
الشيخ . محمد بن إبراهيم الحمد

فقه الاعتذار

تأمل لو أنك غضبت على إنسان أخطأ في أمر, أو قصَّر في عمل,
سواء أكان صديقاً, أم ولداً, أم عاملاً, ثم زوَّرت في نفسك كلاماً طويلاً,
وأردت من خلاله أن تفرغ جام غضبك عليه,
ثم إذا قابلت هذا المخطئ أو المقصر, وبدأت في الكلام لم تجد منه مدافعة,
بل وجدت التسليم, والاعتراف بالخطأ, والاعتذار عن التقصير؛
فماذا سيكون منك؟ هل ستواصل الكلام؟
سواء أكان صديقاً, أم ولداً, أم عاملاً, ثم زوَّرت في نفسك كلاماً طويلاً,
وأردت من خلاله أن تفرغ جام غضبك عليه,
ثم إذا قابلت هذا المخطئ أو المقصر, وبدأت في الكلام لم تجد منه مدافعة,
بل وجدت التسليم, والاعتراف بالخطأ, والاعتذار عن التقصير؛
فماذا سيكون منك؟ هل ستواصل الكلام؟
الجواب: أنك ستقتصر على القليل مما زورت في نفسك, ولن تطيل في الكلام.
بل ستحمد لصاحبك حسن اعتذاره, ولطيف استقباله للعتاب.
ولكن ما مصيرك لو أنه دافع بالباطل, ورد عليك بمثل ما قلت أو أشد؟
لا شك أن غضبك سيزيد, وأن المشكلة ستكبر.
أفدت هذه الخاطرة من مواقف عديدة،
ولعل أكثرها تأثيراً ما أفدته من طالبٍ مشاغب؛

فقد كنت في سنةٍ من السنوات وكيلاً للقسم الثانوي في المعهد العلمي في محافظة الزلفي،
وكان من بين الطلاب طالبٌ مزعجٌ تأتينا الشكاوى منه بين الفينة والأخرى؛
فتارةً يُقَصِّر في أداء واجباته، وتارةً يتغيب بدون عذر،
وتارةً يحصل بينه وبين أحد زملائه مشادة، وتارةً يشاكس معلميه وهكذا...

وإذا أُحضر للمساءلة، أو العقاب، أو العتاب _ بادر باللطف، والاعتراف،
والاعتذار؛ فمرةً يعد بأن تكون الأخيرة، وثانيةً يقول: أنتم الآباء، ونحن
الأبناء، وثالثةً يقول: إن عاقبتم فبعدل، وإن عفوتم فبفضل، ورابعةً يقول:
اطووا قيدي؛ فأنا لا أستحق الدراسة عندكم، وخامسةً يقول: أنا سأترك
الدراسة من نفسي؛ لأنني خجلت من كثرة المطل في المواعيد، ولكن أمي
مريضة في السكر، والضغط _وهو صادقٌ في ذلك_ فأخشى إذا رأتني وقد
فُصلت من الدراسة أن يتضاعف مرضها؛ فأنتم وما ترون.
وهكذا استمر على هذا المنوال، ونحن وهو في شدٍّ وجذب حتى أنهى دراسته في المعهد.

تُرى لو كان هذا الطالب _ومن على شاكلته_ إذا أساء أصرَّ،
و عاند، وكابر هل سيطاق منه ما يصدر عنه؟
ولعل أكثرها تأثيراً ما أفدته من طالبٍ مشاغب؛

فقد كنت في سنةٍ من السنوات وكيلاً للقسم الثانوي في المعهد العلمي في محافظة الزلفي،
وكان من بين الطلاب طالبٌ مزعجٌ تأتينا الشكاوى منه بين الفينة والأخرى؛
فتارةً يُقَصِّر في أداء واجباته، وتارةً يتغيب بدون عذر،
وتارةً يحصل بينه وبين أحد زملائه مشادة، وتارةً يشاكس معلميه وهكذا...

وإذا أُحضر للمساءلة، أو العقاب، أو العتاب _ بادر باللطف، والاعتراف،
والاعتذار؛ فمرةً يعد بأن تكون الأخيرة، وثانيةً يقول: أنتم الآباء، ونحن
الأبناء، وثالثةً يقول: إن عاقبتم فبعدل، وإن عفوتم فبفضل، ورابعةً يقول:
اطووا قيدي؛ فأنا لا أستحق الدراسة عندكم، وخامسةً يقول: أنا سأترك
الدراسة من نفسي؛ لأنني خجلت من كثرة المطل في المواعيد، ولكن أمي
مريضة في السكر، والضغط _وهو صادقٌ في ذلك_ فأخشى إذا رأتني وقد
فُصلت من الدراسة أن يتضاعف مرضها؛ فأنتم وما ترون.
وهكذا استمر على هذا المنوال، ونحن وهو في شدٍّ وجذب حتى أنهى دراسته في المعهد.

تُرى لو كان هذا الطالب _ومن على شاكلته_ إذا أساء أصرَّ،
و عاند، وكابر هل سيطاق منه ما يصدر عنه؟
الجواب: لا، بل سيزيد الطين بلة، والمرض علة.


إذاً ما المانع من الاعتذار حال الخطأ؟
وما الداعي لمزيد من التعاظم إذا وجه لنا لوم نستحقه؟
ولماذا لا نتقبل النقد البناء بصدر رحب, ونفس مطمئنة؛
حتى نضع أنفسنا مواضعها, ونسلم من تبعات اللجاج,
والتمادي في الباطل؛ فما نحن إلا بشر,
وما كان لبشر أن يدعي أنه لم ولن يقول إلا صواباً.

وما الداعي لمزيد من التعاظم إذا وجه لنا لوم نستحقه؟
ولماذا لا نتقبل النقد البناء بصدر رحب, ونفس مطمئنة؛
حتى نضع أنفسنا مواضعها, ونسلم من تبعات اللجاج,
والتمادي في الباطل؛ فما نحن إلا بشر,
وما كان لبشر أن يدعي أنه لم ولن يقول إلا صواباً.

وجزاكم الله خيرا



تعليق