إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإسلام بين (الإصلاح) و (الثورة) .. محاولة لضبط المفاهيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإسلام بين (الإصلاح) و (الثورة) .. محاولة لضبط المفاهيم


    جاء (ربيع الثورات العربية) بأحداثه المتتابعة ليطرح كثيراً من النقاشات والآراء حول قضايا فكرية وسياسة ترتبط بمفهوم التغيير وشرعيته ومنهجه وأهدافه.

    وفي مقدمة تلك القضايا، كان الحديث حول علاقة الإسلام بمفهوم (الثورة)، ومدى أصالة هذا المصطلح في الفكر الإسلامي، وهل عدم انتشاره في الفكر الإسلامي يعني أن الإسلام يرضى بالخنوع والظلم؟

    ابتداءً أحب أن أؤكد على أن ثمة فرقاً بين المفهوم اللغوي لـ (الثورة) والمفهوم الاصطلاحي المعاصر لها؛ لأن المفهوم اللغوي هو - بلا شك - مفهوم أصيل في لغتنا العربية، وقد ورد في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، كما تم تداوله في تراثنا الإسلامي.

    لكن مفهوم (الثورة) في العصر الحديث كما هو ثابت في العلوم الاجتماعية والسياسية المعاصرة، هو أمر لم يُعرَف في تراثنا الفكري والسياسي لأسباب سأشير إلى بعضها لاحقاً.

    لقد جرى استخدام عدة مصطلحات في ثقافتنا الإسلامية للدلالة على معانٍ مشتركة في ما بينها من جهة ومشتركة بصورة مَّا مع مفهوم (الثورة) في العصر الحديث من جهة أخرى؛ فتم استخدام مصطلحات (التغيير) (الإصلاح) (التجديد) (التعمير).

    لكن المصطلح الذي وُصِف به الغرض من رسالات الرسل هو (الإصلاح). ولذلك اخترت أن أقابل بينه وبين مصطلح (الثورة).

    مفهوم (الإصلاح):

    جاء في المعجم الوسيط: (صلَحَ يصلُح صَلاَحاً وصُلُوحاً: زال عنه الفساد، وصلح الشيءُ: كان نافعاً أو مناسباً. وأصلحَ في عمله أو أمره: أتى بما هو صالح نافع، وأصلحَ الشيءَ: أزال فسادَه)
    [1].
    وقد وردت مادة (ص ل ح) في القرآن الكريم بتصاريف متعددة، منها قوله - تعالى - على لسان نبي الله شعيب مخاطِباً قومَه:
    {إنْ أُرِيدُ إلاَّ الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]، وقوله - تعالى -: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [البقرة: 25]، وقوله - تعالى -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ} [البقرة: 220]، {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا} [الأعراف: 56]، {إنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِـحِينَ} [الأعراف: 196]، {إنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْـمُفْسِدِينَ} [يونس: 81].
    مفهوم (الثورة):

    جاء في (لسان العرب): ( ثار الشيء ثَوْراً وثؤوراً وثوراناً وتثوَّر: هاج، والثائر: الغضبان، ويقال للغضبان أهيج ما يكون: قد ثار ثائرة وفار فائرة، إذا غضب وهاج غضبه. وثار إليه: وثب. ويقال: انتظر حتى تسكن الثورة وهي الهيج، وثار الدخان والغبار وغيرهما: ظهر وسطع)
    [2].
    وجاء في (المصباح المنير): (ثار الغبار: هاج، ومنه قيل للفتنة: ثارت وأثارها العدو، وثار الغضب: احتد، وثار إلى الشر: نهض، وأثاروا الأرض: عمروها بالفلاحة والزراعة)
    [3].
    وجاء في (المعجم الوسيط): (ثارَ يثُور ثَوَرَاناً وثَوْراً وثَوْرةً: هاجَ وانتشر. وأثارَه إثارةً وإثاراً: هيَّجه ونشرَه، وفي التنزيل العزيز:
    {فَالْـمُغِيرَاتِ صُبْحاً 3 فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} [العاديات: 3 - 4]، وأثارَ الأرضَ: حرثها للزراعة، وفي التنزيل العزيز: {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا} [الروم: 9]. ويقال: أثارَ الأمرَ: بحثَه واستقصاه. وفي الأثر: «أثيروا القرآن؛ فإن فيه خيرَ الأولين والآخرين»[4].
    أما (المعجم الفلسفي) لمجمع اللغة العربية بالقاهرة فعرَّف (الثورة) بأنها: (نقطة تحوُّل في حياة المجتمع لقلب النظام البالي وإحلال نظام تقدمي جديد محلَّه، وهي بهذا تتميز من الانقلاب الذي يتلخص في نقل السلطة من يد لأخرى)
    [5].
    وفي (المعجم الفلسفي) لجميل صليبا جاء: (الثورة تغيير جوهري في أوضاع المجتمع لا تتبع فيه طرق دستورية.. والثورة مقابلة للتطور: فهي سريعة وهو بطيء، وهي تحوُّل مفاجئ وهو تبدُّل تدريجي)
    [6].
    ونحن نلاحظ من خلال هذه التعريفات لمفهومي (الإصلاح) و (الثورة) أمرين مهمين:

    الأول: أن مفهوم (الإصلاح) يفيد زوالَ الفساد والتحوُّلَ للأفضل، ويشير إلى معنى التدرُّج في التغيير؛ بينما مفهوم الثورة يرتبط بالهياج والانتشار والفجائية والتغيير الجذري. كما أن (الإصلاح) في المفهوم الإسلامي يبدأ متصاعداً بالفرد ومن داخل النفس، لينتهي بالمجتمع والدولة:
    {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11]. بينما مفهوم (الثورة) يتجه إلى تغيير النظام السياسي.
    الثاني: أن (رسالات الرسل وصفت بأنها (إصلاح) مع أنها كانت التغيير الأشمل والأعمق للواقع والفكر الذي بُعثوا فيه)
    [7]، فقد كانت تغييراً جذريّاً على مستوى العقيدة والأخلاق والمفاهيم، ومع ذلك لم توصف بأنها (ثورة)، كما جاء على لسان سيدنا شعيب: {إنْ أُرِيدُ إلاَّ الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} [هود: 88]؛ لأن هذه الدعوات على الرغم من أنها حملت تغييراً جذريّاً إلا أنها اتسمت بالتدرُّج والهدوء والمرحلية والسِّلْمِية، وهي المعاني التي لا يعرفها المعنى اللغوي للثورة فضلاً عن المعنى المعاصر لها في العلوم الغربية.
    فقد ارتبط مفهوم الثورة - خاصة في القرن العشرين - بالصراعات الدموية وأعمال العنف التي حصدت مئات الأرواح في سادية غريبة على نوع بني البشر، كما أن الفكر الماركسي - خاصة - يعتمد (العنفَ) و (التحولَ الدمويَّ) وسيلةً وحيدةً للثورة والانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، ويرفض قيام الثورة من خلال الوسائل السلمية.

    فالاشتراكية تؤكد - حسب نظريتها في (الصراع الطبقي) - أن تناقض مصالح الرأسمالية والبروليتاريا (الطبقة العاملة) يحتم الصراع بينهما، ويحتم أن تتمسك الرأسمالية بوضعها وامتيازاتها فوق البروليتاريا، فلا تجد البروليتاريا مخرجاً - مع نموها الكمي والكيفي ومع تعاظم قوَّتها وبلوغ شعورها بالصراع الطبقي ذروته - إلا بالثورة الدموية التي تحطِّم بها أغلالها.

    فيقول مفكرهم (ماو) في كتابه (قضايا الحرب والإستراتيجية): (على كل شيوعي أن يدرك هذه الحقيقة: من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية)، كما يقول في الكتاب نفسه: (وبهذا المعنى يمكننا أن نقول: إنه لا يمكن إصلاح العالم كله إلا بالبنادق)
    [8].
    وبدوره يؤكد (لينين) حتمية التحول الدموي، فيقول: (إن ديكتاتورية البروليتاريا تفترض اللجوء إلى عنف صارم لا هوادة فيه، سريع وحازم؛ بُغْية سحق مقاومة المستثمرين الرأسماليين والملاكين العقاريين وأذنابهم. ومن لم يفهم هذا، فليس بثوري وينبغي طردُه من مركزه كقائد أو كمستشار للبروليتاريا)
    [9].

  • #2
    رد: الإسلام بين (الإصلاح) و (الثورة) .. محاولة لضبط المفاهيم

    تميُّز المنهج الإسلامي:

    ينبغي أن يكون واضحاً في أذهاننا عند مقارنة المفاهيم الإسلامية بغيرها، أن المنهج الإسلامي منهج متميز ومتفرِّد عن غيره من المناهج والفلسفات، لكنه قد يلتقي مع بعضها في تقرير بعض المبادئ والأهداف؛ ومع ذلك فلا يجوز أن نصف المنهج الإسلامي ونعرِّفه بغيره من المناهج.

    فمثلاً لا يجوز أن نقول: (الرأسمالية الإسلامية) لمجرد أن الإسلام يقرر حق الملكية الفردية. ولا أن نقول: (الاشتراكية الإسلامية) لمجرد أن الإسلام يدعو إلى العدالة الاجتماعية وتقليل (لا انعدام) الفجوات بين الطبقات الاجتماعية. ولا أن نصف المنهج الإسلامي في الإصلاح والتغيير بـ (المنهج الثوري). كما تصف بعض الكتابات الآن - بعد نجاح ثورتَي (تونس ومصر) - القرآنَ الكريم بأنه (دعوة ثورية)، أو (ثورة سياسية) أو (ثورة تشريعية)!

    أقول: لا يجوز ذلك؛ لأن وصف الإسلام وإلحاقه بغيره من المناهج (الرأسمالية أو الاشتراكية أو الثورية) يقتضي التطابق التام بينه وبينها، في حين أن الإسلام منهج قائم بذاته ومتفرد ومتميز؛ ولا شك أن هذا الوصف والإلحاق يُحَمِّل الإسلامَ الصورة السلبيةَ التي تكون مطبوعة في أذهان بعض الناس عن تلك المناهج؛ وحينئذٍ فنحن نظلم الإسلام من حيث أردنا إبراز محاسنه.

    كما أنه حتى لو التقى الإسلام مع غيره في تقرير بعض المبادئ، فإنه أيضاً يكون متفرداً ومتميزاً في نظــرته لتحقيـــق تلك المبــادئ المشتـــركة؛ فمثــلاً لا يمكـن أبداً أن يكون تصور الإسلام لتقرير (الحقوق الفردية) متطابقاً مع تصور الرأسمالية لتقرير تلك الحقوق؛ ومثلُ ذلك يقال في (العدالة الاجتماعية) وفي غيرها من المبادئ.

    ثم إن الانسياق وراء كل منهج أو مصطلح ومحاولة إلصاق الإسلام به، رغبةً في مسايرة تطور الفكر البشري؛ هو أمر ينمُّ بصورة ما عن حالة من الانهزامية الثقافية، وفقدان الثقة بالنفس وبأصالة المنهج الرباني الذي نؤمن به.

    الإصلاح الإسلامي... تواصل لا انقطاع:

    الأمر المهم الذي لا يلتفت إليه الكثيرون في تفسير أن مفهوم (الثورة) لم يكن شائعاً في التراث الإسلامي ولا في أدبياتنا الفكرية والسياسية، هو أن (الثورة) - كما أشرنا - تعني مرحلةً مغايرةً لما كان قائماً، وانقطاعاً تامّاً عما كان موجوداً، وهذا الانقطاع لا يعني تغيير النظام الحاكم فقط، بل تغيير القيم والمفاهيم والأفكار السائدة التي ثار الناس في وجودها.

    ففي الغرب ثار الناس على سلطة الكنيسة، لكنهم مع الثورة أعطوا ظهورهم للدين نفسه وليس فقط لسلطة الكهنة، ومن هنا نشأت (العَلمانية).

    كما ثار الناس أيضاً على الإقطاع، فمزقوا (الملكية الفردية) وما تستصحبه من مفاهيمَ وأفكارٍ، وكانت الشيوعية والماركسية في الدين والاقتصاد والاجتماع.

    وهكذا مع كل ثورة يتم التنكر التام ليس فقط للنظم الحاكمة؛ بل للقيم والأفكار التي يعتبر الثوار أنها هي التي قامت عليها النظم السياسية التي ثاروا عليها.

    وهذا الأمر المهم لم يكن موجوداً أبداً في تاريخنا الإسلامي؛ فلم يحدث قط أن ثار الناس على حاكم، أو بتعبير التراث الإسلامي: خرجوا عليه، أو خلعوا بيعته من أعناقهم. لم يحدث أبداً أن كان هذا مقترناً بالخروج على القيم والمفاهيم الإسلامية، مع أن الحكام الظالمين الذين تسببوا في خروج الناس عليهم، كانوا يتمسحون في الإسلام ويزعمون أنهم يستمدون سلطانهم من القيام عليه وحراسته.

    فالمسلمون كانوا يفرقون بين سلوك الحاكم الظالم وبين الإسلام؛ لأنهم يعتقدون اعتقاداً جازماً أن الإسلام يتبرأ من الظلم أيّاً كان فاعله ومرتكبه، وأنه ليس من الصواب أن نُحَمِّل الإسلام خطأ بعض أتباعه حتى لو كانوا حكاماً.

    ولذلك عُرفت في تراثنا مفاهيمُ الإصلاح والتغيير والتجديد ولم يُعرف مفهوم الثورة. فقد كان الإصلاح الإسلامي فعلاً متواصلاً ومستمرّاً مع القيم التي حاد عنها بعض الحكام.

    ومن هنا، فالذين خرجوا - مثلاً - في ثورة 25 يناير في مصر، وتصوروا أن نجاح الثورة يعطي لهم الحق في أن يطرحوا على المجتمع المصري إعادة النظر في هويته الإسلامية ويباعدوا بينه وبين قيمه الإسلامية (كما دعا بعضهم وما يزال إلى حذف المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع) هم مخطئون وواهمون.

    فالجماهير التي خرجت تعلن رفضها لحسني مبارك، لم يخطر ببالها أن ذلك يعني رفضها لنظام القيم والمفاهيم القائم أيام حسني مبارك. كما لم يخطر ببالها أن الثورة المصرية ثورة عَلمانية كما يزعم بعض الناس حين يقول: إنها ثورة لم ترتبط بالدين! لأنه لا يمكن أن نتصور أن الاكتفاء برفع شعارات ومطالب اقتصادية وسياسية، يعني إعادة النظر في الهوية المستقرة في أعماق المجتمع منذ قرون.

    وأبلغ رد على الذين يحاولون (علمنة الثورة المصرية) وإبعادها عن الدين، أن يدركوا: لماذا كانت الجماهير تحتشد يوم الجمعة؟ ولماذا كانت المساجد الكبرى هي نقطة الانطلاق؟ إن هذا الأمر رغم دلالته الرمزية لهو خير دليل على إسلامية وهوية المجتمع المصري حتى لو لم يرفع ذلك في شعارات أثناء الثورة، فقد كان ذلك أمراً واضحاً لا يحتاج إلى دليل.

    دَرْءُ المفسدة وفِقْه الموازنات:

    أما الذين يزعمون أن عدم وجود مفهوم الثورة (بالمعنى المعروف الآن) في تراثنا الإسلامي، يعني أن الإسلام يرضى بالخنوع والظلم، فنقول لهم بإيجاز: إن سببَ تفضيلِ الأمة الإسلامية وخيريتِها، أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر كما قال الله - تعالى -: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]. ولذلك جاء في الحديث عن ابن عباس أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ»[10].

    وهذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث النبوية هي الحاكمة في هذا الباب، وينبغي أن تُردَّ إليها الأقوال المتعارضة التي وردت عن الفقهاء بشأن الخروج على الحاكم؛ لأن النصوص إذا احتملت آراءً تبدو متعارضةً فينبغي أن يُحمَل المتشابه منها على المُحْكَم، والظني على القطعي، كما هو معروف في منهج الجمع بين النصوص المتعارضة.

    كما أن اختلاف الفقهاء في مسألة الخروج على الحاكم كان مبنيّاً على (سد الذرائع) خشية وقوع فتنة أشد، وعلى الاختلاف في تقدير المصلحة والمفسدة في ما يسمى (فقه الموازنات)[11].

    تلك كانت محاولة موجزة لضبط المفاهيم وتوضيح جانب مهم من تراثنا الفكري والسياسي، قد يشغب عليه البعض أو ينساق وراء شعارات براقة، فيظلم ثقافتنا وتاريخنا، وقبل ذلك يظلم نفسه.




    [1] ص: 520، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ط4، 2004م.
    [2] ابن منظور، 4/ 109، دار المعارف.
    [3] المصباح المنير للفيومي، ص: 121، المطبعة الأميرية بالقاهرة، ط5، 1922م.
    [4] ص: 102، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ط4، 2004م.
    [5] ص: 58، ط مجمع اللغة العربية، 1983م.
    [6] جـ1 ص 381، دار الكتاب اللبناني، 1982م.
    [7] مقال: (الثورة) د. محمد عمارة، مجلة (التبيان)، عدد 82، ص: 17.
    [8] نقلاً عن (تجربتي مع الماركسية) د. طارق حجي، ط1، 1983.
    [9] نقلاً عن: (أزمة الحرية في عالمنا) لخالد محمد خالد، ص: 191، ط1، 1964م.
    [10] حسنه الألباني في صحيح الجامع.
    [11] خلص د. محمد عمارة إلى أن (الآراء التي تدعو إلى طاعة أمراء الجور، قد خلط أصحابها - في قراءتهم للأحاديث النبوية التي دعت إلى طاعة الأمراء - بين طاعة (أمراء القتال) في الحرب وبين طاعة الولاة. ولقد تمت اجتهاداتهم هذه في عصور تهددت فيها الأخطارُ الخارجية وجودَ الأمة ووحدتها، فوازنوا بين محاسن الطاعة ومفاسد التغيير بالفتنة والقتال)، المصدر السابق.


    تعليق

    يعمل...
    X