السؤال
هل هناك قاعدةٌ للتَّفريق بين حرفي الضاد والظَّاء أثناءَ كتابة الكلِمات العربية؟
الجواب
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فكثيرٌ من الشعوب العربيَّة تخلط بين الضاد والظاء خلطًا كبيرًا في النطق والكتابة؛ وذلك لصعوبة النُّطق بحرف الضَّاد فهو أصعب الحروف وأشدُّها على اللسان، ولا يُوجَد هذا الحرف في أيِّ لغةٍ أخرى غير العربية.
قال الدكتور غانم قدوري الحمد: "الضاد صوتٌ صعب الأداء ومن ثم أخذت ألسنة الناس تنحرف في نطقه إلى أصوات أخرى، ويبدو أنَّ ذلك ظهر في القرون المتقدِّمة حتى وجدنا عبدالوهاب القرطبي يُصرِّح في القرن الخامس أنَّ أكثرَ القُرَّاء ينطقونَها ظاءً، ثم يأتي ابن وثيق بعد قرن من ذلك ليقول: "قَلَّ من يُحْكِمُها في الناس"، ثُمَّ يقول ابن الجزري في أواخر القرن الثامن: "ألسنة النَّاس فيه مُختلفة وقلَّ مَنْ يُحسنه"اهـ. "الدراسات الصوتية عند علماء التجويد" (صـ 231).
وقَلْبُ الضادِ ظاءً قد يؤدِّي إبدالُه إلي تغيُّر المعنى، قال ابن الجزري: "منهُم مَن يَجعلُه ظاءً مطلقًا لأنَّه يشارك الظاء في صفاتها كلها ويزيد عليها بالاستطالة - فلولا الاستِطالةُ واختلافُ المخْرَجَيْنِ لكانتْ ظاءً - وهذا لا يجوز في كلام الله تعالى، إذ لو قلنا (الضَّالِّين) بالظَّاء كان معناه: الدائمين، وهذا خلافُ مُرادِ الله تعالى، وهو مبطل للصلاة؛ لأنَّ الضَّلال بالضاد، هو ضِدُّ الهُدَى كقوله تعالى: {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 67] و {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ونحوه، وبالظَّاء هو الدَّوام كقوله تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: 58] فمثل الذي يجعل الضادَ ظاءً في هذا وشبْهِه كالذَّي يُبْدِل السين صادًا في نَحو قولِه تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} [الأنبياء: 3] و{وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا} [نوح: 7] فالأول من السر والثاني من الإصرار"، "التمهيد في علم التجويد" (صـ 82، 83).
ويُمكنُ معالجةُ هذه المشكلة بعدة طرق:
1 - التفريق بين الضاد والظاء من حيثُ المخرج:
هناك فرق بين الضاد والظاء في المخرج، ولا يصحُّ لنا أن ننطق بِهما بدون تفريق، فهذا خطأ فاحشٌ.
فمخرج الضَّادِ هو: إحدى حافتَيِ اللِّسان أو كلتاهُما مع ما يُحاذيه من الأضراس العليا، بَينما مَخرج الظَّاء هو: من طرف اللسان مع أطراف الثَّنايا العُليا.
قال الشيخ أيمن سويد: الضَّاد (ض): "من إحدى حافتي اللسان أو كليهما معًا، وهذا الحرف انفردَتْ به اللغة العربية، وهو يَخرج من منطقة حافة اللِّسان اليُمنَى أو اليسرى أو هما معًا، ولكن هذا لا يَمنع أن تشارك حافة اللسان إلى منتهاها كلها، ولكنَّ الضغط والاعتماد على إحدى حافتي اللسان أو هما معًا، وهذه المنطقة تقرعُ الجِدارَ الدَّاخليَّ للأضراسِ العُليا ففي هذه المنطقة يقع الضغط، وكانتْ بعض القبائل تضغَطُ على الحافة اليمنى، والبعض الآخر يضغط على الحافة اليُسرى، والبعض يضغط على الحافتين معا بتوزيعٍ متعادل، وعند النطق بالضاد يلتَصِقُ المخرج تمامًا فينْحَبِسُ الهواء وراءَ اللسان، وهذا الانحباس يسبب الضغط فيندفع اللسان إلى الأمام ملِّيمترات بسيطة، فيصل رأس اللسان إلى منطقة التقاء اللحم باللسان مع مراعاة عدم إخراج طرف اللسان؛ لأنَّه يُمكن أن يصل إلى مَخرج الظاء وهو أطراف الأسنان العليا، لذلك نَجِدُ خلطًا بين الضاد والظاء، ومخرج الظاء هو منتهى رأس اللسان مع أطراف الثنايا العليا".
2- من حيثُ الصِّفةُ:
فصِفات حرف الضاد هي: الجهر، والرَّخاوة، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات، والاستطالة.
أمَّا صفاتُ حرف الظَّاء فهي: الجهر، والرخاوة، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات.
فقد زادتْ صفةُ الاستطالة في الضاد عن الظاء.
إذًا: الضاد تتميَّز عن الظَّاء بِمخرجها، وكذلك بصفة الاستطالة فيها؛ ولذلك يعد حرف الضَّاد ضمن الحروف القويَّة في الجهر، وذلك لاجتماع صفات القوة فيه فيما عدا صفة واحدة وهي الرخاوة؛ وعلى ذلك ففي نطق الضاد لابد أن يكون الاعتماد قويًّا على المخرج بِما يتلاءَمُ وما في الضَّاد من قوَّة الجَهْرِ وانْحباس النَّفس.
أمَّا الظَّاء؛ ففيها إنزالُ رتبةٍ في الجهر من الضاد، لأنَّ صفات القوة التي اجتمعت فيها أقلُّ من صفات القوَّة في الضاد، لوجود صفة الاستطالة في الضاد وهي من صفات القوَّة، فالرَّخاوة في الظاء تكون أكثر لخُرُوجِها من ذلق اللسان وأطراف الثنايا العليا، فيكون جريان الصوت فيها أقوى.
وبعد التَّعرُّف على الفرق بين الضَّاد والظَّاء من حيثُ المخرجُ والصِّفة، فإذا ضبط الشخصُ استطالةَ الضاد وذلك بالتدرُّب وضبط مخرج وصفة كل حرف، فإنه يستطيع أداءهما بالصورة الصحيحة، ويمكنه التفريق بين صوت كل منهما فلا يخلط بينهما، وبالتالي فإنه يستطيع كتابتَهُما كتابةً صحيحة دون خطأ إملائي.
3- الاعتماد على الذاكرة في التفريق بين الضاد القريبة من الدال والظاء القريبة من الذال المفخمة والتي تنطق زايًا أحيانًا..
4- ومن أفضل الطرق للتفرقة بين الحرفين في الكلمات المشكوك فيها أن تعود بالكلمة إلى تصريفاتها اللغوية الأصلية أي باشتقاقاتها مثل الظالمين من ظَلَمَ - يظلم، ضابط من ضبط - يضبط وهكذا.
هذا؛ وقد جمع الشيخ أبو عمرو الدَّانِيُّ الكلمات القرآنيَّة المذكور فيها حرف الظاء فقال:
ظَفِرَتْ شُوَاظُ بِحَظِّهَا مِنْ ظُلْمِنَا فَكَظَمْتُ غَيْظَ عَظِيمِ مَا ظَنَّتْ بنَا
وَظَعَنْتُ أَنْظُرُ فِي الظَّهِيرَةِ ظُلَّةً وَظَلِلْتُ أَنْتَظِرُ الظِّلالَ لِحِفْظِنَا
وَظَمِئْتُ فِي الظَّلْمَا فَفِي عَظْمِي لَظَى ظَهَرَ الظِّهَارُلأَجْلِ غِلْظَةِ وَعْظِنَا
أَنْظَرْتُ لَفْظِي كَيْ تُيَقِّظَ فَظَّهُ وَحَظَرْتُ ظَهْرَ ظَهِيرِهَامِنْ ظُفْرِنَا
وجمع شيخ العربية والمقامات المرضية الحريري الكلمات التي تحتوي على الظاء في "المقامة الحلبية" فقال:
أَيُّهَا السَّائِلِي عَنِ الضَّادِ وَالظَّ اءِ لِكَيْلا تُضِلَّهُ الأَلْفَاظُ
إِنَّ حِفْظَ الظَّاءَاتِ يُغْنِيكَ فَاسْمَعْـ هَا اسْتِمَاعَ امْرِئٍ لَهُ اسْتِيقَاظُ
هِيَ ظَمْياءُ وَالمَظَالِمُ وَالإِظْ لامُ وَالظَّلْمُ وَالظُّبَى واللِّحَاظُ
وَالعَظَا والظَّليمُ وَالظَّبْيُ والشَّيْـ ظَمُ وَالظِّلُّ وَاللَّظَى وَالشُّوَاظُ
وَالتَّظَنِّي وَاللَّفْظُ وَالنَّظْمُ وَالتَّقْـ رِيظُ وَالقَيْظُ وَالظَّمَا وَاللَّمَاظُ
والحِظَا وَالنَّظِيرُ وَالظِّئْرُ وَالجَا حِظُ وَالنَّاظِرُونَ وَالأَيْقَاظُ
وَالتَّشَظِّي وَالظِّلْفُ وَالعَظْمُ وَالظَّنْـ بُوبُ وَالظَّهْرُ وَالشَّظَا وَالشِّظَاظُ
وَالأَظَافِيرُ وَالمُظَفَّرُ وَالمَحْـ ظُورُ وَالحَافِظُونَ وَالإِحْفَاظُ
وَالحَظِيرَاتُ وَالمَظِنَّةُ وَالظِّنّـ نَةُ وَالكَاظِمُونَ والمُغْتَاظُ
وَالوَظِيفَاتُ وَالمُوَاظِبُ وَالكِظّ ظَةُ وَالإِنْتِظَارُ وَالإِلْظَاظُ
وَوَظِيفٌ وَظَالِعٌ وَعَظِيمٌ وَظَهِيرٌ وَالفَظُّ وَالإِغْلاظُ
وَنَظِيفٌ وَالظَّرْفُ وَالظَّلَفُ الظَّا هِرُ ثُمَّ الفَظِيعُ وَالوُعَّاظُ
وَعُكَاظٌ وَالظَّعْنُ وَالمَظُّ وَالحَنْـ ظَلُ وَالقَارِظَانِ وَالأَوْشَاظُ
وَظِرَابُ الظِّرَّانِ وَالشَّظَفُ البَا هِظُ وَالجَعْظَرِيُّ وَالجَوَّاظُ
وَالظَّرَابِينُ وَالحَنَاظِبُ وَالعُنْـ ظُبُ ثُمَّ الظِّيَّانُ وَالأَرْعَاظُ
وَالشَّنَاظِي وَالدَّلْظُ وَالظَّأْبُ وَالظَّبْـ ظَابُ وَالعُنْظُوَانُ وَالجِنْعَاظُ
وَالشَّنَاظِيرُ وَالتَّعَاظُلُ وَالعِظْ لِمُ وَالبَظْرُ بَعْدُ وَالإِنْعَاظُ
هِيَ هَذِي سِوَى النَّوَادِرِ فَاحْفَظْ هَا لِتَقْفُو آثَارَكَ الحُفَّاظُ
وَاقْضِ فِي مَا صَرَّفْتَ مِنْهَا كَمَا تَقْـ ضِيهِ فِي أَصْلِهِ كَقَيْظٍ وَقَاظُوا
والله أعلم.
منقول
أرجو من شيوخنا الأفاضل أن يعينونا على طريقة النطق لأن الإطلاع والقراءة وحدها لاتكفي
وقد قيل من اتخذ شيخه كتابه كان خطأه أكثر من صوابه
تعليق