Tweet
قوله تعالى (( بعبده )) تشريفاً للنبي - عليه الصلاة والسلام
للشيخ الداعية البورسعيدي / محمد عبد الباقي
أستاذ العقيدة بمعهد إعداد الدعاة - بجماعة أنصار السنة المحمدية ببورسعيد - مصر
من خطبة الجمعة
17 - 5 - 2013م
قال تعالى
((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ))
أما كلمة بعبده ففيها أمران :
- الأمر الأول : وهو تشريف للنبي - عليه الصلاة والسلام - لأن الله تعالى نسبه إلى نفسه فقال : ( بعبده ) وهذه النسبة نسبة تشريف وتعظيم للنبي - عليه الصلاة والسلام – لأنه ليس هناك أشرف من انتساب العبد لربه بالعبودية ، ولذلك وصف الله تعالى أعظم الخلق وهم الأنبياء بهذه الصفة
قال تعالى (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)
وقد وصف الله تعالى النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الصفة في أكثر من موضع في القرآن
قال تعالى : ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً..)أسرى بعبده ، قال تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ)
وقال تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ..) فهذا تشريف للنبي - عليه الصلاة والسلام .
- الأمر الثاني :
أن وصف الله عز وجل لنبيه – عليه الصلاة والسلام - بالعبودية دليل على أن الله عز وجل يحمي بهذا التوحيد ؛ لأن الآيات والمعجزات سبباً في غلو الناس في الأنبياء والأولياء فإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أسري به في جزء من الليل ثم عرج به إلى السماء ووصل إلى سدرة المنتهى وهو المكان الذي ينتهى إليه علم الخلائق من الملائكة وغيرها .. وصل إليها النبي - عليه الصلاة والسلام – فلا تظن به شيء من صفات الألوهية ولذلك لما أيد الله عيسى عليه السلام بالآيات العظام كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ظن النصارى أنه إلاه ولم يذكروا أن ذلك كله كان بإذن الله ،
قال تعالى : ((وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ))
﴿١١٠﴾ المائدة
لكنهم لم يدركوا هذه الحقيقة فعبدوه من دون الله عز وجل ولذلك كان النبي – عليه الصلاة والسلام – في غير مناسبة يقول : " إنما أنا عبد لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله – عليه الصلاة والسلام – فوصفه الله عز وجل وهو في أعلى العظماء وهو فوق كل البشر بهذه الصفة وهي صفة العبودية حتى لا يتصور أحد من الخلق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – له شيء من صفات الألوهية .
((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ))
ومسألة أخرى في هذه الكلمة وهي حرف الجر(( ب عبده )) فكأنها باء المصاحبة كأن الذي اصطحب النبي – عليه الصلاة والسلام – في هذه الليلة ربه سبحانه وتعالى فكان معه معية علم ، وإحاطة ، وتأييد ، ونصرة ، وتزكية ، وكل ذلك رفعة في قدر نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام .
((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ))
تعليق