من حق كل قوم جاءهم مدع للنبوة أن يدرسوا قوله وشخصه، ثم يحكموا له أو عليه! ونحن نتساءل: ما الذى أتى به محمد؟ لقد حدثنا أن الله حق وفضل أدلة وجوده وكماله على نحو لم يسبق إليه، وأنه واحد، كل من فى السموات والأرض مخلوق له مفتقر إليه لا استثناء لملك أو إنس أو جن، وأن لقاءه حتم لمحاسبة كل مكلف " فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿٨﴾" (الزلزلة) .
لماذا أكفر بمحمد؟ لو رأيت أحدا جاء بأفضل مما جاءنا به لتبعته! وسورة النبأ تقول للمشركين: هبوا أن دعوة محمد لم تقنعكم، أفلا تفكرون فى خلق السموات والأرض؟ "ألَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ﴿٦﴾ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴿٧﴾ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ﴿٨﴾" .
نحن الآن فى القرن الرابع عشر الهجرى ونهايات القرن العشرين الميلادى، وقد ورثنا رسالات شتى، ومن حقنا أن نوازن وأن نرجح. والحق أقول!. إنى أمام تراث محمد من كتاب وسنة لا أقدم عليه أحدا، أو بتعبير أقرب إلى الإنصاف أصدقه حين يقول إن رسالته تمثل الوحى القديم والأخير معا، وإن ما خالفه هو مزاعم بشر وليس وحيا سماويا " مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ " .
أى أننى حين أتبع محمدا أتبع معه موسى وعيسى، ونوحا وإبراهيم. وهذه السورة تتكون من أربعة فصول متميزة. الأول وصف الكون والناس إلى قوله جل شأنه " وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ﴿١٤﴾ لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا ﴿١٥﴾ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴿١٦﴾ " .
والثانى: وصف موجز ليوم الحساب "إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ﴿١٧﴾ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ﴿١٨﴾" . وإكثار القرآن من ذكر القيامة لمقاومة حب العاجلة الذى يغلب على الطباع.
ص _497
والثالث وصف للعقاب الذى ينتظر المجرمين " إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ﴿٢١﴾ لِّلطَّاغِينَ مَآبًا ﴿٢٢﴾ لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ﴿٢٣﴾ " .
والرابع وصف للنعيم الذى ينتظر المؤمنين الصالحين "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿٣١﴾ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴿٣٢﴾ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴿٣٣﴾" .
إن الجزاء المعنوى حق وستتنضر وجوه المؤمنين وهم مع جماهير الملائكة يسبحون بحمد الله ويهتفون بمجده. ومن تمام المتعة أن يكون ذلك فى حدائق زاهرة ومع لدات مؤنسات وبعد هذا الوصف الشائق يقال لأولى الألباب " ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآبًا ﴿٣٩﴾" .
فمن تزود بالتقوى أفلح. ومن عاش مذهولا هنا، وقدم على الله صفر اليدين ندم بعد فوات الأوان " إِنَّا أَنذَرْ*نَاكُمْ عَذَابًا قَرِ*يبًا يَوْمَ يَنظُرُ* الْمَرْ*ءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ﴿٤٠﴾ "
نقول فى ختام السورة للمتسائلين عن محمد: ماذا كسب لشخصه من هذا البيان؟ هل عيبه أنه كان حار الأنفاس فى الدعوة إلى الله؟ وأنه كان جلدا فى مقاومة الفتانين والطغاة ؟ !
ص _498
والثالث وصف للعقاب الذى ينتظر المجرمين " إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ﴿٢١﴾ لِّلطَّاغِينَ مَآبًا ﴿٢٢﴾ لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ﴿٢٣﴾ " .
والرابع وصف للنعيم الذى ينتظر المؤمنين الصالحين "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿٣١﴾ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴿٣٢﴾ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴿٣٣﴾" .
إن الجزاء المعنوى حق وستتنضر وجوه المؤمنين وهم مع جماهير الملائكة يسبحون بحمد الله ويهتفون بمجده. ومن تمام المتعة أن يكون ذلك فى حدائق زاهرة ومع لدات مؤنسات وبعد هذا الوصف الشائق يقال لأولى الألباب " ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآبًا ﴿٣٩﴾" .
فمن تزود بالتقوى أفلح. ومن عاش مذهولا هنا، وقدم على الله صفر اليدين ندم بعد فوات الأوان " إِنَّا أَنذَرْ*نَاكُمْ عَذَابًا قَرِ*يبًا يَوْمَ يَنظُرُ* الْمَرْ*ءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ﴿٤٠﴾ "
نقول فى ختام السورة للمتسائلين عن محمد: ماذا كسب لشخصه من هذا البيان؟ هل عيبه أنه كان حار الأنفاس فى الدعوة إلى الله؟ وأنه كان جلدا فى مقاومة الفتانين والطغاة ؟ !
ص _498
مأخوذ من كتاب نحْوَ تفسير مَوْضوعيّ.
الشيخ محمد الغزالي.
تعليق