أداب التخاطب

[أبكتنى ذنوبى]

قله الحديث والاعراض عن اللغو

فمن صفات اهل الايمان الاعراض عن اللغو
قال تعالى:
(( قد أفلحَ المؤمنونَ * الذينَ هُم في صلاتِهِم خاشعونَ * والذينَ هُم عن اللغوِمُعرضونَ ))

وقال سبحانه فى شأن عباد الرحمن

(واذا مروا باللغو مروا كراما)

وقال سبحانه

(وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)

وقال تعالى

(وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً)
والثرثارون وهم كثيرو الكلام من ابغض الناس الى رسول الله
قال رسول الله (( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون ، والمتشدقون والمتفيهقون . قالوا : يا رسول الله ! قد علمنا الثرثارون والمتشدقون ، فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون . ))

قال الترمذى رحمه الله

:والثرثارون هم كثير الكلام ,والمتشدق هو الذى يتطاول على الناس ويبذو عليهم

وقد كره الله سبحانه وتعالى لنا قيل وقال النبى (( إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال ))

وانظر الى حصائد الالسن وما تجره على صاحبها "فى قول النبى (وهل يكب الناس على وجوههم فى النار الا حصائد السنتهم )

وفى قول النبى (ان العبد ليتكلم بالكلمه ما يتبين فيها يزل بها فى النار ابعد مما بين المشرق والمغرب)

وفى قوله عليه الصلاه والسلام (ان العبد ليتكلم بالكلمه من رضوان الله لا يلقى لها بالا يرفعه الله بها درجات وان العبد ليتكلم بالكلمه من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها فى جهنم)

من كتاب اداب التخاطب للشيخ

ابى عبد الله مصطفى بن العدوى

وللحديث بقيه باذن الله

[أبكتنى ذنوبى]

رد: أداب التخاطب

ثم ان الكلمات تسطر وتكتب على العبد ويراها فى

صحائفه يوم القيامه

قال الله تبارك وتعالى ( ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)

وقال سبحانه (وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون )

وقال سبحانه (

هذا كتبنا ينطق بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون)
وقال تعالى (احصاه الله ونسوه )
وقال سبحانه (ووضع الكتاب فترى المشركين مشفقين مما فيه ويقولون يويلتنا ما هذا الكتاب لا يغادر صغيره ولا كبيره الا أحصها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا)
وقال سبحانه (وكل شىء فعلوه فى الزبر وكل صغير وكبير مستطر)
وكثره الكلام تسبب مللا للناس
فيعرضون عنك ولا يشتهون حديثك اخرجه البخارى ومسلم من طريق ابى وائل قال (كان عبد الله يذكر الناس فى كل خميس فقال له رجل ياأبا عبد الرحمن لو وددت انك ذكرتنا كل يوما قال :أما انه يمنعنى من ذالك أنى أكره أن أملكم وانى اتخولكم بالموعظه كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافه السامه علينا
ولذالك استحب للخطيب يوم الجمعه ان يقصر الخطبه :قال النبى صلى الله عليه وسلم (ان طول صلاه الرجل وقصر خطبته مئنه من فقهه فأطيلو الصلاه وأقصروا الخطبه وان من البيان لسحرا)
وكان عليه الصلاه والسلام ( يحدث حديثا لو عده العاد لاحصاه )
وقد حثنا ربنا على الاقتصار على الخير من الكلام وترك ما سوى ذالك
قال تعالى (لا خير فى كثير من نجواهم الا من امر بصدقه او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذالك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما)
والى ذالك أرشدنا نبياعليه الصلاه والسلام
قال عليه الصلاه والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت )

وحثنا نبيناعليه الصلاه والسلام على حفظ السنتنا فقال عليه الصلاه والسلام (من يضمن لى ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنه )
وقال عليه الصلاه والسلام (من صمت نجا)
فالاختصار والايجاز فى الحديث مطلوب.
وهذا من النفقه فقلل الكلام قدر الاستطاعه ما دام الكلام مفهوما وركز على المفيد من الكلام والنافع منه فمن مناقب نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم انه أوتى جوامع الكلم .وقد انعم الله سبحانه وتعالى على نبيه داود بأنه اتاه الحكمه وفصل الخطاب
قال تعالى:(وأتينه الحكمه وفصل الخطاب)(ص:20)

ولما قدم وفد القيس على رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم قالو له:(يارسول الله !انا نأتيك من شقه بعيده وان بيننا وبينك هذا الحى من كفار مضر وانا لا نستطيع أن نأتيك الا فى الشهر الحرام فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنه )الحديث
فقد طلبوا باءيجاز ما يدخلون به الجنه فهل يليق بك بعد هذه النصوص كلها ان تكون ثرثارا؟!!
هل ترضى ان تملاء صحائفك يوم القيامه بالقيل والقال واللغو وان تسود صحائفك باغتياب المؤمنين والمؤمنات والطعن فى اعراضهم .
ان كثره الكلام مدعاه لطول الحساب!
وكثرته مذهبه للهيبه والبهاء!
وكثرته مذهبه للرزانه والوقار!
وكثرته مدعاه لكثره الاخطاء!
وكثير الكلام لا يكاد الناس يستمعون اليه فكثره الكلام ينسى بعضها بعضا ولذالك كانت كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ] يسيره وقليله كان عليه الصلاه والسلام يتكلم كلاما لو عده العاد لاحصاه فصلاوات الله وسلامه عليه نبينا صلى الله عليه وسلم ذى الخلق العظيم الذى بعثا متمما لمكارم الاخلاق
*وقلل من المسائل قدر الاستطاعه الا ما لابد منه
فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم ] ( ان الله كره لكم قيل وقال وكثره السؤال )
وقال عليه الصلاه والسلام (فاءنما هللك من كان قبلكم بكثره سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم )
وقال سبحانه (يأيها الذين امنوا لا تسئلوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم)

وللحديث بقيه ان شاء الله

[أبكتنى ذنوبى]

رد: أداب التخاطب

تاكيد الامساك عن الكلام اذا لم يكن فى الكلام فائده

ويتأكد الامساك عن الكلام ويمنع الخوض فيه اذا لم يكن فى الكلام فائده فها هى مريم تقول للملك (أنى يكون لى غلام ولم يميسنى بشر ولم اك بغيا)مريم
فيجيبها الملك بقوله :(قال كذالك قال ربك هو على هين ولنجعله ءايه للناس ورحمه منا وكان أمرا مقضيا)مريم
حقا انه امر قد قضى وقدره سبحانه وتعالى فلا معنى حينئذ للأكثار من المراجعات!
ونحوه قول الخليل ابراهيم عليه السلام لما اخبر أن الملائكه متجهون الى تدمير قوم لوط يجادل عليه الصلاه والسلام فى شأن قوم لوط فتجيبه الملائكه بقولهم:

(ياءبراهيم أعرض عن هذا انه قد جاء امر ربك وانهم ئاتيهم عذاب غير مردود)هود
فما دام قد جاء أمر الله وما دام قد قضى الله هذا الامر فلم الجدال فى شأن هؤلاء الآقوام ؟!
وها هى مريم عليها السلام لما حملت بعيسى عليه السلام يأمرها ربها فيقول لها(فاءما ترين من البشر أحدا فقولى انى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا )مريم
لم لا تكلم انسيا؟!
ان البشر يستنكرون حملها !!يستنكرون وضعها !!يستنكرون مجيئها بالطفل!!
انها مهما اعتذرت ومهما قدمت من مبررات فلن تقبل هذه المبررات !

فمن

ثم فلا فائده من الكلام ولا فائده فى الاعتذار !ولا جدوى من وراء ايراد المبررات!!
فحينئذ الصمت أولى ,والصمت أجدى والصمت أليق!ولله فى ذللك حكم أخر ,منها أن معجزه ما ستحدث ,وقد حدثت تكلم سيدنا عيسى عليه السلام وهو فى المهد!!
والفتيه أصحاب الكهف ,تنازعوا شيئا ما فى تحديد المده التى لبثوها ثم أعرضوا عن الجدال اذ لا فائده فيه:قال تعالى :(سيقولون ثلثه رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعه وثامنهم كلبهم قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم الا الله قليل فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا)الكهف
وها هى ام المؤمنين عائشه رضى الله عنها تقول لما قال لها رسول (فاءن كنتى بريئه فسيبرئك الله عز وجل, وانم كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله وتوبى اليه فاءن العبد اذا اعترف بذنبه ثم تاب الى الله تاب الله عليه )فبم تجيب عائشه رضى الله عنها
انها ان ظهرت براءتها لم يصدقوها وان تقولت على نفسها صدقوها !!فماذا عساها أن تقول حينئذ ؟انها قالت (انى والله لقد علمت لقد سمعت هذا الحديث حتى استقر فى أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم انى بريئه والله يعلم انى بريئه لا تصدقوننى بذالك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنى منه بريئه لتصدقننى والله لا أجد لى ولكم مثل الا قول أبى يوسف قال (فصبرجميل والله المستعان على ما تصفون )يوسف
فعلى ذالك لا تتكلم اذا لم يكن للكلام فائده

*وكذالك اذا كان القول بلا علم فامتنع
قال تبارك وتعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )الاسراء
وقال تعالى (فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا )الكهف

وقال تعالى (وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم)النور
وقال سبحانه(هأنتم هؤلاء حججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)أل عمران
وليس من العيب أن تعتذر عن الجواب ان كنت لا تعلم فقد قال تعالى ( ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليل )
وقال تعالى (يسئلونك عن الساعه أيان مرسها قل علمها عند ربى لا يجليها لوقتها الا هو )الاعراف
ولما سأل جبريل رسول الله عن الساعه ,قال عليه الصلاه والسلام (ما المسئول عنها بأعلم من السائل )

ولا تكثر من الجدال والخلاف
فالتلاحى سبب لرفع الخير ,فقد رفع العلم بليله القدر لما تلاحى رجلان من أصحاب النبى لا ففى الصحيح من حديث عباده ابن الصامت رضى الله عنه قال خرج رسول الله ليخبر الناس عن ليله القدر فتلاحى رجلان من المسلمين قال النبى صلى الله عليه وسلم (خرجت لأخبركم فتلاحى فلان وفلان , وانها رفعت , وعسى أن يكون خيرا ,فالتمسوها فى التاسعه والسابعه والخامسه )
وفى روايه المسلم (2)من حديث ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى قال:(يا أيها الناس انها كانت أبينت لى ليله القدر ,وانى خرجت لآخبركم بها فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان فنسيتها)الحديث
وقد حرمنا وصيه رسول الله بسبب الخلاف الذى دار بين بعض الصحابه رضى الله عنهم وعفا عنهم
ففى الصحيحين )(3)من حديث ابن عباس رضى الله عنه ,قال لما حضر رسول الله وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ,فقال ,فقال النبى (هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا )فقال عمر :ان رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرأن ,حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت ,فاختصموا ,فمنهم من يقول :قربوا يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده وفيهم من يقول ما قال عمر ,فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله قال رسول الله (قوموا)قال عبيد الله :فكان ابن عباس يقول(ان الرزيه كل الرزيه ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذالك الكتاب من خلال اختلافهم ولغطهم)
*والجدال بالتى هى أحسن لتقرير الحق محمود:
قال الله تبارك وتعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظه الحسنه وجدالهم بالتى هى أحسن ) النحل
وقال تعالى :(ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتى هى أحسن الا الذين ظلموا منهم )العنكبوت
وقال قوم نوح لنوح عليه السلام (ينوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا )هود
*لكن اذا وصل الجدال الى حد المراء فاتركه:
قال النبى ( أنا زعيم ببيت فى ربض الجنه لمن ترك المراء ولو كان محقا)
ولما ذهب رسول الله الى على وفاطمه يوقظهما لصلاه الليل ,قال له على (ان أنفسنا بيد الله)انصرف رسول الله وهو يضرب بيده على فخذه قائلا (وكان الانسان أكثر شىء جدلا)الكهف
وكذالك لما جاء المشركون يخاصمون رسول الله فى القدر لم يستطرد معهم رسول الله فى الحديث ونزل قوله تعالى (ذوقوا مس سقر انا كل شىء خلقنه بقدر)القمر
فلا تفتح بابا للجدال ولا تسمح بمجادله فى هذا المقام ,فالله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون

,

[راجية حب الرحمن]

رد: أداب التخاطب

بارك الله فيكم ونفع بكم
حفظ الله السنتنا فكما قال السلف عنه هو مايورد الموارد