بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***********
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ
سبب تسميتها بليلة القدر : ذكر أهل العلم في سبب تسميتها بهذا الاسم مجموعة من الأقوال التي تحتملها الآية ، وإليكها :
( 1 ) سميت ليلة القدر لأنها ليلة يقدر الله فيها ما هو كائن إلى مثلها من العام القادم ومصداق ذلك قوله تعالى : ] إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [ ( الدخان : 3-5 ) .
ونقل القرطبي في تفسيره عن عكرمة قوله : يكتب حاج بيت الله تعالى في ليلة القدر بأسمائهم وأسماء آبائهم ، ما يغادر منهم أحد ، ولا يزاد فيهم .
( 2 ) سميت بذلك لأنها ذات قدر كبير وشرف عظيم ، من قولهم : فلان ( ذو قدر ) أي : صاحب شرف ومنزلة عالية ، فليلة القدر عظيمة عظمها الله عز وجل فقد أنزل فيها أحسن كتاب على أفضل رسول إلى خير أمة .
( 3 ) وقيل سميت ليلة القدر بذلك من القدر وهو التضييق كما في قوله تعالى :
] وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [ ( الطلاق : 7 ) ، فالأرض تضيق في تلك الليلة لكثرة من ينزل فيها من الملائكة الأبرار ، ويدل على ذلك ، صيغة تفعل التي تدل على المبالغة في قوله : ] تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ [ ( القدر : 4 ) .
لطائف لغوية : ] أَنزَلْنَاهُ [ ( القدر : 1 ) جيء بضمير الغيبة هنا ، تعظيما لشأن القرآن وعلو قدره ، وإيماء إلى أنه حاضر في أذهان المسلمين لشدة إقبالهم عليه ، فكون الضمير دون سبق معاد ، إيماء إلى شهرته بينهم .
************
مسائل مختصرة عن ليلة القدر :
تحديدها : اختلف أهل العلم كثيرا في بقاء ليلة القدر وتحديدها فتحديد ليلة القدر والمسألة في الحقيقة لا تحتمل هذا الاختلاف الذي وصلت إليه ، فقد ذكر ابن حجر رحمه الله في شرحه لصحيح البخاري أكثر من أربعين قولا في هذه المسألة .
وإني ذاكر لك أخي القارئ القول الأرجح من هذه الأقوال كلها ، والذي عليه جمهور أهل العلم ، وتدل عليه الأدلة قبل ذلك ، ألا وهو : " أن ليلة القدر باقية تتكرر كل سنة في شهر رمضان ، وفي العشر الأواخر منه ، وفي أوتارها بالتحديد ، وتنتقل في هذه الأوتار ، فلربما جاءت في سنة في ليلة إحدى وعشرين ، وجائت في أخرى في ليلة سبع وعشرين وهكذا " .
ومما يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر " . وفي حديث عائشة الذي يرويه الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان "
من فضائلها : ورد في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنب والمراد ب " غفر له ما تقدم من ذنبه " : الذنوب الصغائر ، أما الكبائر فإنه لا بد لها من توبة عاجلة ، صادقة ، نصوح ، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، كفارة لما بينهن من الذنوب إذا اجتنبت الكبائر " ، ونقل القاضي عياض رحمه الله تعالى أن هذا هو مذهب أهل السنة وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى .
مايقال فيها : يستحب الإكثار من الأدعية المأثورة في كل وقت ، وفي الأزمنة الفاضلة خاصة .
وقد ورد فيما يتعلق بليلة ما رواه الإمام أحمد وغيره أن عائشة قالت : يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فبم أدعو ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني "
من علاماتها : قال ابن حجر رحمه الله تعالى : ( وقد ورد لليلة القدر على علامات ، أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضي ، منها ما في صحيح مسلم عن أبي بن كعب يعني مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : " أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها " وفي رواية لأحمد من حديثه " مثل الطست " ونحوه لأحمد من طريق أبي عون عن ابن مسعود وزاد " صافيه " ولابن خزيمة من حديثه مرفوعا " ليلة القدر طلقة ، لاحارة ولا باردة ، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة " ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا : " إنها صافية بلجة كأن فيها قمرا ساطعا ساكنة ، صاحية ، لا حر فيها ولا برد ، ولا يحل لكوكب يرمى به فيها "
بلغني الله واياكم وكل من شهد بانه لااله الاهو هذه الليلة العظيمه
دمتم بحفظ المولى
دمتم بحفظ المولى
تعليق