وقفنا فى الدرس السابق عند ابلاء اليهود بيوم السبت وقلنا
لما أراد اليهود يوما للراحة أعطاهم الله يوم السبت
وأراد الحق تبارك وتعالى أن يبتليهم في هذا اليوم
والابتلاء هو امتحانهم فقد كانوا يعيشون على البحر وعملهم كان صيد السمك ..
وكان الابتلاء في هذا اليوم حيث حرم الله عليهم فيه العمل وجعل الحيتان التي يصطادونها تأتي إليهم وقد بدت أشرعتها وكانوا يبحثون عنها طوال الأسبوع وربما لا يجدونها ..
وفي يوم السبت جاءتهم ظاهرة على سطح الماء تسعى إليهم لتفتنهم ..
واقرأ قوله سبحانه وتعالى:
{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) }
(سورة الأعراف)
وهكذا يمتلئ سطح البحر بالأسماك والحيتان يوم السبت ..
فإذا جاء صباح الأحد اختفت بعيدا وهم يريدون أن يجعلوا السبت عيدا لهم لا يفعلون فيه أي شيء ولكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يحصلوا على هذه الأسماك والحيتان
صنعوا شيئا اسمه الحياض العميقة... ليحتالوا بها على أمر الله بعدم العمل في هذا اليوم وفي الوقت نفسه يحصلون على الأسماك ..
هذه الحياض يدخلها السمك بسهولة ..
ولأنها عميقة لا يستطيع الخروج منها ويتركونه يبيت الليل وفي الصباح يصطادونه ..
وكان هذا تحايلا منهم على مخالفة أمر الله ..
والله سبحانه وتعالى لا يحب من يحتال في شيء من أوامره.
ويقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) } البقرة..
وهذه قصة مشهورة عند اليهود ومتواترة يعلمها الأجداد للآباء والأباء للأحفاد
وهي ليست جديدة عليهم وإن كان المخاطبون هم اليهود المعاصرين لرسول الله صل الله عليه وسلم
ولذلك عندما سمع: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ" أي لقد عرفتم ومعنى ذلك أن القصة عندكم معروفة
وكأنها من قصص التراث التي يتناقلونها ..
وقوله تعالى: "الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ " ..
المفعول هنا واحد هنا حيلة مذكورة أنهم اعتدوا على أمر الله بالراحة يوم السبت ..
هم حقيقة لم يصطادوا يوم السبت ولكنهم تحايلوا على الممنوع بنصب الفخاخ للحيتان والأسماك ..
وكانوا في ذلك أغبياء وقد كان الممنوع أن يأخذوا السمك في حيازتهم بالصيد يوم السبت
ولكنهم أخذوه في حيازتهم بالحيلة والفخاخ
وقوله تعالى: "اعتدوا" أي تجاوزوا حدود الله المرسومة لهم
وعادة حين يحرم الله شيئا يأتي بعد التحريم قوله تعالى
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا....}
(من الآية 187 سورة البقرة)
لأنه يريد أن يمنعك من الإغراء .. حتى لا تقع في المعصية فيقول لك لا تقترب ..
ولكن بني إسرائيل اعتدوا على حكم الله متظاهرين بالطاعة وهم عاصون ..
وحسبوا أنهم يستطيعون خداع الله بأنهم طائعون مع أنهم عاصون ..
وصدر حكم الله عليهم: "فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ".
وعادة أنك لا تأمر إنسانا أمرا إلا إذا كان في قدرته أن يفعله ..
الأمر هنا أن يكونوا قردة... فهل يستطيعون تنفيذ؟
وأن يغيروا خلقتهم إلي قردة ..
إنه أمر في مقدرة الله وحده..... فكيف يقول لهم كونوا قردة؟
هذا ما سوف نتعرف عليه فى الدرس القادم ان شاء الله نستودعكم الرحمن
تعليق