يا طالب القراءات ....وقفة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فمن الأمور الهامة التي يجب التنبيه عليها طلاب علم القراءات على وجه الخصوص مسألة إتقان حفظ القرآن الكريم
لا سيما بعد صحوة تعلم القراءات والمسارعة والمسابقة والمنافسة في جمعها والإجازة بها.
في الزمان الماضي ، عندما كان يحضر مجلسنا رجل لا نعرفه ثم يقال لنا إنه من طلاب معهد القراءات يكبر في أعيننا ونعظم أمره ؛
فقد كانت كلمة " طالب في معهد القراءات " تعني الكثير والكثير ،
ومن أهم ما تعنيه هذه الكلمة إتقان صاحبها في حفظ القرآن الكريم وقد كانوا كذلك بالفعل ،
وعندما كان يتقدمنا في الصلاة إماما ونستمع إلى قراءته وكأن اللؤلؤ يتناثر من فمه
وإن شئت قل: الماء العذب الرقراق ينساب بهدوء من شلال فضي ،
يكسو قراءته المتقنة المهابة والجلال والخشوع والوقار ،
وما إن تنتهي الصلاة إلا وتجد المصلين على بكرة أبيهم قد علا وجههم نورا من أثر تدبر قراءته ،
ولم لا ؟ فقد تسرب إلى القلوب ريح عطرة فوجلت وسُكب في النفوس ماء الإيمان فهدأت ،
ولربما سمعت همهمة لا تكاد تتبين كلماتها ، فإن ألقيت إليها السمع اتضح لك معالمها والتحمت مبانيها وتوحدت معانيها في مبنى واحد بمعنى واحد :
طالب في معهد القراءت ، هذا المبنى ، أما المعنى: قارئ حاذق ماهر متقن لحفظه وقراءته!!
وفي هذه الآونة ، لم يعد هذا المبنى يحمل ذاك المعنى إلا في قليل تكاد تخطئه العين ،
وصار معنى الإتقان عزيزا والواقع الذي نعيشه يؤيد ذلك ولا ينكره ؛ فكثيرا ما ألتقي مع أناس يقولون:
إنهم يجمعون القراءات العشر وهم لا أقول لا يتقنون حفظ القرآن الكريم وإنما لا يحفظونه ولم يجربوا حفظه !!
نعم ، قد تعجب مما أقول ولكن هذا حق جاءني يسعى ، وإن شئت سودتُّ لك صحيفة أروي فيها أخبارا من الواقع
عجبا ولكن سأكتفي بخبرين لا أحسب أني أستطيع نسيانهما ما حييت ؛
أولهما : قبل ثلاثة أعوام على وجه التقريب ، تم الإعلان عن مسابقة في حفظ القرآن الكريم كاملا وكانت الجائزة عمرة ،
فجاء أحد المتسابقين - وكان شابا لم يتم العقد الثالث من عمره - ليملأ استمارة بياناته الخاصة
فلما فرغ من تسويدها التفت إليَّ - وكنت آنذاك قيمَ المسابقة - قائلا:
هل تريدون (شيخا) يتصدر لإقراء القراءات ويمنح الإجازات بأعلى الأسانيد ، فسألته : ومن ذاك ( الشيخ) ؟
فأجاب قائلا: أنا ! فقلت له: هل أنت مستعد للمسابقة أيها ( الشيخ)؟
فأجاب بما هو واقع أكثر طلاب القراءات: أنا مقصر جدا في مراجعة القرآن
وقلت في نفسي لعل هذه المسابقة تكون سببا محفزا للمراجعة!
لا تعجب أيها القارئ الكريم من قوله وإنما اعجب منه عندما اندرج في المتسابقين ومَثل أمام لجنة الاختبار التي كنتُ رأسها ،
فإذا به لا يستطيع الإجابة على أسئلة الحفظ ولن أتحدث عن مستوى الأداء الذي كان يقترب من درجة التجمد!
وثانيهما لفتاة تحدثت معي عبرالهاتف منذ أكثر من عامين تعلن عن رغبتها في القراءة لنيل إجازة متصلة السند في قراءة عاصم ، فسألتها:
هل أنت حافظة للقرآن الكريم ؟! قالت: نعم ، فقلتُ : قد قررت لك موعدا للاختبار في نصف القرآن الثاني بعد (أسبوعين) ،
قالت : سوف آتي في الموعد المحدد ، ولكنها لم تأتى حتى لحظات كتابة هذه الكلمات ولكن ما زلت آملا أن تأتي يوما ما من الدهر!!
والآن وبكل صراحة ووضوح ، أجب على الأسئلة الآتية أيها الطالب للقراءات وأيتها الطالبة للقراءات:
هل أنت حافظ متقن للقرآن الكريم ؟
إن كانت الإجابة : لا ، فأنصحك أن تراجع نفسك وترجع إلى حفظ القرآن الكريم أولا ؛
ولا تخترق قانون طلب العلم وهو التدرج ؛ فإن أساس طلب علم القراءات حفظ القرآن الكريم.
وإن كانت الإجابة نعم ، فاستعن بالله على طلب هذا العلم الشريف بعد تحصيل الواجب من علوم الشريعة
مع ضرورة تمحيص القلب وتجويد النية ولا يكن مبتغاك تحصيل الشهادات وجمع الإجازات وحيازة الألقاب ،
فالله الله في النيات فإنها أساس القبول وتحقيق الغايات.
هذه نصيحتي لم أجعلها تمر على اللسان ولكن أرسلتها لك من سويداء القلب ،
فتفكر فتفكر فتفكر واستعن بالله ربك ، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
لا سيما بعد صحوة تعلم القراءات والمسارعة والمسابقة والمنافسة في جمعها والإجازة بها.
في الزمان الماضي ، عندما كان يحضر مجلسنا رجل لا نعرفه ثم يقال لنا إنه من طلاب معهد القراءات يكبر في أعيننا ونعظم أمره ؛
فقد كانت كلمة " طالب في معهد القراءات " تعني الكثير والكثير ،
ومن أهم ما تعنيه هذه الكلمة إتقان صاحبها في حفظ القرآن الكريم وقد كانوا كذلك بالفعل ،
وعندما كان يتقدمنا في الصلاة إماما ونستمع إلى قراءته وكأن اللؤلؤ يتناثر من فمه
وإن شئت قل: الماء العذب الرقراق ينساب بهدوء من شلال فضي ،
يكسو قراءته المتقنة المهابة والجلال والخشوع والوقار ،
وما إن تنتهي الصلاة إلا وتجد المصلين على بكرة أبيهم قد علا وجههم نورا من أثر تدبر قراءته ،
ولم لا ؟ فقد تسرب إلى القلوب ريح عطرة فوجلت وسُكب في النفوس ماء الإيمان فهدأت ،
ولربما سمعت همهمة لا تكاد تتبين كلماتها ، فإن ألقيت إليها السمع اتضح لك معالمها والتحمت مبانيها وتوحدت معانيها في مبنى واحد بمعنى واحد :
طالب في معهد القراءت ، هذا المبنى ، أما المعنى: قارئ حاذق ماهر متقن لحفظه وقراءته!!
وفي هذه الآونة ، لم يعد هذا المبنى يحمل ذاك المعنى إلا في قليل تكاد تخطئه العين ،
وصار معنى الإتقان عزيزا والواقع الذي نعيشه يؤيد ذلك ولا ينكره ؛ فكثيرا ما ألتقي مع أناس يقولون:
إنهم يجمعون القراءات العشر وهم لا أقول لا يتقنون حفظ القرآن الكريم وإنما لا يحفظونه ولم يجربوا حفظه !!
نعم ، قد تعجب مما أقول ولكن هذا حق جاءني يسعى ، وإن شئت سودتُّ لك صحيفة أروي فيها أخبارا من الواقع
عجبا ولكن سأكتفي بخبرين لا أحسب أني أستطيع نسيانهما ما حييت ؛
أولهما : قبل ثلاثة أعوام على وجه التقريب ، تم الإعلان عن مسابقة في حفظ القرآن الكريم كاملا وكانت الجائزة عمرة ،
فجاء أحد المتسابقين - وكان شابا لم يتم العقد الثالث من عمره - ليملأ استمارة بياناته الخاصة
فلما فرغ من تسويدها التفت إليَّ - وكنت آنذاك قيمَ المسابقة - قائلا:
هل تريدون (شيخا) يتصدر لإقراء القراءات ويمنح الإجازات بأعلى الأسانيد ، فسألته : ومن ذاك ( الشيخ) ؟
فأجاب قائلا: أنا ! فقلت له: هل أنت مستعد للمسابقة أيها ( الشيخ)؟
فأجاب بما هو واقع أكثر طلاب القراءات: أنا مقصر جدا في مراجعة القرآن
وقلت في نفسي لعل هذه المسابقة تكون سببا محفزا للمراجعة!
لا تعجب أيها القارئ الكريم من قوله وإنما اعجب منه عندما اندرج في المتسابقين ومَثل أمام لجنة الاختبار التي كنتُ رأسها ،
فإذا به لا يستطيع الإجابة على أسئلة الحفظ ولن أتحدث عن مستوى الأداء الذي كان يقترب من درجة التجمد!
وثانيهما لفتاة تحدثت معي عبرالهاتف منذ أكثر من عامين تعلن عن رغبتها في القراءة لنيل إجازة متصلة السند في قراءة عاصم ، فسألتها:
هل أنت حافظة للقرآن الكريم ؟! قالت: نعم ، فقلتُ : قد قررت لك موعدا للاختبار في نصف القرآن الثاني بعد (أسبوعين) ،
قالت : سوف آتي في الموعد المحدد ، ولكنها لم تأتى حتى لحظات كتابة هذه الكلمات ولكن ما زلت آملا أن تأتي يوما ما من الدهر!!
والآن وبكل صراحة ووضوح ، أجب على الأسئلة الآتية أيها الطالب للقراءات وأيتها الطالبة للقراءات:
هل أنت حافظ متقن للقرآن الكريم ؟
إن كانت الإجابة : لا ، فأنصحك أن تراجع نفسك وترجع إلى حفظ القرآن الكريم أولا ؛
ولا تخترق قانون طلب العلم وهو التدرج ؛ فإن أساس طلب علم القراءات حفظ القرآن الكريم.
وإن كانت الإجابة نعم ، فاستعن بالله على طلب هذا العلم الشريف بعد تحصيل الواجب من علوم الشريعة
مع ضرورة تمحيص القلب وتجويد النية ولا يكن مبتغاك تحصيل الشهادات وجمع الإجازات وحيازة الألقاب ،
فالله الله في النيات فإنها أساس القبول وتحقيق الغايات.
هذه نصيحتي لم أجعلها تمر على اللسان ولكن أرسلتها لك من سويداء القلب ،
فتفكر فتفكر فتفكر واستعن بالله ربك ، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
كتبه الشيخ الدكتور سعيد حمزة
تعليق