إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله



    نوع المستثنى في قوله تعالى: فصعق من في السماوات ومن في والأرض إلا من شاء الله
    ما تفسير قوله سبحانه وتعالى: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ[1] من هو المستثنى هنا؟


    الله أعلم. وقال بعض أهل العلم: إنهم الملائكة وقال بعضهم : إنهم الشهداء. والله سبحانه وتعالى هو أعلم بمراده بذلك.(ابن باز )
    [1] سورة الزمر الآية 68.



    مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السادس









    اختلاف العلماء في الذين استثناهم الله من الصعق (منقول من موقع الشبكة الإسلامية)
    اختلف العلماء في الذين استثناهم الله سبحانه استناداً إلى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بعضها صحيح لكنه لا يدل على المطلوب، وبعضها ضعيف وفيه نص على المطلوب. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في هذه المسألة عشرة أقوال: الأول: أنهم الموتى، فيكون تقدير الآية صعق من في السماوات ومن في الأرض من الأحياء (إلا من شاء الله) وهم الموتى فلا ينالهم شيء من هذا لأنهم ميتون أصلاً، وهذا استثناء صحيح بهذا المعنى. وقد ذكر هذا الاستثناء بعض أهل العلم منهم القرطبي صاحب المفهم شرح صحيح مسلم وهو غير القرطبي أبي عبد الله صاحب التفسير. الثاني: أن المستثنى: هم الشهداء؛ لأنه حكم بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون فلا يموتون، وفي الحديث الذي رواه الحاكم ورجاله ثقات عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه سأل جبريل عن هذه الآية من الذين لم يشأ الله أن يصعقوا؟ قال: هم شهداء الله). فهذا الحديث يبين أن الذين لا يصعقون هم الشهداء، مع النظر إلى أنهم في حكم الدنيا أموات، لكنهم عند الله أحياء ليس كحياة الدنيا، فإن الله يجعل أرواحهم في أجساد طير خضر يسرحون من الجنة كما يشاءون، فهي حياة ليست كهذه الحياة التي على الأرض. الثالث: أن المستثنى هم أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام؛ لأنهم في هذا الحين يكونون قد ماتوا جميعاً بما فيهم المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام الذي رفع إلى السماء ولم يمت ثم ينزل ليحكم بالقرآن، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويحكم بشرع الله سبحانه، ثم يموت ويدفن في الأرض، فيكون الأنبياء كلهم ممن استثناهم الله عز وجل، وجنح إلى هذا القول الإمام البيهقي . الرابع: أن الذين استثناهم الله من هذه النفخة هم ملائكة الله سبحانه، جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم يأمر الله عز وجل ملك الموت فيقبض هؤلاء، ثم يأمر ملك الموت فيموت ملك الموت بعد ذلك، فلا يبقى شيء على هذا الكون حي غير الله سبحانه وتعالى فيقبض السماوات ويقبض الأرضين ويقول: (أنا الملك، أين ملوك الأرض؟) إذاً: يستثنى من الصعق ملائكة الله عز وجل ثم يقبضهم الله عز وجل بعد ذلك. الخامس: أن المستثنى هم حملة العرش، وجاء في ذلك حديث بإسناد ضعيف. السادس: أنه موسى وحده على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ساقه الإمام الطبري بإسناد ضعيف. السابع: أن الذين استثناهم الله من الموت هم أهل الجنة، أي: الذين خلقهم الله عز وجل في الجنة وهم الحور العين، والولدان المخلدون. الثامن: أنهم خزان الجنة وخزان النار. التاسع: أنهم الملائكة جميعهم، أي: أن النفخة في الصور تكون لكل الأحياء إلا الملائكة فيقبض الله عز وجل الملائكة بعد ذلك كيف يشاء سبحانه وتعالى. وجاء عند الطبري بسند صحيح عن الحسن قال: يستثني الله وما يدع أحداً إلا أذاقه الموت. بمعنى: استثنى الله من شاء ولكن مع ذلك كل من خلقه الله لا بد وأن يذيقه الله عز وجل الموت سواء كان بهذه النفخة التي ينفخها إسرافيل، أو يقبضه الله سبحانه بما يشاء.

    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
    "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
    "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

    تعليق


    • #17
      رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

      شرح معنى قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
      قال الله تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا والسؤال هو: أن بعض المسلمين يأخذون بهذه الآية أنه لا حرج على المسلم أن يذهب ويشد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله أن يستغفر له رسول الله وهو في قبره، فهل هذا العمل صحيح كما قال تعالى؟ وهل معنى جاءوك باللغة أنه: جاءوك في حياتك أم في موتك؟ وهل يرتد المسلم عن الإسلام إذا لم يحكم سنة رسول الله؟ وهل التشاجر على الدنيا أم على الدين؟



      هذه الآية الكريمة فيها حث الأمة على المجيء إليه إذا ظلموا أنفسهم بشيء من المعاصي، أو وقعوا فيما هو أكبر من ذلك من الشرك أن يجيئوا إليه تائبين نادمين حتى يستغفر لهم عليه الصلاة والسلام، والمراد بهذا المجيء: المجيء إليه في حياته صلى الله عليه وسلم، وهو يدعو المنافقين وغيرهم إلى أن يأتوا إليه ليعلنوا توبتهم ورجوعهم إلى الله، ويطلبوا منه عليه الصلاة والسلام أن يسأل الله أن يقبل توبتهم وأن يصلح أحوالهم ولهذا قال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ[1] فطاعة الرسول إنما تكون بإذن الله. يعني الإذن الكوني القدري، فمن أذن الله له وأراد هدايته اهتدى، ومن لم يأذن الله في هدايته لم يهتد، فالأمر بيده سبحانه، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
      وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[2]. أما الإذن الشرعي فقد أذن سبحانه لجميع الثقلين أن يهتدوا وأراد منهم ذلك شرعا وأمرهم به، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ[3]، وقال سبحانه: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[4]، ثم قال: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ[5] أي تائبين نادمين لا مجرد قول، واستغفر لهم الرسول أي: دعا لهم بالمغفرة، لوجدوا الله توابا رحيما فهو حث لهم أي للعباد على أن يأتوا للرسول صلى الله عليه وسلم ليعلنوا عنده توبتهم وليسأل الله لهم؟ وليس المراد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كما يظنه بعض الجهال، فالمجيء إليه بعد موته لهذا الغرض غير مشروع وإنما يؤتى للسلام عليه لمن كان في المدينة أو وصل إليها من خارجها لقصد الصلاة بالمسجد والقراءة فيه ونحو ذلك، فإذا أتى المسجد سلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، لكن لا يشد الرحل من أجل زيارة القبر فقط، بل من أجل المسجد وتكون الزيارة لقبره صلى الله عليه وسلم، وقبر الصديق، وعمر رضي الله عنهما تابعة لزيارة المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) متفق على صحته، فالقبور لا تشد إليها الرحال، ولكن متى وصل إلى المسجد النبوي فإنه يشرع له أن يسلم عليه صلى الله عليه وسلم، ويسلم على صاحبيه رضي الله عنهما، لكن لا يشد الرحال من أجل الزيارة فقط للحديث المتقدم.
      وأما ما يتعلق بالاستغفار: فهذا يكون في حياته لا بعد وفاته، والدليل على هذا أن الصحابة لم يفعلوا ذلك، وهم أعلم الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأفقه الناس في دينه، ولأنه عليه السلام لا يملك ذلك بعد وفاته، عليه السلام، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)).
      وأما ما أخبر به عليه الصلاة والسلام أن من صلى عليه تعرض صلاته عليه فذلك شيء خاص يتعلق بالصلاة عليه، ومن صلى عليه صلى الله عليه بها عشرا، وقال عليه الصلاة والسلام:
      ((أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي)) قيل: يا رسول الله كيف وقد أرمت؟ أي بليت، قال: ((إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) فهذا حكم خاص بالصلاة عليه. وفي الحديث الآخر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام))، فهذا شيء خاص للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يبلغ ذلك، وأما أن يأتي من ظلم نفسه ليتوب عند القبر ويستغفر عند القبر فهذا لا أصل له، بل هو منكر ولا يجوز وهو وسيلة للشرك، مثل أن يأتي فيسأله الشفاعة أو شفاء المريض أو النصر على الأعداء أو نحو ذلك، أو يسأله أن يدعو له فهذا لا يجوز؛ لأن هذا ليس من خصائصه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ولا من خصائص غيره، فكل من مات لا يدعى ولا يطلب منه الشفاعة لا النبي ولا غيره، وإنما الشفاعة تطلب منه في حياته، فيقال: يا رسول الله اشفع لي أن يغفر الله لي، اشفع لي أن يشفي الله مريضي، وأن يرد غائبي، وأن يعطيني كذا وكذا، وهكذا يوم القيامة بعد البعث والنشور، فإن المؤمنين يأتون آدم ليشفع لهم إلى الله حتى يقضي بينهم فيعتذر ويحيلهم إلى نوح، فيأتونه فيعتذر ثم يحيلهم نوح إلى إبراهيم، فيعتذر فيحيلهم إبراهيم إلى موسى، فيعتذر ثم يحيلهم موسى إلى عيسى، فيعتذر -عليهم جميعا الصلاة والسلام- ثم يحيلهم عيسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتونه فيقول عليه الصلاة والسلام: ((أنا لها أنا لها))، فيتقدم ويسجد تحت العرش ويحمد ربه بمحامد عظيمة يفتحها الله عليه، ثم يقال له: ((ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع))، فيشفع صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهكذا يشفع في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم موجود، أما في البرزخ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلا يسأل الشفاعة ولا يسأل شفاء المريض ولا رد الغائب ولا غير ذلك من الأمور، وهكذا بقية الأموات لا يسألون شيئا من هذه الأمور، بل يدعى لهم ويستغفر لهم إذا كانوا مسلمين، وإنما تطلب هذه الأمور من الله سبحانه، مثل أن يقول المسلم: اللهم شفع في نبيك عليه الصلاة والسلام، اللهم اشف مريضي، اللهم انصرني على عدوي، ونحو ذلك؛ لأنه سبحانه يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[6]، ويقول عز وجل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[7] الآية.
      أما قوله تعالى:
      فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ[8] الآية فهي عامة على ظاهرها، فلا يجوز للمسلمين أن يخرجوا على شريعة الله، بل يجب عليهم أن يحكموا شرع الله في كل شيء، فيما يتعلق بالعبادات، وفيما يتعلق بالمعاملات، وفي جميع الشئون الدينية والدنيوية لكونها تعم الجميع، ولأن الله سبحانه يقول: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[9]، ويقول: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[10]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[11]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[12]، فهذه الآيات عامة لجميع الشئون التي يتنازع فيها الناس ويختلفون فيها، ولهذا قال سبحانه: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ يعني الناس من المسلمين وغيرهم حَتَّى يُحَكِّمُوكَ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، وذلك بتحكيمه صلى الله عليه وسلم حال حياته وتحكيم سنته بعد وفاته، فالتحكيم لسنته هو التحكيم لما أنزل من القرآن والسنة، فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ أي فيما تنازعوا فيه، هذا هو الواجب عليهم أن يحكموا القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته باتباع سنته التي هي بيان القرآن الكريم وتفسير له ودلالة على معانيه، أما قوله سبحانه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فمعناه أنه يجب أن تنشرح صدورهم لحكمه صلى الله عليه وسلم، وألا يبقى في صدروهم حرج مما قضى بحكمه عليه الصلاة والسلام؛ لأن حكمه هو الحق الذي لا ريب فيه وهو حكم الله عز وجل، فالواجب التسليم له وانشراح الصدر بذلك وعدم الحرج، بل عليهم أن يسلموا لذلك تسليما كاملا رضا بحكم الله واطمئنانا إليه، هذا هو الواجب على جميع المسلمين فيما شجر بينهم من دعاوى وخصومات، سواء كانت متعلقة بالعبادات أو بالأموال أو بالأنكحة أو الطلاق أو بغيرها من شئونهم.
      وهذا الإيمان المنفي هو أصل الإيمان بالله ورسوله بالنسبة إلى تحكيم الشريعة والرضا بها، والإيمان بأنها الحكم بين الناس، فلا بد من هذا، فمن زعم أنه يجوز الحكم بغيرها أو قال: إنه يجوز أن يتحاكم الناس إلى الآباء أو إلى الأجداد أو إلى القوانين الوضيعة التي وضعها الرجال سواء كانت شرقية أو غربية فمن زعم أن هذا يجوز فإن الإيمان منتف عنه ويكون بذلك كافرا كفرا أكبر، فمن رأى أن شرع الله لا يجب تحكيمه ولكن لو حكم كان أفضل، أو رأى أن القانون أفضل، أو رأى أن القانون يساوي حكم الله فهو مرتد عن الإسلام. وهي ثلاثة أنواع:
      النوع الأول: أن يقول: إن الشرع أفضل ولكن لا مانع من تحكيم غير الشرع.
      النوع الثاني: أن يقول: إن الشرع والقانون سواء ولا فرق.
      النوع الثالث: أن يقول إن القانون أفضل وأولى من الشرع. وهذا أقبح الثلاثة، وكلها كفر وردة عن الإسلام.
      أما الذي يرى أن الواجب تحكيم شرع الله، وأنه لا يجوز تحكيم القوانين ولا غيرها مما يخالف شرع الله ولكنه قد يحكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه ضد المحكوم عليه، أو لرشوة، أو لأمور سياسية، أو ما أشبه ذلك من الأسباب وهو يعلم أنه ظالم ومخطئ ومخالف للشرع فهذا يكون ناقص الإيمان، وقد انتفى في حقه كمال الإيمان الواجب، وهو بذلك يكون كافرا كفرا أصغر وظالما ظلما أصغر وفاسقا فسقا أصغر، كما صح معنى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وجماعة من السلف رحمهم الله، وهو قول أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك سبيلهم. والله المستعان.


      [1] سورة النساء الآية 64.
      [2]سورة التكوير الآية 29.
      [3]سورة البقرة الآية 21.
      [4]سورة النساء الآية 26.
      [5]سورة النساء الآية 64.
      [6]سورة غافر الآية 60.
      [7]سورة البقرة الآية 186
      [8]سورة النساء الآية 65.
      [9]سورة المائدة الآية 50.
      [10]سورة المائدة الآية 44.
      [11]سورة المائدة الآية 45.
      [12]سورة المائدة الآية 47.



      مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء السادس
      اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
      "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
      "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

      تعليق


      • #18
        رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

        معنى قوله تعالى: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ
        قال الله تعالى: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ، هل معنى هذا أن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بكتاب الله ولا يجتهد رأيه فيما لم ينزل عليه كتاب؟ وهل اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟




        الله جل وعلا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بين الناس بما أنزل الله عليه، قال سبحانه: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ[1] فكان يحكم بما أنزل الله، فإذا لم يكن هناك نص عنده اجتهد عليه الصلاة والسلام وحكم بما عنده من الأدلة الشرعية كما قال في الحديث الصحيح: ((إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فليحملها أو يذرها)) متفق على صحته من حديث أم سلمة رضي الله عنها، ومعنى هذا أنه قد يجتهد في الحكم حسب القواعد الشرعية؛ لأنه لم ينزل عليه فيه شيء، فمن عرف أن الحكم ليس بمطابق وأن الشهود زور فقد أخذ قطعة من النار، فليحذر ذلك وليتق الله في نفسه، ولو كان الرسول هو الحاكم عليه.
        لأن الحاكم ليس له إلا الظاهر من ثقة الشهود وعدالتهم، أو يمين المدعى عليه، فذا كان المدعي أحضر شهودا يعلم أنهم قد غلطوا ولو كانوا تقاة وأن الحق ليس له، أو يعلم أنهم شهود زور ولكن القاضي اعتبرهم عدولا؛ لأنهم عدلوا عنده وزكوا لديه، فان هذا المال الذي يحكم به له أو القصاص كله باطل بالنسبة إليه لعلمه ببطلانه، وهو قد تعدى حدود الله وظلم، وإن حكم له القاضي؛ لأن القاضي ليس له إلا الظاهر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:
        ((فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار))، والنبي صلى الله عليه وسلم يحكم بما أنزل الله فيما أوحاه الله إليه، وما لم يكن فيه نص اجتهد فيه عليه الصلاة والسلام حتى تتأسى به الأمة، وهو في ذلك كله يعتبر حاكما بما أنزل الله لكونه حكم بالقواعد الشرعية التي أمر الله أن يحكم بها، ولهذا قال للزبير بن العوام رضي الله عنه لما ادعى على شخص في أرض: ((شاهداك أو يمينه))، فقال الزبير: إذا يحلف يا رسول الله ولا يبالي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس لك إلا ذلك)) متفق عليه.
        ولما بعث معاذا وفدا إلى اليمن قال له:
        ((إن عرض لك قضاء فبم تحكم))؟ قال: أحكم بكتاب الله، قال: ((فإن لم تجد))، قال: فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((فإن لم تجد))، قال: أجتهد رأي ولا آلو فضربه صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال: ((الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله)) رواه الإمام أحمد وجماعة بإسناد حسن.

        [1] سورة المائدة الآية 49.



        مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء السادس
        اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
        "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
        "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

        تعليق


        • #19
          رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

          تفسير قوله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
          إبراهيم ع . ز . من بانياس الساحل في سوريا يقول في سؤاله: قال الله تعالى:وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَاوهذا يعني أنه سبحانه ألزم نفسه بنفسه إطعام كل ما يدب على هذه الأرض من إنسان أو حيوان أو حشرات إلخ، فبماذا نفسر المجاعة التي تجتاح بلدان قارة أفريقيا؟




          الآية على ظاهرها، وما يقدر الله سبحانه من الكوارث والمجاعات لا تضر إلا من تم أجله وانقطع رزقه، أما من كان قد بقي له حياة أو رزق فإن الله يسوق له رزقه من طرق كثيرة قد يعلمها وقد لا يعلمها، لقوله سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[1]، وقوله: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ[2]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)).
          وقد يعاقب الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها من كسل وتعطيل للأسباب التي يقدر عليها، أو لفعله المعاصي التي نهاه الله عنها، كما قال الله سبحانه:
          مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ[3] الآية. وقال عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[4] الآية، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه))رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه بإسناد جيد.
          وقد يبتلى العبد بالفقر والمرض وغيرهما من المصائب لاختبار شكره وصبره لقول الله سبحانه:
          وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ[5]، وقوله عز وجل: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[6]، والمراد بالحسنات في هذه الآية النعم، وبالسيئات المصائب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن))أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وبالله التوفيق.
          [1] سورة الطلاق الآيتان 2 – 3.
          [2]سورة العنكبوت الآية 60.
          [3]سورة النساء الآية 79.
          [4]سورة الشورى الآية 30.
          [5]سورة البقرة الآيتان 155 - 156
          [6]سورة الأعراف الآية 168.




          مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء السادس
          اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
          "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
          "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

          تعليق


          • #20
            رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

            أصحاب الكهف وأصحاب الصخرة
            هذا سؤال من المستمعة ف . ر . أ من بور سودان تقول : ما هو القول الصحيح في عدد أهل الكهف؟ وهل هم أصحاب الصخرة؟ أم أنهم غيرهم؟ فإن كان كذلك فمن هم إذن أصحاب الصخرة وما هي قصتهم؟




            أهل الكهف بينهم الله في كتابه العظيم، والأقرب ما قاله جماعة من أهل العلم: أنهم سبعة وثامنهم كلبهم، هذا هو الأقرب والأظهر، وهم أناس مؤمنون، فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى، فلما أيقظهم الله بعد أن ناموا المدة الطويلة، توفاهم الله بعد ذلك على دينهم الحق، هؤلاء هم أهل الكهف كما بينهم الله في كتابه الكريم، فتية آمنوا بربهم فزادهم الله هدى وناموا النومة الطويلة بإذن الله، ثم ماتوا بعد ذلك وبنى عليهم بعض أهل الغلبة هناك من الأمراء والرؤساء مسجدا، وقد أخطئوا وغلطوا في ذلك؛ لأن القبور لا يجوز أن تبنى عليها المساجد، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعن من فعله فقال: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))وحذر من البناء على القبور وتجصيصها واتخاذ المساجد عليها، كل هذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولعن من فعله، فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور مساجد، ولا قبابا ولا غير ذلك، بل تكون القبور ضاحية مكشوفة غير مرفوعة ليس عليها بناء، لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، هكذا كانت قبور المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين حتى غير الناس بعد ذلك وبنوا على القبور، وهذا من الجهل والغلط ومن وسائل الشرك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، قالت عائشة رضي الله عنها: (يحذر ما صنعوا). وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم حبيبة وأم سلمة أن في أرض الحبشة عدة كنائس فيها تصاوير قال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور))، ثم قال: ((أولئك شرار الخلق عند الله))متفق على صحته، فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب بنائهم على القبور واتخاذهم الصور عليها، أسأل الله السلامة.
            وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه:
            ((إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك))أخرجه مسلم في صحيحه، فنهى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم عن اتخاذ القبور مساجد وحذر من هذا، وبين أنه عمل من كان قبلنا من المغضوب عليهم والضالين وهو عمل مذموم، وما ذاك إلا لأنه من وسائل الشرك والغلو في الأنبياء والصالحين، فلا يجوز للمسلمين أن يتخذوا قبابا ولا مساجد على قبور أمواتهم، بل هذا منكر ومن وسائل الشرك، وهكذا لا يجوز تجصيص القبور والبناء عليها والقعود عليها. لما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكتابة عليها أو إسراجها في أحاديث أخرى، وكل ذلك من باب سد الذرائع المفضية إلى الشرك والغلو، والله المستعان ولما في القعود عليها من الإهانة لأهلها.
            أما أصحاب الصخرة فكما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
            ((انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج))، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وقال الآخر: اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها))، قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الثالث: ((اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أَدِّ إلي أجري فقلت له كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزىء بي، قلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء
            وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون))[1]في هذا الحديث موعظة وذكرى ودلالة على أن الله سبحانه على كل شيء قدير، وأنه سبحانه يبتلي عباده في السراء والضراء والشدة والرخاء ليمتحن صبرهم وشكرهم ويبين آياته لعباده وقدرته العظيمة، وهذا حديث صحيح، رواه مسلم والبخاري في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه عبرة وإرشاد إلى الضراعة إلى الله وإلى سؤاله عند الكرب والشدة، وأنه سبحانه قريب مجيب يسمع دعاء الداعي ويجيب دعوته إذا شاء سبحانه وتعالى، وفيه دلالة على أن الأعمال الصالحات من أسباب تيسير الأمور وإزالة الشدائد وتفريج الكروب، وفيه دليل على أنه ينبغي للمؤمن إذا وقع في الشدة أن يضرع إلى الله ويفزع إليه ويسأله ويتوسل بأعماله الصالحة كإيمانه بالله ورسوله وتوحيده وإخلاص العبادة له، وكبر الوالدين وأداء الأمانة والعفة عن الفواحش.
            هذه وأمثالها هي الأسباب والوسائل الشرعية، والله سبحانه من فضله وإحسانه يجيب دعوة المضطر، ويرحم عبده المؤمن ويجيب سؤاله، كما قال سبحانه:
            وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[2]، وقال سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[3]، وقال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ[4]، وهؤلاء الثلاثة مضطرون نزل بهم أمر عظيم وكربة شديدة فسألوا الله بصالح الأعمال، فأجاب الله دعاءهم وفرج كربتهم. وفيه من الفوائد بيان فضل بر الوالدين وهو من أفضل القربات ومن أسباب تيسير الأمور، وهكذا العفة عن الزنا، والحذر منه من جملة الأعمال الصالحات ومن أسباب النجاة من كل سوء، وهكذا أداء الأمانة والنصح فيها من أعظم الأسباب في تيسير الكروب ومن أفضل الأعمال الصالحات، ولعظم فائدة هذا الحديث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته ليستفيدوا ويعتبروا ويتأسوا بمن قبلهم في الأعمال الصالحة. والله المستعان.
            [1]اللفظ للبخاري كتاب الإجارة 12، الجزء الثالث، ص (51، 52).
            [2]
            سورة البقرة الآية 186.
            [3]
            سورة غافر الآية 60.
            [4]
            سورة النمل الآية 62.



            مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء السادس
            اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
            "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
            "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

            تعليق


            • #21
              رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

              جزاكم الله خيرا
              نفع الله بنا وبكم


              التعديل الأخير تم بواسطة Mostafa Sultan; الساعة 14-12-2010, 12:11 PM. سبب آخر: حذف صورة ليس لها علاقة بالموضوع

              تعليق


              • #22
                رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                لا إكراه في قبول الإسلام
                يقول بعض الزملاء: من لم يدخل الإسلام يعتبر حرا لا يكره على الإسلام ويستدل بقوله تعالى:أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، وقوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِفما رأي سماحتكم في هذا؟




                هاتان الآيتان الكريمتان والآيات الأخرى التي في معناهما بين العلماء أنها في حق من تؤخذ منهم الجزية كاليهود والنصارى والمجوس، لا يكرهون، بل يخيرون بين الإسلام وبين بذل الجزية. وقال آخرون من أهل العلم: إنها كانت في أول الأمر ثم نسخت بأمر الله سبحانه بالقتال والجهاد، فمن أبى الدخول في الإسلام وجب جهاده مع القدرة حتى يدخل في الإسلام أو يؤدي الجزية إن كان من أهلها، فالواجب إلزام الكفار بالإسلام إذا كانوا لا تؤخذ منهم الجزية؛ لأن إسلامهم فيه سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فإلزام الإنسان بالحق الذي فيه الهدى والسعادة خير له من الباطل، كما يلزم الإنسان بالحق الذي عليه لبني آدم ولو بالسجن أو بالضرب، فإلزام الكفار بتوحيد الله والدخول في دين الإسلام أولى وأوجب؛ لأن فيه سعادتهم في العاجل والآجـل إلا إذا كانوا من أهل الكتاب كاليهود والنصارى أو المجوس، فهذه الطوائف الثلاث جاء الشرع بأنهم يخيرون. فإما أن يدخلوا في الإسلام وإما أن يبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وذهب بعض أهل العلم إلى إلحاق غيرهم بهم في التخيير بين الإسلام والجزية، والأرجح أنه لا يلحق بهم غيرهم، بل هؤلاء الطوائف الثلاث هم الذين يخيرون؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل الكفار في الجزيرة ولم يقبل منهم إلا الإسلام، قال تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[1] ولم يقل: أو أدوا الجزية، فاليهود والنصارى والمجوس يطالبون بالإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا وجب على أهل الإسلام قتالهم، إن استطاعوا ذلك، يقول عز وجل: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[2].
                ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من المجوس، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم أخذوا الجزية من غير الطوائف الثلاث المذكورة، والأصل في هذا قوله تعالى:
                وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ[3]، وقوله سبحانه: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[4] وهذه الآية تسمى آية السيف.
                وهي وأمثالها هي الناسخة للآيات التي فيها عدم الإكراه على الإسلام. والله الموفق.


                [1]سورة التوبة الآية 5.
                [2] سورة التوبة الآية 29.
                [3]سورة الأنفال الآية 39.
                [4]
                سورة التوبة الآية 5.



                مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء السادس
                اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                تعليق


                • #23
                  رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                  معنى المثل الأعلى
                  قوله سبحانه: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِهل المثل يعني الشبيه؟




                  يعني المثل: الوصف الأعلى من كل الوجوه، فهو سبحانه الموصوف بالكمال المطلق من كل الوجوه، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[1] وقال سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [2]، والله ولي التوفيق. [1]سورة الشورى الآية 11.
                  [2]
                  سورة الإخلاص كاملة.




                  مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء السادس
                  اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                  "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                  "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                  تعليق


                  • #24
                    رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                    .::: ( جزاك الله خيراً ) :::.
                    .::: ( مشكور على الموضوع ) :::.
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، وبعد

                    تعليق


                    • #25
                      رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                      شرح معنى القاسطين والمقسطين في القرآن الكريم

                      أرجو أن تتفضلوا بالإجابة عما يلي: ما الفرق بين الآيات الكريمة الآتية في الآية الخامسة عشرة من سورة الجن، قال تعالى: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا وفي الآية الثامنة من سورة الممتحنة: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، وفي الآية الثانية والأربعين من سورة المائدة: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ?



                      القسط الذي أمر الله بالحكم به هو العدل، والمقسطون هم أهل العدل في حكمهم وفي أهليهم وفيما ولاهم الله عليهم، وأقسط أي عدل في الحكم وأدى الحق ولم يجر، أما القاسط فهو الجائز الظالم يقال قسط يقسط قسطا فهو قاسط إذا جار وظلم، ولهذا قال تعالى: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا يعني الظالمين الجائرين المعتدين المتعدين لحدود الله، وهم الذين توعدهم الله بأن يكونوا حطبا لجهنم، أما المقسطون بالميم من أقسطوا من الرباعي فهؤلاء هم: أهل العدل الموفقون المهديون الذين يعدلون في حكمهم وفي أهليهم وفيمن ولاهم الله عليهم، ولهذا قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ يعني يحب أهل العدل والاستقامة والإنصاف، ولهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
                      1 - العادلون المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين
                      الراوي: - المحدث: ابن العربي - المصدر: التذكرة للقرطبي - الصفحة أو الرقم: 223
                      خلاصة حكم المحدث: صحيح

                       2 - المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين
                      الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: تلبيس الجهمية - الصفحة أو الرقم: 5/485
                      خلاصة حكم المحدث: صحيح

                       3 - المقسطون على منابر نور عن يمين العرش ، الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا
                      الراوي: - المحدث: ابن كثير - المصدر: تفسير القرآن - الصفحة أو الرقم: 8/117
                      خلاصة حكم المحدث: صحيح

                       4 - المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذي يقسطون في أهليهم وحكمهم وما ولوا
                      الراوي: - المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 2/13
                      خلاصة حكم المحدث: ثابت

                       5 - المقسطون في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة بين يدي الرحمن عز وجل بما أقسطوا في الدنيا
                      الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 11/121
                      خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

                      اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                      "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                      "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                      تعليق


                      • #26
                        رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                        تفسير قوله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ
                        نرجو تفسير قوله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[1].



                        هذه الآية آية عظيمة وهي تدل على أن العلماء بالله وبدينه وبكتابه العظيم وسنة رسوله الكريم هم أشد الناس خشية لله، وأكملهم خوفاً منه سبحانه، فالمعنى: إنما يخشى الله الخشية الكاملة هم العلماء بالله الذين عرفوا ربهم بأسمائه وصفاته وعظيم حقه، وتبصروا في شريعته وعرفوا ما عنده من النعيم لمن اتقاه، والعذاب لمن خالفه وعصاه، فهم لكمال علمهم بالله هم أشد الناس خشية لله، وأكمل الناس خوفاً من الله، وعلى رأسهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهم أكمل الناس خشية لله سبحانه وتعظيماً له، ثم خلفاؤهم العلماء بالله وبدينه. وهم على مراتب في ذلك متفاوتة، وليس معنى الآية أن غيرهم لا يخشى الله فكل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة يخشى الله عز وجل، لكن خشية الله فيهم متفاوتة، فكلما كان المؤمن أبصر بالله وأعلم به وبدينه كان خوفه لله أكثر، وكلما قل العلم وقلت البصيرة قل الخوف من الله وقلت الخشية منه سبحانه، فالناس متفاوتون في هذا الباب تفاوتا عظيما حتى العلماء متفاوتون في خشيتهم لله كما تقدم، فكلما زاد العلم زادت الخشية لله، وكلما نقص العلم نقصت الخشية لله، ولهذا يقول عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ[2]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ[3]، والآيات في هذا المعنى كثيرة وبالله التوفيق.
                        [1] سورة فاطر الآية 28.

                        [2] سورة البينة الآيتان 7-8.

                        [3] سورة الملك الآية 13.


                        مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس.
                        اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                        "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                        "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                        تعليق


                        • #27
                          رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                          معنى الورود في قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا

                          ما معنى قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا[1]؟ وهل الورود في الآية بمعنى الدخول أو المرور على الصـراط؟



                          الورود المرور كما بينت ذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ينجي الله المتقين ويذر الظالمين فيها جثيا. ولهذا قال سبحانه: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا[2].
                          فالكفار يساقون إليها، والعصاة منهم من ينجو ومنهم من يخدش ويسلم، ومنهم من يسقط في النار، ولكن لا يخلد فيها، بل لعذابهم أمد ينتهون إليه، وإنما يخلد فيها الكفار خلوداً أبديا، يقول الله عز وجل في سورة البقرة في حق الكفار: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[3]، وقال في سورة المائدة: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ[4]، والآيات في هذا المعنى كثيرة نسأل الله العافية والسلامة من حال أهل النار.
                          اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                          "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                          "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                          تعليق


                          • #28
                            رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                            تفسير قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ...

                            ما معنى قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا[1].هل المقصود في الآية أن مرتكب الكبائر الثلاث يخلد في النار؟ أم المقصود إحداها فقط؟


                            هذه الآية العظيمة فيها التحذير من الشرك والقتل والزنا، وأن أصحاب هذه الجرائم متوعدون بقوله سبحانه: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا قيل: إنه واد في جهنم، وقيل: أراد به إثما عظيما فسره بقوله: يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا وهذا جزاء من اقترف هذه الجرائم الثلاث أو إحداها أن يضاعف له العذاب ويخلد في العذاب مهانا، وهذه الجرائم الثلاث مختلفة في المراتب.
                            فجريمة الشرك هي أعظم الجرائم وأعظم الذنوب، وصاحبها مخلد في النار أبد الآباد ولا يخرج من النار أبدا كما قال تعالى في سورة التوبة: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ[2]، وقال سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[3]، وقال عز وجل: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[4]، وقال تعالى في حقهم: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ[5]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
                            فالمشرك إذا مات ولم يتب فإنه يخلد في النار والجنة عليه حرام، والمغفرة عليه حرام بإجماع المسلمين، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[6]، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[7] جعل المغفرة حراما على المشرك، أما ما دون الشرك فهو تحت المشيئة.
                            ومن أنواع الشرك بالله التي يخلد صاحبها في النار إذا مات عليها إذا كانت قد بلغته الرسالة - دعاء الأموات من الأنبياء والأولياء وغيرهم، ودعاء الملائكة والجن والأصنام والأحجار والكواكب وغير ذلك من المخلوقات؛ كقول بعضهم: يا سيدي أنا في جوارك، أنا في حسبك، انصرني، اشف مريضي، المدد المدد... ونحو ذلك، وهكذا الذبح لهم والنذر لهم وغير ذلك من العبادات التي يجب صرفها لله وحده ولا يجوز صرفها إلى غيره من جميع الخلق لقوله عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[8]، وقوله سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[9]، وقوله عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[10]، وقوله تعالى في سورة الفاتحة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[11] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
                            أما الجريمة الثانية وهي القتل، والثالثة وهي الزنا، - وهاتان الجريمتان دون الشرك إذا كان من تعاطاهما لم يستحلهما ويعلم أنهما محرمتان ولكن حمله الشيطان على الإقدام على القتل بغير حق بسبب البغضاء والعداوة، أو أسباب أخرى، وحمله الهوى والشيطان على الزنا وهو يعتقد أن القتل محرم بغير حق، وأن الزنا محرم - فهاتان الجريمتان توجبان النار والخلود فيها خلودا مؤقتا إلا يعفو الله عن صاحبها لأعمال صالحة أو توبة قبل الموت، أو بشفاعة الشفعاء، أو بدعاء المسلمين، إلى غير ذلك من الأسباب التي جعلها الله سببا لغفران الذنوب، وقد يعذب صاحبها حسب مشيئة الله وحكمته، وهذا واقع لكثير من الناس، يعذبون على معاصيهم، ثم يخرجهم الله من النار برحمته سبحانه، إما بشفاعة الشفعاء أو بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة أو بشفاعة الملائكة أو الأفراط أو المؤمنين، فيخرجهم الله من النار بشفاعة هؤلاء بعد أن يمضوا فيها ما كتب الله عليهم من العذاب، ويبقى في النار أقوام من أهل التوحيد لم تشملهم شفاعة الشفعاء فيخرجهم الله سبحانه وتعالى برحمته بدون شفاعة أحد؛ لأنهم ماتوا على التوحيد والإيمان لكنهم لهم أعمال خبيثة ومعاص دخلوا بها النار، فإذا طهروا منها ومضت المدة التي كتب الله عليهم البقاء فيها أخرجهم سبحانه من النار رحمة منه عز وجل، ويلقون في نهر الحياة من أنهار الجنة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة كما صحت بذلك الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
                            ومن هذا يعلم أن العاصي كالقاتل والزاني لا يخلد في النار خلود الكفار، بل خلودا خاصا له نهاية، لقوله سبحانه وتعالى: وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا[12] وهذا خلود مؤقت ليس كخلود المشركين، ومثل ذلك ما ورد في وعيد القاتل لنفسه. نسأل الله السلامة من ذلك.
                            [1] سورة الفرقان الآيتان 68-69.

                            [2] سورة التوبة الآية 17.

                            [3] سورة الأنعام من الآية 88.

                            [4] سورة الزمر الآية 65.

                            [5] سورة المائدة الآية 37.

                            [6] سورة المائدة من الآية 72.

                            [7] سورة النساء من الآية 48.

                            [8] سورة الإسراء الآية 23.

                            [9] سورة البينة الآية 5.

                            [10] سورة الجن الآية 18.

                            [11] سورة الفاتحة الآية 5.

                            [12] سورة الفرقان من الآية 69.


                            مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس.
                            اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                            "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                            "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                            تعليق


                            • #29
                              رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                              تفسير قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ
                              طالب يسأل ويقول: ما هو الحق في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ[1].


                              الرسول صلى الله عليه وسلم فسرها بأن المراد يوم يجيء الرب يوم القيامة ويكشف لعباده المؤمنين عن ساقه، وهي العلامة التي بينه وبينهم سبحانه وتعالى، فإذا كشف عن ساقه عرفوه وتبعوه، وإن كانت الحرب يقال لها كشفت عن ساق إذا استشرت، وهذا معروف لغويا، قاله أئمة اللغة. ولكن في الآية الكريمة يجب أن يفسر بما جاء في الحديث الشريف وهو كشف الرب عن ساقه سبحانه وتعالى.
                              وهذه من الصفات التي تليق بالله لا يشابهه فيها أحد جل وعلا، وهكذا سائر الصفات كالوجه واليدين والقدم والعين وغير ذلك من الصفات الثابتة بالنصوص، ومن ذلك الغضب والمحبة والكراهة وسائر ما وصف به نفسه سبحانه في الكتاب العزيز وفي ما أخبر به عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[2] وقال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[3]، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان من أئمة العلم والهدى، والله ولي التوفيق.
                              [1] سورة القلم الآية 42.

                              [2] سورة الشورى الآية 11.

                              [3] سورة الإخلاص كاملة.
                              اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                              "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                              "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                              تعليق


                              • #30
                                رد: سؤال عن معنى آية والجواب لابن باز رحمه الله

                                المراد بالشرك في قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ
                                أخ يسأل عن قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ[1] فما هو معنى الآية؟ وما هو المراد بالشرك في الآية الكريمة؟



                                قد أوضح العلماء معناها كابن عباس وغيره، وإن معناها أن المشركين إذا سئلوا عمن خلق السماوات والأرض ومن خلقهم يقولون الله، وهم مع هذا يعبدون الأصنام والأوثان كاللات والعزى ونحوهما، ويستغيثون بها وينذرون ويذبحون لها. فإيمانهم هذا هو توحيد الربوبية، ويبطل ويفسد بشركهم بالله تعالى ولا ينفعهم. فأبو جهل وأشباهه يؤمنون بأن الله خالقهم ورازقهم وخالق السماوات والأرض ولكن لم ينفعهم هذا؛ لأنهم أشركوا بالله بعبادة الأصنام والأوثان. هذا هو معنى الآية عن أهل العلم.
                                [1] سورة يوسف من الآية 106.
                                اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                                "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                                "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                                تعليق

                                يعمل...
                                X