إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من دلائل الإعجاز الربط بين السور على الترتيب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من دلائل الإعجاز الربط بين السور على الترتيب


    خصائص المؤمنين والعاصين (الفجار) من جزء عم للشيخ جمال القرش
    المرحلة الأولى : من النبأ إلى الانشاق
    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى أله وأصحابه أجمعين ، أما بعد
    إن من يتأمل خصائص المؤمنين والعاصين في هذه السور يلاحظ أن هذه السورة دارت بين الترغيب والترهيب ولكن الترهيب أشد وأكثر لمناسبة الفئة المخاطبة فهي آيات مكية ، وقد خوطب أناس أكثرهم كفار معاندون مستكبرون فكان الردع والترهيب هو الغالب والأنسب لهم، ولتخويفهم وزجرهم عن كفرهم وعنادهم .

    أولا : خصائص أهل الإيمان في هذه السور
    من يدقق النظر في ترتيب السور ومناسبة السياق لا يملك إلا أن يقول : إنا سمعنا قرأنا عجبا فيلاحظ أن هناك تدرج في الطرح
    وتشويق وتحفيز وبداية ونهاية ، وكأن هذه السور قصة واحدة ، فسبحان من هذا كلامه ، أصدق القائلين: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا النساء82)، وقال سبحانه : (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" الإسراء88

    وكان عملي في هذا المبحث كما يلي
    تفسير السورة المذكورة من كتب التفاسير المطولة
    دراسة المناسبات بين السور المذكورة
    دراسة الرابط بين أخر السورة وأولها
    دراسة المناسبة بين أخر السورة وما بعدها
    دراسة المناسبة بين أخر الوحدات الموضوعية وما بعدها
    دراسة المناسبات بين القسم وجوابه
    حصر الآيات التي تخص المؤمنين
    حصر الآيات التي تخص العصاة الفجار
    دراسة المناسبات بين كل فريق وعلاقة كل موضع بالأخر
    وكان المرجع في ذلك كتب التفاسير المطولة المعروفة، وعلم المناسبات وترتيب السورة ، وعلوم القرآن ، وبعض البرامج الفضائية كالتفسير المباشر للفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري، والدكتور مساعد الطيار ، وغيرهم ودروس الدكتور / خالد السبت، ود ، فاضل السمرائي، وكتاب بهجة القراء في حفظ القرآن على منهج السلف إشراف / د سليمان عبد الله أبا الخيل وتأليف نخبة من أعضاء هئية التدريس وغيرهم.
    وقد لخصت هذا المبحث من كتابي فيض الكريم في تدبر القرآن العظيم .

    ولم أرغب أن أطيل في هذا المقام ، وإنما رغبت الاختصار ، وبيان الخلاصة بأسلوب ميسر بعد تأمل وتدقيق واطلاع
    سائلا الله تعالى أن يجعل ذلك في رضاه ، فإن احسنت فمن الله وحده ، المتفضل المنعم ، وإن قصرت فمن نفسير المقصرة والشيطان ، وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين وكتبه أخوكم جمال القرش

    خصائص أهل الإيمان من النبأ إلى الانشقاق
    سورة النبأ
    ذكرت سورة النبأ جزاء المتقين ، وأطالت السورة في ذكر الجزاء
    إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا(31)حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا(32)وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا(33)وَكَأْسًا دِهَاقًا(34)لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا(35)جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا(36)رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا(37)
    سورة النازعات
    ثم بيت سورة النازعات حال المؤمنين المتقين عند الموت حيث تسل أرواحهم برفق
    وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا(2)
    لما كان الجزاء عن المتقين فيه إطالة ، فهذا يجعل القارئ يتساءل عندما يقرأ هذا النعيم العظيم للمتقين في سورة النبأ ما خصائصهم؟ فتأتي سورة النازعات بعدها على الترتيب لبيان هذه الصفات فهم أهل الخشية الذين يخافون عظمة ربهم وينهون النفس عن هواها وما حرم الله.

    وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى(40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41)
    وتختم السورة بأنهم لم ينالوا ذلك إلا بالحرص على الانتفاع وحضور التذكرة
    إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا(45)

    سورة عبس
    ثم تأتي سورة عبس بعدها لتوضح نموذجا ممن رغب فيها وحرص على الانتفاع وحضر إليها، وهو عبد الله بن أم مكتوم الذي عاتبه الله بشأنه في قوله "عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى"(4)
    ثم بينت السورة الكريمة جزاءهم في أخرها بأن وجوههم ستكون مضيئة يوم القيامة مشرقة
    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ(38)ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ(39)

    سورة التكوير
    ثم تأتي سورة التكوير لتبين جزاء صنيعهم فلما كانوا يحرصون على التذكرة ويحضرونها فكان الجزاء من جنس العمل قربت لهم الجنة وأحضرت جزاء صنيعهم.
    وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ(13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ(14)
    ثم تأتي إلى نهاية سورة التكوير لتظهر السورة أن الذكرى لا ينتفع منها إلا من شاءها وحرص عليها.
    إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(27)لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28)

    سورة الانفطار
    الأبرار في نعيم ، والجزاء هنا بإيجاز ودون إطالة.
    إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(13)

    سورة المطففين
    لم يبين في سورة الانفطار ما هو النعيم، إنما ذكر بإيجاز فهذا يجعل القارئ يتساءل ما هو هذا النعيم، فتأتي سورة المطففين بعدها لتبين ذلك النعيم بإطالة : قال تعالى : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ(18)وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ(19)كِتَابٌ مَرْقُومٌ(20)يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ(21)إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(22)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(23)تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ(24)يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ(25)خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ(27)عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ(28)
    ولما كان الكافرون بضحكون من المؤمنين في الدنيا كما ذكر في السورة فكان الجزاء من جنس العمل ضحك المؤمنون من الكفار
    فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ(34)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(35)

    سورة الانشقاق
    ثم جاءت سورة الانشقاق لتبين حال المؤمنين عند أخذ كتابهم ، فهم يأخذون كتابهم بيمنهم تيمنا وتبركا واستبشارا وهم في حالة السرور والفرحة والسعادة
    "فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7)فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا(8)وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا"(9)
    ثم تختم السورة الكريمة سورة الانشقاق بأن هؤلاء المؤمنين في نعم دائم لا ينقطع.
    "إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ"(25)

    ويخلص البحث في ذلك بما يلي:
    1. دقة ترتيب السورة على النحو الذي هو عليه
    2. التدرج في طرح الموضوعات
    3. التناسق العجيب بين السور وكأنها وحدة متكاملة
    4. التوافق العجيب بين السور وكأنها قصة واحدة
    5. الإيجاز في سورة لأجل التشويق بعدها ثم توضيح المبهم
    6. الجمع بين الترغيب والترهيب
    7. أن الربط بين السور يحتاج الكثير من الجهد لإخراج هذه الكنوز ، وإظهارا لعظمة القرآن الكريم .
    وهو مجال عظيم للباحثين يمكن أن ينهلوا منه ويبذلوا فيه الجهد وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
    فسبحان من هذا كلامه وسبحان من جعل السور على هذا الترتيب اللهم انفعنا بالقرآن العظيم واجعله لنا شفيعا يوم الدين
    من كتاب / فيض الكريم في تدبر القرآن الكريم ، جمال القرش


    أكمل البحث من هنا
    http://vb.tafsir.net/tafsir48774/#.V8shZdQrLeF
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 29-09-2016, 04:46 PM. سبب آخر: التنسيق
    قناة نفائس القرآن الكريم إشراف الشيخ جمال القرش
    s
    800253 stc وزين 705608



  • #2
    رد: من دلائل الإعجاز الربط بين السور على الترتيب


    خلاصة ما توصل إليه البحث مما سبق طرحة من خلال قواعد للتيسر

    النوع الأول : المناسبات بين أخر السورة وأول السورة التي بعدها
    القاعدة الأولى: أن يذكر في نهاية سورة فعل ثم يبين عاقبة فاعلة في السورة التي تليها.
    مثال ذلك : ما ذكر في آخر سورة المرسلات أنه لا مجال للإيمان بدون القرآن قوله :[ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ]المرسلات50 أي : فبأي كلام بعد كلام الله يؤمنون ، لن يؤمنوا. ثم جاءت سورة النبأ لتهدد هؤلاء المكذبون، بقوله :( كلا سيعلمون)، أي سيعلمون عاقبة تكذيبهم بالقرآن والبعث.

    القاعدة الثانية : أن يذكر في نهاية سورة صفة مرغوب فيها بإيجاز ثم يوضحها في السورة التي تليها :
    مثال ذلك : ما ذكر في سورة النازعات أنه لن ينتفع بالذكرى إلا من يخشى العاقبة إذا الصفة المرغوب فيها هو أن يكون صاحب خشية . قال تعالى : (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا) (45) ثم يبين في بداية السورة التي تليها سورة عبس خصائص من رغب في التذكرة وهو السعي والرغبة والحرص والحضور إليها لا مجرد تمني ، فأعطي نموذجا لذلك وهو عبد الله بن أم مكتوم الذي عاتبه الله بشأنه في قوله (عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4))

    النوع الثاني: المناسبة بين السورة نفسها.
    القاعدة الأولى : أن يذكر الجزاء بإيجاز ثم يوضح ذلك الجزاء في نفس السورة
    مثال ذلك : تهديد المكذب في بداية سورة النبأ ، بدون ذكر العاقبة ،
    قال تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ(1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ(2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ(3)كَلَّا سَيَعْلَمُونَ(4)ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ(5) ثم جاء بعدها في نفس سورة النبأ بيان عاقبة تكذبيهم وهو جزاء الطاغين .
    قال تعالى : إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا(21)لِلطَّاغِينَ مَآبًا(22)لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا(23)لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا(24)إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا(25)جَزَاءً وِفَاقًا(26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا(27)وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا(28)وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا(29)فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا(30))

    القاعدة الثانية : أن بين أن الجزاء من جنس العمل في نفس السورة
    النموذج الأول: في سورة المطففين : ذكر ما يفعله المجرمون من السخرية بالمؤمنين قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ(29)وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ(30)وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ(31)وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ(32)وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ(33))
    وفي آخر سورة المطففين كان الجزاء من جنس العمل ضحك المؤمنون من الكفار قال تعالى : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ(34)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(35) )
    النموذج الثاني : لما كان المطففون يغشون الناس ويضيقون عليهم معاشهم ويظلمونهم كما ذكر في بداية المطففين : ( ويل للمطففين * ... إلخ ) كان الجزاء في نفس السورة أن يكون كتابهم في سجين مكان ضيق أسفل الأرض قال تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ(7)وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ(8)كِتَابٌ مَرْقُومٌ(9)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(10)الَّذِي نَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ(11))
    النموذج الثالث: لما استغني المكذب بوجه عن ثواب الله وأعرض عن التذكرة ، قال تعالى: (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى(5)فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى(6)) سورة عبس
    جاء في نهاية نفس السورة ما ينتظر هؤلاء من سواد وجوههم كما كانوا في الدنيا عندما يتلى عليهم آيات الله تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر، فكان الجزء من جنس العمل قال تعالى:(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ(40)تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ(41)أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ(42))

    النوع الثالث: المناسبة بين أول السورة وأخرها

    القاعدة الأولى : أن يذكر تهديدا ووعيدا في بداية السورة ثم يذكر العاقبة في نهاية السورة
    النموذج الأول: تهديد المكذب في بداية سورة النبأ ، بدون ذكر العاقبة ،
    في قوله : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ(4)ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ(5) ثم يذكر في نهاية السورة حالته يوم القيامة عندما يرى عاقبة عمله وتكذيبه (
    وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) النبأ:40.
    النموذج الثاني: تهديد المكذب في بداية سورة النازعات يما ينتظره عند موته في قوله : ( والنازعات غرقا) ، ثم يذكر في نهاية السورة عندما يرى عاقبة عمله من الندم والحسرة (
    كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) النازعات:46.
    النموذج الثالث: تهديد الكافر الذي لا يرغب في التذكرة في سورة عبس بأنه مستغنى عن ثواب الله في قوله : (
    أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ) عبس 5: 6 ، ثم يذكر في نهاية السورة عقابهم بقوله تعالى (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40)تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)).
    النموذج الرابع: تهديد المطففين في بداية سورة المطففين في قوله : (
    وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ) المطففين:1، ثم يذكر في نهاية السورة تقريرا لعقابهم بقوله تعالى (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) المطففين:36.

    القاعدة الثانية: أن يذكر الأهوال في بداية السورة ثم يبين في نهاية السورة رسالة العمل
    النموذج الأول: في سورة التكوير ذكر أهول القيامة ، من قوله تعالى : ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(1).........إلى قوله تعالى (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ(13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ(14( .
    والرسالة : أن هذه الجنة التي أزلفت لن تصلوا إليها إلا بمعونة الله وتوفيقه، فاعتصموا بالله وحده هو مولاكم نعم المولى ونعم النصير قال تعالى : ( لمن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
    النموذج الثاني: في سورة الانفطار في قوله : (إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ *وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ )
    والرسالة في نهاية السورة هو الاستعداد لهذا اليوم الذي لا ينفع أحد ، فاعتصموا بالله وحده هو مولاكم نعم المولى ونعم النصير أحدا بقوله تعالى ( يوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)

    النوع الرابع : المناسبة بين السورة وبين عدة سور بعدها

    القاعدة الأولى: أن يذكر جزاء المؤمنين ثم يذكر في السور التي تليها خصائصهم.
    ذكرت سورة النبأ جزاء المتقين ، وأطالت السورة في ذكر الجزاء ، ولم يذكر صفاتهم قوله تعالى: .. إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا(31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا(33) فهذا يجعل القارئ يتشوق إليها ويتساءل عندما يقرأ هذا النعيم العظيم للمتقين في سورة النبأ ما خصائصهم؟
    فتأتي بعدها سورة النازعات على الترتيب لتبين هذه الصفات: صفات المتقين : فهم أهل الخشية الذين يخافون عظمة ربهم وينهون النفس عن هواها وما حرم الله قال تعالى : [ .وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى(40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41)
    ثم بين في نفس السورة النازعات أنهم الذين ينفعون بالتذكرة (
    إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ) النازعات:45
    ثم بين في السورة التي تليها سورة عبس أن من علامات الخشية هو السعي والحضور لطلب التذكرة . قصة الأعمى .
    ثم بين في السورة التي تليها سورة التكوير أن التذكرة ينفع منها من شاءها بقلبه ورغب فيها قال تعالى : (إنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(27)لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28))
    ثم بين في السورة التي تليها سورة الانفطار أن من صفاتهم طاعة ربهم والاستجابة لأمره والانقياد لطاعته والتسليم له وهؤلاء هم الأبرار قال تعالى : (إنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(13))
    القاعدة الثانية: أن يوجز الحديث عن العاقبة ثم تبين في السورة التي تليها
    ذكر في سورة الانفطار : جزاء الأبرار أنهم في نعيم بإيجاز ودون إطالة ، (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(13))
    نلاحظ : أنه لم يبين في سورة الانفطار ما النعيم الذين ينتظر الأبرار ، إنما ذكر بإيجاز فهذا يجعل القارئ يتساءل ما هذا النعيم؟
    فتأتي السورة التي بعدها سورة المطففين لتبين ذلك النعيم الذي ينتظر الأبرار بإطالة : قال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ(18)وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ(21)إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(22)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(23)تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ(24)يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ(25)خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ(27)عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ(28))

    القاعدة الثالثة: أن يذكر جزاء العاصين ثم يذكر بعدها خصائصهم.
    ذكر في سورة النبأ جزاء الطاغين وأطيل . في قوله تعالى : (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا(21)لِلطَّاغِينَ مَآبًا(22)لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا(23)لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا(24)إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا(25)جَزَاءً وِفَاقًا(26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا(27)وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا(28)وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا(29)فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا(30) فهذا يجعل القارئ يتساءل عندما يقرأ هذا العذاب في سورة النبأ ما خصائصهم؟ فتأتي بعدها سورة النازعات لتبين سبب طغيانهم وهو حب الدنيا وإيثارها على الآخرة. قال تعالى : (فَأَمَّا مَنْ طَغَى(37)وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(38)فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى(39)

    القاعدة الرابعة : ذكر الوصف وبيان ما يترتب عليها في عدة سور بعدها
    مثال ذلك : ذكر في سورة النبأ جزاء الطاغين قي قوله تعالى (
    إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِّلطَّاغِينَ مَآبًا )وبين في سورة النازعات سبب طغيانهم وهو وصفهم بحب الدنيا وإيثارها على الآخرة. قال تعالى : (فَأَمَّا مَنْ طَغَى(37)وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(38)فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى(39))
    من هنا البداية وإذا ربطنا بينها وبين السور التي تليها سنلاحظ أنها توضح أن حب الدنيا سبب كل خطيئة .
    بين في سورة عبس أن حب الدنيا سبب في الاستغناء عن ثواب الله
    قال تعالى: (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى(5)فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6))
    وبين في سورة الانفطار أن حب الدنيا سبب في التكذيب بيوم المعاد
    قال تعالى: (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ(9)وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ(10)كِرَامًا كَاتِبِينَ(11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ(12))
    وبين في سورة المطففين أن حب الدنيا سبب في ظلم الناس وغشهم
    قال تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ(1)
    وبين في سورة المطففين أن حب الدنيا سبب في السخرية من المؤمنين والمفاخرة بالمعاصي قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ(29)وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ(30)وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ(31)وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ(32)وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ(33))
    وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،
    المبحث من كتاب / فيض الكريم في تدبر القرآن الكريم ، جمال القرش
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 29-09-2016, 05:05 PM. سبب آخر: تشكيل بعض الآيات
    قناة نفائس القرآن الكريم إشراف الشيخ جمال القرش
    s
    800253 stc وزين 705608


    تعليق


    • #3
      رد: من دلائل الإعجاز الربط بين السور على الترتيب

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        رد: من دلائل الإعجاز الربط بين السور على الترتيب

        بارك الله فيكم مختارت من كتاب مسك الختام في الوقف والابتداء للشيخ جمال القرش
        http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=12444
        قناة نفائس القرآن الكريم إشراف الشيخ جمال القرش
        s
        800253 stc وزين 705608


        تعليق

        يعمل...
        X