<< في رحاب سورة >>
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أدى الأمانة وبلّغ الرسالة ونصح للأمة فكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين .
فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيّاً عن أمته ، ورسولاً عن دعوته ورسالته .
وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ، وأحبابه ، وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بِسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .
أما بعد
فحياكم الله جميعاً أيها الفضلاء وطبتم جميعاً ، وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا أن يجمعني وإياكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في جنته ودار كرامته إنه ولي ذلك والقادر عليه .
أيها الكرام :
نحن اليوم مع سورة تهز القلوب الغافلة ، وتزلزل القلوب القاسية الجامدة ، وتأخذ الناس أخذاً من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة .
إن لقائنا اليوم مع سورة (( الزلزلة ))
حقاً والله إنها زلزلة للقلوب القاسية ،
والله إنها زلزلة للقلوب الغافلة .
هذه السورة التي تقل كلماتها كثيراً كثيراً ولكنها تحمل من المعاني ما يخشع لها الجبال وتهتز لها القلوب في الصدور هذه السورة التي قال الله تبارك وتعالى فيها :
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ۞ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ۞ وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا ۞ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ۞ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ۞ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ۞ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۞ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [ الزلزلة : 1-8]
إنها زلزلة القلوب القاسية
متى يحدث هذا المشهد ؟
ومتى سيكون ذلك ؟
إذا أراد تبارك وتعالى إحياء خلقه من يوم أن خلقهم إلى يوم الدين أن يرث الله الأرض ومن عليها ، يأتي الله تبارك وتعالى بهذه العَظْمَة الصغيرة التي توجد في آخر السلسلة الفقرية لكل إنسان خلقه الله جل وعلا هذه العظمة تسمى :
(( عجب الذنب ))
هذه العظمة الصغيرة الدقيقة هي التي لا تبلى من أي إنسان ، كما ورد في الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((كلُّ ابنِ آدمَ يَبلى ويأكلُه التُّرابُ إلَّا عجُبَ الذَّنَبِ ، منهُ خُلِقَ ومنهُ يُرَكَّبُ))
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : ابن كثير.
المصدر : نهاية البداية والنهاية.
الصفحة أو الرقم : 1/254.
خلاصة حكم المحدث : على شرط مسلم.
التخريج : أخرجه البخاري (4935) مطولاً بنحوه، ومسلم (2955) باختلاف يسير.
يأتي الله بهذه العظمة ويركب من حولها جسد صاحبها .
ما ذهب من جسده في البحار وما ضاع من جسده في الأنهار ، وما راح غذاءً للأشجار ، يأتي الله جل وعلا بهذا كله ليكتمل بدن الإنسان كما كان .
فإذا ما اكتملت الأجساد في القبور أمر الله جل وعلا بالأرواح فتلقى الأرواح في الصور .
والصور هو البوق الذي يأمر الله إسرافيل بالنفخ فيه .
فيأمر الله جل وعلا إسرافيل أن ينفخ في الصور نفخة البعث ،
قال تعالى :
{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر : 68]
فإذا نفخ إسرافيل في الصور خرجت الأرواح لها دَويٌ كَدَوِيّ النحل فيقول ربنا جل وعلا :
( وعزَّتي وجَلالي ليرجعَنَّ كلُّ روحٍ إلى جسدِهِ )
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : السيوطي.
المصدر : البدور السافرة.
الصفحة أو الرقم : 14
خلاصة حكم المحدث : إن كان في إسناده من تكلم فيه فالذي فيه يروى مفرقا في أسانيد ثابتة.
تسري الأرواح في الجسد كما يسري السم في اللديغ - وهنا - إذا ما اكتملت الأجساد في القبور - يأمر الله جل وعلا بأن تزلزل الأرض وأن تنشق الأرض .
يُتَّبَعْ ...
تعليق