إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة


    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء الثلاثون
    (26)
    وبعض آيات من سورة القدر

    المصدر الإلهي للقرآن العظيم

    إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ-1 وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ -2 لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ -3 تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ -4 سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ - 5


    تتحدث سورة القدر عن زمن نزول القرآن العظيم إلى السماء الدنيا من لدن رب العزة , ثم نزوله منجما فترة البعثة الشريفة ,ليكون قرآنا مطبقا مع كل حدث ويعيش المؤمن متطلعا إلى خبر السماء طيلة البعثة النبوية الشريفة لنبينا صلوات ربي وسلامه عليه .

    وإنه لشعور عظيم والمسلمون يترقبون خبر السماء يتنزل عليهم لينظم لهم حياتهم ويعلمهم مالم يكونوا يعلمون ..
    فكانوا يحفظون الآيات مع العمل بها فجعلت منهم خير أمة أخرجت للناس ينشرون العدل والحرية في ربوع الأرض..

    وبقدر تدبرنا اليوم للقرآن العظيم بقدر تعرضنا لرحمات ربنا جل وعلا . وكأنه ينزل إلينا هذه الأيام , وكثير ممن يتلون القرآن يشعرون بذلك , يشعرون بالسكينة والرحمة , والهدوء , والشفاء من مرض القلوب . ويشعرون بمخاطبة الله تعالى لهم , فالقرآن العظيم كلام الله تعالى .

    قال تعالى في سورة التوبة :

    وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ – 6

    وقد تولى المولى تبارك وتعالى حفظ كتابه , فجعله ميسر للذكر وميسر للحفظ , وإنك لتعجب اليوم من حفظة للقرآن صغارا وكبارا حول العالم ولا يتحدثون اللغة العربية... إنه لإعجاز يفوق التصور ..ولكنه الحفظ الإلهي لكتابه , فلا يزيد حرف ولا ينقص حرف . وإن حدث يكتشف فورا فتحرق النسخ التي زاد فيها حرف أو نقص منها حرف .. وقد حدث ذلك وكان أولها ما فعله الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه..
    فإن العرضة الأخيرة من جبريل عليه السلام للقرآن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي بين أيدينا من أوله إلى أخره من حيث ترتيب السور وعدد الآيات.. وقد ثبت ذلك بالتواتر.. والنسخ المحفوظة حتى الأن . والأهم من ذلك أن تلقي حفظ القرآن لا يتم إلا بالمشافهة أي عن طريق الحفاظ لطلاب العلم ولا يتم بالقراءة فقط ..فالقارئ للقرآن العظيم سمعه من شيخه الذي سمعه الأخير بدوره من شيخة أيضا إلى أن يصل أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم..

    قال تعالى في سورة الحجر :

    إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ– 9

    أي: القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة، وفيه يتذكر من أراد التذكر، ﴿ وإنا له لحافظون ﴾ أي : في حال إنزاله وبعد إنزاله ، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله ، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته ، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص ، ومعانيه من التبديل ، فلا يحرف محرف معنى من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين، ومن حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم، ولا يسلط عليهم عدوا يجتاحهم.

    إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْ
    رِ -1

    وهي ليلة بدء نزول هذا القرآن على قلب نبينا محمد ـ صلى الله عليه وأله وسلم ـ ليلة ذات الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته، وفي دلالته، وفي آثاره في حياة البشرية جميعاً .
    والعظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري.

    والليلة التي تتحدث عنها السورة هي الليلة التي جاء ذكرها في سورة الدخان.
    إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك إنه هو السميع العليم .

    والمعروف أنها ليلة من ليالي رمضان، كما ورد في سورة البقرة:
    شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان....

    فهل أدركنا أهمية القرآن العظيم في تنظيم حياتنا وسلوكنا وأخلاقنا فهو دستور الأخلاق الفاضلة وهو المصدر الأول لشريعة الإسلام..
    فما أعظم المجتمعات التي يكون مصدر تشريعاتهم كلام الله تعالى وسنة نبينا صلوات ربي وسلامه عليه...

    *********

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

    تعليق


    • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة


      بسم الله الرحمن الرحيم

      مع الجزء الثلاثون
      (27)
      وبعض آيات من سورة البينة

      خير البرية


      إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ- 7

      ******

      ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) إنه الإيمان الذي ينشئ آثاره في واقع الحياة .. فالمؤمن من أمنه الناس والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ..
      ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) أي العمل وليس الكلام الذي لا يتعدى الشفاه ! .... والصالحات هي كل ما أمر الله تعالى بفعله من عبادة وخلق وعمل وتعامل . وفي أولها إقامة شريعة الله في الأرض , والحكم بين الناس بما شرع الله . فمن كانوا كذلك فهم خير البرية...

      قال تعالى في سورة ال عمران :

      كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ – 110

      يمدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى عبادة الله الواحد وترك عبادة العباد وبذل الجهد على ذلك وبذل المستطاع في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم ... فبهذا كانوا خير أمة أخرجت للناس ، ولما كانت الآية السابقة وهي قوله تعالى :
      ﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر

      أمرا منه تعالى لهذه الأمة، والأمر قد يمتثله المأمور ويقوم به، وقد لا يقوم به ، فإن قامت به الأمة فهم خير البرية, وإن لم تقم به فتتساوى مع باقي الأمم والغلبة للأقوي وهكذا سنة الله في الأرض . فبينت الآية 110 التزام المؤمنون بتلك الأوامر ولذلك إستحقوا لقب الخيرية على الأمم .
      ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )


      فالتمكين في الأرض له شروط .

      وقد تحققت تلك الشروط في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ففتحوا القلوب قبل البلاد وسادوا العالم لقرون عديدة نشروا العدل والحرية , وكانت الدول التي لم تدخل الإسلام في ظلام الجهل والتخلف...

      فهل نحن اليوم مستعدون ومؤهلين لتلك الخيرية ؟؟؟ نتمنى ذلك .!!

      قال تعالى في سورة الحج :


      .... وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ -40

      الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ - 41



      فوعد الله المؤكد الوثيق المتحقق الذي لا يتخلف هو أن ينصر من ينصره . . فمن هم هؤلاء الذين ينصرون الله , فيستحقون نصر الله , القوي العزيز الذي لا يهزم من يتولاه ?

      إنهم هؤلاء ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ )

      فحقق الله تعالى لهم النصر وثبتهم ..لأنهم وثقوا صلتهم به بإقامة الصلاة .. وأدوا حق المال بإخراج الزكاة فحققوا التكافل الإجتماعي الذي يكفل تلاحم الأمة بين الأغنياء والفقراء , ثم محاربة الفساد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..

      بهذه الشروط ترقى الأمم وتستمر في عزتها وكرامتها بين الأمم محققة العدل والحرية والمساوة في ظل شريعة ربها تستلهم منها قوانينها لتسعد في الدنيا بالرخاء والاستقرار والعدالة الإجتماعية.. ثم النعيم الأبدي في الأخرة مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا..

      إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ- 7

      جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ - 8




      *******
      وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

      تعليق


      • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة


        بسم الله الرحمن الرحيم

        مع الجزء الثلاثون
        (28)
        وبعض آيات من سورة الزلزلة

        معاملات الإنسان
        وحساب الأخرة.



        إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا - 1 وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا – 2 وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا - 3
        يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا – 4 بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا – 5 يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ – 6 فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ – 7 وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ – 8



        إنه يوم القيامة حيث ترتجف الأرض الثابتة ارتجافا , وتزلزل زلزالا , وتنفض ما في جوفها نفضا , وتخرج ما يثقلها من أجساد ومعادن وغيرها مما حملته طويلا . وكأنها تتخفف من هذه الأثقال , التي حملتها طويلا ..

        ولعل أكثرنا عايش أحداث الزلازل التي تقع في أماكن مختلفة على وجه الأرض ومدى الفزع والخوف في قلوب البشر ومدى الدمار التي تحدثه تلك الزلازل ولعل الكثير يتذكر كيف تبتلع قرى ومدن كاملة مثل مدينة الأصنام في الجزائر فإنها إختفت تماما من الخارطة الأرضية..

        ولكن زلزال يوم القيامة يختلف عن كل الزلازل التي حدثت على مر العصور ..
        فهو مشهد يهز تحت أقدام المستمعين لهذه السورة كل شيء ثابت ; ويخيل إليهم أنهم يترنحون ويتأرجحون , والأرض من تحتهم تهتز وتمور مشهد يخلع القلوب من كل ما تتشبث به من هذه الأرض , وتحسبه ثابتا باقيا ; وهو الإيحاء الأول لمثل هذه المشاهد التي يصورها القرآن , ويودع فيها حركة تكاد تنتقل إلى أعصاب السامع بمجرد سماع العبارة القرآنية الفريدة....

        ويزيد هذا الأثر وضوحا بتصوير "الإنسان" حيال المشهد المعروض , ورسم انفعالاته وهو يشهده , وقال الإنسان : ما لها ؟؟

        وهو سؤال المفجوء , الذي يرى ما لم يعهد , ويواجه ما لا يدرك , ويشهد ما لا يملك الصبر أمامه والسكوت . مالها ? ؟ ما الذي يزلزلها هكذا ويرجها رجا ? مالها ? ويحاول أن يمسك بأي شيء يسنده ويثبته , وكل ما حوله يمور مورا شديدا..

        والإنسان" قد شهد الزلازل والبراكين من قبل , وكان يصاب منها بالهلع والذعر , والهلاك والدمار , ولكنه حين يرى زلزال يوم القيامة لا يجد أن هناك شبها بينه وبين ما كان يقع من الزلازل والبراكين في الحياة الدنيا . فهذا أمر جديد لا عهد للإنسان به . أمر لا يعرف له سرا , ولا يذكر له نظيرا . أمر هائل يقع للمرة الأولى ...

        يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا – 4 بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا – 5

        يومئذ تحدث هذه الأرض أخبارها , وتصف حالها وما جرى لها . . لقد كان ما كان لها ( بأن ربك أوحى لها ) . . وأمرها أن تمور مورا , وأن تزلزل زلزالها , وأن تخرج أثقالها ..... فأطاعت أمر ربها ( وأذنت لربها وحقت -2 الانشقاق ).


        يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ – 6


        وفي لمحة نرى مشهد القيام من القبور: (
        يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ – 6
        )


        نرى مشهدهم شتيتا منبعثا من أرجاء الأرض ( كأنهم جراد منتشر – 7 القمر ). . وهو مشهد لا عهد للإنسان به كذلك من قبل . مشهد الخلائق في أجيالها جميعا تنبعث من هنا ومن هناك:
        ( يوم تشقق الأرض عنهم سراعا – 44 ق )
        ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه – 37 عبس )

        إنه مشهد لا تعبر عن صفته لغة البشر . هائل مروع . مفزع . مرعب . مذهل....
        لعله يحرك القلوب الغافلة الحائرة التي تهيم في الدنيا وكأنها دار الخلود والأستقرار..ولا تعبأ بأكل الحرام والفساد في الأرض.
        إن المؤمن بذلك اليوم يتلمس الحلال في كل شئ ولا يرضى بالفساد في الأرض ...

        فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ – 7 وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ – 8

        فالذرة لا ترى أبدا حتى بأعظم المجاهر في المعامل و لم يسبق لواحد من العلماء أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها....
        فهذه أو ما يشبهها من ثقل , من خير أو شر , تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها ...
        عندئذ لا يحقر "الإنسان" شيئا من عمله . خيرا كان أو شرا . ولا يقول:هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن . إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله .... وخاصة أن جميع الأعمال تأتي حاضرة يوم القيامة..

        وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا – 49 الكهف

        *******

        اللهم أسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض...أمين أمين أمين.

        إن رحمة الله وسعت كل شئ فهو غافر الذنب وقابل التوب..
        أرشدنا في هذه السورة قبل فوات الأوان..فعمر الإنسان هو الفرصة المتاحة له لتحصيل الحسنات .
        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
        إذا مات الرجل انقطع عمله إلا من ثلاث ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية أو علم ينتفع به ...

        الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن عساكر - المصدر: معجم الشيوخ - الصفحة أو الرقم: 1/432
        خلاصة حكم المحدث: صحيح


        إن جميع معاملات الإنسان على هذه الأرض هي للإختبار , فقد ينجح الإنسان في أحدها دون أن يدري ..كمن سقى كلب بخفه , فدخل بذلك الفعل الجنة..
        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
        بينا رجل بطريق ، اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل فيها ، فشرب ثم خرج ، فإذا كلب يلهث ، يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني ، فنزل البئر فملأ خفه ماء ، فسقى الكلب ، فشكر الله له فغفر له . قالوا : يا رسول الله ، وإن لنا في البهائم لأجرا ؟ فقال : في كل ذات كبد رطبة أجرا


        الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2466
        خلاصة حكم المحدث: صحيح


        والصورة المقابلة لمن دخلت النار في هرة ..
        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
        دخلت امرأة النار في هرة ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض..

        الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3318
        خلاصة حكم المحدث: صحيح


        فما بالنا بمعاملة الإنسان لأخيه الإنسان.. هذا في معاملات غير الإنسان,
        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
        تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة....

        الراوي: أبو ذر الغفاري - المصدر: صحيح الترغيب للألباني - الصفحة أو الرقم: 2685
        خلاصة حكم المحدث: صحيح


        هل أدركنا مدى حساسية ميزان يوم القيامة ؟؟

        فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ– 7

        وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ– 8


        ******

        وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

        تعليق


        • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

          بسم الله الرحمن الرحيم

          مع الجزء الثلاثون
          (29)
          وبعض آيات من سورة العاديات

          المال ودوره الحقيقي في المعاملات

          إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ – 6 وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ – 7 وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ – 8 أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ – 9 وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ – 10 إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ – 11

          إن الإنسان ليجحد نعمة ربه , وينكر جزيل فضله . ويتمثل كنوده وجحوده في مظاهر شتى تبدو منه أفعالا وأقوالا , فتقوم عليه مقام الشاهد الذي يقرر هذه الحقيقة . وكأنه يشهد على نفسه بها . أو لعله يشهد على نفسه يوم القيامة بالكنود والجحود : ( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ). . يوم ينطق بالحق على نفسه حيث لا جدال ولا إنكار ..


          ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) أي لحب المال وهذه فطرته . وهذا طبعه . ما لم يخالط الإيمان قلبه . فيغير من تصوراته وقيمه وموازينه واهتماماته . ويحيل كنوده وجحوده اعترافا بفضل الله وشكرانا . كما يبدل أثرته وشحه إيثارا ورحمة . ويريه القيم الحقيقية التي تستحق الحرص والتنافس والكد والكدح . وهي قيم أعلى من المال والسلطة والمتاع الحيواني بأعراض الحياة الدنيا...

          إن الإنسان - بغير إيمان - صغير الاهتمامات . ومهما كبرت أطماعه . واشتد طموحه , وتعالت أهدافه , فإنه يظل مرتكسا في حمأة الأرض , مقيدا بحدود العمر , سجينا في سجن الذات . . لا يطلقه ولا يرفعه إلا الاتصال بخالقه ( الله رب العالمين ) الذي يدعوه لدار السلام .

          ******
          إن تحصيل الأموال يتم من خلال العمل وبذلك تتكامل مصالح وإحتياجات البشر ...فالعامل يجتهد في عمله لكي يحصل على المال الذي به يلبي حاجاته من مسكن ومأكل وتلبية حاجات أهله وأولاده.. وبالمثل جميع التخصصات ... فالكل يسعى للحصول على المال ليعيش كريما بين الناس.. وهذا أمر شرعي لكل إنسان ذو قوة وموهبة من الله تعالى ..

          قال تعالى في سورة الملك :

          هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ – 15

          أي: هو الذي سخر لكم الأرض وذللها، لتدركوا منها كل ما تعلقت به حاجتكم، من غرس وبناء وحرث، وطرق يتوصل بها إلى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة ، ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ﴾ أي : لطلب الرزق والمكاسب.

          وقال تعالى في سورة هود :

          ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا

          أي: طلب منكم إعمارها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون ثرواتها فيما يسعدكم في الدنيا ويكون سبيلا لإسعادكم في الأخرة...

          وفي الحديث الشريف :

          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أكل أحد طعاما قط ، خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده
          الراوي: المقدام بن معد يكرب - المصدر: صحيح البخاري -
          خلاصة حكم المحدث: صحيح




          ******
          المال ضروري في جميع معاملات الإنسان

          ولذلك أمرنا الله تعالى بالحفاظ عليه وعدم إهداره وتبذيره, وفي نفس الوقت عدم البخل به , وبذله في مشاريع الخير التي تعود على الإنسانية...

          قال تعالى في سورة الإسراء :

          وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا – 26 إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا – 27 وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا – 28
          وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا – 29
          إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا – 30

          ****

          فالمؤمن يتعامل مع المال بتوازن ويعلم أنه وسيلة وليس هدفا..

          قال تعالى في سورة الفرقان :

          وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً - 67

          والذين إذا أنفقوا من أموالهم لم يتجاوزوا الحد في العطاء، ولم يضيِّقوا في النفقة، وكان إنفاقهم وسطًا بين التبذير والتضييق...

          ******

          أما في حالة طغيان الحب للمال بحيث يصبح هدف وليس وسيلة - فيدمر حياة الإنسان ويحطم نفسيته ولا يقنع ولو ملك الأرض جميعا..

          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
          لو أن ابن آدم أعطي واديا ملأى من ذهب أحب إليه ثانيا ، ولو أعطي ثانيا أحب إليه ثالثا ، ولا يسد جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب...
          الراوي: سهل بن سعد الساعدي - المصدر: صحيح البخاري
          خلاصة حكم المحدث: صحيح


          وهناك نماذج ممن جمع المال فكان وبالا عليه في الدنيا والأخرة..ومن هذه النماذج ( قارون ) و ( فرعون ) ومن النماذج الحديثة ما يعرفه الجميع - زالوا وزالت أموالهم فلم تنفعهم الأموال الطائلة بل كانت وبالا عليهم...


          ومن ثم تجيء اللفتة الأخيرة في السورة لعلاج الكنود والجحود والأثرة والشح , لتحطيم قيد النفس وإطلاقها منه . مع عرض مشهد البعث والحشر في صورة تنسي حب الخير , وتوقظ من غفلة البطر...

          أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ – 9وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ – 10 إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ – 11

          وهو مشهد عنيف مثير . بعثرة لما في القبور ...وتحصيل لأسرار الصدور التي ضنت بها وخبأتها بعيدا عن العيون .


          إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ– 11


          *******

          وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

          تعليق


          • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة


            بسم الله الرحمن الرحيم

            مع الجزء الثلاثون
            (30)
            وبعض آيات من سورة القارعة

            ميزان العدل يوم القيامة
            وأثره في المعاملات


            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
            أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس من أمتي ، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا . فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته . فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه . ثم طرح في النار
            الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم
            خلاصة حكم المحدث: صحيح


            جميع المعاملات تسطر صفحات الإنسان يوم القيامة حتى الكلمات التي يتكلمها الإنسان دون أن يدري لها بالا..

            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
            إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، لا يلقي لها بالا ، يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، لا يلقي لها بالا ، يهوي بها في جهنم..
            الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح البخاري.
            خلاصة حكم المحدث: صحيح


            *******

            فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ – 6 فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ – 7 وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ – 8 فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ – 9 وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ – 10 نَارٌ حَامِيَةٌ - 11

            ( فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) في اعتبار الله وتقويمه ( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ). .راضية برضاء الله عليهم , راضية بالنعيم الأبدي الذي لا موت بعده...
            عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ "إذا دخل أهل الجنة - الجنة- ينادي مناد‏:‏ إن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبداً‏"‏.
            ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

            وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة‏.‏ فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم‏:‏ والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً‏!‏ فيقولون‏:‏ وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً‏!........... .
            ‏‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

            وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة‏:‏ يا أهل الجنة، فيقولون ‏:‏ لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك فيقول‏:‏ هل رضيتم‏ ؟‏
            فيقولون‏:‏ وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا مالم تعط أحداً من خلقك‏!‏
            فيقول‏:‏ ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون‏:‏ وأي شيء أفضل من ذلك‏؟‏
            فيقول‏:‏ أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا.

            متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

            *******

            ( وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) في اعتبار الله وتقويمه ( فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ) والأم هي مرجع الطفل وملاذه . فمرجع القوم وملاذهم يومئذ هو الهاوية
            وما أدراك ما هيه ؟؟
            سؤال التجهيل والتهويل المعهود في القرآن , لإخراج الأمر عن حدود التصور وحيز الإدراك...
            ثم يجيء الجواب
            نَارٌ حَامِيَةٌ - 11

            هذه هي أم الذي خفت موازينه ! أمه التي يفيء إليها ويأوي...والأم عندها الأمن والراحة . فماذا هو واجد عند أمه هذه - الهاوية النار الحامية...
            أعاذنا الله وإياكم وسائر المؤمنين...

            *****

            هل أدركنا أهمية الحسنات التي يحصلها الإنسان المؤمن ..؟؟

            وقد أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الأمر.

            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

            كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم.
            الراوي : أبو هريرة - المصدر: صحيح البخاري
            خلاصة حكم المحدث: صحيح


            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

            من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة ، والحسنة بعشرة أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف...
            الراوي : عبدالله بن مسعود
            المصدر : الأحكام الصغرى - صحيح الإسناد


            وقال تعالى في أخر سورة هود :

            وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ – 114 وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ – 115

            ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾

            أي: فهذه الصلوات الخمس، وما ألحق بها من التطوعات من أكبر الحسنات، وهي: مع أنها حسنات تقرب إلى الله، وتوجب الثواب، فإنها تذهب السيئات وتمحوها، والمراد بذلك : الصغائر، كما قيدتها الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل قوله: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر"، بل كما قيدتها الآية التي في سورة النساء، وهي قوله تعالى :

            ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾

            وهكذا فإن جميع معاملات المؤمن تنضبط إذا وضع نصب عينيه صحيفته والميزان ...

            ففي الحديث القدسي الذي رواه مسلم يقول الله تعالى :

            يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ؛ فمن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

            ******

            فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ – 6 فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ – 7 وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ – 8 فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ – 9 وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ – 10 نَارٌ حَامِيَةٌ - 11

            ******

            وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

            تعليق


            • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

              بسم الله الرحمن الرحيم

              مع الجزء الثلاثون
              (31)
              وبعض آيات من سورة التكاثر


              علم اليقين


              أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ – 1 حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ – 2 كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ – 3 ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ – 4 كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ – 5 لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ – 6 ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ – 7 ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ – 8

              *******

              تحدثنا في اللقاء السابق عن ميزان العدل يوم القيامة وأثر الإيمان به في معاملات الإنسان...ولكن هناك فئة من البشر لا يؤمنون بذلك اليوم.

              يقول تعالى موبخًا عباده عن اشتغالهم عما خلقوا له من عبادته وحده لا شريك له ، ومعرفته ، والإنابة إليه ، وتقديم محبته على كل شيء :

              ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ ولم يذكر المتكاثر به، ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون، من التكاثر في الأموال، والأولاد، والأنصار، والجنود، والخدم، والجاه، وغير ذلك من الأعراض..

              فاستمرت غفلتكم وتشاغلكم ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ فانكشف لكم حينئذ الغطاء ، ولكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه.


              قال تعالى في سورة ق :
              وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ – 19 وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ – 20 وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ – 21 لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ – 22

              أي ﴿ وَجَاءَتْ ﴾ هذا الغافل المكذب بآيات الله ﴿ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ الذي لا مرد له ولا مناص، ﴿ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ أي: تتأخر وتنكص عنه.
              ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴾ أي : اليوم الذي يلحق الظالمين ما أوعدهم الله به من العقاب، والمؤمنين ما وعدهم به من الثواب.

              ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ ﴾ يسوقها إلى موقف القيامة، فلا يمكنها أن تتأخر عنه ، ﴿ وَشَهِيدٌ ﴾ يشهد عليها بأعمالها، خيرها وشرها، وهذا يدل على اعتناء الله بالعباد، وحفظه لأعمالهم ، ومجازاته لهم بالعدل .

              فهذا الأمر، مما يجب أن يجعله العبد منه على بال...
              ولكن أكثر الناس غافلون، ولهذا قال : ﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ﴾ أي : يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام ، توبيخًا ، ولومًا وتعنيفًا أي: لقد كنت مكذبًا بهذا، تاركًا للعمل له فالآن ﴿ كشفنا عَنْكَ غِطَاءَكَ ﴾ الذي غطى قلبك ، فكثر نومك ، واستمر إعراضك ، ﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ ينظر ما يزعجه ويروعه، من أنواع العذاب والنكال.

              أو هذا خطاب من الله للعبد ، فإنه في الدنيا ، في غفلة عما خلق له ، ولكنه يوم القيامة ، ينتبه ..
              ولكنه في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط ، ولا يستدرك الفائت ، وهذا كله تخويف من الله للعباد ، وترهيب، بذكر ما يكون على المكذبين، في ذلك اليوم العظيم.

              ******

              ودل قوله: ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ أن البرزخ دار مقصود منها النفوذ إلى الدار الباقية ، أن الله سماهم زائرين، ولم يسمهم مقيمين.

              فدل ذلك على البعث والجزاء بالأعمال في دار باقية غير فانية، ولهذا توعدهم بقوله : ﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾ أي: لو تعلمون ما أمامكم علمًا يصل إلى القلوب، لما ألهاكم التكاثر، ولبادرتم إلى الأعمال الصالحة...

              ولكن عدم العلم الحقيقي ، صيركم إلى ما ترون، ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ أي : لتردن القيامة ، فلترون الجحيم التي أعدها الله للكافرين.

              ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ أي : رؤية بصرية ، كما قال تعالى في سورة الكهف : ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا -53 ﴾ .
              ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ الذي تنعمتم به في دار الدنيا ، هل قمتم بشكره ، وأديتم حق الله فيه ، ولم تستعينوا به ، على معاصيه ، فينعمكم نعيمًا أعلى منه وأفضل...
              أم اغتررتم به ، ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به على معاصي الله فيعاقبكم على ذلك ، قال تعالى في سورة الأحقاف : ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ - 20 ﴾...

              وقال تعالى في نفس السورة :

              وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ – 34 فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ – 35 الأحقاف

              إن الإيمان باليوم الأخر من ضرورات الإيمان بالله تعالى .. وإن المؤمنون يوقنون باليوم الأخر كأنه واقع أمامهم...

              قال تعالى في أول سورة البقرة :
              وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ – 3

              ﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾

              و " الآخرة " اسم لما يكون بعد الموت .. لأن الإيمان باليوم الآخر, أحد أركان الإيمان... ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل...
              و " اليقين " هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك, الموجب للعمل وفعل الخيرات وتركت المنكرات والباعث الحقيقي لكل المعاملات الصالحة للإنسان..

              *******

              وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

              تعليق


              • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                جزاكم الله خيرا ونفع بكم
                موضوع ممتاز جعله الله فى ميزان حسناتكم
                لا إله إلا الله
                اللهم إنى أسألك عفوك ورضاك والجنة
                يارب برحمتك ارحمنى واغفر لى زلاتى واهدنى الى طريقك المستقيم

                تعليق


                • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  مع الجزء الثلاثون
                  (32)
                  وبعض آيات من سورة العصر


                  الإنسان بين الحاضر والمصير


                  وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3


                  العصر : ويعني الزمان بتوالي الليل والنهار , فهو محل أفعال العباد وأعمالهم...
                  ومن هنا ندرك أهمية الوقت في الإسلام ..فالوقت يمثل عمر الإنسان..فإن اليوم يقول للإنسان أنا يوم جديد على عملك شهيد فاغتنمني فإني إذا ذهبت لا أعود إلي يوم القيامة..

                  إنه على امتداد الزمان في جميع الأعصار , وامتداد الإنسان في جميع الأدهار , ليس هنالك إلا منهج واحد رابح , وطريق واحد ناج . هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده , وهو هذا الطريق الذي تصف السورة معالمه ( طريق الإيمان ).. وكل ما وراء ذلك ضياع وخسار . .

                  وبهذا الإعجاز تلخص سورة العصر كل معالم الحياة على وجه الأرض..في ثلاث أيات ..نقف بين أنوارها مدهوشين من أين نبدأ وكيف نأتي بالمجلدات لتفسير تلك المعاني الكبيرة التي تشمل الحياة من أولها إلى أخرها والمصير الذي ينتظر الإنسان يوم القيامة..

                  ******

                  الإنسان والإيمان

                  ولكي ندرك أهمية الإيمان للإنسان يجب عقد مقارنة بين الإنسان المؤمن والإنسان الغير مؤمن...

                  1- فالمؤمن واسع الأفق لأنه يؤمن بالله خالق السماوات والأرض
                  رب العالمين , فهو لا يستغرب شيئا بعد هذا الإيمان ...

                  2 - والمؤمن عزيز النفس فهو يعلم أنه لا ضار ولا نافع إلا هو سبحانه,
                  بينما غير المؤمن والمشرك والملحد والكافر يطأطئ رأسه لمخلوق مثله .

                  3 - والمؤمن مع عزة نفسه متواضع لأنه يعلم أن الكبرياء لله تعالى وحده, بينما ترى المشرك متكبر بغير الحق ...

                  4 - والمؤمن حريص على تزكية نفسه بالصالحات لأنه يعلم أن الإيمان
                  ليس بالتمني ولكن بالعمل الصالح , فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره
                  ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
                  بينما الكافر والمشرك يمني نفسه بالأماني الكاذبة ....

                  5 - والمؤمن لا يتسرب الى قلبه اليأس فهو يعلم أن الله له ملك السماوات والأرض , فهو يبذل الجهد متوكلا على الله الواحد الذي بيده خزائن السماوات والأرض .
                  بينما المشرك والملحد سرعان مايتسرب اليأس إلي قلبه, فتتحطم نفسيته وقد يقدم على الإنتحار ...

                  6 - والمؤمن ثابت العزم قوي الإرادة ليقينه بأنه يعتمد على مالك الملك .
                  وليس لغير المؤمن والمشرك هذا اليقين ...

                  7 - والمؤمن لا يلوث نفسه بالطمع والدناءة وقبيح الأعمال ,
                  لأنه يعلم أن الأمر كله لله يرزق من يشاء بغير حساب .
                  بينما المشرك والكافر لا يعبأ من أي شئ يحصل على المال .

                  8 - والمؤمن يسير حياته وفق شريعة الله التي تحدد له الحلال والحرام
                  فهو أمن في الدنيا والأخرة بإذن الله تعالى .
                  بينما الغير مؤمن والمشرك منفلت لشهواته ورغباته لا يخاف إلا من الشرطي.
                  وبهذه المقارنة السريعة نلاحظ قيمة الإيمان في حياة الإنسان..


                  وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3




                  إن مقومات الإيمان هي بذاتها مقومات الإنسانية الرفيعة الكريمة . . .
                  التعبد لإله واحد , يرفع الإنسان عن العبودية لسواه , ويقيم في نفسه المساواة مع جميع العباد , فلا يذل لأحد , ولا يحني رأسه لغير الواحد القهار . .
                  ومن هنا الانطلاق التحرري الحقيقي للإنسان . الانطلاق الذي ينبثق من الضمير ومن تصور الحقيقة الواقعة في الوجود . إنه ليس هناك إلا قوة واحدة وإلا معبود واحد . فالانطلاق التحرري ينبثق من هذا التصور انبثاقا ذاتيا , لأنه هو الأمر المنطقي الوحيد .

                  إن الإيمان دليل على صحة الفطرة وسلامة التكوين الإنساني , وتناسقه مع فطرة الكون كله , ودليل التجاوب بين الإنسان والكون من حوله . فهو يعيش في هذا الكون , وحين يصح كيانه لا بد أن يقع بينه وبين هذا الكون تجاوب .
                  ولا بد أن ينتهي هذا التجاوب إلى الإيمان , بحكم ما في الكون ذاته من دلائل وإيحاءات عن القدرة المطلقة التي أبدعته على هذا النسق .
                  فإذا فقد الإنسان هذا التجاوب أو تعطل , كان هذا بذاته دليلا على خلل ونقص في الجهاز الذي يتلقى , وهو هذا الكيان الإنساني . وكان هذا دليل فساد لا يكون معه إلا الخسران . ولا يصح معه عمل ولو كان في ظاهره مسحة من الصلاح ...
                  قال تعالى:
                  مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ -18 إبراهيم

                  يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها: بالرماد، الذي هو أدق الأشياء وأخفها، إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب، فإنه لا يبقى منه شيئا، ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل.....

                  والإيمان المطلوب في الإسلام هو المقترن بالعمل الصالح
                  وهذا ما نتحدث عنه في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى

                  ******
                  وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                  تعليق


                  • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    مع الجزء الثلاثون
                    (33)
                    وبعض آيات من سورة العصر


                    العمل الصالح
                    ثمرة الإيمان


                    وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3



                    العمل الصالح وهو الثمرة الحقيقية للإيمان , والحركة الذاتية التي تبدأ في ذات اللحظة التي تستقر فيها حقيقة الإيمان في القلب .

                    فالإيمان حقيقة إيجابية متحركة . ما أن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها في الخارج في صورة عمل صالح...

                    هذا هو الإيمان الإسلامي . . لا يمكن أن يظل خامدا لا يتحرك , كامنا لا يتبدى في صورة حية خارج ذات المؤمن . . فإن لم يتحرك هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت . شأنه شأن الزهرة لا تمسك أريجها . فهو ينبعث منها انبعاثا طبيعيا . وإلا فهو غير موجود....

                    ومن هنا قيمة الإيمان . . إنه حركة وعمل وبناء وتعمير . . يتجه إلى الله . إنه ليس انكماشا وسلبية وانزواء في مكنونات الضمير . وليس مجرد النوايا الطيبة التي لا تتمثل في حركة وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة بناء كبرى في صميم الحياة ......

                    والمتتبع لآيات القرآن العظيم يلاحظ إقتران الإيمان بالعمل الصالح من أوله إلى أخره ولم يذكر الإيمان مجرد من العمل قط ...
                    مما يدلك على أهمية العمل الصالح في الإسلام...وأن الأمر ليس بالأماني..

                    قال تعالى في سورة النساء :


                    لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا – 123 وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا – 124


                    والأماني : أحاديث النفس المجردة عن العمل لا تفيد صاحبها وهذا عامّ في كل أمر، فكيف بأمر الإيمان والسعادة الأبدية...؟؟؟

                    فإن مجرد الانتساب إلى أي دين كان ، لا يفيد شيئا إن لم يأت الإنسان ببرهان على صحة دعواه ، فالأعمال تصدق الدعوى أو تكذبها....

                    فمن كان عمله صالحا ، وهو مستقيم في غالب أحواله، وصدر منه بعض الأحيان بعض الذنوب الصغار فما يصيبه من الهم والغم والأذى و بعض الآلام في بدنه أو قلبه أو ماله ونحو ذلك - فإنها مكفرات للذنوب...

                    ****
                    إن الندم يوم القيامة وتمني الرجوع إلى الدنيا يكون من أجل العمل الصالح ...

                    قال تعالى في سورة السجدة : وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ– 12


                    وهذا الطلب غير مجاب، لأنه قد مضى وقت الإمهال...فالدنيا هي الفرصة الوحيدة أمام الإنسان للعمل الصالح مع الإيمان..

                    والصورة المقابلة للمؤمنين ...قال تعالى : فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ– 17


                    وفي الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                    أفضل الأعمال ( أو العمل ) الصلاة لوقتها ، وبر الوالدين...
                    الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 85 خلاصة حكم المحدث: صحيح

                    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                    ما أكل أحد طعاما قط ، خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده...
                    الراوي: المقدام بن معد يكرب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2072
                    خلاصة حكم المحدث: صحيح



                    وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم يقول الله تعالى :

                    يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ؛ فمن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

                    ******
                    ومازلنا مع بعض معاني سورة العصر..

                    *******
                    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                    تعليق


                    • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                      ماشاء الله لاقوة إلا بالله
                      ربنا ينفع بعملكم ويجعل كل ماتكتبونه فى ميزان حسناتكم
                      نتعلم من موضوعكم الكثير
                      بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.
                      اللهم ردنا إليك رداً جميلاً واصنعنا على أعينك
                      وجعلنا لك كما تحب وترضى

                      اللهم املأ قلبي حبا لك وإقبالا عليك وحياء منك
                      اللهم ارزقنا حسن أتباع الرسول صل الله عليه وسلم فى الدين والخلق..والحمدلله رب العالمين

                      سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

                      تعليق


                      • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة

                        جزاكم الله خيرا وبارك الله فيك
                        على هذا الطرح الجميل المفيد
                        حقيقة إن هذه اول مرة ادخل هذا الموضوع
                        ووجد في الجزء الذي قرأته مافيه من فوائد
                        وان شاء الله لي عودات إلى الموضوع للمزيد من الإستفادة
                        بارك الله فيكم
                        وبانتظار جديدكم
                        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                        تعليق


                        • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة


                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          مع الجزء الثلاثون
                          (34)
                          وبعض آيات من سورة العصر

                          التواصي بالحق والتواصي بالصبر
                          وخصائص الأمة


                          وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3

                          مازلنا في أنوار سورة العصر ويحضرني كلمات للأستاذ الندوي رحمه الله.

                          يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه القيم : " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ? " . . عن القيادة الإسلامية الخيرة الفذة في التاريخ كله , وتحت عنوان "عهد القيادة الإسلامية "

                          الأئمة المسلمون وخصائصهم

                          ظهر المسلمون , وتزعموا العالم , وعزلوا الأمم المزيفة من زعامة الإنسانية التي استغلتها وأساءت عملها ,وساروا بالإنسانية سيرا حثيثا متزنا عادلا , وقد توفرت فيهم الصفات التي تؤهلهم لقيادة الأمم , وتضمن سعادتها وفلاحها في ظلهم وتحت قيادتهم .

                          أولا : أنهم أصحاب كتاب منزل وشريعة إلهية.

                          فلا يقننون ولا يشترعون من عند أنفسهم . لأن ذلك منبع الجهل والخطأ والظلم , ولا يخبطون في سلوكهم وسياستهم ومعاملتهم للناس خبط عشواء , وقد جعل الله لهم نورا يمشون به في الناس , وجعل لهم شريعة يحكمون بها الناس قال تعالى في سورة الأنعام : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ? - 122 ) وقد قال الله تعالى في السورة المائدة : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط , ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا . اعدلوا هو أقرب للتقوى , واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون – 8 ).


                          ثانيا : التربية الخلقية وتزكية نفس.

                          إرتكزت القيادة الإسلامية على التربية الخلقية وتزكية نفس , بخلاف غالب الأمم والأفراد ورجال الحكومة في الماضي والحاضر , بل مكثوا زمنا طويلا تحت تربية نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وإشرافه الدقيق , يزكيهم ويؤدبهم , ويأخذهم بالزهد والورع والعفاف والأمانة والإيثار وخشية الله , وعدم الاستشراف للإمارة والحرص عليها .
                          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                          إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله , أو أحدا حرص عليه .

                          قال تعالى في سورة القصص : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين – 83 ) . . فكانوا لا يتهافتون على الوظائف والمناصب , فضلا عن أن يرشحوا أنفسهم للإمارة , ويزكوا أنفسهم , وينشروا دعاية لها , وينفقوا الأموال سعيا وراءها .

                          فإذا تولوا شيئا من أمور الناس لم يعدوه مغنما أو طعمة أو ثمنا لما أنفقوا من مال أو جهد ; بل أعتبروه أمانة في عنقهم , وامتحانا من الله تعالى

                          وتذكروا دائما قول الله تعالى في سورة النساء : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها , وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل . .- 58

                          ثالثا عدم العنصرية.

                          إنهم لم يكونوا خدمة جنس , أو شعب , يسعون لرفاهيته ومصلحته وحده , ويؤمنون بفضله وشرفه على جميع الشعوب والأوطان .
                          ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها , ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها , ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكم أنفسهم ..
                          إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة الله وحده . كما قال ربعي بن عامر رسول المسلمين في مجلس يزدجرد : الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده , ومن ضيق الدنيا إلى سعتها , ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .

                          فالأمم عندهم سواء , والناس عندهم سواء . الناس كلهم من آدم , وآدم من تراب . لا فضل لعربي على عجمي , ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى قالى تعالى في سورة الحجرات : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا , إن أكرمكم عند الله أتقاكم – 13 )....

                          في ظل هؤلاء وتحت حكمهم استطاعت الأمم والشعوب - حتى المضطهدة منها في القديم - أن تنال نصيبها من الدين والعلم والتهذيب والحكومة , وأن تساهم مع العرب في بناء العالم الجديد , بل إن كثيرا من أفرادها فاقوا العرب في بعض الفضائل , وكان منهم أئمة هم تيجان مفارق العرب وسادة المسلمين من الأئمة والفقهاء والمحدثين . .

                          رابعا ضرورة الإيمان للقيادة الحكيمة العادلة.

                          إن الإنسان جسم وروح , وهو ذو قلب وعقل وعواطف وجوارح , لا يسعد ولا يفلح ولا يرقى رقيا متزنا عادلا حتى تنمو فيه هذه القوى كلها نموا متناسبا لائقا بها , ويتغذى غذاء صالحا , ولا يمكن أن توجد المدنية الصالحة البتة إلا إذا ساد وسط ديني خلقي عقلي جسدي يمكن فيه للإنسان بسهولة أن يبلغ كماله الإنساني .

                          وقد أثبتت التجربة أنه لا يكون ذلك إلا إذا مكنت قيادة الحياة وإدارة دفة المدنية بين الذين يؤمنون بالروح والمادة , ويكونون أمثلة كاملة في الحياة الدينية والخلقية , وأصحاب عقول سليمة راجحة , وعلوم صحيحة نافعة ..
                          هذه بعض ملامح تلك الحقبة السعيدة التي عاشتها البشرية في ظل الدستور الإسلامي الذي تضع "سورة العصر" قواعده , وتحت تلك الراية الإيمانية التي تحملها جماعة الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .

                          وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3

                          *******
                          وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                          تعليق


                          • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة


                            بسم الله الرحمن الرحيم

                            مع الجزء الثلاثون
                            (35)
                            وبعض آيات من سورة الهمزة

                            عبدة المال


                            وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ – 1 الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ – 2 يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ – 3 كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ – 4 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ – 5 نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ – 6 الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ – 7 إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ – 8 فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ – 9

                            للأسف يعمد فريق من الناس إلى جمع المال ليس لهدف إلا لتكثيره إلى مليارات لا حد لها ليفوق - بهذا الكم الهائل من المال - عمره بمئات الأضعاف وهو يظن أن المال الذي يجمعه يشتري له الخلود في الدنيا..

                            وفي المقابل يوجد الاف الفقراء لا يجدون ما يسد جوعهم ودواءهم وتعليمهم..

                            ولا يكتفي جامع المال بذلك بل يسخر بالهمز واللمز من الفقراء..
                            ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ تعداده .. وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة , تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم . ولمزهم وهمزهم . . يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته . سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم , أو بتحقير صفاتهم وسماتهم . . بالقول والإشارة . بالغمز واللمز . باللفتة الساخرة والحركة الهازئة ...

                            ولكن خالق الكون مطلع على الجميع يسمع ويرى..


                            ﴿ وَيْلٌ ﴾ أي : وعيد، ووبال، وشدة عذاب ﴿ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ الذي يهمز الناس بفعله ، ويلمزهم بقوله .

                            فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل،

                            واللماز: الذي يعيبهم بقوله.

                            ومن صفة هذا الهماز اللماز، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده والغبطة به..
                            وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات وصلة الأرحام، ونحو ذلك،


                            ﴿ يَحْسَبُ ﴾ بجهله ﴿ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾ في الدنيا . وفي الحديث الصحيح : تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ...
                            المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 28/35

                            يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ..

                            فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره ، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار ، ويخرب الديار، وأن البر يزيد في العمر .

                            صورة هذا المتعالي الساخر المستقوي بالمال , تقابلها صورة " المنبوذ " المهمل المتردي في ( الحطمة ) التي تحطم كل ما يلقى إليها , فتحطم كيانه وكبرياءه . وهي ( نار الله الموقدة ) وإضافتها لله وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة , غير معهودة , ويخلع عليها رهبة مفزعة رعيبة .

                            ﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ ﴾ أي: ليطرحن ﴿ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ﴾ تعظيم لها، وتهويل لشأنها....

                            ثم فسرها بقوله: ﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ﴾ التي وقودها الناس والحجارة ﴿ الَّتِي ﴾ من شدتها ﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴾ أي : تنفذ من الأجسام إلى القلوب.

                            ومع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها ، قد أيسوا من الخروج منها ، ولهذا قال: ﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴾ أي : مغلقة ﴿ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾ لئلا يخرجوا منها... قال تعالى : ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا...20 السجدة ﴾ .

                            *****

                            هل أدركنا أن المال وسيلة لإدارة مصالح الناس ؟ وأنه ليس هدفا في حد ذاته ليجمع ويعدد ويحرم منه الفقراء..

                            وإنا لنرى في عناية الله سبحانه بالرد على هذه الصورة معنيين كبيرين:

                            الأول : تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس .
                            والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة , وإشعارهم بأن الله يرى ما يقع عليهم , ويعاقب عليه . .

                            وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ – 1 الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ – 2 يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ – 3 كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ – 4 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ – 5 نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ – 6 الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ – 7 إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ – 8 فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ – 9



                            ******

                            وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                            تعليق


                            • رد: مع مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم - سلسلة متجددة


                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              مع الجزء الثلاثون
                              (36)
                              وبعض آيات من سورة الفيل

                              مصير المعتدين


                              أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ – 1 أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ – 2 وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ – 3 تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ – 4 فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ – 5


                              قرر أبرهة هدم الكعبة قبلة العرب وبناء بيت في اليمن يحج إليه الناس..
                              ولكن الواقع أن الكعبة هي بيت الله الحرام الذي رفع قواعده إبراهيم وإسماعيل...وأنه قبلة الإسلام أخر رسالات الله تعالى إلى أهل الأرض..

                              استطاع إبرهة حصار مكة وأخذ أموالهم مستعينا بذلك بجيش كبير وفيل ضخم...

                              قال ابن إسحاق : وكان عبد المطلب ( جد النبي صلى الله عليه وسلم ) أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم . فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه , وأكرمه عن أن يجلسه تحته , وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه . فنزل أبرهة عن سريره , فجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جانبه . ثم قال لترجمانه : قل له : ما حاجتك ? فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي .
                              فلما قال ذلك , قال أبرهة لترجمانه : قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك , ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ! أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه ? قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل . وإن للبيت رب سيمنعه .
                              قال أبرهة : ما كان ليمتنع مني . قال عبد المطلب : أنت وذاك ! . . فرد عليه إبله...

                              ثم انصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر , وأمرهم بالخروج من مكة , والتحرز في شعف الجبال . ثم قام فأخذ بحلقة باب الكعبة , وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه .

                              فأما أبرهة فوجه جيشه وفيله لما جاء له .
                              فبرك الفيل دون مكة لا يدخلها , وجهدوا في حمله على اقتحامها فلم يفلحوا .

                              ثم كان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده , فأرسل عليهم جماعات من الطير تحصبهم بحجارة من طين وحجر , فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة . كما يحكي عنهم القرآن الكريم . . وأصيب أبرهة في جسده ,وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة , حتى قدموا به صنعاء , فما مات حتى انشق صدره عن قلبه كما تقول الروايات.... . .

                              *****

                              وهذه الحادثة ثابتة بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية حين بركت ناقته القصواء دون مكة , فقالوا : خلأت القصواء ...فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما خلأت القصواء , وما ذاك لها بخلق , ولكن حبسها حابس الفيل .

                              *******

                              فلله جند من كل شيء ..

                              وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد ....


                              وليست في الكون قوة إلا وهي خاضعة لقوته .

                              فهذا الطاغية الذي أراد أن يهدم البيت , أرسل الله عليه من الطير ما يوصل إليه مادة الجدري أو الحصبة , فأهلكته وأهلكت قومه , قبل أن يدخل مكة .
                              وهي نعمة غمر الله بها أهل حرمه - حفظا لبيته , حتى يرسل من يحميه بقوة دينه - صلى الله عليه وسلم - ..

                              فقد كان الله - سبحانه - يريد بهذا البيت أمرا . كان يريد أن يحفظه ليكون مثابة للناس وأمنا ; وليكون نقطة تجمع للعقيدة الجديدة تزحف منه حرة طليقة , في أرض حرة طليقة , لا يهيمن عليها أحد من خارجها , ولا تسيطر عليها حكومة قاهرة تحاصر الدعوة في محضنها . ويجعل هذا الحادث عبرة ظاهرة مكشوفة لجميع الأنظار في جميع الأجيال ...

                              *******


                              فالحادث كان معروفا للعرب ومشهورا عندهم , حتى لقد جعلوه مبدأ تاريخ . يقولون حدث كذا عام الفيل , وحدث كذا قبل عام الفيل بعامين , وحدث كذا بعد عام الفيل بعشر سنوات . .
                              والمشهور أن مولد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] كان في عام الفيل ذاته . ولعل ذلك من بدائع الموافقات الإلهية المقدرة...

                              وإذن فلم تكن السورة للإخبار بقصة يجهلونها , إنما كانت تذكيرا بأمر يعرفونه , المقصود به ما وراء هذا التذكير ....

                              أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ – 1

                              ثم أكمل القصة بعد هذا المطلع في صورة الاستفهام التقريري كذلك
                              أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ – 2
                              . . أي ألم يضل مكرهم فلا يبلغ هدفه وغايته , شأن من يضل الطريق فلا يصل إلى ما يبتغيه . .
                              ولعله كان بهذا يذكر قريشا بنعمته عليهم في حماية هذا البيت وصيانته , في الوقت الذي عجزوا هم عن الوقوف في وجه أصحاب الفيل الأقوياء .

                              ******

                              ونصر الله تعالى لرسوله وللمؤمنين كان إمتدادا لحماية البيت وعقيدة التوحيد إلى قيام الساعة ..
                              قال تعالى في سورة التوبة :

                              إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ - 40

                              *******

                              قال تعالى في سورة الفتح :
                              وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا – 7

                              *******

                              وجنود الله كثيرة منها الرياح ومنها الصاعقة ومنها الملائكة ومنها الطير الأبابيل ومنها الميكروبات ..ومهما حاولنا أن نحصي لم نصل إلى حصر..
                              قال تعالى في سورة المدثر :

                              وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ...31

                              قال تعالى في سورة العنكبوت :
                              فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ - 40


                              ******

                              وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                              تعليق


                              • ** سلسلة مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم .. متجددة ..





                                الحمد لله رب العالمين
                                والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
                                نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم.

                                نعيش في هذا البحث إن شاء الله تعالى
                                مع أعظم دستور للمعاملات عرفه الإنسان
                                حيث الأداب الربانية الرفيعة والأخلاق
                                التي إن طبقناها لأصبحنا خير أمة أخرجت للناس.

                                ويعتمد هذا البحث على كتاب الله
                                ( القرآن العظيم )
                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                والأحاديث الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح كالبخاري ومسلم . والمراجع العلمية التي أهتمت بهذا الجانب وهي كثيرة .

                                . والله الموفق إلى صالح الأعمال.
                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
                                الموضوع منقول ونقل من خلال
                                اخى فى الله


                                الدكتور مؤمن
                                ـــــــــــــــــــــــــــــــ
                                نسأل الله ان يجازى من كتبها خير الجزاء

                                والان مع الجزء الاول

                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




                                بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -1 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -2 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -3 مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ -5 اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ -6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ-7


                                ****

                                نلاحظ هنا كيف بدأ القرآن العظيم بصفة الرحمة لله عز وجل ليدلك أن الإسلام كله رحمة .
                                قال تعالى :
                                وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء

                                الرحمن الرحيم

                                الاسمان مشتقان من الرحمة ,
                                الرحمة التامة وهي إفاضة الخير على العباد.

                                والرحمة العامة تعم جميع الخلائق , فإن رحمة الله تامة عامة
                                ومن رحمة تعالى أن أنعم علينا بالإيجاد ثم بالهداية للإيمان
                                ثم بأسباب السعادة في الدنيا ثم السعادة في الأخرة

                                قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                                إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش .
                                الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7554
                                خلاصة الدرجة: صحيح


                                وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                                إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون . وبها تعطف الوحش على ولدها . وأخر الله تسعا وتسعين رحمة . يرحم بها عباده يوم القيامة
                                الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2752
                                خلاصة الدرجة: صحيح

                                وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                                الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء
                                الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح - الصفحة أو الرقم: 127
                                خلاصة الدرجة: صحيح
                                فيجب أن نتخلق بهذا الخلق ألا وهو الرحمة , فالراحمون يرحمهم الرحمن .

                                *****
                                خلق الاستقامة

                                اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

                                ندرك من الآية مدى قيمة الاستقامة على طريق الحق , فالطريق المستقيم هو أقرب الطرق الى الهدف أما الطرق المعوجة فلا تؤدي إلى شئ إلا الهلاك - والطريق المستقيم هو طريق المؤمنين الذين أنعم الله عليهم في الدنيا والاخرة

                                صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ.

                                *****

                                ومع أنوار سورة البقرة نلاحظ فضيلة التقوى من أولها , وكيف تؤدي التقوى بصاحبها إلى الفلاح في الدنيا والجنات في الاخرة , فالتقوى هي خوف من الله تعالى في القلب ينعكس على كل جوارح الإنسان فيكون عبدا ربانيا , لايعصي الله ولا يعصي رسول الله
                                قال تعالى:
                                بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

                                الم -1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ -2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -3 وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ -4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ-5

                                أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم, والحق المبين.
                                والهدى: ما تحصل به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة.
                                والتقوى اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع.
                                والهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان,

                                فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها:
                                إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ – 45 العنكبوت

                                وكثيرا ما يجمع الله تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق،
                                فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول, فلا يفرقون بين أحد منهم.
                                أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
                                وحصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم,

                                وفي نهاية الربع الأول بشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات , بكل ما تعنيه كلمة الإصلاح , سواء للدنيا أو للآخرة.
                                قال تعالى:
                                وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 25

                                ****
                                وإلى اللقاء فى الجزء التالي إن شاء الله تعالى



                                تعليق

                                يعمل...
                                X