فى أثناء الحياة الدنيا، كان يقال للإنسان: انظر فوقك " مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ "؟ لا فتوق ولا شقوق، السماء محبوكة الأطراف! والكواكب تتهادى لا عطل ولا توقف. لكن عند قيام الساعة يتغير كل شىء: " إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ". الشقوق ملأت الآفاق. والكواكب انفرط عقدها فلا يمسكها نظام، والبحار طغت على الشواطئ، وأهل القبور يستعدون للخروج وهم شاعرون بالحرج والحيرة! ونسمع هنا معاتبة مؤسفة "يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ". ما فعلت فى أمس الدابر؟ وما قدمت لمستقبلك الخالد؟ لقد كانت وصايا الحق أهون شىء على الإنسان! كان المرء يمرق إلى أهوائه كالسهم، فإذا كلف بجهاد أو صلاة تقاعس واسترخى! إن الدار الآخرة ستكون مفاجأة كئيبة لأغلب الناس " كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ" إن الملائكة الحفظة يثبتون فى سجلاتهم كل شىء حتى يواجه الإنسان بما قدم وأخر.. دون زيادة أو نقص، ثم يذهب الخلائق إلى مستقرهم العتيد "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ".
ص _505
مأخوذ من كتاب نحْوَ تفسير مَوْضوعيّ.
الشيخ محمد الغزالي.
الشيخ محمد الغزالي.
تعليق