إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    من روائع المقالات القديمة



    موت الأمم وحياتها



    محمد البشير الإبراهيمي (ت:1384هـ)



    نُشر عام 1350هـ الموافق 1934م



    إنَّ موت الأمم، وحياة الأمم لفظان مطروقان مستعملان في نصابهما من الوضع اللغوي، كموت الأرض بالقحط، وحياتها بالغيث، لا ينبو بهما ذوق ولا منطق ولا فهم، وإن معناهما لأوسع وأجل من معنى حياة الفرد، وموت الفرد، هذه حياة محدودة، وموت لا رجعة بعده إلاَّ في اليوم الآخر، وتلك حياة ممدودة الأسباب ينتابها الضعف فتعالج، ويُلِمّ بها المرض فتداوى، ويطرقها الوهن فتقوى، ويدركها الانحلال فتشد، ويعرض لها الانتقاض فترمم، وتظلم آفاقها بالجهل فتنار بالعلم.



    طالما قال القائلون عن أمتنا: إنها ماتت،

    وطالما فرح الشامتون بموتها،

    وطالما نعاها نعاة الاستعمار على مسمع منَّا، وأعلنوا البشائر بموتها في عيدهم المئوي فَعَدَّوه تشييعاً لجنازة الإسلام الذي هو مَسّاك حياة هذه الأمة في هذا الوطن، فقالوا: ماتت لا رحمها الله،

    وصدقهم ضعفاء الإيمان منَّا فقالوا: ماتت رحمها الله،

    وقلنا نحن: إنها مريضة مشفية، ولكن يرجى لها الشفاء إن حضر الطبيب، وأحسن استعمال الدواء؛ فحقق الله قولنا، وخيب أقوال المبطلين وكذب فألهم، فحضر الطبيب في حين الحاجة إليه، وأذن بالإصلاح في آذان المريض فانتفض انتفاضة تطايرت بها الأثقال، وانفصمت الأغلال، وكان من آثارها هذا اليوم الذي لا يصوره الخيال والوهم، وإنما يصوره العيان والواقع.



    فإذا بقي في الدنيا ممسوس، يكابر في المحسوس، ولا يصدق بوجود هذه الأمة، ولا يؤمن بحياتها - فقولوا له: تطلع من هذه الثنايا على قرية الحنايا، وقارن يومها بأمسها، يراجعك اليقين، ويعاودك الإيمان.



    قلنا في هذه الأمة ومازلنا نقول: إن عوارض الموت وأسبابه كلها موجودة فيها من الجهل، والفقر، والتخاذل، وفساد الأخلاق، واختلاف الرأي، وفقد القيادة الرشيدة.



    وقلنا - مع ذلك - ومازلنا نقول: إنها مرْجُوَّة الحياة ما دام مناط الرجاء فيها سالماً صحيحاً، ومناط الرجاء هو نقطة من الإيمان ما زالت لائطة بالقلوب وصِلَةٌ بالقرآن ما زالت مرعية في الألسنة، وإن هذا الرجاء معلق بخيط دقيق لا نقول إنه كخيط العنكبوت، ولكننا نقول: إنه أقوى من السلاسل الحديدية إذا أمده الاستعداد والتدبير الرشيد.



    هذه النقطة هي مبعث القوة ولو بعد حين، وهي مكمن السيادة والعزة ولو في الأخير، والسبق يعرف آخر المضمار.



    من أطوار هذه الأمة في التاريخ أن اختلف ملوكها وقادتها وساستها، وذاقت من خلافهم الشر والبلاء، واختلف علماؤها في الدين فكان خلافهم وبالاً على الأمة، وتشتيتاً لشملها، وصدعاً لجدار وحدتها، وقطعاً لما أمر الله به أن يوصل من أرحامها، ثم فَرَّ العلماء من الميدان، وتركوه للأمراء المستبدين، ثم ألقى الأمراء المقاليد في أيدي السفهاء من الأنصار والذرية والأتباع، وكل أولئك قد فعل في هذه الأمة ما لم يفعله (نيرون).



    وكل تلك الأعمال قد أثرت في أخلاق الأمة التأثير العميق، وسكت العلماء أذلة وهم صاغرون، يرون الحق مهضوماً فلا ينطقون، والمنكر فاشياً فلا يغيِّرون ولا ينكرون، وهيهات بعد أن تنازلوا عن حقهم طائعين.



    يقع ذلك كله في كل طور من الأطوار التاريخية حتى يبتلى المؤمنون، ويظنوا بالله الظنون، وإذا بذلك العرق يتحرك، وإذا بتلك الانتفاضة تعرو، وإذا بالأمة قائمة من كبوتها، تذود قادة السوء عن القيادة، وعلماء السوء عن الإمامة، وتنزل دخيل الشر بدار الغربة.



    جَرَّبنا فصحَّت التجربة، وبلونا فصدق الابتلاء، وامْتَحَنَّا فدل الامتحان على أن عرق الإيمان في قلوب هذه الأمة كعرق الذهب في المنجم كلاهما لا يبلى وإن تطاولت القرون، ثم جلونا هذا العرق في عمل ثلاثين سنة خلت فإذا خصائصه الطبيعية لم تتغير.



    هذه الأمة كَبَا بِها الزمن، وأدارها على غرائب من تصاريفه حتى أصبحت عوناً له على نفسها، وترصد لها العدو كل غائلة، ففتنها عن دنياها حتى سلمت له فيها، ثم فتنها عن دينها حتى كادت تتلقاه عنه مشوهاً ممسوخاً، وأحاطت بها خطيئاتها من كل جانب فجنت على نفسها بما كسبت أيديها من سوء الأقوال، وفساد الأعمال.



    ولكن ذلك العرق المخبوء في تلك المضغة يتحرك، فيأتي بالعجائب.

    المصدر: آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1997م (2/350)

  • #2
    رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

    جزاكم الله خيرا كثيرا شيخنا ..
    والله لكأني اتمثل تلك الكلمات فيما يحدث الان في العالم اجمع ..
    سبحان الملك الجليل ...
    نعم عرق الإيمان في قلوب هذه الأمة كعرق الذهب في المنجم كلاهما لا يبلى وإن تطاولت القرون، ثم جلونا هذا العرق في عمل ثلاثين سنة خلت فإذا خصائصه الطبيعية لم تتغير.
    فلابد ان تعود الامة يوما ما ...

    نسال الله التمكين وان يصلح هذه الامة
    " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
    يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

    تعليق


    • #3
      رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

      ما شاء الله
      مقالة رائعة جزاكم الله كل خير
      نسأل اللهَ أن ترد الأمة الإسلامية إلى صوابها عاجلاً بإذن الله تعالى
      أبُو سُفيَان سابقاً
      قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

      ( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس )

      تعليق


      • #4
        رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرا
        قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

        تعليق


        • #5
          رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

          جزاكم الله خيرا ونفع بكم

          اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان

          تعليق


          • #6
            رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

            السلام عليكم
            جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
            نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يرحم والدتكم ويرزقها الفردوس الاعلى
            ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة

            تعليق


            • #7
              رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)



              جزاكم ربى خير الجزاء

              اللهم رد امتنا إليك رداً جميلاً


              تعليق


              • #8
                رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

                جزاكم الله كل خير

                دخول متقطع لظروف الإجازة
                اللهم احفظ أهلنا في غزة

                تعليق


                • #9
                  رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

                  بارك الله فيكم

                  تعليق


                  • #10
                    رد: موت الأمم وحياتها (من روائع المقالات القديمة)

                    مقال رائع
                    بارك الله فيكم شيخ أبو أنس واحسن إليكم
                    شاء من شاء وأبى من أبى لن نعيش إلا أحرار ولن نركع لغير الله ، وسنكسر الظالمين
                    وسننتصر بإذن الله .. فهذا وعد الله

                    أنَا هِنا حَيّ ( مبكية )

                    تعليق

                    يعمل...
                    X