بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اهله وصحبه ومن والاه
استوقفتى ايه من كتاب الله فبحثت فى تفسيرها فوجدتها اعظم ما يكون واحببت ان انقلها لكم لتعم الفائدة
أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48)سورة النحل
ابن كثير
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وكبريائه الذي خضع له كل شيء, ودانت له الأشياء والمخلوقات بأسرها: جماداتها وحيواناتها, ومكلفوها من الإنس والجن, والملائكة, فأخبر أن كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال, أي بكرة وعشياً فإنه ساجد بظله لله تعالى. قال مجاهد: إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله عز وجل, وكذا قال قتادة والضحاك وغيرهم, وقوله { وَهُمْ دَاخِرُونَ} أي صاغرون. وقال مجاهد أيضاً: سجود كل شيء فيؤه , وذكر الجبال, قال: سجودها فيؤها. وقال أبو غالب الشيباني: أمواج البحر صلاته, ونزلهم منزلة من يعقل إذ أسند السجود إليهم
الجلالين
( أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ) له ظل كشجرة وجبل ( ظِلاَلُهُ) تتميل ( عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا) جمع شمال أي عن جانبيهما أول النهار وآخره (لله وهم) حال أي خاضعين له بما يراد منهم (داخرون) الظلال (ولله) صاغرون نزلوا منزلة العقلاء
السعدي
" أَوَ لَمْ يَرَوْاْ "
أي : الشاكون في توحيد ربهم وعظمته وكماله ،
" إلى ما خلق الله من شيء "
أي : إلى جميع مخلوقاته ، وكيف تتفيأ أظلتها ،
" عن اليمين والشمائل سجدا لله "
أي : كلها ساجدة لربها ، خاضعة لعظمته وجلاله ،
" وهم داخرون "
أي : ذليلون تحت التسخير والتدبير ، والقهر ، ما منهم أحد ، إلا وناصيته بيد الله ، وتدبيره عنده .
القرطبي
قرأ حمزة والكسائي وخلف ويحيى والأعمش "تروا" بالتاء، على أن الخطاب لجميع الناس. الباقون بالياء خبرا عن الذين يمكرون السيئات؛ وهو الاختيار. "من شيء" يعني من جسم قائم له ظل من شجرة أو جبل؛ قاله ابن عباس. وإن كانت الأشياء كلها سميعة مطيعة لله تعالى. "يتفيأ ظلاله" قرأ أبو عمرو ويعقوب وغيرهما بالتاء لتأنيث الظلال. الباقون بالياء، واختاره أبو عبيد. أي يميل من جانب إلى جانب، ويكون أول النهار على حال ويتقلص ثم يعود في آخر النهار على حالة أخرى؛ فدورانها وميلانها من موضع إلى موضع سجودها؛ ومنه قيل للظل بالعشي: فيء؛ لأنه فاء من المغرب إلى المشرق، أي رجع.
والفيء الرجوع؛ ومنه " حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ " [الحجرات: 9].
روي معنى هذا القول عن الضحاك وقتادة وغيرهما، وقال الزجاج: يعني سجود الجسم، وسجوده انقياده وما يرى فيه من أثر الصنعة، وهذا عام في كل جسم. ومعنى "وهم داخرون" أي خاضعون صاغرون. والدخور: الصغار والذل. يقال: دخر الرجل - بالفتح - فهو داخر، وأدخره الله. وقال ذو الرمة:
فلم يبق إلا داخر في مخيس ومنجحر في غير أرضك في جحر
كذا نسبه الماوردي لذي الرمة، ونسبه الجوهري للفرزدق وقال: المخيس اسم سجن كان بالعراق؛ أي موضع التذلل، وقال.
أما تراني كيسا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا
ووحد اليمين في قوله: "عن اليمين" وجمع الشمال؛ لأن معنى اليمين وإن كان واحدا الجمع. ولو قال: عن الأيمان والشمائل، واليمين والشمائل، أو اليمين والشمال، أو الأيمان والشمال لجاز؛ لأن المعنى للكثرة. وأيضا فمن شأن العرب إذا اجتمعت علامتان في شيء واحد أن تجمع إحداهما وتفرد الأخرى؛ كقوله تعالى: " خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ" [البقرة: 7] وكقوله: " وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" [المائدة: 16]
ولو قال على أسماعهم وإلى الأنوار لجاز.
ويجوز أن يكون رد اليمين على لفظ "ما" والشمال على معناها.
ومثل هذا في الكلام كثير.
فال الشاعر:
الواردون وتيم في ذرا سبأ قد عض أعناقهم جلد الجواميس
ولم يقل جلود. وقيل: وحد اليمين لأن الشمس إذا طلعت وأنت متَوجّه إلى القبلة انبسط الظل عن اليمين ثم في حال يميل إلى جهة الشمال ثم حالات، فسماها شمائل.
فاعلم يا من تستكبر على عبادة الله أنك تسجد له كل يوم شئت أم أبيت
تعليق