إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المحكم والمتشابه فى القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المحكم والمتشابه فى القرآن




    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد يتنوع القرآن الكريم باعتبار الإحكام والتشابه إلى ثلاثة أنواع


    النوع الأول : الإحكام العام

    الذي وُصف به القرآن كله، مثل قوله تعالى كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ هود ،
    وقوله جل وعلا
    الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ يونس

    وقوله تبارك وتعالى وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ الزخرف
    ومعنى هذا الإحكام الإتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه، فهو في غاية الفصاحة والبلاغة، أخباره كلها صدق نافعة، ليس فيها كذب، ولا تناقض ولا اختلاف، وأوامره كلها خير وبركة وصلاح، ونواهيه متعلقة بالشرور والأضرار، والأخلاق الرذيلة، والأعمال السيئة، وأحكامه كلها عدل وحكمة، ليس فيها جَوْر ولا تعارض، فهذا إحكامه





    النوع الثاني: التشابه العام
    الذي وصف به القرآن كله مثل قوله تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ الزمر ، ومعنى هذا التشابه أن القرآن كله يشبه بعضه بعضًا في الكمال والجودة والغايات الحميدة، قال الله سبحانه وتعالى وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا النساء
    فألفاظه أحسن الألفاظ، ومعانيه أحسن المعاني





    النوع الثالث :الإحكام الخاص ببعضه والتشابه الخاص ببعضه
    مثل قوله تعالى هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ آل عمران ، ومعنى هذا الإحكام أن يكون معنى الآية واضحًا جليًّا لا خفاء فيه، مثل قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا الحجرات ، وقوله جل وعلا يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة ، وقوله سبحانه وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ البقرة ، وقوله تبارك وتعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ المائدة وأمثال ذلك كثيرة
    فهذا الإحكام والتشابه في القرآن كما قدمنا على ثلاثة أنواع إحكام عام وتشابه عام وإحكام خاص، وتشابه خاص
    كله وُصف به القرآن، قال الله تعالى في وصف العام الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ يونس ، وقال تبارك وتعالى كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ هود ، وقال سبحانه وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ الزخرف ، فأنت ترى أن القرآن كله وُصف بالحكمة، وأنه حكيم، وحكيم بمعنى محكم وبمعنى حاكم؛ لأن القرآن أداة الحكم ومعنى هذا الإحكام الإتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه، فكله محكم متقن جيد في أعلى ما يكون، ولكن هل هو يتفاضل في هذا الباب؟
    الجواب أما من حيث المتكلم به فإنه لا يتفاضل؛ لأن المتكلم به واحد وهو الله جل جلاله، أما من حيث الأسلوب والمعنى فإنه يتفاضل، قال النبي حين سأل أُبي بن كعب أيّ آية في كتاب الله أعظم؟ قال آية الكرسي اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ البقرة فضرب على صدره وقال «لِيَهْنِكَ العلمُ يا أبا المنذر» مسلم
    وقال في الفاتحة إنها أعظم سورة في كتاب الله البخاري
    وقال في قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إنها تعدل ثلث القرآن البخاري ، ومسلم

    فالقرآن يتفاضل من هذا الوجه، أما من جهة المتكلم به فلا يتفاضل
    أما الثاني فالتشابه العام، وهو أن القرآن يشبه بعضه بعضًا في الكمال، والجودة والإحكام، والأحكام والأخبار وغيرها؛ لقوله تعالى
    (
    اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ )الزمر
    ما قال بعضه متشابه، بل كله، فهو يشبه بعضه بعضًا في الكمال والجودة والإتقان وغير ذلك ولهذا كان جميع القرآن معجزة
    شرح أصول في التفسير لابن عثيمين





    أولاً المعنى اللغوي
    لهذين اللفظين إطلاقات في اللغة وإطلاقات في الاصطلاح
    فاللغويون يستعملون مادة الإحكام بكسر الهمز في معانٍ متعددة، لكنها مع تعددها ترجع إلى شيء واحد، هو المنع، فيقولون أحكم الأمر أي أتقنه ومنعه عن الفساد ويقولون أحكمه عن الأمر أي أرجعه عنه ومنعه منه ويقولون حكم نفسه وحكم الناس، أي منع نفسه ومنع الناس عما لا ينبغي، ويقولون أحكم الفَرَس أي جعل له حَكَمةً بفتحات ثلاث ، والحَكَمَةَ ما أحاط بحنكي الفرس من لجام يمنعه من الاضطراب
    وقيل «آتاه الله الحكمة» أي العدل أو العلم، أو الحلم أو النبوة، أو القرآن
    وكذلك يستعمل اللغويون مادة التشابه فيما يدل على المشاركة في المماثلة والمشاكلة، والمؤدية إلى الالتباس غالبًا يقال تشابها واشتبها، أي أشْبَهَ كلٌّ منهما الآخر حتى التبسا
    ويقال أمور مشتبهة ومشَبَّهة على وزان معظمة أي مشكلة
    والشُّبهة بالضم الالتباس، ويقال شُبِّهَ عليه الأمر تشبيهًا، أي لُبِّس عليه بضم الأول وتشديد الثاني مع كسره في الفعلين شُبِّه وَلُبِّس ، ومنه قول الله سبحانه وصفًا لرزق الجنة وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا البقرة ، أي يشبه بعضه بعضًا في المنظر، ويختلف في الطعم
    ومنه قوله حكاية عن بني إسرائيل إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا البقرة ، أي اختلط علينا أمرُه والتبس فلا ندري ما المقصود منه
    عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي





    المعنى الاصطلاحي
    يطلق المحكم في لسان الشرعيين على ما يقابل المنسوخ تارة، وعلى ما يقابل المتشابه تارة أخرى، فيُراد به على الاصطلاح الأول الحكم الشرعي الذي لم يتطرق إليه نسخ، ويراد به على الثاني ما ورد من نصوص الكتاب أو السنة دالاً على معناه بوضوح لا خفاء فيه، على ما سيأتي تفصيله، وموضوع بحثنا هنا متعلق بالاصطلاح الثاني مناهل العرفان للزرقاني
    أما المتشابه فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في المتشابه قولان
    أحدهما أنها آيات بعينها تتشابه على كل الناس
    والثاني وهو الصحيح أن التشابه أمر نسبي، فقد يتشابه عند هذا ما لا يتشابه عند غيره، وسيأتي كلام شيخ الإسلام مفصلاً فيما بعد
    وحتى يتضح المعنى المراد من الإحكام والتشابه لا بد من تأويل آية آل عمران
    (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ )آل عمران

    قوله الْكِتَابِ هو القرآن، ثم قسّم الله هذا الكتاب؛ فقال مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ يعني ومنه أُخر متشابهات، وهنا يتعين أن نقول «ومنه أُخر» ليتم التقسيم
    فـ «أُخر» مبتدأ خبره محذوف يعني ومنه أخر متشابهات، نظير قوله تعالى فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ هود ، فـ «سعيد» هنا ليست معطوفة على «شقي»؛ لأنها لو كانت معطوفة عليها لفسد التقسيم، ولكن التقدير منهم شقي ومنهم سعيد
    والاشتباه قد يكون اشتباهًا في المعنى، بحيث يكون المعنى غير واضح، أو اشتباهًا في التعارض، بحيث يظن الظان أن القرآن يعارض بعضه بعضًا، وهذا لا يمكن أن يكون؛ لأن الله عز وجل قال وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا النساء ، والقرآن يصدق بعضه بعضًا
    والتعارض الذي قد يفهمه بعض الناس يكون للأسباب التالية إما لقصور في العلم أو قصور في الفهم أو تقصير في التدبر
    أو سوء في القصد، بحيث يظن أن القرآن يتعارض، فإذا ظن هذا الظن لم يوفَّق للجمع بين النصوص، فيُحرَم الخير؛ لأنه ظن ما لا يليق بالقرآن، قال الله تعالى مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ «الآيات» جمع آية، وهي العلامة، وكل آية في القرآن هي علامة على مُنزلها؛ لما فيها من الإعجاز والتحدي
    وقوله مُحْكَمَاتٌ أي متقنات في الدلالة والحكم والخبر، فأخبارها وأحكامها متقنة معلومة ليس فيها إشكال
    وقوله وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ يعني أن أحكامها غير معلومة، وأخبارها غير معلومة، فصار المحكم هو المتقن في الدلالة، سواء كان خبرًا أو حكمًا، والمتشابه هو الذي دلالته غير واضحة، سواء كان خبرًا أو حكمًا
    ولذلك نجد أن بعض الآيات لا تدل دلالة صريحة على الحكم الذي اسْتُدِل بها عليه، وبعض الآيات الخبرية أيضًا لا تدل دلالة صريحة على الخبر الذي استُدل بها عليه قال الله تعالى
    (
    هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ )

    قدَّم وصف هذه المحكمات وبيان حالها؛ ليتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر أنه يرد المتشابهات إلى المحكمات؛ لأنها أمٌّ، وأمُّ الشيء مرجعه وأصله، كما قال تعالى يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ الرعد ، أي المرجع وهو اللوح المحفوظ الذي ترجع الكتابات كلها إليه، ومنه سُميت الفاتحة أم الكتاب؛ لأن مرجع القرآن إليها، فهذه المحكمات يجب أن تُرد إليها المتشابهات
    قال الله تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ينقسم الناس بالنسبة إلى هذه المتشابهات إلى قسمين
    قسم يتبعون المتشابه، ويضعونه أمام الناس، ويعرضونه عليهم؛ فيقولون كيف كذا؟ كيف كذا؟
    وقسم آخر يقولون آمنا به كل من عند ربنا، فإذا كان من عند ربنا فلا يمكن أن يتناقض، ولا يمكن أن يخالف بعضه بعضًا، بل هو متحد متفق، فيرد المتشابه منه إلى المحكم، ويكون جميعه محكمًا
    قوله تعالى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ الزيغ بمعنى الميل، من قولهم زاغت الشمس إذا مالت عن كبد السماء أي وسط السماء
    أي في قلوبهم ميل عن الحق، فهم لا يريدون الحق، وإنما يتتبعون المتشابه، فتجدهم والعياذ بالله يأخذون آيات القرآن التي فيها اشتباه حتى يضربوا بعضها ببعض وما أكثر هؤلاء، ليصدوا عن سبيل الله ويشككوا الناس في كلام الله عز وجل، وأما الذين ليس في قلوبهم زيغ وهم الراسخون في العلم الذين عندهم من العلم ما يتمكنون به أن يجمعوا بين الآيات المتشابهة، وأن يعرفوا معناها، فهؤلاء لا يكون عندهم هذا التشابه، بل يقولون آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ، فلا يرون في القرآن شيئًا متعارضًا متناقضًا
    وكل أهل البدع من الرافضة الشيعة والخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم كلهم اتبعوا ما تشابه منه، لكن مستقل ومستكثر، فهؤلاء يتبعون ما تشابه لهذين الغرضين، أو لأحدهما
    ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ أي صد الناس عن دين الله؛ لأن الفتنة بمعنى الصد عن دين الله، كما قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ البروج ، فتنوهم يعني صدوهم عن دين الله
    وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ أي طلب تأويله لما يريدون، فهم يفسرونه على مرادهم لا على مراد الله تعالى اهـ تفسير ابن عثيمين
    واختُلف هل المتشابه مما يمكن الاطلاع على علمه، أو لا يعلمه إلا الله ؟ على قولين منشؤهما الاختلاف في قوله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آل عمران ، هل هو معطوف و«يقولون» حال ؟ أو مبتدأ، وخبره «يقولون» والواو للاستئناف ؟
    فأكثر السلف وقف على قوله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ ، ثم نبتدئ فنقول وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ، وعلى هذا تكون الواو في وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ للاستئناف، «والراسخون» مبتدأ وجملة «يقولون» خبر المبتدأ، ويصبح المعنى أن هذا المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله عز وجل، وأن الراسخون في العلم لما لم يعلموا تأويله، قالوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ، وليس في كلام ربنا تناقض ولا تضارب، فيسلِّمون الأمر إلى الله عز وجل، لأنه هو العالم بما أراد
    ووصل بعض السلف ولم يقف، فقرأ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ، فتكون الواو للعطف، والراسخون معطوفة على لفظ الجلالة، أي لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، بخلاف الذين في قلوبهم زيغ فهؤلاء لا يعلمون، والحقيقة أن ظاهر القراءتين التعارض ؛ لأن
    القراءة الأولى تقتضي أنه لا يعلم تأويل هذا المتشابه إلا الله
    والقراءة الثانية تقتضي أن هذا المتشابه يعلم تأويله الله والراسخون في العلم فيكون ظاهر القولين التعارض، ولكن الصحيح أنه لا تعارض بينهما، وأن هذا الخلاف مبني على الاختلاف في معنى التأويل في قوله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ ، فإن كان المراد بالتأويل التفسير فقراءة الوصل أولى؛ لأن الراسخين في العلم يعلمون تفسير القرآن المتشابه، ولا يخفى عليهم؛ لرسوخهم في العلم، وبلوغهم عمقه، لأن الراسخ في الشيء هو الثابت فيه المتمكن منه، فهم لتمكنهم وثبوت أقدامهم في العلم وتعمقهم فيه يعلمون ما يخفى على غيرهم
    أما إذا جعلنا التأويل بمعنى العاقبة والغاية المجهولة، فالوقف على «إلا الله» أولى؛ لأن عاقبة هذا المتشابه وما يؤول إليه أمره مجهول لكل الخلق
    والتأويل يكون بمعنى التفسير، وبمعنى العاقبة المجهولة التي لا يعلمها إلا الله، وكلا المعنيين موجود في القرآن
    فمن الأول قول أحد صاحبي السجن ليوسف عليه السلام إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ يوسف ، أي بتفسير هذه الرؤية ما معناها ؟ ففسرها، ومن ذلك قول الرسول في ابن عباس «اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل»
    رواه أحمد وصححه الشيخ أحمد شاكر





    أي تفسير الكلام ومعرفة معناه
    ومن الثاني قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ الأعراف
    فقوله هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يعني عاقبته وهو ما يؤول إليه
    يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ بمعنى تأتي عاقبته التي وُعدوا بها، ومنه كذلك قوله تعالى ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً النساء
    يعني أحسن عاقبة ومآلاً
    تفسير ابن عثيمين

    منقول من مجلة التوحيد


    التعديل الأخير تم بواسطة م/ جيهان; الساعة 30-12-2018, 11:00 PM.
    [SWF]http://ia600309.us.archive.org/30/items/TvQuran.com__Flash/TvQuran.com_04.swf[/SWF]

  • #2
    رد: المحكم والمتشابة فى القرآن



    ولكن الموضوع طويل ولم اكمل قرأته وان شاء الله تعالى لى عوده للقرأه المتأنيه والمفحصه

    بارك الله فيك اخى ونفع الله بك

    احبك فى الله

    التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 02-09-2014, 10:32 PM.
    { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
    سورة الرعد الآية 17

    تعليق


    • #3
      رد: المحكم والمتشابة فى القرآن

      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع الله بكم


      تعليق


      • #4
        رد: المحكم والمتشابة فى القرآن

        جزاكم الله خيرًا

        تعليق


        • #5
          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاك الله خيراً
          أخي الكريم ونفع بك
          وبارك فيك

          تعليق

          يعمل...
          X