فضل العشر من ذي الحجة
وما يستحب فعله في هذه الأيام
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.....
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ( سورة آل عمران: 102)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }( سورة الأحزاب:70،71 )
أما بعد....،
فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل
محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
من فضل الله تعالي على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ويغفر فيها كثير من المعاصي والسيئات، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات.
جاء في الحديث الذي أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم . أنه قال:
" اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، فاسألوا الله أن يستر عوراتكم ويُؤمِّن روعاتكم"
وفي رواية الطبراني من حديث محمد بن مسلمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلمقال:
" إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً ".
فها نحن نعيش في هذه الأيام مواسم الخيرات والطاعات التي أكرمنا بها رب الأرض والسماوات مواسم الصلاح التي يُضَاعف للمؤمنين فيها من الأجور والأرباح، وهذه هبات ربانية لا تكون إلا للأمة المحمدية أمة العمل القليل والأجر الكبير والفضل العظيم.
أخرج البخاري من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال:
" مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجيراً فقال: من يعمل لي غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم. فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: ما لنا أكثر عملاً وأقل أجراً !؟ قال: هل نقصتكم من حقكم شيئاً؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء ".
فالحمد لله الذي أنعم على الأمة المحمدية بمواسم الطاعات وميادين الخيرات وساحات المغفرة والرحمات حيث يتسابقون فيها إلى رضوانه ويتنافسون فيما يقربهم من فضله وإحسانه، وهذه المواسم منحة ومنة من الله تعالى على عباده؛ لأن العمل فيها قليل والأجر والثواب جزيل، وهى والله فرصة عظيمة لا يحرم خيرها إلا محروم، ولا يغتنمها إلا مَن وفَّقهُ الله.
ومن مواسم الخير والطاعة والعبادة: العشر الأُول من ذي الحجة.
فقد نوَّه القرآن الكريم بفضلها، وأسفر صبح السنة النبوية عن شرفها وعلو قدرها.
أخـرج البخـاري والبيهقي واللفظ له من حديث ابن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ
عن النبيصلى الله عليه وسلم قال:" ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشرـ قالوا: يا رسول الله. ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء".
وفي إحدى روايات البيهقي:
"ما عمل أزكي عند الله ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشْر الأضحى".
وأخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال:
" كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له الأعمال فقال:"ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر"قالوا: يا رسول الله. ولا الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره فقال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مُهْجَةُ نفسه فيه.
(حسنه الألباني)
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في لطائف المعارف:
وقد دل الحديث على أن العمل في أيامه أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء.
وقال أيضاً:
إذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيام السنة كلها، صار العمل فيه وإن كان مفضولاً أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلاً، ولهذا قالوا:
"يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد"
ثم استثني جهاداً واحداً هو أفضل الجهاد فإنه سُئلصلى الله عليه وسلم: "أي الجهاد أفضل؟، قال: من عقر جواده وأهريق دمه، وصاحبه أفضل الناس درجة عند الله"
(أخرجه أحمد وحسنه الألباني في الصحيحة:552)
وأخرج ابن حبان بسند صحيح صححه الأرنؤوط:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يدعو يقول: اللهم أعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين.
قال: إذن يعقر جوادك وتستشهد".
فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر، وأما بقية أنواع الجهاد فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله عز وجل منها وكذلك سائر الأعمال.
وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره.
ثم قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ:
ما فعل في العشر في فرض فهو أفضل مما فعل في عشر غيره من فرض، فقد تضاعف صلواته المكتوبة، على صلوات عشر رمضان، وما فعل فيه من نفل أفضل مما فعل في غيره من نفل. أهـ
ولهذا كان السلف أحرص ما يكونون على اغتنام هذه الأيام.
فقد أخرج الدرامي بسند حسن عن سعيد بن جبير ـ رحمه الله ـ :
أنه كان إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه.
وقـفـة:
من المعلوم أن هذه الأيام العشر تقع في شهر ذي الحجة، وهي من الأشهر الحرم التي قال الله تعالي عنها:{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } (التوبة:36)
وثبت في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال:
"إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع، فقال في خطبته: " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حُرُم. ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان".
وهذه الأشهر الحرم هي أحب الأشهر إلى الله.
فقد ثبت في تفسير ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن كعب رضي الله عنه أنهقال:
اختار الله الزمان فأحبه إلى الله الأشهر الحرم.(روي هذا الحديث مرفوعاً، والصحيح أنه موقوف)
وسميت هذه الأشهر بالحرم لحرمة القتال فيها
وقيل: لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها، كما قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
اختص الله أربعة أشهر جعلهن حرماً، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.
وقال قتادة ـ رحمه الله ـ:اعلموا أن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواهم، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء .
وقال أيضاً كما في تفسير الطبري وابن كثير:
إن الله اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس رسلا،ً ومن الكلام ذكره، ومن الأرض المساجد، ومن الشهور رمضان والأشهر الحرم، ومن الأيام يوم الجمعة، ومن الليالي ليلة القدر، فعَظِّموا ما عظَّم الله، فإنما تُعظَّم الأمور مما عظمها الله عند أهل الفهم والعقل ".
وقد قيل في قوله تعالي: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ }(التوبة:36)أن المراد: في الأشهر الحرم
وقيل: بل في جميع شهور السنة.
فضائل العشر من ذي الحجة
أولاً: أن الله أقسم بها:
فقال في محكم التنزيل: { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ }(الفجر:1ـ2)
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره (4/651):
والليالي العشر المراد بها: عشر ذي الحجة
كما قال بذلك ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد وقتادة والضحاك والسدى ومقاتل ومسروق، وغير واحد من السلف والخلف.
وقال ابن رجب ـ رحمه الله ـ كما في لطائف المعارف صـ470:
وأما الليالي العشر فهي عشر ذي الحجة، هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين من السلف وغيرهم، وهو الصحيح عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ . أهـ
ومعلوم أن الله إذا أقسم بشيء دل ذلك على عظمته وأهميته.
أخي الفاضل اختي الفاضلة ...
فلتكن هذه الأيام فجراً جديداً في حياتك يبزغ على أنحاء قلبك؛ ليعلن بدء المسير إلى الله.
ثانياً: ومن فضلها أنها الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره عما رَزَقَ من بهيمة الأنعام:
قال تعالى:{ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } (الحج: 27)
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالي:
{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } هي أيام العشر.
وقال ابن رجب ـ رحمه الله ـ:
وجمهور العلماء على أن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة.
ثالثاً: ومن فضلها أنها من جملة الأربعين يوماً التي واعَدَهَا الله عز وجل موسيعليه السلام قال تعالى:{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً }(الأعراف: 142)
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية (2/325):
وقد اختلف المفسرون في هذه العشر، ما هي ؟ فالأكثرون على أن الثلاثين هي: ذو القعدة والعشرـ عشر ذي الحجة ـ قال بذلك مجاهد، ومسروق، وابن جريج، وروي ذلك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وغيرهم.
روي أبو الزبير عن جابررضي الله عنهقال:{ وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} قال: عشر الأضحى .
وعن مجاهد ـ رحمه الله ـ قال:
ما من عمل من أيام السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة، قال: وهي العشر التي أتممها الله عز وجل لموسي عليه السلام
رابعاً: أن الله أكمل لنبيهصلى الله عليه وسلم دين الإسلام في يوم من أيامها وهو يوم عرفة
حين نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالي:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة:3).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلمقائماً بعرفة يوم الجمعة.
وكان أحبار اليهود يقولون: لو نزلت فينا معشر اليهود لاتخذناها عيداً.
أخي...
فتِّش في نفسك عن النقص لتستكمله وتتمه كما أتم الله لك هذا الدين في هذه الأيام.
خامساً: ومن فضلها أنها خير أيام الدنيا على الإطلاق.
فقد أخرج البزار من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل أيام الدنيا أيام العشر"
(صحيح الجامع: 1133)
ولذلك فإن العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالي منه في بقية العام.
كما مرّ في الحديث:" ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله. ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء".
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره (3/289):
وبالجملة... فهذه العشر قد قيل عنها:إنها أفضل أيام السنة كما نطق به الحديث، وفضلها كثير على عشر رمضان الأخيرة؛ لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيره، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه.
وقيل: إن العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
وتوسط آخرون فقالوا: "أيام هذا أفضل وليالي ذاك أفضل، وبهذا يجتمع شمل الأدلة " والله أعلم.
سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
أيهما أفضل: عشر ذى الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟
فأجاب: أيام العشر من ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة .
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافياً كافياً، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذى الحجة وفيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية. أما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر.
وقال ابن حجر ـ رحمه الله ـ كما في فتح الباري:
والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذى الحجة؛ لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتّي ذلك في غيرها.
فيا من أدركته العشر... اغتنم هذه الفرصة، فالعمل الصالح فيها أحب إلى الله مما في غيرها من الشهور، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من الجهاد في سبيل الله، والمحروم من ضيع هذه الفرصة، ومن جَدَّ وجد ويسر له سبل الخير، فجاهد نفسك في طاعة الله.
قال تعالي: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}(العنكبوت:69)
سادساً: ومن فضائل العشر من ذي الحجة أن فيها:
1. يتم الركن الخامس من أركان الإسلام، ألا وهو الحج، وما أدراك ما الحج !؟
فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
2. وكذلك فيها يوم النحر ـ وهو يوم الحج الأكبرـ
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند الإمام أحمد وأبو داود وصححه الألباني:
" أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر"( صحيح الجامع: 1094)
ـ يوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، وسمي بذلك لأن الناس يقرّون فيه بمنىٍ.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
خير الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر. كما جاء في الحديث
وقيل: يوم عرفة أفضل منه؛ لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة؛ لأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف.
والصواب: القول الأول؛ لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء" أهـ
وسواء كان هو الأفضل أم يوم عرفة، فليحرص المسلم حاجاً كان أو مقيماً على إدراك فضله وانتهاز فرصته.
3. وكذلك فيها يوم عرفة:
ويوم عرفة هو يوم عظيم يعتق الله فيه عباده من النار، ويتجاوز عن الذنوب والأوزار، ويباهي بأهل الموقف الملائكة.
أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء".
قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ كما في التمهيد (1/20):
وهذا الحديث يدل على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي الملائكة بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران. والله أعلم.
وأخرج مالك في الموطأ عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب".
فيا من أدركته العشر... اعلم
أن الأعمال بالخواتيم، والعشر من ذي الحجة وهو آخر الشهور، فعما قليل ستطوى صحائف العام، فهيا أخي الكريم... هيا اختي الفاضلة
اختم أعمال العام بخاتم الطاعة والعبادة، ونسأل الله أن يرزقك الجنة والزيادة ... آمين.
تعليق