" ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿١﴾ " . هل القلم المقسم به هو أداة المعرفة العامة؟ ربما، فالكتابة من أهم وسائل المعرفة. أو المقصود كتابة القرآن نفسه وتسجيل ما حوى من حكمة بالغة؟ هذا هو الأظهر هنا. فالقرآن الكريم أهم كتاب ظهر فى الدنيا، وهو من ألفه إلى يائه وحى خالص لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد اختار الله لتبليغه الإنسان الأول فى الوجود فكرا وشرفا وسيرة، فلا قيمة لكلام الأعداء "مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴿٢﴾ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴿٣﴾ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿٤﴾" . أما أعداء الوحى، فنفر من الناس لا يزينهم شىء، وستكشف الأيام عن دعاواهم وأحوالهم - وقد كشفت - فذهبوا بددا وبقى الإسلام. وقوله تعالى "نَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ" ، يفيد أن مشركى مكة سوف يتأبون على الإسلام أولا ثم يعرفون الحق، ويدخلون فيه وينصرونه. وذاك ما وقع! فإن ملاك الحديقة المذكورة شحوا بحق الفقراء فيها، فأهلك الله ثمرها فلما ندموا على رذيلتهم "قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴿٣١﴾ عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴿٣٢﴾" . ومن يرغب إلى الله يتب الله عليه، ويلقه بقبول حسن. وقد أعز الله قريشا بالإسلام بعدما أهانت نفسها بالكفر. أما المصرون على زيغهم فلا مستقبل لهم "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴿٣٥﴾ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿٣٦﴾ " ؟ ومنطق الكفار فى شتى الأحوال لا يسانده عقل ولا نقل، ولذلك قال الله سبحانه متهكما بهم " أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ﴿٣٧﴾ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ﴿٣٨﴾" . إنه لا شىء لديهم يستندون إليه سوى الغرور والتعلق بالأوهام. وأمامهم حساب شاق يندمون فيه، ولات ساعة مندم " يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴿٤٢﴾ " . وكشف الساق مثل لبلوغ الأمر غاية
ص _475
ولا عذر للكافرين فى هذا الموقف؟ فقد خوطبوا فعاندوا، وأعطوا فرصا شتى فأضاعوها " فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٤﴾ ". وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالبلاغ والصبر على متاعبه وتحمل أذى المشركين مهما بلغ" فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ " .وقد مرت على صاحب الرسالة ليال كالحة عانى فيها من الحرج والألم ما يهز الرواسى، ولكنه ثبت حتى أدى الأمانة كاملة. وترك رسالة يحرسها جيل جليل نفخ فيه من روحه وبأسه فنشرها فى العالمين. وعالمية الإسلام مذكورة فى آيات كثيرة، وبدأ ذلك فى أوائل الوحى النازل بمكة " وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴿٥١﴾ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٥٢﴾ ". لقد عرف محمد أنه رسول العالم أجمع من وقت مبكر. فسورة القلم المكية من أوائل السور نزولا..
ص _476
ولا عذر للكافرين فى هذا الموقف؟ فقد خوطبوا فعاندوا، وأعطوا فرصا شتى فأضاعوها " فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٤﴾ ". وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالبلاغ والصبر على متاعبه وتحمل أذى المشركين مهما بلغ" فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ " .وقد مرت على صاحب الرسالة ليال كالحة عانى فيها من الحرج والألم ما يهز الرواسى، ولكنه ثبت حتى أدى الأمانة كاملة. وترك رسالة يحرسها جيل جليل نفخ فيه من روحه وبأسه فنشرها فى العالمين. وعالمية الإسلام مذكورة فى آيات كثيرة، وبدأ ذلك فى أوائل الوحى النازل بمكة " وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴿٥١﴾ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٥٢﴾ ". لقد عرف محمد أنه رسول العالم أجمع من وقت مبكر. فسورة القلم المكية من أوائل السور نزولا..
ص _476
مأخوذ من كتاب نحْوَ تفسير مَوْضوعيّ.
الشيخ محمد الغزالي.
الشيخ محمد الغزالي.
تعليق