بسم الله الرحمـن الرحيم
واجب الأمة نحو نبيها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـــــــــــــــــــــد
قال عليه الصلاة والسلام " يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل يا رسول الله فمن قلة يومئذ قال لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت " رواه أحمد وأبو داود عن ثوبان وصححه الالباني انظر صحيح الجامع.
نحن أصبحنا في هذه الأيام عبارة عن قالب حلوى أو قطعة لحم الكل يريد أن ينهش منها ، أصبحنا كالكرة في يد أعدائنا يتقاذفونها حيث يشاؤون
*- لماذا هنا على الأمم يا ترى ؟ لماذا العالم الغربي لا يأبه لنا ؟ يصورون نبينا بصور مشينة ، يهاجمو ديننا ويسخرون منه ، نحن بنظرهم لا شيء ، علما أن نبينا عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن هذه الأمة منصورة بالرعب من مسيرة شهر للحديث " ونصرت بالرعب مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي " رواه أحمد وهو حسن
وهذا ليس حصرياً أن يكون نبينا بين أظهرنا ، بل هو للأمة من بعده ما بقيت على عهد نبيها متمسكة بكتاب ربها
وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام " بشر هذه الأمة بالتيسير والسناء والرفعة بالدين والتمكين في البلاد والنصر فمن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب " رواه أحمد وابن حبان في صحيحه *- إذا كان ذلك كذلك ، إذا لما ذا هنَّا ؟ العالم لا يأبه لنا ، بل أصبحنا الرقم الذي ليس له قيمة في علم اليوم ، وكما يقال صفر على الشمال
*- ما السبب يا ترى ؟ السبب هو البعد عن الرب المعبود والرغبة عن هدي النبي المتبوع صلوات ربي وسلامه عليه ، نحن كلنا ينطق بلسانه هذه الكلمة الطيبة ، وهي أعظم كلمة في الوجود والتي لا يقبل من كافر اسلامه إلا بعد أن يأتي بها بشطريها وهذه الكلمة " هي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ، فو أن كافرا شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولم يأت بالشطر الثاني لا يقبل اسلامه
ويقاس علينا نحن أيضاً ولكن بأعمالنا ، أعني بذلك أن الشطر الأول يفيد الاخلاص ومعناه " أن لا معبود بحق إلا الله ، ولا نعبد إلا الله ، ولا نعبد الله إلا بما شرع الله
والشطر الثاني يفيد المتابعة ، أي بما أنه لا معبود بحق إلا الله ، فإنه لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكل الطرق مهما عظمت وكثرت فهي طرق شيطان وضلال إلا ما كان عليه هدي النبي العدنان عليه أفضل الصلاة والسلام ، هذا ما بينه لنا خير الأنام برسم رسمه لنا بيده الطاهرة النقية هذا ما أخبرنا به عبد الله بن مسعود حيث قال :" خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } . رواه أحمد والنسائي وهو صحيح .
فأعمالنا مهما عظمت وكبرت وأشير إليها بالبنان لا تقبل عند الرب المعبود إلا إذا توفر فيها شرطان ، إخلاص لله تعالى ومتابعة لهدي النبي العدنان
*- فنحن أعزاء بديننا ، باتباع هدي نبينا ، فلما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ، كما قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد " تالله ! ما عَدَا عليك العدوُّ إلا بعد أن تَوَلَّى عنك الوَلِيُّ، فلا تظنّ أن الشيطان غَلَبَ ولكن الحافظ أَعْرَض "
*- كانت هذه الأمة عظيمة وهي متمسكة بكتاب ربها جل وعلا ، كانت عزيزة وهي على عهد وهدي نبيها فلما رغبت عنهما وابتغت العزة في غيرهما هانت وذلت .
فمثال الأول متمثل بقوله عليه الصلاة والسلام " أبشروا أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا " رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد
والمثال الثاني متمثل بقوله أيضاً عليه الصلاة والسلام " ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم " صحيح الجامع
فلما غيروا غير الله عليهم جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد .
*- عباد الله فما هو واجبنا معشر المسلمين نحو رسول رب العالمين الذي أرسله الله نورا وهدى للعالمين ؟
هل واجبنا نحوه بإقامة المهرجنات تأييداً ونصرة له صلى الله عليه وسلم ؟ أو الخروج بالمسيرات والمظاهرات للشجب والتنديد لما يَقدُم إليه أعداء الله وأعداء نبيه من رسومات وصور مشينة بحقه عليه الصلاة والسلام ؟ لا والله ليس هذا هو الواجب بل ما هذا إلا عبارة عن سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء
*- الواجب أولاً محبته صلى الله عليه وسلم في كل مكان وفي كل زمان وعلى جميع المستويات ، محبة أكثر من المال والنفس والأهل والولد والناس أجمعين لقول رسول رب العالمين " و الذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " رواه البخاري ومسلم عن أنس .
وقال أيضاً " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار " . متفق عليه عن أنس.
*-السؤال الآن كيف تكون هذه المحبة ؟ ومن المحب حقا وصدقا للرسول eفأدعياء السنة كثيرون والعاملون بها قليلون ، فمن هم المحبون حقا وكيف تكون المحبة ؟ هل هم الذين يخرجون بالمظاهرات والمسيرات تأييدا له e ؟ أم هم الذين يحتفلون بمولده كل عام بالطبل والرقص وأكل الحلوى ؟ وهل هم الذين يحتفلون بإسرائه ومعراجه وهجرته إلى غير ذلك ؟ .
هل هم هؤلاء يا عباد الله ؟ الجواب لا ولو كان هذا خيرا لفعله الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين الذين أحبوا محمداً أكثر من أنفسهم ، ولم تعرف الأرض أحداً أحبَّ أحداً كحب أصحاب محمد محمدا ، فدوه بكل ما يملكون بكل غال ونفيس .
كانوا يحبون ما يحبه ويكرهون ما يكرهه ويعافه حتى في خصوصيات الأمور ، في الطعام والشراب والملبس ، فهذا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ لم يكن يأكل الدباء – القرع – قال أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ ، فَذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَرَّبَ خُبْزَ شَعِيرٍ ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ يَوْمِئِذٍ " . رواه أحمد وهو صحيح
وهذا جابر رضي الله عنه يقول " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأدم فقالوا ما عندنا إلا الخل فدعا به فجعل يأكل به ويقول نعم الإدام الخل نعم الإدام الخل نعم الإدام الخل قال جابر فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم
وهذا أبو أيوب الأنصارى يحدثنا عنه مولاه أفلح قال : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في السفل ، وأبو أيوب في العلو ، قال : فانتبه أبو أيوب ليلة ، فقال : نمشي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فتنحوا فباتوا في جانب ، ثم قال للنبى صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : السفل أرفق ، فقال : لا أعلو سقيفة أنت تحتها ، فتحول النبي صلى الله عليه وسلم في العلو ، وأبو أيوب في السفل ، فكان يصنع للنبى صلى الله عليه وسلم طعاما ، فإذا جئ به إليه ، سأل عن موضع أصابعه ، فيتتبع موضع أصابعه ، فصنع له طعاما فيه ثوم ، فلما رد إليه ، سأل عن موضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم . فقيل له : لم يأكل ، ففزع ، وصعد إليه ، فقال : أحرام هو ؟ فقال النبي صلى اللة عليه وسلم : لا ، ولكني أكرهه ، قال : فاني أكره ما تكرهه أو ما كرهت ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه الوحي ) حسن انظر الارواء . فما أكل أبو أيوب الثوم بعد ذلك أبدا .
*- ابن عمر قلد النبي بكل شيء حتى وصل به الحال أنه إذا كان في سفر يتتبع الأماكن التي كان رسول الله يقضي حاجته فيها فيقضي فيها حاجته
*- أبو بكر الصديق يقول " لستُ تاركا شيئا كان رسول الله يعمل به إلا عملتُ به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ " رواه البخاري ومسلم.
*- إذن المحبة تكمن في الاتباع وليس في الابتداع ، والمحبة تكمن في الاستمساك بهدي النبي العدنان قولاً وعملاً بالجوارح لا بالادعاء ، قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31
*- ابراهيم عليه السلام قال " فمن تبعني فإنه منه " وهذا هو حال لسان محمد القائل " فمن رغب عن سنتي فليس مني " رواه البخاري .
*- الواجب الثاني اتجاه نبينا e هو طاعته في كل زمان ومكان وفي كل الأمور فمن فعل ذلك اهتدى إلى طريق النصر والتمكين في الدنيا وإلى جنة النعيم في الاخرة ، قال الكبير المتعال { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } النور
وقال أيضاً { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } التحريم8
وقال أيضاً { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }النساء13 ... وقال عليه الصلاة السلام " من أطاعني دخل الجنة " رواه البخاري
*- ومن أبى الطاعة وأصر على المخالفة كان عليه الوبال والهلاك والدمار وتسليط الأعداء في الدنيا ، والويل والثبور والعذاب في الاخرة ، قال تعالى { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63 وقال أيضاً {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }النساء
14 قال ابن مسعود " ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم " رواه مسلم .
ففي طاعته الهدى والتوفيق ، وفي مخالفته الهلاك والدمار ، جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :
( جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلا فاضربوا له مثلا فقالوا : مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيه مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا : أولوها يفقهها فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا فالدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم فمن أطاع محمدا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله ومن عصى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس ) أخرجه البخاري .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في منهاج السنة " فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي مدار السعادة وجودا وعدما وهي الفارقة بين أهل الجنة والنار ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس " .
أقول أن من جعل محمداً أمامه قاده إلى الجنة فهو أول من سيقعقع حلقة باب الجنة وهو أول من سيدخلها بإذن ربه ، ومن جعله خلفه – أي قدم قولاً أو فعلاً على قوله e وفعله - سيق إلى النار والعياذ بالله حاله كحال القرآن الذي جاء في حقه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار " رواه ابن حبان في صحيحه ، فالقرآن من عند الله والنبي هو المترجم الحقيقي للقرآن قولاً وعملاً وإقرارا
*- فمن سيق إلى النار فكيف تكون حالته ؟ هناك وهو يتقلب في النار يندم ندماً شددياً ليس بعد ندم ، ويأخذه البكاء حتى أنه ليبكي بدل الدموع الدم ، وهو في النار ماذا يقول ، لنستمع لما أخبرنا به الرب المعبود { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } الاحزاب ،
من أجل ذلك ينادي علينا ربنا بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }الأنفال20 فمن تولى تولى الله عنه جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد
*- الواجب الثالث نحو نبينا أن نستجيب له إذا دعانا لما يحينا ، قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } الأنفال24 ، لأن النبي ما ترك شيئاً فيه خير لديننا ودنيانا إلا وبينه لنا ، ولم يترك شيئاً فيه شر لديننا ودنيانا إلا وحذرنا منه وهو القائل عليه الصلاة والسلام : " والذي نفسي بيده ما تركت شيئا يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به وما تركت شيئا يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا نهيتكم عنه " الصحيحة
*- الرسول يدعونا لما يحيينا في الدنيا والاخرة وذلك متمثل بقوله تعالى { َفمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } طه
والشيطان يدعونا أيضاً ولكن يدعونا لما يميتنا في الدنيا والاخرة وذلك متمثل بقوله تعالى { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } طه
*- الان هيا بنا سوياً لنرى لمن استجبنا لله والرسول أم للشيطان و الهوى ؟
الرسول أمرنا بالخط المستقيم ، وبالصراط القويم ، وقال هذا سبيل الله ، وأمرنا بالجماعة التي هو عليها واصحابه ، والشيطان دعانا إلى الطرق المعوجة وإلى التمزق والتشرذم والتحزب إلى من استجبنا ؟!!
قال عليه الصلاة والسلام " يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل يا رسول الله فمن قلة يومئذ قال لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت " رواه أحمد وأبو داود عن ثوبان وصححه الالباني انظر صحيح الجامع.
نحن أصبحنا في هذه الأيام عبارة عن قالب حلوى أو قطعة لحم الكل يريد أن ينهش منها ، أصبحنا كالكرة في يد أعدائنا يتقاذفونها حيث يشاؤون
*- لماذا هنا على الأمم يا ترى ؟ لماذا العالم الغربي لا يأبه لنا ؟ يصورون نبينا بصور مشينة ، يهاجمو ديننا ويسخرون منه ، نحن بنظرهم لا شيء ، علما أن نبينا عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن هذه الأمة منصورة بالرعب من مسيرة شهر للحديث " ونصرت بالرعب مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي " رواه أحمد وهو حسن
وهذا ليس حصرياً أن يكون نبينا بين أظهرنا ، بل هو للأمة من بعده ما بقيت على عهد نبيها متمسكة بكتاب ربها
وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام " بشر هذه الأمة بالتيسير والسناء والرفعة بالدين والتمكين في البلاد والنصر فمن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب " رواه أحمد وابن حبان في صحيحه *- إذا كان ذلك كذلك ، إذا لما ذا هنَّا ؟ العالم لا يأبه لنا ، بل أصبحنا الرقم الذي ليس له قيمة في علم اليوم ، وكما يقال صفر على الشمال
*- ما السبب يا ترى ؟ السبب هو البعد عن الرب المعبود والرغبة عن هدي النبي المتبوع صلوات ربي وسلامه عليه ، نحن كلنا ينطق بلسانه هذه الكلمة الطيبة ، وهي أعظم كلمة في الوجود والتي لا يقبل من كافر اسلامه إلا بعد أن يأتي بها بشطريها وهذه الكلمة " هي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ، فو أن كافرا شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولم يأت بالشطر الثاني لا يقبل اسلامه
ويقاس علينا نحن أيضاً ولكن بأعمالنا ، أعني بذلك أن الشطر الأول يفيد الاخلاص ومعناه " أن لا معبود بحق إلا الله ، ولا نعبد إلا الله ، ولا نعبد الله إلا بما شرع الله
والشطر الثاني يفيد المتابعة ، أي بما أنه لا معبود بحق إلا الله ، فإنه لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكل الطرق مهما عظمت وكثرت فهي طرق شيطان وضلال إلا ما كان عليه هدي النبي العدنان عليه أفضل الصلاة والسلام ، هذا ما بينه لنا خير الأنام برسم رسمه لنا بيده الطاهرة النقية هذا ما أخبرنا به عبد الله بن مسعود حيث قال :" خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } . رواه أحمد والنسائي وهو صحيح .
فأعمالنا مهما عظمت وكبرت وأشير إليها بالبنان لا تقبل عند الرب المعبود إلا إذا توفر فيها شرطان ، إخلاص لله تعالى ومتابعة لهدي النبي العدنان
*- فنحن أعزاء بديننا ، باتباع هدي نبينا ، فلما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ، كما قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد " تالله ! ما عَدَا عليك العدوُّ إلا بعد أن تَوَلَّى عنك الوَلِيُّ، فلا تظنّ أن الشيطان غَلَبَ ولكن الحافظ أَعْرَض "
*- كانت هذه الأمة عظيمة وهي متمسكة بكتاب ربها جل وعلا ، كانت عزيزة وهي على عهد وهدي نبيها فلما رغبت عنهما وابتغت العزة في غيرهما هانت وذلت .
فمثال الأول متمثل بقوله عليه الصلاة والسلام " أبشروا أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا " رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد
والمثال الثاني متمثل بقوله أيضاً عليه الصلاة والسلام " ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم " صحيح الجامع
فلما غيروا غير الله عليهم جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد .
*- عباد الله فما هو واجبنا معشر المسلمين نحو رسول رب العالمين الذي أرسله الله نورا وهدى للعالمين ؟
هل واجبنا نحوه بإقامة المهرجنات تأييداً ونصرة له صلى الله عليه وسلم ؟ أو الخروج بالمسيرات والمظاهرات للشجب والتنديد لما يَقدُم إليه أعداء الله وأعداء نبيه من رسومات وصور مشينة بحقه عليه الصلاة والسلام ؟ لا والله ليس هذا هو الواجب بل ما هذا إلا عبارة عن سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء
*- الواجب أولاً محبته صلى الله عليه وسلم في كل مكان وفي كل زمان وعلى جميع المستويات ، محبة أكثر من المال والنفس والأهل والولد والناس أجمعين لقول رسول رب العالمين " و الذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " رواه البخاري ومسلم عن أنس .
وقال أيضاً " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار " . متفق عليه عن أنس.
*-السؤال الآن كيف تكون هذه المحبة ؟ ومن المحب حقا وصدقا للرسول eفأدعياء السنة كثيرون والعاملون بها قليلون ، فمن هم المحبون حقا وكيف تكون المحبة ؟ هل هم الذين يخرجون بالمظاهرات والمسيرات تأييدا له e ؟ أم هم الذين يحتفلون بمولده كل عام بالطبل والرقص وأكل الحلوى ؟ وهل هم الذين يحتفلون بإسرائه ومعراجه وهجرته إلى غير ذلك ؟ .
هل هم هؤلاء يا عباد الله ؟ الجواب لا ولو كان هذا خيرا لفعله الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين الذين أحبوا محمداً أكثر من أنفسهم ، ولم تعرف الأرض أحداً أحبَّ أحداً كحب أصحاب محمد محمدا ، فدوه بكل ما يملكون بكل غال ونفيس .
كانوا يحبون ما يحبه ويكرهون ما يكرهه ويعافه حتى في خصوصيات الأمور ، في الطعام والشراب والملبس ، فهذا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ لم يكن يأكل الدباء – القرع – قال أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ ، فَذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَرَّبَ خُبْزَ شَعِيرٍ ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ يَوْمِئِذٍ " . رواه أحمد وهو صحيح
وهذا جابر رضي الله عنه يقول " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأدم فقالوا ما عندنا إلا الخل فدعا به فجعل يأكل به ويقول نعم الإدام الخل نعم الإدام الخل نعم الإدام الخل قال جابر فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم
وهذا أبو أيوب الأنصارى يحدثنا عنه مولاه أفلح قال : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في السفل ، وأبو أيوب في العلو ، قال : فانتبه أبو أيوب ليلة ، فقال : نمشي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فتنحوا فباتوا في جانب ، ثم قال للنبى صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : السفل أرفق ، فقال : لا أعلو سقيفة أنت تحتها ، فتحول النبي صلى الله عليه وسلم في العلو ، وأبو أيوب في السفل ، فكان يصنع للنبى صلى الله عليه وسلم طعاما ، فإذا جئ به إليه ، سأل عن موضع أصابعه ، فيتتبع موضع أصابعه ، فصنع له طعاما فيه ثوم ، فلما رد إليه ، سأل عن موضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم . فقيل له : لم يأكل ، ففزع ، وصعد إليه ، فقال : أحرام هو ؟ فقال النبي صلى اللة عليه وسلم : لا ، ولكني أكرهه ، قال : فاني أكره ما تكرهه أو ما كرهت ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه الوحي ) حسن انظر الارواء . فما أكل أبو أيوب الثوم بعد ذلك أبدا .
*- ابن عمر قلد النبي بكل شيء حتى وصل به الحال أنه إذا كان في سفر يتتبع الأماكن التي كان رسول الله يقضي حاجته فيها فيقضي فيها حاجته
*- أبو بكر الصديق يقول " لستُ تاركا شيئا كان رسول الله يعمل به إلا عملتُ به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ " رواه البخاري ومسلم.
*- إذن المحبة تكمن في الاتباع وليس في الابتداع ، والمحبة تكمن في الاستمساك بهدي النبي العدنان قولاً وعملاً بالجوارح لا بالادعاء ، قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31
*- ابراهيم عليه السلام قال " فمن تبعني فإنه منه " وهذا هو حال لسان محمد القائل " فمن رغب عن سنتي فليس مني " رواه البخاري .
*- الواجب الثاني اتجاه نبينا e هو طاعته في كل زمان ومكان وفي كل الأمور فمن فعل ذلك اهتدى إلى طريق النصر والتمكين في الدنيا وإلى جنة النعيم في الاخرة ، قال الكبير المتعال { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } النور
وقال أيضاً { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } التحريم8
وقال أيضاً { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }النساء13 ... وقال عليه الصلاة السلام " من أطاعني دخل الجنة " رواه البخاري
*- ومن أبى الطاعة وأصر على المخالفة كان عليه الوبال والهلاك والدمار وتسليط الأعداء في الدنيا ، والويل والثبور والعذاب في الاخرة ، قال تعالى { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63 وقال أيضاً {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }النساء
14 قال ابن مسعود " ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم " رواه مسلم .
ففي طاعته الهدى والتوفيق ، وفي مخالفته الهلاك والدمار ، جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :
( جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلا فاضربوا له مثلا فقالوا : مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيه مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا : أولوها يفقهها فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا فالدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم فمن أطاع محمدا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله ومن عصى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس ) أخرجه البخاري .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في منهاج السنة " فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي مدار السعادة وجودا وعدما وهي الفارقة بين أهل الجنة والنار ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس " .
أقول أن من جعل محمداً أمامه قاده إلى الجنة فهو أول من سيقعقع حلقة باب الجنة وهو أول من سيدخلها بإذن ربه ، ومن جعله خلفه – أي قدم قولاً أو فعلاً على قوله e وفعله - سيق إلى النار والعياذ بالله حاله كحال القرآن الذي جاء في حقه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار " رواه ابن حبان في صحيحه ، فالقرآن من عند الله والنبي هو المترجم الحقيقي للقرآن قولاً وعملاً وإقرارا
*- فمن سيق إلى النار فكيف تكون حالته ؟ هناك وهو يتقلب في النار يندم ندماً شددياً ليس بعد ندم ، ويأخذه البكاء حتى أنه ليبكي بدل الدموع الدم ، وهو في النار ماذا يقول ، لنستمع لما أخبرنا به الرب المعبود { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } الاحزاب ،
من أجل ذلك ينادي علينا ربنا بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }الأنفال20 فمن تولى تولى الله عنه جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد
*- الواجب الثالث نحو نبينا أن نستجيب له إذا دعانا لما يحينا ، قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } الأنفال24 ، لأن النبي ما ترك شيئاً فيه خير لديننا ودنيانا إلا وبينه لنا ، ولم يترك شيئاً فيه شر لديننا ودنيانا إلا وحذرنا منه وهو القائل عليه الصلاة والسلام : " والذي نفسي بيده ما تركت شيئا يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا أمرتكم به وما تركت شيئا يقربكم من النار ويباعدكم عن الجنة إلا نهيتكم عنه " الصحيحة
*- الرسول يدعونا لما يحيينا في الدنيا والاخرة وذلك متمثل بقوله تعالى { َفمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } طه
والشيطان يدعونا أيضاً ولكن يدعونا لما يميتنا في الدنيا والاخرة وذلك متمثل بقوله تعالى { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } طه
*- الان هيا بنا سوياً لنرى لمن استجبنا لله والرسول أم للشيطان و الهوى ؟
الرسول أمرنا بالخط المستقيم ، وبالصراط القويم ، وقال هذا سبيل الله ، وأمرنا بالجماعة التي هو عليها واصحابه ، والشيطان دعانا إلى الطرق المعوجة وإلى التمزق والتشرذم والتحزب إلى من استجبنا ؟!!
*- الرسول دعانا إلى مخالفة الكفار وعدم الهجرة إليهم والعيش بين ظهرانيهم وعدم التشبه بهم والشيطان دعانا للتشبه بهم في أشكالنا وفي بيوتنا والهجرة إليهم ، لمن استجبنا وبمن تشبهنا ؟!! على سبيل المثال ننظر إلى حلقات الكابوريا لدى الشباب ، الرسول e نهى عن القزع وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه ، والشيطان قال لله { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ } النساء ، لمن استجبنا ؟
أقول للشباب أسألكم بالله لو أن الله تعالى خلقكم على هذا الحال أترضون بهذا ، بالطبع لا لأن القرع يتقزز من الناس وما قصة الأقرع من بني إسرائيل منكم ببعيد ، والرسول e " من كان له شعر فليكرمه " صحيح أبي داود ، قال ابن القيم في تحفة المودود " والقزع أربعة أنواع
أقول للشباب أسألكم بالله لو أن الله تعالى خلقكم على هذا الحال أترضون بهذا ، بالطبع لا لأن القرع يتقزز من الناس وما قصة الأقرع من بني إسرائيل منكم ببعيد ، والرسول e " من كان له شعر فليكرمه " صحيح أبي داود ، قال ابن القيم في تحفة المودود " والقزع أربعة أنواع
أحدها أن يحلق من رأسه مواضع من ها هنا وها هنا مأخوذ من تقزع السحاب وهو تقطعه
الثاني أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما يفعله شمامسة النصارى
الثالث أن يحلق جوانبه ويترك وسطه كما يفعله كثير من الأوباش والسفل
الرابع أن يحلق مقدمه ويترك مؤخره وهذا كله من القزع والله أعلم
*- الرسول دعانا لتحكيم شرع الله سواء في الحكم أو في المؤسسات وفي جلسة المخاتير حتى في البيوت للحديث " إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " انظر صحيح الجامع
والشيطان دعانا إلى أن نتحاكم لغير الله تعالى – لقوانين وضعية – للعرف – للعادات والتقاليد – لمن استجبنا ؟
*- الرسول دعانا إلى أكل الحلال والشيطان والهوى دعانا لأكل الربا والمحرمات لمن استجبنا ؟
*- الرسول حذرنا من التبرج والسفور وأمرنا كما أمره الله تعالى بالحجاب ن والشيطان دعانا للتبرج وزينه لنا لمن استجبنا ؟
*- الرسول دعانا لأن نعفي اللحى والشيطان دعانا لحلقها لمن استجبنا ؟
*- الرسول نهانا وحذرنا من القتل فيما بيننا بل وحتى عن رفع السلاح في وجوه إخواننا وأخبر إلى أنه من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه " رواه مسلم ،.. والشيطان أمرنا بالقتل وأن تراق الدماء لمن استجبنا ؟
*- الرسول نهانا بل وغلظ علينا في النهي من إتيان السحرة والكهنة ، والشيطان أمرنا بذلك ونحن نعلم علم اليقين أن السحرة والسحرة من صنيعه لمن استجبنا ؟
*- الرسول نهانا بل وغلظ علينا في النهي من إتيان السحرة والكهنة ، والشيطان أمرنا بذلك ونحن نعلم علم اليقين أن السحرة والسحرة من صنيعه لمن استجبنا ؟
*- الرسول أمر بالعقيقة لمن دخل إلى الدنيا للحديث " الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويسمى ويحلق رأسه " صحيح الجامع .
، والشيطان دعانا للذبح ولصنع الطعام لمن خرج من الدنيا ، فيكون موت وخراب ديار لمن استجبنا
*- الرسول أمر بوليمة للعرس " أولوم ولو بشاة " والشيطان أمر بالصالات وبمزامير الشيطان لمن استجبنا
*- الرسول نهى عن النمص - وهو إزالة شعر الحاجبين – والوصل – أي الباروكة – والوشم – وشم بالابر - ، بل وفيهم اللعنة للحديث " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والموتصلة والواشمة والموتشمة " ولعن أيضاً النامصة والمتنمصة " والشيطان أمر بتغيير خلق الله لمن استجبنا ؟
الرسول جاء ليحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث ، والشيطان أحل لنا الخبائث وحرم علينا الطيبات لمن استجبنا ؟
وهناك أشياء كثيرة لا أستطيع سردها في هذه الرسالة القصيرة وأكتفي بهذا القدر .
*- الان عباد الله ما عاقبة وما مصير من لم يستجب للرسول وخالف أمره ؟ يقول تعالى {{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص50
*- لماذا لم يستجيبوا ؟ لأنهم اتبعوا أهواءهم واتبعوا الشيطان فالشيطان نفسه يعترف بذلك في النار ، قال تعالى على لسان الشيطان {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } إبراهيم22
*- فمن استجاب لله وللرسول حفظه في الدنيا من كل سوء بل وكان الله سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، وإن سأله أعطاه ، وإن استعاذه أعاذه ، وكان الله إليه بكل خير أسرع
وفي الآخرة يمن عليه سبحانه أن يحشره مع حبيبه الذي استجاب له في الدنيا قال تعالى { {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }النساء 69 ،
فهذه هي المحبة الحقيقية وليست المحبة ادعاء باللسان ومخالفة بالجوارح والجنان
فهذه هي المحبة الحقيقية وليست المحبة ادعاء باللسان ومخالفة بالجوارح والجنان
تعصي الرسول وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع
*- أما من عصى الله ورسوله واستجاب للشيطان والهوى أضله الله في الدنيا على علم وحال بينه وبين ما يشتهيه قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } الأنفال24
قال ابن القيم في زاد الميعاد " فمن لم يستجب لله ورسوله إذا دعاه حال بينه وبين قلبه وإرادته فلا يمكنه الاستجابة بعد ذلك وقد صرح الله سبحانه بهذا في قوله : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} ( الأنعام : 110 )
وقال تعالى : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } ( الصف : 5 )
وقال تعالى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ } ( التوبة : 115 )
قال ابن القيم في زاد الميعاد " فمن لم يستجب لله ورسوله إذا دعاه حال بينه وبين قلبه وإرادته فلا يمكنه الاستجابة بعد ذلك وقد صرح الله سبحانه بهذا في قوله : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} ( الأنعام : 110 )
وقال تعالى : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } ( الصف : 5 )
وقال تعالى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ } ( التوبة : 115 )
*- وفي الاخرة يخذله الله تعالى ويتولى عنه ويوليه لشيطانه الذي استجاب له وكما تدين تدان ، فكان هذا مصيره {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }النساء
14 وهذا مصيره { وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا } النساء
14 وهذا مصيره { وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا } النساء
*- وأخيرا واجبنا أيضاً نحو نبينا أن نحافظ على الأمانة التي تركها لنا ولا نخونها قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } الأنفال
كتبه الشيخ : أحمد رزوق أبو محمود
كتبه الشيخ : أحمد رزوق أبو محمود
تعليق