نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ....ما الحب إلا للحبيب الأول.
جاء في الحكم العطائية:
جاء في الحكم العطائية:
قلت لـلـصقـر وهـو في الجو عال : **** اهـبط الأرض فـالهـواء جديـب
قال لي الصقر : في جناحي وعزمي **** وعنان السماء مرعى خصيب
1- من علامات النجاح في النهايات، الرجوع إلى الله في البدايات.
2- من أشرقت بدايته أشرقت نهايته.
3- من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة.
- روي أن أبا خيثمة الأنصاري رضي الله عنه بلغ بستانه ، وكانت له امرأة حسناء فرشت له في الظل ، وبسطت له الحصير، وقربت إليه الرطب والماء البارد ،فنظر فقال: ظل ظليل ،و رطب يانع ، وماء بارد ، وامرأة حسناء ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحر والريح!! ما هذا بخير...فقام فرحل ناقته ، وأخذ سيفه ورمحه، ومر كالريح..فنظر رسول الله عليه وسلم خلفه فإذا براكب وراء السراب..فقال:كن أبا خيثمة...فكان!!ففرح به رسول الله عليه وسلم واستغفر له..
قال تعالى:( مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ .وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
يقول الدكتور عبد الودود شلبي: أذكر أنني ترددت كثيرا جدا على مركز إعداد المبشرين في مدريد وفي فناء المبنى الواسع وضعوا لوحة كبيرة كتبوا عليها:
( أيها المبشر الشاب ..نحن لا نعدك بوظيفة أو عمل أو سكن أو فراش وثير،إنا ننذرك بأنك لن تجد في عملك التبشيري إلا التعب والمرض..كل ما نقدمه إليك هو العلم والخبز وفراش خشن في كوخ فقير ، أجرك كله ستجده عند الله إذا أدركك الموت وأنت في طريق المسيح كنت من السعداء!!...)
..هذه الكلمات حركت المئات من المبشرين من حملة شهادات الطب والجراحة والصيدلة وغيرها من التخصصات للذهاب للصحاري القاحلة التي لا توجد فيها إلا الخيام، والمستنقعات..والمكوث هناك السنين الطوال دون راتب..ودون منصب ولو أراد أحدهم العمل بمؤهله لربح مئات الآلاف من الدولارات ولكن ضحى بكل ذلك من أجل الباطل الذي يعتقد صحته؟؟!!...فأعوذ بالله من عجز التقي وجلد الفاجر:
قال لي الصقر : في جناحي وعزمي **** وعنان السماء مرعى خصيب
1- من علامات النجاح في النهايات، الرجوع إلى الله في البدايات.
2- من أشرقت بدايته أشرقت نهايته.
3- من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة.
- روي أن أبا خيثمة الأنصاري رضي الله عنه بلغ بستانه ، وكانت له امرأة حسناء فرشت له في الظل ، وبسطت له الحصير، وقربت إليه الرطب والماء البارد ،فنظر فقال: ظل ظليل ،و رطب يانع ، وماء بارد ، وامرأة حسناء ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحر والريح!! ما هذا بخير...فقام فرحل ناقته ، وأخذ سيفه ورمحه، ومر كالريح..فنظر رسول الله عليه وسلم خلفه فإذا براكب وراء السراب..فقال:كن أبا خيثمة...فكان!!ففرح به رسول الله عليه وسلم واستغفر له..
قال تعالى:( مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ .وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
يقول الدكتور عبد الودود شلبي: أذكر أنني ترددت كثيرا جدا على مركز إعداد المبشرين في مدريد وفي فناء المبنى الواسع وضعوا لوحة كبيرة كتبوا عليها:
( أيها المبشر الشاب ..نحن لا نعدك بوظيفة أو عمل أو سكن أو فراش وثير،إنا ننذرك بأنك لن تجد في عملك التبشيري إلا التعب والمرض..كل ما نقدمه إليك هو العلم والخبز وفراش خشن في كوخ فقير ، أجرك كله ستجده عند الله إذا أدركك الموت وأنت في طريق المسيح كنت من السعداء!!...)
..هذه الكلمات حركت المئات من المبشرين من حملة شهادات الطب والجراحة والصيدلة وغيرها من التخصصات للذهاب للصحاري القاحلة التي لا توجد فيها إلا الخيام، والمستنقعات..والمكوث هناك السنين الطوال دون راتب..ودون منصب ولو أراد أحدهم العمل بمؤهله لربح مئات الآلاف من الدولارات ولكن ضحى بكل ذلك من أجل الباطل الذي يعتقد صحته؟؟!!...فأعوذ بالله من عجز التقي وجلد الفاجر:
تبلد في الناس حس الكفاح
ومالوا لكسب وعيش رتيب
يكاد يزعزع من همتي
سدور الأمين وعزم المريب.
ولعلها كلمة قاسية أيها الإخوة، ولكنها من الحق: أن نستشهدها هنا، في هذا الموطن، بقول صادق لسفيان الثوري رحمه الله، فقد رؤى حزينا يوما، فقيل له: مالك؟ فقال: (صرنا متجرأ لأبناء الدنيا، يلزمنا أحدهم، حتى إذا تعلم: جعل قاضيا أو عاملا).. إنها الحقيقة المؤلمة في حياة كثير من الدعاة.
تعلمهم الدعوة الفصاحة واللباقة التي تمكنهم من حيازة فرص جيدة فإذا حازوها: فتروا، أو تفتح لهم الدعوة باب الدراسات العليا، ولعل إخوانهم سعوا لهم لدى المسؤولين الحكوميين لحيازة البعثات ..ولربما أعانوه بالمال، ثم يؤنسه إخوانه في غربته و يعصمونه من الفتن ويخلفونه في أهله، فإذا تخرج ورجع: فتر وفكر في عذر يتملص به من العمل.
..قد تصير الدعوة متجرًا لأبناء الدنيا، يلزمها أحيانًا، حتى إذا صار موظفا كبيرا أو أستاذًَا جامعيًا، و(اختصاصيا خبيرًا): تركها، وانفرد يبني مستقبله.
كلمة مرة يجب أن يتقبلها الدعاة، فإن كتف الدعوة يئن لكثرة الذين حملهم وتنكروا له..
ومالوا لكسب وعيش رتيب
يكاد يزعزع من همتي
سدور الأمين وعزم المريب.
ولعلها كلمة قاسية أيها الإخوة، ولكنها من الحق: أن نستشهدها هنا، في هذا الموطن، بقول صادق لسفيان الثوري رحمه الله، فقد رؤى حزينا يوما، فقيل له: مالك؟ فقال: (صرنا متجرأ لأبناء الدنيا، يلزمنا أحدهم، حتى إذا تعلم: جعل قاضيا أو عاملا).. إنها الحقيقة المؤلمة في حياة كثير من الدعاة.
تعلمهم الدعوة الفصاحة واللباقة التي تمكنهم من حيازة فرص جيدة فإذا حازوها: فتروا، أو تفتح لهم الدعوة باب الدراسات العليا، ولعل إخوانهم سعوا لهم لدى المسؤولين الحكوميين لحيازة البعثات ..ولربما أعانوه بالمال، ثم يؤنسه إخوانه في غربته و يعصمونه من الفتن ويخلفونه في أهله، فإذا تخرج ورجع: فتر وفكر في عذر يتملص به من العمل.
..قد تصير الدعوة متجرًا لأبناء الدنيا، يلزمها أحيانًا، حتى إذا صار موظفا كبيرا أو أستاذًَا جامعيًا، و(اختصاصيا خبيرًا): تركها، وانفرد يبني مستقبله.
كلمة مرة يجب أن يتقبلها الدعاة، فإن كتف الدعوة يئن لكثرة الذين حملهم وتنكروا له..
فيا عجباً لمن ربيتُ طفلاً
ألقِّمه بأطراف البنانِ
أعلمه الرماية كل يومٍ
فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني
فاعقدوا العزم على الوفاء لهذه الدعوة المباركة أيها الإخوة، واجعلوا الشهادة العالية أو التجارة أو المنصب في خدمة الدعوة لا للصيت ..
وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم عجوزا كانت تأتيه أيام خديجة!! من باب الوفاء والاعتراف بالجميل..فكيف لا نكرم دعوة حسناء جميلة ؟؟ ولا نفي لدعوة علمتنا الوداد وأفادتنا ألفاظا من الحب والوفاء...كأن لم تكن بيننا وبينها مودة وخبز وملح!!
فالحر من راعى وداد لحظة وانتمى لمن أفاده لفظة..
هذه الدعوة الحسناء الجميلة لا يعرف قيمتها ولا يتذوق حلاوتها ولا يدرك شرفها إلا الفارس المحب الذي لا يترجل..والمثال الأقرب للداعية ليس هو الطبيب ، ولا المهندس ، ولا المدرس ،فكلهم ينتظر الراتب آخر الشهر ، ونهاية الدوام ،وكلهم مشروعه مرتبط بأمر يتحقق ، ولكنه العاشق والمتيم ! ... والذي ينتظر المعشوقة بفارغ الصبر ، ولا يشعر أو يحصي كم بذل من أجلها من وقته واهتمامه ، والذي إذا سدت في وجهه الأبواب ، دخل من النوافذ ! وإذا استعصت عليه الحيل ، أتى بأخرى !.. فهاهو الجذع يعشق ويحن ويحب ويحزن ويتشوق! -وفي رواية المطلب وأبي: حتى تصدع وانشق، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده عليه فسكت!!..
فكان الحسن إذا حدث بهذا بكى، وقال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه لمكانه..فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه..
..فكم فقدت الدعوة من عشاق وطاقات وقيادات ورموز ومربين : كانوا زينة المجالس وأنس المحافل وتحفة المساجد وآباء المنابر وسادة الساحات ورجال الميدان !!..
والدعوة اليوم تحن إليهم وتتشوق إلى لقائهم ..وتفتح قلبها لهم...وهي تناديهم من قريب:
ألقِّمه بأطراف البنانِ
أعلمه الرماية كل يومٍ
فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني
فاعقدوا العزم على الوفاء لهذه الدعوة المباركة أيها الإخوة، واجعلوا الشهادة العالية أو التجارة أو المنصب في خدمة الدعوة لا للصيت ..
وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم عجوزا كانت تأتيه أيام خديجة!! من باب الوفاء والاعتراف بالجميل..فكيف لا نكرم دعوة حسناء جميلة ؟؟ ولا نفي لدعوة علمتنا الوداد وأفادتنا ألفاظا من الحب والوفاء...كأن لم تكن بيننا وبينها مودة وخبز وملح!!
فالحر من راعى وداد لحظة وانتمى لمن أفاده لفظة..
هذه الدعوة الحسناء الجميلة لا يعرف قيمتها ولا يتذوق حلاوتها ولا يدرك شرفها إلا الفارس المحب الذي لا يترجل..والمثال الأقرب للداعية ليس هو الطبيب ، ولا المهندس ، ولا المدرس ،فكلهم ينتظر الراتب آخر الشهر ، ونهاية الدوام ،وكلهم مشروعه مرتبط بأمر يتحقق ، ولكنه العاشق والمتيم ! ... والذي ينتظر المعشوقة بفارغ الصبر ، ولا يشعر أو يحصي كم بذل من أجلها من وقته واهتمامه ، والذي إذا سدت في وجهه الأبواب ، دخل من النوافذ ! وإذا استعصت عليه الحيل ، أتى بأخرى !.. فهاهو الجذع يعشق ويحن ويحب ويحزن ويتشوق! -وفي رواية المطلب وأبي: حتى تصدع وانشق، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده عليه فسكت!!..
فكان الحسن إذا حدث بهذا بكى، وقال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه لمكانه..فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه..
..فكم فقدت الدعوة من عشاق وطاقات وقيادات ورموز ومربين : كانوا زينة المجالس وأنس المحافل وتحفة المساجد وآباء المنابر وسادة الساحات ورجال الميدان !!..
والدعوة اليوم تحن إليهم وتتشوق إلى لقائهم ..وتفتح قلبها لهم...وهي تناديهم من قريب:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ****ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه دوماً لأول منزل
وهو الذي كان عليه أكثر الصحابة، وأجيال الفتوح الأولى من التابعين، والذين أرسوا قواعد العلم منهم ومن أتباعهم، وعمر بن عبد العزيز وجماعته الذين جددوا الأمر، وأحمد بن حنبل ورهطه الذين تصدوا للبدع، والمجاهدون من الفقهاء، والدعاة الذين تركوا في مقالتهم قصصا فيها تذكرة لأولى الألباب.
لقد رصدوا أنفسهم للتأثير في الحياة، ولم تكن لهم آمال شخصية، ولذلك استطاعوا إعزاز الإسلام، فقبس لهم الإسلام من عزته.
وتملأ ميتة مصعب بن عمير رضي الله عنه نفس الداعية موعظة حتى ليكاد أن يشرق باللقيمات قبل أن يقلقه التنعم والبطر.
ففي صحيح البخاري: (أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أتي بطعام وكان صائمًا، فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كفن في بردة، إن غطى رأسه، بدت رجلاه، وإن غطى رجلاه، بدا رأسه) قال الراوي: (وأراه قال وقتل حمزة وهو، خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام) ... إن التحديات المنتصبة أمام الدعوة لكبيرة حقا، والمعركة دائبة، ولا أمل إلا بإحياء السمت القديم الأول.
..كل ممارس للعمل التربوي الإسلامي الحركي يلحظ لا بد ظاهرة سقوط البعض وتراجعهم ، فأنت ترى داعية سالكاً مع السالكين ، و تظن أنه سيثبت ، و لكنه يخيب ظنك أثناء الطريق ، بأن تصدمه رهبة أو رغبة ، أو يستأسر لنداء نفس وهوى ، فيغتر ، و يستولي عليه التيه إدلالاً وامتـناناً ، فيصيبه الفتور .
وربما استعصى تعليل مثل هذه الظاهرة حيناً ، ولكن تـفرّسنا في أنفسنا ، و التـنقيب عن الفقه التربوي في آثار رجال التربية الأقدمين : بدأ يرينا ملامح من التـفسير لها ، إن وُعِيت حق وعيها لكان فيها بإذن الله ثبات القـلوب ، ولوُقِينا زلل الأقدام بعد ثبوتها .
هو صفاء الابتداء: فهـو الابتداء إذن ، أي الخطوات الأولى للداعية المسلم في طريق الدعوة الموصل إلى الله ، تـكون صحيحة ، فيرتـقي بلا فتور ونكوص ، وإن فتـر فبـمـقـدار لا يتعدى أدنى ما أثـر من سنّـة النبي صلى الله عليه وسلم . وتـكون معيبة هذه الخطوات ، فيفتـر و ينكص عن الارتـقاء .
ولكن من أين يعترض الداعية الفتور إذا دفعه مربّوه بـقوة أول مرة ؟
و كيف لا يتسارع في يومه وغده سير من قطع به أمسه مرحلة نحو غايته ؟
و من أيقن أنه يتبع رسولاً من أولي العزم ، صلى الله عليه وسلم ، فكيف لا يقتدي به في عزمه ؟
وإنما يعنون بصفاء الابتداء معنيين يتتابعان في توال ، فيتلازمان : النية الصالحة ، والهمة العالية ، حصرهما البحتري في شطر مبين و سماهما :
نفس تضيء وهمة تتوقد!!. و النفس المضيئة كناية عن النفس التي احتوت نية صافية ، فهي تـنير بما يكون لها من هذا الصفاء .
إنما يتعثر من لم يخلص:
وهي : ( النية الحرة ) : فكأنها حرة مما يقيد غيرها ، من الأهواء والأطماع والمصالح ، لم يستعبدها درهم ولا دينار ولا جمال أنثى ، ولم تكن رقيقاً لمنصب أو شهوة .
فالداعية لا يصدر قط عن شهوة ، ولا طلب مصلحة ، و إنما له في كل حركة وسكنة تطلعات إلى الأجر.. وكذلك كان الصالحون .
وبهذا الوصف وصف هشام بن عبد الملك ابن عمه عمر بن عبد العزيز الأموي رحمه الله فقال : " ما أحسب عمر خطا خطوة قط إلا وله فيها نية . ولذلك استطاع عمر في أقل من سنتين تقويم اعوجاج جيلين .. وأما المخلط في نيته فيخلط عليه في أموره وسيرته ، كان ذلك في التاريخ على أهل التخليط حتماً مقضياً ، وهو المعنى الذي كشفه التابعي الجليل مُطرَّف بن الصحابي الجليل عبد الله بن الشخِيّر العامري في قوله : " صلاح العمل بصلاح القـلب ، وصلاح القـلب بصلاح النية ، ومن صفا : صُفّي له . ومن خلط : خُلَّط عليه " .
والهِمّة قرينة النية ، فلا شيء بعد النية قبلها ، وكل الإتقان بعدها ، ومن أكسبها من المربين تلاميذه عند خطواتهم الأولى فقد ضمن لهم الاستمرار إن شاء الله , و قد قيل : " همتـك أحفظها ، فإن الهمة مقدمة الأشياء ، فمن صلحت له همته وصدق فيها : صلح له ما وراء ذلك من الأعمال. .
ويمثل لها ابن القيم بمثل لطيف ، فيقول : مثل القلب مثل الطائر ، كلما علا : بعد عن الآفات ، وكلما نزل احتوشته الآفات....
..إنكم في دعوة أيها الأخوة لها تحرك فكري سياسي إصلاحي أخلاقي شامل، ولابد لكم من تعب مضاعف متواصل، وضغط على النفس، وبذل...و لن يذوق الداعية المسلم حلاوة الحياة ما لم ترتجف يده إنهاكا إذا رفع قدح الماء إلى فمه يريد أن يرتشف، ولا يحق له أن يظن في نفسه أنه مشارك ما لم ينم جالسا، يغلبه الإعياء... إن البقية الدنيوية فينا هي التي تمنعنا أن نخبر نساءنا، عند خطبتهن، وهن في بيوت آبائهن، أن حياتنا معهن قصيرة، وأن المصالح اليومية لدعوتنا مقدمة على حقهن...!
كم منزل في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه دوماً لأول منزل
وهو الذي كان عليه أكثر الصحابة، وأجيال الفتوح الأولى من التابعين، والذين أرسوا قواعد العلم منهم ومن أتباعهم، وعمر بن عبد العزيز وجماعته الذين جددوا الأمر، وأحمد بن حنبل ورهطه الذين تصدوا للبدع، والمجاهدون من الفقهاء، والدعاة الذين تركوا في مقالتهم قصصا فيها تذكرة لأولى الألباب.
لقد رصدوا أنفسهم للتأثير في الحياة، ولم تكن لهم آمال شخصية، ولذلك استطاعوا إعزاز الإسلام، فقبس لهم الإسلام من عزته.
وتملأ ميتة مصعب بن عمير رضي الله عنه نفس الداعية موعظة حتى ليكاد أن يشرق باللقيمات قبل أن يقلقه التنعم والبطر.
ففي صحيح البخاري: (أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أتي بطعام وكان صائمًا، فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كفن في بردة، إن غطى رأسه، بدت رجلاه، وإن غطى رجلاه، بدا رأسه) قال الراوي: (وأراه قال وقتل حمزة وهو، خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام) ... إن التحديات المنتصبة أمام الدعوة لكبيرة حقا، والمعركة دائبة، ولا أمل إلا بإحياء السمت القديم الأول.
..كل ممارس للعمل التربوي الإسلامي الحركي يلحظ لا بد ظاهرة سقوط البعض وتراجعهم ، فأنت ترى داعية سالكاً مع السالكين ، و تظن أنه سيثبت ، و لكنه يخيب ظنك أثناء الطريق ، بأن تصدمه رهبة أو رغبة ، أو يستأسر لنداء نفس وهوى ، فيغتر ، و يستولي عليه التيه إدلالاً وامتـناناً ، فيصيبه الفتور .
وربما استعصى تعليل مثل هذه الظاهرة حيناً ، ولكن تـفرّسنا في أنفسنا ، و التـنقيب عن الفقه التربوي في آثار رجال التربية الأقدمين : بدأ يرينا ملامح من التـفسير لها ، إن وُعِيت حق وعيها لكان فيها بإذن الله ثبات القـلوب ، ولوُقِينا زلل الأقدام بعد ثبوتها .
هو صفاء الابتداء: فهـو الابتداء إذن ، أي الخطوات الأولى للداعية المسلم في طريق الدعوة الموصل إلى الله ، تـكون صحيحة ، فيرتـقي بلا فتور ونكوص ، وإن فتـر فبـمـقـدار لا يتعدى أدنى ما أثـر من سنّـة النبي صلى الله عليه وسلم . وتـكون معيبة هذه الخطوات ، فيفتـر و ينكص عن الارتـقاء .
ولكن من أين يعترض الداعية الفتور إذا دفعه مربّوه بـقوة أول مرة ؟
و كيف لا يتسارع في يومه وغده سير من قطع به أمسه مرحلة نحو غايته ؟
و من أيقن أنه يتبع رسولاً من أولي العزم ، صلى الله عليه وسلم ، فكيف لا يقتدي به في عزمه ؟
وإنما يعنون بصفاء الابتداء معنيين يتتابعان في توال ، فيتلازمان : النية الصالحة ، والهمة العالية ، حصرهما البحتري في شطر مبين و سماهما :
نفس تضيء وهمة تتوقد!!. و النفس المضيئة كناية عن النفس التي احتوت نية صافية ، فهي تـنير بما يكون لها من هذا الصفاء .
إنما يتعثر من لم يخلص:
وهي : ( النية الحرة ) : فكأنها حرة مما يقيد غيرها ، من الأهواء والأطماع والمصالح ، لم يستعبدها درهم ولا دينار ولا جمال أنثى ، ولم تكن رقيقاً لمنصب أو شهوة .
فالداعية لا يصدر قط عن شهوة ، ولا طلب مصلحة ، و إنما له في كل حركة وسكنة تطلعات إلى الأجر.. وكذلك كان الصالحون .
وبهذا الوصف وصف هشام بن عبد الملك ابن عمه عمر بن عبد العزيز الأموي رحمه الله فقال : " ما أحسب عمر خطا خطوة قط إلا وله فيها نية . ولذلك استطاع عمر في أقل من سنتين تقويم اعوجاج جيلين .. وأما المخلط في نيته فيخلط عليه في أموره وسيرته ، كان ذلك في التاريخ على أهل التخليط حتماً مقضياً ، وهو المعنى الذي كشفه التابعي الجليل مُطرَّف بن الصحابي الجليل عبد الله بن الشخِيّر العامري في قوله : " صلاح العمل بصلاح القـلب ، وصلاح القـلب بصلاح النية ، ومن صفا : صُفّي له . ومن خلط : خُلَّط عليه " .
والهِمّة قرينة النية ، فلا شيء بعد النية قبلها ، وكل الإتقان بعدها ، ومن أكسبها من المربين تلاميذه عند خطواتهم الأولى فقد ضمن لهم الاستمرار إن شاء الله , و قد قيل : " همتـك أحفظها ، فإن الهمة مقدمة الأشياء ، فمن صلحت له همته وصدق فيها : صلح له ما وراء ذلك من الأعمال. .
ويمثل لها ابن القيم بمثل لطيف ، فيقول : مثل القلب مثل الطائر ، كلما علا : بعد عن الآفات ، وكلما نزل احتوشته الآفات....
..إنكم في دعوة أيها الأخوة لها تحرك فكري سياسي إصلاحي أخلاقي شامل، ولابد لكم من تعب مضاعف متواصل، وضغط على النفس، وبذل...و لن يذوق الداعية المسلم حلاوة الحياة ما لم ترتجف يده إنهاكا إذا رفع قدح الماء إلى فمه يريد أن يرتشف، ولا يحق له أن يظن في نفسه أنه مشارك ما لم ينم جالسا، يغلبه الإعياء... إن البقية الدنيوية فينا هي التي تمنعنا أن نخبر نساءنا، عند خطبتهن، وهن في بيوت آبائهن، أن حياتنا معهن قصيرة، وأن المصالح اليومية لدعوتنا مقدمة على حقهن...!
ويحك يا نفس احرصــي على ارتياد المخلـص
وطاوعــي، واخلصــي واستمعـي النصح وعي
واعتبري بمـن مضـــى من القـرون وانقضـى
واخشي مفاجــأة القضــاء وحاذري أن تخدعــي..
بقلم الداعية الجزائري الشيخ حديبي المدني
المراجع:
-المسار:الراشد
-الرقائق:الراشد
(منقول)
وطاوعــي، واخلصــي واستمعـي النصح وعي
واعتبري بمـن مضـــى من القـرون وانقضـى
واخشي مفاجــأة القضــاء وحاذري أن تخدعــي..
بقلم الداعية الجزائري الشيخ حديبي المدني
المراجع:
-المسار:الراشد
-الرقائق:الراشد
(منقول)
تعليق