إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفتي الفضائيات هل من ضابط؟! // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفتي الفضائيات هل من ضابط؟! // مفهرس










    مفتي الفضائيات هل من ضابط؟!


    د. فهد سليمان العودة









    دائما يعتمد الإسلام المنهج الوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط في كل شئونه، ولذلك ينبغي على من يتعرض للإفتاء أن يتخذ هذا المنهج دينًا حتى يكشف عن وجه الإسلام السمح، دون تفريط في ثوابت ولا افتئات على أصول.
    والتوسط: مأخوذ من الوسط ومادة: الواو، والسين، والطاء، تدل على معاني العدل والنّصف والخيرية والبينية. مقاييس اللغة 6/108.
    والوسط في الفتيا هو التوسط بين فتاوى أهل التشدد والغلو وبين أهل التساهل والتفريط، قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: "خَيْرُ النَّاسِ هَذَا النَّمَطُ الْأَوْسَطُ يَلْحَقُ بِهِمْ التَّالِي، وَيَرْجِعُ إلَيْهِمْ الْغَالِي.. ودين الله وسط بين الغالي فيه، والجافي عنه".
    وليس معنى التوسط أنه معنى من معاني التلفيق بين بعض الحق وبعض الباطل، أو المراوحة بين العزائم والرخص بالهوى وما تشتهيه النفس، بل هو السير مع الأدلة حيث سارت، والاهتداء بنورها؛ فالتوسط في الفتيا المعاصرة مشروع.
    قال تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًاقال الطبري: كما هديناكم أيّها المؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام، وبما جاءكم به من عند الله، فخصصناكم بالتوفيق لقِبلة إبراهيم وملته، وفضلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل، كذلك خصصناكم ففضَّلناكم على غيركم من أهل الأديان، بأن جعلناكم أمة وسطًا.. تفسير الطبري-(3/141).


    وقال سبحانه وتعالى: "وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ"، والآية فيها إخبار وأمر بالتوسط في الدين حتى تكون الأمة شهيدة على الناس، والنصوص كثيرة على مشروعية التوسط في كل شيء.
    معالم التوسط
    وإن كان لكل شيء معالم فمعالم التوسط في الفتيا المعاصرة ما يلي:


    1- التوازن بين النصوص والمقاصد
    من الملاحظ أن مِنَ المفتين تجاه النوازل الحادثة مَنْ يمعن النظر في النصوص والفروع، ويستهلك جهده في تحليلها، والوقوف على مفرداتها، وتحليل ألفاظها؛ ليتوصل لحكم من خلال ذلك فقط، دون النظر لفقه المقاصد.
    ومنهم من يمعن النظر إلى مقاصد الشريعة وكلياتها، وجوامع أحكامها، فيعملها دون النظر إلى النصوص الشرعية الجزئية، ثم يخرج بفتوى يعلن أنها مراد الشرع وروحه، ومن هنا نشأ التشدد والتساهل بين المدرستين، وأغريت العداوة والبغضاء بين الفريقين؛ إذ كلٌّ متمسك بطرف من الحق، والموازنة هي المخرج الحقيقي من هذا المأزق الذي يقع فيه الطرفان عبر الفضائيات.
    ومن المحال استغناء النصوص الجزئية عن الكليات، ومن أخذ بالكليات معرضًا عن الجزئيات أخطأ لا محالة، والعدل هو الأخذ بالكلي والجزئي باستصحاب الآخر.


    2- الموازنة بين المصلحة والمفسدة
    والمفتي النابه هو من يعتبر المصالح والمفاسد في فتواه، ويراعي مراتب ذلك والمعتبر في المصالح هو ما يتحقق به مقصود الشريعة، فيراعي عند المزاحمة والمشاحة تقديم الفرض على النفل في الفعل، والمحرم على المكروه في الترك.. ويتحرى تحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها قدر الإمكان، ويأمر بخير الخيرين وينهى عن شر الشرين.


    3- الموازنة بين العزائم والرخص
    هناك فرق بين رخصة الشرع التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ)، وبين رخص المذاهب الفقهية، وتوجد في أحكام الشرع العزائم، وإعمال الرخص في مجالها مقصود شرعي، والغلو في حمل الناس على العزيمة بإطلاق لا يفرق عن مذهب التحلل بتتبع الرخص دائمًا. فكلاهما مناقض لمقصود الشريعة.
    قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات: إن مراسم الشريعة إن كانت مخالفة للهوى فإنها أيضا إنما أتت لمصالح العباد في دنياهم ودينهم، والهوى ليس بمذموم إلا إذا كان مخالفًا لمراسم الشريعة، وليس كلامنا فيه، فإن كان موافقًا فليس بمذموم، ومسألتنا من هذا فإنه إذا نصب لنا الشرع سببًا لرخصة، وغلب على الظن ذلك فأعملنا مقتضاه، وعملنا بالرخصة فأين اتباع الهوى في هذا؟.
    وكما أن اتباع الرخص يحدث بسببه الخروج عن مقتضى الأمر والنهي كذلك اتباع التشديدات، وترك الأخذ بالرخص يحدث بسببه الخروج عن مقتضى الأمر والنهي، وليس أحدهما بأولى من الآخر، والمتبع للأسباب المشروعة في الرخص والعزائم سواء، فإن كانت غلبة الظن في العزائم معتبرة كذلك في الرخص، وليس أحدهما أحرى من الآخر، ومن فرق بينهما فقد خالف الإجماع".
    4- رد المتشابه إلى المحكم
    مناط اختلاف الفقهاء غالبًا راجع إلى المتشابه من النصوص، وعدم وضوح الدليل بالنسبة للواحد منهم، والناس فيها صنفان:
    الأول: رد الثابت من السنن بالمتشابه من القرآن والسنة.
    الثاني: جعل المحكم متشابهًا لتعطيل دلالته.
    والراسخون عاملون بما استبان لهم، فيؤمنون بالمتشابه، ويردونه إلى المحكم، ويأخذون من المحكم ما يفسرون به المتشابه، فتتفق الدلالات، وتتوافق النصوص، ويصدق بعضها بعضًا.
    5- الموازنة بين الغيرة على الحق ورحمة الخلق
    وهنا يلاحظ عدة أمور:
    - بعض الغيورين من المشتغلين بالدين يلزم الناس بما يراه حقًا فيما اجتهد فيه، وليس من مسائل الإجماع والقطعيات، وقصارى ما عنده هو ما عند المخالف سواء بسواء.
    - الحامل على ذلك هو باعث الغيرة، وحماية جناب الشريعة، والحرص على تمسك الناس بدينهم، والغضب لانتهاك ما يرونه من ملزمات الشريعة، وهذا نبل في المقصد، إلا أنه يجب أن يضبط بأصول الشريعة وقواعدها، بحيث لا يرتد سلبًا في قطع أواصر الأخوة وتمزيق وحدة الصف وبنيان الأمة، ونصوص الشريعة متضافرة على الأمر بالاتفاق، ونبذ الاختلاف والافتراق.
    - ومما يؤسف له استباحة أعراض العلماء في مسائل قصاراها الاجتهاد، راعى طرف فيها الأصل، وراعى الآخر الحال العارضة، وكلاهما معظِّم للنصوص ومسلم بها، لكن اختلف المأخذ عند الطرفين، فيطلق كل منهما لسانه عتبًا وسبًا وذمًا وإقصاءً باسم الغيرة على الملة وحماية جنابها.



    نقلاً عن موقع الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين
    التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 23-02-2018, 02:02 AM.





    مع تحيات ابن مصر / محمود جبريل
    ويمكنكم مشاهدة مواضيعى عبر الضغط على هذا الرابط

  • #2
    المفتى والإعلام.. مشاركة أم إحجام؟

    المفتى والإعلام.. مشاركة أم إحجام؟


    د.سلمان فهد العودة







    من المعلوم أن الوسائل الإعلامية عمومًا تنقسم قسمين:
    الأول: وسائل سليمة المضمون، سواء كانت علمية، أو دعوية، أو تربوية...إلخ، وهذه الوسائل هدفها الرئيسي هو دعوة الناس إلى دين الله، ونشر الوعي الشرعي، وتخصص أحيانًا برامج ترفيهية لا تعارض الشريعة الإسلامية في أغلبها.
    والثاني: وسائل غير خالصة المضمون، يغلب عليها اللهو غير البريء من عُري وفساد وبدع وشبهات، إلا أنها قد تخصص على خارطتها برامج للفتيا.
    وحيث إن هذه الوسائل حادثة في عصرنا؛ فالكلام فيها للمعاصرين، وقد اختلفوا على قولين، باستثناء مَن تحفَّظ لتكافؤ الأدلة عنده.
    شبهات المانعين
    القول الأول: عدم الجواز، واستدلوا بأدلة منها:
    1. أن ذلك بدعة في الدين؛ حيث إن الله عز وجل قد أتم دينه، وأكمل نعمته، والدعوة لا تكون إلا بما شرع، وهذا الصنف ليس من المنصوص عليه، ولا من المشروع.
    ونوقش: بأنها دعوى ضعيفة مناقضة لأصول الشرع وقواعده؛ فتبليغ الدين بالدعوة والفتيا من جنس الجهاد والحسبة وغيرهما، والأصل فيها النظر إلى المعنى لا أنها تعبدية محضة؛ فوسائلها لها أحكام المقاصد؛ فهي مشروعة لتأديتها مقصدًا مشروعًا.
    كما أن الشريعة حثت على العلم وتبليغه، ولم تربطه بطريقة معينة، وإنما هو حسب الوُسع والطاقة "ليبلغ الشاهد منكم الغائب" (البخاري).
    قال الشاطبي في الاعتصام: التبليغ كما لا يتقيد بكيفية معلومة؛ لأنه من قبيل المعقول المعنى، فيصح بأي شيء أمكن من الحفظ والتلقين والكتابة وغيرها، كذلك لا يتقيد حفظه عن التحريف والزيغ بكيفية دون أخرى إذا لم يعد على الأصل بإبطال، كمسألة المصحف، ولذلك أجمع عليه السلف الصالح، وأما ما سوى المصحف فالأمر فيه أسهل.
    2. قالوا: إن برامج الفضائيات مشتملة على التصوير، وهو محرم.
    ونوقش: بأن التصوير المنهي عنه في الأحاديث لا يشمل مقصودنا بالكلام، وما يظهر في الفضائيات إنما هو حبس ظل الأجسام المنعكسة على الآلة؛ فهو كالمرآة، فلا تنطبق عليه كلمة "صورة".
    ثم لو سلمنا بالتحريم، فإنه يناقش بأن تبليغ الرسالة على الوجه الأكمل متوقف على ذلك، وتركه إضعاف للبلاغ؛ فهو من باب ارتكاب أخف الضررين ودرء أعلى المفسدتين، ووسائل الإعلام أصبحت أهم محاور الاتصال في عصرنا، والشريعة لا تُبطل كل ما أعان على تبليغها بلاغًا صحيحًا، "نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ" (الترمذي).
    3. قالوا: إن المفتي يصانع من أجل طبيعة الفضائيات.
    ونوقش: بأن ذلك لا يُسلَّم به، فلو لم يخرج المفتي في الفضائيات لكان ذلك من كتم العلم، وهو مناقض لأمر الشريعة بالتبليغ بكل طريق مع انتشار المسلمين في الأرض، وقلة المفتين المؤهلين.
    ثم لو سلمنا بكتمان المفتي لبعض الحق، فليس ذلك قادحًا في أصل المشاركة؛ إذ المطلوب هو البلاغ قدر الوسع والطاقة، وما لا يقال في فضائية يقال في غيرها، والمقصود ألا ينطق بالباطل لغرض أو لآخر، وما يقال في الفضائيات من المصانعة يقال في غيرها كالمنبر أو سواه، وقدر من ذلك مطلوب لتحصيل المصلحة.
    4. قالوا: إن خروج المفتين في الفضائيات يضطر الناس إلى المحرم، وهو اقتناء الأجهزة الخاصة بها، ومشاهدة النساء صور الرجال.
    ويجاب عنه: بأنه قد عُلم لكل أحد أنه قلّ بيت إلا ودخلته هذه الأجهزة، والقول بغير هذا مجازفة، وأن مصلحة هذه البرامج غالبة على مفسدتها.
    المذهب الراجح

    القول الثاني: الجواز، وهو المذهب المعروف عند الكافة من أهل المعرفة والفقه بالشريعة، حتى لا يكاد يُعرف سواه، واستدلوا بـ:
    1. أن نصوص الشريعة متضافرة على البيان والبلاغ، دون تقييد بوسيلة، {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} (آل عمران: 187).
    2. أن الفتوى من الدعوة إلى الله، والأصل في وسائل هذا الباب الإباحة لا التوقيف؛ فكل وسيلة أفضت إلى تبليغ خير دون مفسدة راجحة فهي مشروعة، ومن هذا الباب أفتى الشيخ السعدي بجواز العمل بالبرقية، وأصوات المدافع في ثبوت الصوم والفطر.
    ومثل هذا لا يحتاج إلى فتوى، لكن لغرابته ووهل بعض النفوس منه؛ فزعوا إلى فتاوى العلماء وبياناتهم.

    والذي نراه القول الثاني، وهو الجواز، وذلك لضعف مباني ومسالك القائلين بالمنع؛ فعدم ورود النص لا يدل على المنع، خاصة لعدم الدليل الصريح، وأن المقصود يفضي إلى مصلحة معتبرة، بل الأمر يرتقي إلى الوجوب، خاصة لمن تمكن من الأئمة وتحصلت له القدرة، وتميز في هذا الميدان؛ فهي من ضرورات الحياة والحال والدعوة التي لا مجال للجدل حولها أو الاختلاف.
    إن تخلف الرأي الفقهي وحصول الجدل الأولي كان سببًا في ضعف أداء الدعاة وتأخر مشاركتهم وترددهم وسبق غيرهم لهم.
    مفسدةٌ أظهر
    أما المشاركة في وسائل الإعلام غير الخالصة المضمون، والتي تشتمل على محرم؛ فالقول في هذه المسألة كالقول في الأولى منعًا وجوازًا، إلا أن المفسدة في هذا القسم أظهر من الحالة الأولى.
    القول الأول: عدم الجواز، وحجج القائلين بعدم جواز المشاركة في هذا الصنف من الوسائل ما قال به أصحاب القسم الأول في المنع، وأضافوا:
    1. إن هذه الوسائل وضعت لتفضي إلى محرم، وليس لمباح.
    2. ظهور المرأة سافرة فيها.
    3. عدم اشتمال برامجها على هدف سامٍِ يحض على القيم.
    4. ينطبق عليها قول الله عز وجل: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (الأنعام: 68).
    5. تندرج تحت قوله –صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ" (الترمذي والنسائي).
    6. ظهور بعض الدعاة فيها هو من قبيل الحق القليل في الباطل الكثير؛ فهو سخرية بالدين، وتقليل من شأنه.
    7. ظهور الدعاة فيها يعطيها صبغة شرعية.
    القول الثاني: الجواز، وجوابهم على حجج المانعين ما يلي:
    1. القول بالتحريم لا يسلم به؛ لأنه من باب تحريم الوسائل لا المقاصد، والوسائل تباح لمصلحة راجحة، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وما حُرِّم سدًّا للذريعة أُبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من رِبا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم.
    2. قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة، كالتوسل إلى فداء الأسارى بدفع المال للكفار الذي هو محرم عليهم الانتفاع به بناءً على أنهم مخاطبون بفروع الشريعة عندنا، وكدفع مال لرجل يأكله حرامًا حتى لا يزني بامرأة إذا عجز عن دفعه عنها إلا بذلك. ووسائل الإعلام من هذا الباب. انظر القرافي (ج3/ص47).
    3. المشهور من سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- حضور مواسم الجاهلية على ما فيها من سخرية بالدين وشرك وغيره، تبليغًا للحق، وهو واقع وسائل الإعلام الآن، ومزاحمة أهل الحق لأهل الباطل من هذا القبيل.
    4. ما جاء عن عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- "أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَي ابْنُ سَلُول، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ" (البخاري).
    فإن جاز مخالطة المشركين مع ما يصاحبها من الباطل والسخرية فالمشاركة في تلك الوسائل أولى.
    5. ظهور الدعاة والمعنيين في تلك الوسائل هو تقديم للإسلام بصورته العالمية.
    6. أن كل مذهب ونِحلة تتبارى مع الأخرى في تجلية نفسها، وعرض ما لديها أمام الناس، ونكول أهل الفقه عن ذلك ليس في محله؛ فهم أولى الناس بميدان الفضائيات.
    7. الإفتاء في محافل الفضائيات يشبه إلى حد كبير الإفتاء في المحافل العامة قديمًا، والتي كان السلف يعقدون لها المجالس العامة تعليمًا وإفتاءً.
    8. أن القول بقاعدة سد الذرائع لن يطبقه إلا المخلصون من العلماء، وسيترك الميدان للمبتدعة وأصحاب الأهواء.
    9. أن معظم من يبحث المسألة ينظر إلى المفاسد العائدة على أفراد الأمة وآحادها دون النظر لمصلحة عموم الأدلة.
    وبعد ذلك أرى جواز مشاركة أهل العلم في تلك الوسائل، مع محاولة جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها.
    والأمر أقرب إلى تعيّن الوجوب على المتأهلين القادرين، فضلا عن أن الكثير من القنوات والإذاعات غلب عليها مادة رديئة؛ بسبب ضعف المادة النافعة، أو عدم وجود من يقدمها بمهنية واحتراف وذكاء، فضلا عن ميل المتلقين للهزل والترفيه، ورغبتهم عن المواد الجادة.

    موقع الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين





    مع تحيات ابن مصر / محمود جبريل
    ويمكنكم مشاهدة مواضيعى عبر الضغط على هذا الرابط

    تعليق


    • #3
      دعوة لوقف تدهور صناعة الفتوى

      دعوة لوقف تدهور صناعة الفتوى*



      الأستاذ فهمي هويدى




      هي مصادفة لا ريب، أن ينعقد في الكويت هذا الأسبوع مؤتمر حول فوضى الإفتاء، في الوقت الذي تتناقل فيه وسائل الإعلام جدلاً خارجاً من مصر بشأن إرضاع الكبير والتبرك ببول النبي عليه الصلاة والسلام وعرقه.
      وهو جدل جاء شاهداً إضافياً على أن موضوع الفتوى انفلت عياره، وغدا بحاجة ملحة إلى ضبط يعيد إلى هذه الصنعة الجليلة اعتبارها، ويوظفها فيما ينفع الناس وييسر عليهم حياتهم في طاعة الله ورضاه.
      المؤتمر دعا إليه المركز العالمي للوسطية التابع لوزارة الأوقاف الكويتية، وحضره من أنحاء العالم العربي والإسلامي ومن ممثلي الجاليات المسلمة أكثر من مائة عالم وباحث. وانطلق الجميع من مسلَّمتين؛ أولاهما حقيقة الفوضى في مجال الفتوى، التي جاء دورها في بلبلة الناس وصرف انتباههم عن قضاياهم الحياتية والمصيرية. المسلَّمة الثانية أن التطور الهائل في ثورة الاتصال له دوره الأكبر في إحداث تلك الفوضى وتعميمها ليس فقط بسبب أن تعدد وسائل الاتصال الممثلة في الفضائيات والمواقع الالكترونية جذب أعدادا من المتصدرين للإفتاء الذين لم يتمكنوا من الصناعة، ولكن أيضا لأن التنافس بين تلك الفضائيات والمواقع دفع أكثرها إلى محاولة استخدام الإثارة والتشويق لجذب أكبر عدد من المتلقين حتى لو كانت تلك الإثارة على حساب الاحتشام والحقيقة.
      لم تكن الفتاوى الشاذة أمراً جديداً، والذين تجرأوا عليها من بين قليلي العلم والأدعياء وَجَدُوا في كل زمان ومكان. لكن ما استجدَّ في المشهد هو التطور الهائل في وسائل الاتصال، الذي أصبحت أي كلمة أو صورة تنتقل إلى أرجاء الكرة الأرضية وتبلغ ملايين البشر خلال ثوان معدودة وذلك يحدث لأول مرة في التاريخ.
      بالنسبة للأرقام، فان عدد المحطات الفضائية في العالم تجاوز خمسة آلاف منها 325 محطة عربية، و868 محطة يستقبلها الوطن العربي دون تشفير، وهناك 15 قناة إسلامية تعبر عن مختلف الرؤى والاتجاهات. في الوقت ذاته ففي منطقة الشرق الأوسط أكثر من 260 ألف موقع الكتروني يتعامل مع الشأن الإسلامي. وعلى سبيل المثال، فان موقع «إسلام أون لاين» تدخله يومياً 35 فتوى غير الآراء التي تبث فيه رداً على أسئلة المتابعين في مختلف الشئون الدينية. أما موقع الشبكة الإسلامية فانه يضيف يومياً 50 فتوى وفي رصيده تتراكم إلى أكثر من 644 ألف فتوى.
      هذه المعلومات تكشف عن حجم التحدي الذي تواجهه صنعة الإفتاء، ذلك إن ثمة اقبالاً هائلاً من جانب المسلمين على محاولة الفهم والاستفتاء وتحري الحلال والحرام فيما يعيشونه ويمارسونه، إلى جانب أن هناك كثيرين من غير المسلمين أصبحوا أكثر فضولا في التعرف إلى الإسلام، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر. وهذا السيل المنهمر من الأسئلة استدعى أعدادا كبيرة من دارسي العلوم الشرعية الذين تصدوا للإفتاء وبعضهم لم يكن متمكناً في أصول الصنعة، الأمر الذي كان له دوره في إثارة الفوضى وإحداث البلبلة التي أزعجت أهل الاختصاص. فسارعوا إلى تلبية دعوة مركز الوسطية، للتداول في شأن المشكلة ومحاولة البحت عن مخرج من أزمتها.
      استأثر الجانب المتعلق بأصول صناعة الفتوى بالاهتمام الأكبر من جانب الباحثين الذين استشعروا خطراً في عدم احترام تلك الأصول التي تتعلق بالشروط الواجب توافرها في المفتي وبضوابط الإفتاء وآلياته، ودور المجامع الفقهية في ذلك. وخطر الفتاوى الشاذة، وتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحال، والفتاوى المتعلقة بأحوال الناس وتلك التي تعنى بالعمران في الأمة، ثم ظاهرة الإفتاء على الهواء ومخاطرها.. الخ.
      وكان العلامة الموريتاني الشيخ عبد الله بن بيّه هو الذي استخدم في أولى جلسات المؤتمر مصطلح «صناعة الفتوى»، قائلا في هذا الصدد، إن الصناعة عبارة عن تركيب وعمل يحتاج إلى دراسة وتفكّر. ومن ثم فهي ليست فعلاً ساذجاً ولا شكلاً بسيطاً، وإنما هو نوع من القضايا المركبة التي تقترن بمقدمات كبرى وصغرى متعلقة بالواقعة والدليل للوصول إلى نتيجة هي الفتوى.
      في الوقت ذاته، لم تخل ورقته من التنبيه إلى خطورة الفتاوى المتعجلة التي تبث على الهواء مباشرة في بعض الفضائيات والمواقع، والتذكير بالحذر الشديد الذي ظل يلتزم به الفقهاء في هذه المسألة، من الصحابة الذين كانوا يمتنعون عن الفتوى ويحيلها كل منهم إلى الآخر، والتذكير بالإمام مالك الذي استفتيَّ في أربعين مسألة، وقال في ست وثلاثين منها لا أدري.
      في ورقة قدمتها إلى المؤتمر حول قدرة الاتصالات وتأثيرها في واقع الإفتاء، قلت إن الفوضى الحاصلة على صعيد الإفتاء ليست نتيجة فقط لتعدد القنوات والمواقع الدينية، وإنما أسهمت في ذلك عوامل أخرى؛ منها غياب مرجعية متفق عليها سواء على مستوى العالم الإسلامي أو حتى على المستوى القطري، وفيها أيضاً أن كثيرين لم يعودوا يثقون بفتاوى المؤسسات الدينية لاعتقادهم أن تلك المؤسسات خاضعة للنفوذ السياسي. وهو ما دفع البعض إلى البحث عن مصدر للفتاوى خارج تلك المؤسسات، الأمر الذي فتح الباب للفوضى التي تمت بصددها، إذ أن السائلين أعرضوا عن جهات الفتوى الرسمية بسبب شبهة التأثر بمواقف الأنظمة فوقعوا في دائرة القنوات والمواقع الخاصة التي هي خارج السيطرة، وبعضها معنيٌ بالإثارة ودغدغة مشاعر الجماهير، مما أوقعها في محظورات كثيرة.
      قلت أيضاً إن فوضى الإفتاء مشكلة تحتاج إلى علاج حقاً، لكننا ينبغي ألا نرى في المشهد غير سلبياته وحدها لأن وسائل الاتصال الحديثة أدت دوراً مهماً في التبليغ. كما أنها وفرت فرصة ممتازة لإعادة الوشائج الفكرية والثقافية بين أطراف الأمة الإسلامية، وبين المسلمين في المهاجر والشتات وبين إخوانهم في أوطانهم. وفي الوقت ذاته، فإنها حين فتحت الأبواب للجميع، أبرزت التعددية في الحالة الإسلامية وأتاحت لمختلف التيارات الفكرية أن تعبر عن نفسها متجاوزة بذلك قيود المصادرة وأسوار الحصار. وفي كل الأحوال، فان هذا الإعلان عن الأفكار يظل أفضل بكثير من كتمانها أو تداولها في الظلام. ثم إن مثل ذلك الإعلان يتيح فرصة مناقشة الآراء والرد عليها، كما انه يوفر للباحثين مادة مباشرة لدراسة مختلف تجليات الظاهرة الإسلامية. من هذه الزاوية تبدو وسائل الإعلام المختلفة عبارة عن تقنيات وقنوات للتوصيل يمكن استخدامها لتحقيق أنبل الأهداف، كما يمكن توظيفها لصالح أهداف مناقضة تماماً. والأمر يتوقف على كفاءة وطبيعة الجهة التي تتعامل مع تلك الوسائل. وهو ما يدعونا إلى الاعتراف بأن الاستخدام النبيل لوسائل الاتصال الحديثة لم يستثمر امكانات تلك الوسائل على النحو المرجو، لأن التطور في تلك الوسائل أبعد وأسرع بكثير من التطور في الخطاب الإسلامي.
      خلال المناقشات التي دارت حول علاج مشكلة فوضى الإفتاء بحثت مسألة حصر الإفتاء في جهات رسمية بذاتها، أو في حملة مؤهلات بذاتها. كما نوقشت فكرة إنشاء جهاز رقابي على القنوات الفضائية. ومالت المناقشات إلى استبعاد هذه الأفكار لأن حصر الإفتاء في جهات بذاتها يشكك في خضوع تلك الجهات للأنظمة التي أنشأتها، ومن ثم يضعف الثقة بها، ورغم أن المؤهلات العلمية مهمة إلا أن ليس كل حامل شهادة جامعية في أصول الفقه يصبح مؤهلاً للإفتاء، حيث قد يكون مستوعباً للنصوص والقواعد، وغير متمكن من معرفة الواقع المحيط به أو مدرك لظروف زمانه. وحتى فكرة إنشاء جهاز رقابي لا تحل الإشكال، لأن هناك قنوات ومواقع خارج السيطرة ولا تستطيع الأجهزة الرقابية أن تبسط سلطاتها عليها بحيث تلزمها بالشروط الواجب توافرها في المفتي.
      في هذا الصدد توافق المتحدثون على أن مشكلة الفتوى يتعذر القضاء عليها تماماً. ومع ذلك فمن الممكن تخفيف أثرها ومعالجة بعض أوجه القصور التي أسهمت في صنعها. وكنت قد دعوت في ورقتي إلى إنشاء مجامع فقهية في كل بلد، تقوم بترشيد الخطاب الديني وتوعية الدعاة و(المفتين) بأهمية إدراك ظروف الزمان، فضلاً عن استيفاء الشروط المعتبرة في الإفتاء. إلى جانب ذلك، تقوم تلك المجامع بدور الحارس لتقاليد الإفتاء وشروطه، الذي ينبه أجهزة الإعلام إلى ضرورة الاستعانة في برامج الفتوى بالمتخصصين، ويكون لتلك المجامع الحق في محاسبة الذين يخلون بالقواعد المقررة في هذا الصدد.
      دعوت أيضاً إلى إعادة الاعتبار لهيبة المؤسسة الدينية، الذي يعد استقلال تلك المؤسسة من شروطه الجوهرية، وهو إحدى خانات إغلاق الباب أمام تدخل السياسة في الدنيا. ومن ثم تأثر المؤسسات الدينية بالأهواء والحسابات السياسية العارضة. وهذا الاستقلال كفيل بأن يعيد ثقة المسلمين بجهات الإفتاء الرسمية على نحو يصرفهم عن اللجوء إلى الهواة في عالم الإفتاء، وخطوة من هذا القبيل لا تحقق إلا في ظل أجواء الحرية والديمقراطية التي تكفل استقلال مؤسسات المجتمع وتعافيها، بما في ذلك المؤسسة الدينية، الأمر الذي يمكنها من أن تباشر مسؤوليتها بما يرضي الله وحده، وليس السلطات أيضا.
      في الختام، دعت توصيات المؤتمر إلى إصدار ميثاق للإفتاء تعتمده المجامع الفقهية وتلزم جهات الإفتاء ببنوده، وإصدار موسوعة شاملة للفتاوى المعاصرة لتكون مرجعاً للباحثين والدعاة. كما دعت إلى وضع منهج لتدريس الإفتاء في مختلف الجامعات الإسلامية، والى إنتاج برامج متخصصة للإفتاء الجماعي فيما يخص قضايا الأمة الكبرى. وتبنت التوصيات فكرة إنشاء معهد للفقه المعاصر، يخرّج أجيالاً من الدارسين الذين قد يسهمون في الارتفاع بمستوى الدعوة والفتوى.
      الكلام طيب لا ريب، لكننا لا نستطيع أن نعبر عن حفاوتنا به إلا حين نرى أن له نصيبا من التنفيذ، وانه أفلت من الثلاجة الشهيرة التي تحفظ فيها توصيات المؤتمرات العربية والإسلامية.




      نقلاً عن موقع الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين





      مع تحيات ابن مصر / محمود جبريل
      ويمكنكم مشاهدة مواضيعى عبر الضغط على هذا الرابط

      تعليق


      • #4
        رد: مفتي الفضائيات هل من ضابط؟!

        جزاكم الله خيرا ونفع بكم

        اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

        تعليق

        يعمل...
        X