بِسمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ
اقْرَأْ بِاسمِ رَبِّك الّذِى خَلَقَ (1) خَلَقَ الانسنَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَ رَبّك الأَكْرَمُ (3) الّذِى عَلّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلّمَ الانسنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
«اقرأ باسم ربك» هذا أمر من الله سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقرأ باسم ربه و أن يدعوه بأسمائه الحسنى و في تعظيم الاسم تعظيم المسمى لأن الاسم ذكر المسمى بما يخصه فلا سبيل إلى تعظيمه إلا بمعناه و لهذا لا يعظم اسم الله حق تعظيمه إلا من هو عارف به و معتقد عبادته و لهذا قال سبحانه قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى و قال سبح اسم ربك الأعلى فالباء هنا زائدة و التقدير اقرأ باسم ربك و أكثر المفسرين على أن هذه السورة أول ما نزل من القرآن و أول يوم نزل جبرائيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو قائم على حراء علمه خمس آيات من أول هذه السورة و قيل أول ما نزل من القرآن قوله «يا أيها المدثر» و قد مر ذكره و قيل أول سورة نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاتحة الكتاب رواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لخديجة: إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقالت ما يفعل الله بك إلا خيرا فو الله إنك لتؤدي الأمانة و تصل الرحم و تصدق الحديث قالت خديجة: فانطلقنا إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى هو ابن عم خديجة فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما رأى فقال له ورقة: إذا أتاك فاثبت له حتى تسمع ما يقول ثم أتيني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد قل له ذلك فقال له أبشر ثم أبشر فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم و أنك على مثل ناموس موسى و أنك نبي مرسل و أنك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا و لئن أدركني ذلك لأجاهدن معك فلما توفي ورقة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي و صدقني يعني ورقة و روي أن ورقة قال في ذلك:
فإن يك حقا يا خديجة فأعلمي حديثك إيانا فأحمد مرسل
وجبريل يأتيه و ميكال معهما من الله وحي يشرح الصدر منزل
يفوز به من فاز عزا لدينه ويشقى به الغاوي الشقي المضلل
فريقان منهم فرقة في جنانه وأخرى بأغلال الجحيم تغلغل
ثم وصف سبحانه ربه و بينه بفعله الدال عليه فقال «الذي خلق» أي خلق جميع المخلوقات على مقتضى حكمته و أخرجه من العدم إلى الوجود بكمال قدرته ثم خص الإنسان بالذكر تشريفا له و تنبيها على إبانته إياه عن سائر الحيوان فقال «خلق الإنسان من علق» أراد به جنس بني آدم أي خلقهم من دم جامد بعد النطفة و قيل معناه خلق آدم من طين يعلق باليد و الأول أصح و في هذا إشارة إلى بيان النعمة بأن خلقه من الأصل الذي هو في الغاية القصوى من المهانة ثم بلغ به مبالغ الكمال حتى صار بشرا سويا مهيئا للنطق و التمييز مفرغا في قالب الاعتدال و أنه كما نقل الإنسان من حال إلى حال حتى استكمل كذلك بنقلك من الجهالة إلى درجة النبوة و الرسالة حتى تستكمل شرف محلها ثم أكد الأمر بالإعادة فقال «اقرأ» و قيل أمره في الأول بالقراءة لنفسه و في الثاني بالقراءة للتبليغ و ليس بتكرار عن الجبائي و معناه اقرأ القرآن «و ربك الأكرم» أي الأعظم كرما فلا يبلغه كرم كريم لأنه يعطي من النعم ما لا يقدر على مثله غيره فكل نعمة توجد من جهته تعالى إما بأن اخترعها و إما سببها و سهل الطريق إليها و قيل معناه بلغ قومك و ربك الأكرم الذي يثيبك على عملك بما يقتضيه كرمه و يقويك و يعينك على حفظ القرآن «الذي علم بالقلم» أي علم الكاتب أن يكتب بالقلم أو علم الإنسان البيان بالقلم أو علم الكتابة بالقلم امتن سبحانه على خلقه بما علمهم من كيفية الكتابة بالقلم لما في ذلك من كثرة الانتفاع فيما يتعلق بالدين و الدنيا قال قتادة: القلم نعمة من الله عظيمة لولاه لم يقم دين و لم يصلح عيش و قال بعضهم في وصفه:
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه وأري الجنى اشتارته أيد عواسل
و قيل أراد سبحانه آدم لأنه أول من كتب عن كعب و قيل أول من كتب إدريس عن الضحاك و قيل أراد كل نبي كتب بالقلم لأنه ما علمه إلا بتعليم الله إياه «علم الإنسان ما لم يعلم» من أنواع الهدى و البيان و أمور الدين و الشرائع و الأحكام فجميع ما يعلمه الإنسان
اقْرَأْ بِاسمِ رَبِّك الّذِى خَلَقَ (1) خَلَقَ الانسنَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَ رَبّك الأَكْرَمُ (3) الّذِى عَلّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلّمَ الانسنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
«اقرأ باسم ربك» هذا أمر من الله سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقرأ باسم ربه و أن يدعوه بأسمائه الحسنى و في تعظيم الاسم تعظيم المسمى لأن الاسم ذكر المسمى بما يخصه فلا سبيل إلى تعظيمه إلا بمعناه و لهذا لا يعظم اسم الله حق تعظيمه إلا من هو عارف به و معتقد عبادته و لهذا قال سبحانه قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى و قال سبح اسم ربك الأعلى فالباء هنا زائدة و التقدير اقرأ باسم ربك و أكثر المفسرين على أن هذه السورة أول ما نزل من القرآن و أول يوم نزل جبرائيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو قائم على حراء علمه خمس آيات من أول هذه السورة و قيل أول ما نزل من القرآن قوله «يا أيها المدثر» و قد مر ذكره و قيل أول سورة نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاتحة الكتاب رواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لخديجة: إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقالت ما يفعل الله بك إلا خيرا فو الله إنك لتؤدي الأمانة و تصل الرحم و تصدق الحديث قالت خديجة: فانطلقنا إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى هو ابن عم خديجة فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما رأى فقال له ورقة: إذا أتاك فاثبت له حتى تسمع ما يقول ثم أتيني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد قل له ذلك فقال له أبشر ثم أبشر فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم و أنك على مثل ناموس موسى و أنك نبي مرسل و أنك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا و لئن أدركني ذلك لأجاهدن معك فلما توفي ورقة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي و صدقني يعني ورقة و روي أن ورقة قال في ذلك:
فإن يك حقا يا خديجة فأعلمي حديثك إيانا فأحمد مرسل
وجبريل يأتيه و ميكال معهما من الله وحي يشرح الصدر منزل
يفوز به من فاز عزا لدينه ويشقى به الغاوي الشقي المضلل
فريقان منهم فرقة في جنانه وأخرى بأغلال الجحيم تغلغل
ثم وصف سبحانه ربه و بينه بفعله الدال عليه فقال «الذي خلق» أي خلق جميع المخلوقات على مقتضى حكمته و أخرجه من العدم إلى الوجود بكمال قدرته ثم خص الإنسان بالذكر تشريفا له و تنبيها على إبانته إياه عن سائر الحيوان فقال «خلق الإنسان من علق» أراد به جنس بني آدم أي خلقهم من دم جامد بعد النطفة و قيل معناه خلق آدم من طين يعلق باليد و الأول أصح و في هذا إشارة إلى بيان النعمة بأن خلقه من الأصل الذي هو في الغاية القصوى من المهانة ثم بلغ به مبالغ الكمال حتى صار بشرا سويا مهيئا للنطق و التمييز مفرغا في قالب الاعتدال و أنه كما نقل الإنسان من حال إلى حال حتى استكمل كذلك بنقلك من الجهالة إلى درجة النبوة و الرسالة حتى تستكمل شرف محلها ثم أكد الأمر بالإعادة فقال «اقرأ» و قيل أمره في الأول بالقراءة لنفسه و في الثاني بالقراءة للتبليغ و ليس بتكرار عن الجبائي و معناه اقرأ القرآن «و ربك الأكرم» أي الأعظم كرما فلا يبلغه كرم كريم لأنه يعطي من النعم ما لا يقدر على مثله غيره فكل نعمة توجد من جهته تعالى إما بأن اخترعها و إما سببها و سهل الطريق إليها و قيل معناه بلغ قومك و ربك الأكرم الذي يثيبك على عملك بما يقتضيه كرمه و يقويك و يعينك على حفظ القرآن «الذي علم بالقلم» أي علم الكاتب أن يكتب بالقلم أو علم الإنسان البيان بالقلم أو علم الكتابة بالقلم امتن سبحانه على خلقه بما علمهم من كيفية الكتابة بالقلم لما في ذلك من كثرة الانتفاع فيما يتعلق بالدين و الدنيا قال قتادة: القلم نعمة من الله عظيمة لولاه لم يقم دين و لم يصلح عيش و قال بعضهم في وصفه:
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه وأري الجنى اشتارته أيد عواسل
و قيل أراد سبحانه آدم لأنه أول من كتب عن كعب و قيل أول من كتب إدريس عن الضحاك و قيل أراد كل نبي كتب بالقلم لأنه ما علمه إلا بتعليم الله إياه «علم الإنسان ما لم يعلم» من أنواع الهدى و البيان و أمور الدين و الشرائع و الأحكام فجميع ما يعلمه الإنسان
تعليق