و
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا بنى بعده....وبعد...
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا بنى بعده....وبعد...
حياكم الله إخوانى وأخواتى في الله....
*إن شاء الله تعالى نبدأ في هذه السلسلة التى أهدف منها إلى ذكر بعض الأيات المباركة ثم التعليق
*إن شاء الله تعالى نبدأ في هذه السلسلة التى أهدف منها إلى ذكر بعض الأيات المباركة ثم التعليق
عليها ....أو ذكر تفسير مُبسط لها ....أو ذكر الدروس المستفادة....أو حل إشكالات حول بعض الآيات
التى ربما يقف أمامها البعض متحيرين في معناها أو تكون مما يُثار الشبهات حولها.....
الله أسأل أن تكون سلسلة نافعة لنا جميعاً .....
*ونبدأ مع سورة الفيل إن شاء الله ::
قال الله ((لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ{1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ{2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ{3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ{4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ{))
*تشير هذه السورة إلى حادث مستفيض الشهرة في حياة الجزيرة العربية قبل البعثة ، عظيم الدلالة على رعاية الله لهذه البقعة المقدسة التى إختارها الله لتكون ملتقى النور الأخير ، ومحض العقيدة الجديدة ، والنقطة التى تبدأ منها زحفها المقدس لمطاردة الجاهلية في أنحاء الأرض ، وإقرار الهدى والحق والخير فيها......
*وجملة ما تشير إليه الروايات المتعددة عن هذا الحادث ::
""أن الحاكم الحبشى لليمن _فى الفترة التى خضعت فيها اليمن لحكم الحبشة بعد طرد الحكم الفارسى
منها _ وتسميه الروايات (أبرهة) ، كان هذا الرجل قد بنى كنيسة في اليمن باسم ملك الحبشة وجمع لها كل أسباب الفخامة على أمل أن ينصرف العرب عن البيت الحرام في مكة المكرمة ويتجهوا إليها.....
_ولكنه رأى أن العرب لا تتجه إلا إلى البيت العتيق ورأى أهل اليمن أنفسهم يدعون البيت الذى بناه وينصرفون إلى مكة .....واشتد غيظ العرب واشتعلت نيران الحقد في نفوسهم إذ رأوا لبيتهم مناوئاً
ولموئل أصنامهم عدواً فعمدوا إلى تحقير بيته والحط من قدره ....فعلم "أبرهة" بذلك واشتد غضبه
وقرر أن يسير إلى "البيت الحرام" ويهدمه ثم سار وخرج معه" الفيل " وسمعت العرب بذلك ففظعوا
.ثم كان الموقف المشهور "لعبد المطلب " وأنا لا أريد الوقوف على التفاصيل فكلنا يعرفها وأكتفى بهذه
النبذة اليسيرة جداً.....
**وقفات سريعة مع الآيات ::
_قال الله ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ{1}))....
*وهو سؤال للتعجب من الحادث والتنبيه إلى دلالته العظيمة ....فالحادث كان معروفاً للعرب ومشهوراً عندهم حتى لقد جعلوه مبدأ تاريخ ....يقولون حدث كذا عام الفيل ...وحدث كذا قبل عام الفيل بعامين
وحدث كذا بعد الفيل بعشر سنوات .....
_والمشهور :: أن مولد رسول الله كان في عام الفيل ذاته ....ولعل ذلك من بدائع الموافقات الإلهية المقدرة!!!....
_وإذن ::فلم تكن السورة للإخبار بقصة يجهلونها ، إنما كانت تذكيراَ بأمر يعرفونه ، المقصود به ما وراء هذا التذكير.....
_قال الله ((أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ))....
*أى ألم يضل مكرهم فلا يبلغ هدفه وغايته ، شأن من يضل الطريق فلا يصل إلى ما يبتغيه ....
ولعل كان بهذا يُذكر قريشاً بنعمته عليهم في حماية هذا البيت وصيانته ، في الوقت الذى عجزوا هم عن الوقوف في وجه أصحاب الفيل الأقوياء ...لعلهم بهذه الذكرى يستحون من جحود الله الذى تقدمت يده عليهم في ضعفهم وعجزهم ، كما يغتروا بقوتهم اليوم من مواجهة سيدنا محمد والقلة المؤمنة معه..
فقد حطم الله الأقوياء حينما شاءوا الإعتداء على بيته وحرمته فلعله يحطم الأقوياء الذين يقفون لرسوله ودعوته.....
_قال الله ((وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ{3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ{4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ{5}
*فأما جعل كيدهم في تضليل فقد بينته هذه الآيات ....
_الأبابيل :: الجماعات ...
_سجيل:: كلمة فارسية مركبة من كلمتين تفيدان "حجر وطين"....أو حجارة ملوثة بالطين...
_العصف ::الجاف من ورق الشجر...
_ووصفه بأنه مأكول ::أى فتيت طحين!!!...حين يأكله الحيوان فيمضغه ويطحنه!!!
وهى صورة بديعة رائعة للتمزيق البدنى الرهيب الذى حدث لهم بفعل هذه الأحجار التى رمتهم بها جماعات الطير....
**وقفات مع بعض العبر ::
1_ أن الله سبحانه لم يُرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين ولو أنهم كانوا يعتزون بهذا البيت ويحمونه ويحتمون به ....وذلك حتى لا تكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته بحميتهم الجاهلية ...
_ولقد كان من مقتضى تدخل القدرة الألهية لحماية البيت الحرام أن تبادر قريش والعرب إلى الدخول
في دين الله حينما جاءهم النبى الكريم .....وهذا التذكير بالحادث على هذا النحو هو طرف من الحملة عليهم والتعجب من موقفهم العنيد!!!!!
2_أن الله تعالى لم يقدر لأهل الكتاب _أبرهة وجيشه_ أن يحطموا البيت الحرام حتى والشرك يدنسه والمشركون هم سدنته ....ليبقى هذا البيت عتيقاً من سلطان المتسلطين ....وليحفظ لهذه الأرض حريتها حتى تنبت فيها العقيدة الجديدة حرة طليقة لا يهيمن عليها سلطان ولا يهيمن على هذا الدين الذى جاء ليهيمن على الأديان وعلى العباد ويقود البشرية ولا يُقاد ....وكان هذا من تدبير الله لبيته ولدينه قبل أت يعلم أحد أن نبى هذا الدين قد ولد في هذا العام !!!
3_أن العرب لم يكن لهم دور في الأرض بل لم يكن لهم كيان "قبل الإسلام"....وما حدث في عام الفيل
كان مقياساً ودليلاً لحقيقة هذه القوة حينما تتعرض لغزو....
_ولكن تحت "راية الإسلام" ،ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمى يؤدونه وأصبحت لهم قوة دولية يُحسب لها حساب ....قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش وتتولى قيادة البشرية
بعد أن تزيح القيادات الجاهلية المزيفة الضالة....
ولا ننسى أبداً ربعى بن عامر رسول المسلمين لرستم ((وإن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد
إلى عبادة الله وحده ومن ضيق الدنيا إلى سعة الأخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام))...
هذا ما تيسر لى ...فسامحونى على جهلى وقلة علمى ...
فإن عدمت منكم حمداً فلا أعدم منكم عذراً ....ولا أعدم نصيحة من أخ حبيب أو أخت فاضلة ....
والحمد لله رب العالمين....
تعليق