتصدر وقيادة الأمة وإعادتها إلى رشدها بعد أن تلوثت بالمعاصي والآثام ، فأصبحت شيئا عاديا لا ينكر إلا ممن رحم الله ...
وإنها المبايعة على نشر شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة بين المسلمين بعدما غابت واندثرت واستغرب الناس فاعليها بل وشوهوا صورتهم...
وإنها المبايعة على الجرأة وعدم الخوف ... ونفض الغبار الذي طال الرؤوس والأجساد والعقول والقلوب ... التحرك لخدمة دين الله عز وجل ...
ولكن هل كل ذلك له راتب شهري ... فيترك الدعاة إلى الله أعمالهم ويتفرغون ليل نهار إلى ذلك ....
كلا إن المبايعة على نصرة الإسلام تضحية ... جزاؤها الجنة (وَلَكُمْ الْجَنَّةُ)..
الكلام طيب وحماسيّ ولكن هذا ليس يوما أو يومين وينتهي الأمر ....( رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ )...
(وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنَّ تَعَضَّكُمْ السُّيُوفُ ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَبِينَةً فَبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ عُذْرٌ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ .).
إن الانطلاق في الدعوة إلى الله تعالى معناه ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) ومعناه أيضا (فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ) ومعناه أيضا ( وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ )...
هذه هي حقيقة رسالة الرقص ورسالة الدعوة.
روى أحمد في مسنده(ح14047)(عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بعُكَاظٍ وَمَجَنَّةَ وَفِي الْمَوَاسِمِ بِمِنًى يَقُولُ: (مَنْ يُؤْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ )،حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مُضَرَ كَذَا قَالَ، فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ ، وَيَمْشِي بَيْنَ رِجَالِهِمْ وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ يَثْرِبَ فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِن الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ ثُمَّ ائْتَمَرُوا جَمِيعًا فَقُلْنَا حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ ،فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ فَوَاعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعُكَ .قَالَ : (تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لَا تَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمْ الْجَنَّةُ). قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِهِمْ فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنَّ تَعَضَّكُمْ السُّيُوفُ ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَبِينَةً فَبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ عُذْرٌ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ .قَالُوا: أَمِطْ عَنَّا يَا أَسْعَدُ فَوَاللَّهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا وَلَا نَسْلُبُهَا أَبَدًا .قَالَ : فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ فَأَخَذَ عَلَيْنَا وَشَرَطَ وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ).
وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى(ح4480) : عنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَعْنِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، هَلْ تَدْرُونَ عَلَى مَا تُبَايِعُونَ مُحَمَّدًا ؟ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى أَنْ تُحَارِبُوا الْعَرَبَ ، وَالْعَجَمَ ، وَالْجِنَّ ، وَالإِنْسَ مُجْلِبَةً ، فَقَالُوا : نَحْنُ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَ ، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَ ، فَقَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اشْتَرِطْ عَلَيَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ تَشْهَدُوا أَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَتُقِيمُونَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَلا تَنَازَعُوا الأَمْرَ أَهْلَهُ ، وَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ " ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ قَائِلُ الأَنْصَارِ : نَعَمْ ، هَذَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَا لَنَا ؟ فَقَالَ : " الْجَنَّةُ وَالنَّصْرُ " .).
ما للفساق وما للدعاة إلى الله تعالى:
إن للفساق شأنا عظيما في البلاد فتفتح لهم الجامعات والمؤسسات والإعلام والأموال تأتيهم من كل جانب.... تكتشف المواهب من صغرها وتنمى بانتظام ورعاية... يتلو الفيلم الفيلم والأغنية الأغنية ... لا يملون ... لأن المال كثير والشهرة عظيمة وتكريم الدولة لهم كبير....حياتهم تستمر في هذا الشأن ويصفق لهم الناس للأسف ... استخفوهم فقبلوا هذا الإستخفاف....محصنين من ترك هذه الأعمال لا يملون ولا يتعبون ... تجرى لهم اللقاءات على أنهم النجوم والرموز وتفتح لهم الصحف للتعري وإبداء المفاتن ... في النهاية عاشوا حياتهم طولا وعرضا ...
أما الدعاة إلى الله تعالى حياتهم مملوءة ومحفوفة بالصعوبات بداية من عدم وجود المعين والناصر وقلته وندرته... إلى انفاق الأوقات والتضحية والبذل والجهد ... لا تهتم بهم البلاد ولا تفتح لهم المجال .. ولا تمدهم بالمال والمساعدة ...ولا تصدرهم للناس ... ولا تكتشف المواهب والطاقات ... وهم مع ذلك مفروض عليهم الاهتمام بالعمل الدنيوي والمعيشة إضافة إلى اهتماماتهم الدعوية .. ينطلقون منفردين ... ويستمرون في العمل بغير صاحب ولا رفيق ... طريقهم وصمودهم وثباتهم كما فعل من قبلهم من أسيادهم ... فبايعوا النبي محمدا صلى الله عليه وسلم مثل مبايعة الصحابة له صلى الله عليه وسلم .
ما القصد في التفرقة بين حال الفساق وحال الدعاة إلى الله تعالى؟
ـ (تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لَا تَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمْ الْجَنَّةُ).
إنها المبايعة على الاستقامة والتصدر وقيادة الأمة وإعادتها إلى رشدها بعد أن تلوثت بالمعاصي والآثام ، فأصبحت شيئا عاديا لا ينكر إلا ممن رحم الله ...
وإنها المبايعة على نشر شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة بين المسلمين بعدما غابت واندثرت واستغرب الناس فاعليها بل وشوهوا صورتهم...
وإنها المبايعة على الجرأة وعدم الخوف ... ونفض الغبار الذي طال الرؤوس والأجساد والعقول والقلوب ... التحرك لخدمة دين الله عز وجل ...
ولكن هل كل ذلك له راتب شهري ... فيترك الدعاة إلى الله أعمالهم ويتفرغون ليل نهار إلى ذلك ....
كلا إن المبايعة على نصرة الإسلام تضحية ... جزاؤها الجنة (وَلَكُمْ الْجَنَّةُ)..
الكلام طيب وحماسيّ ولكن هذا ليس يوما أو يومين وينتهي الأمر ....( رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ )...
(وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنَّ تَعَضَّكُمْ السُّيُوفُ ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَبِينَةً فَبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ عُذْرٌ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ .).
إن الانطلاق في الدعوة إلى الله تعالى معناه ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) ومعناه أيضا (فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ) ومعناه أيضا ( وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ )...
هذه هي حقيقة رسالة الرقص ورسالة الدعوة.
تعليق