كيفية جمع القرآن الكريم وكيف وصل إلينا المصحف الإمام ؟
جمع القرآن الكريم فى ثلاثة مراحل :
المرحلة الأولى
وكانت فى عهد رسول الله وهذه المرحلة كانت تسمى بمرحلة حفظ الصدور لأنهم كانوا يعتمدون فيها على حفظ الصدور أكثر من حفظ السطوروذلك لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وشدة الحاجة إلى ذلك .
كان جبريل عليه السلام يتنزل بالآيات على قلب رسول الله فيحفظها رسول الله عن ظهر قلب حفظا متقنا دقيقا ، ثم يقرأ النبى الآيات على الصحابة فمنهم من يحفظ الآيات حفظا متقنا كحفظ رسول الله لها .
وكان الصحابة فى هذا الوقت يعرفون بالقراء أى الحفاظ وكان عددهم كثير وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين الأربعة ، وعبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبى حذيفة ،وأبى بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعائشة ، وحفصة ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير وغيرهم الكثير .
أما حفظ السطور فى هذه المرحلة فلقد كتب القرآن الكريم كله فى هذه المرحلة حيث كان يقرأ الرسول الآيات على أصحابه ثم يبعث إلى كتبة الوحى لكى يكتبوا القرآن بين يديه ، ولكن سطورهم كانت تختلف عن سطورنا أى كانوا لايكتبون على الورق بل يكتبون على العسب وهو جريد النخل ، واللخاف وهو حجارة رقيقة ، والرقاع وهى الجلود .
المرحلة الثانية
وكانت فى عهد الصديق رضى الله عنه
حيث قتل كثير من القراء أى حفظة القرآن الكريم من الصحابة فى معركة اليمامة ضد المرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب ، فجاء الرجل الملهم محدث هذه الأمة الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه وأشار عليه بجمع القرآن ، فقال الصديق : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله
فقال عمر:هو والله خير هو والله خير
يقول الصديق : فلم يزل يراجعنى حتى شرح الله صدرى لذلك .
فأرسل الصدييق إلى زيد بن ثابت ـــ كاتب الوحى بين يدى رسول الله ـــ فجاء ثابترضى الله عنه وكان عمررضى الله عنه عند الصديق رضى الله عنه .
يقول زيد : قال لى أبو بكر : يازيد لقد أتانى عمر وقال لى إن القتل استحرى بالقراء يوم اليمامة وأخشى أن يذهب بذهابهم وأشار علىَ بجمع القرآن ، قلت له كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟، قال : هو والله خير ، فلم يزل يراجعنى حتى شرح الله صدرى لذلك ، ثم قال أبو بكر : يازيد إنك رجل ، شاب ، عاقل ،لانتهمك فتتبع القرآن واجمعه .
ـــ يقول زيد : والله لو كلفونى بنقل جبل من الجبال ما كان أثقل علىَ من الذى كلفونى به ـــ قال زيد : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الل ه ؟ قال أبو بكر : هو والله خير فلم يزل يراجعنى حتى شرح الله صدرى لذلك ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال حتى جمعته وظل عند أبى بكر رضى الله عنه حتى توفاه الله ، ثم انتقل إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ثم انتقل من بعده إلى حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضى الله عنها .
المرحلة الثالثة
وكانت فى عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه
اتسعت الفتوحات فى عهد عثمان رضى الله عنه بصورة ملفتة،فاختلفت القراءات حيث أهل الشام يقرأون بقراءة أبى بن كعب ، وأهل العراق يقرأون بقراءة عبد الله بن مسعود ، وكان هذا الأمر فى البداية عادى ولكن حين التقوا فى المعارك اختلفوا وكادوا أن يقتتلوا وكفَر بعضهم بعضا غيرة على كتاب الله .
فقام حذيفة وجاء إلى عثمان رضى الله عنه وقال : يا أمير المؤمنين أدرك الأمة قبل أن تختلف فى كتاب الله كما اختلفت اليهود والنصارى . رواه البخارى
فأمر سيدنا عثمان رضى الله عنه حفصة بنت عمر رضى الله عنه أن ترسل إليه الصحف المكتوب فيها القرآن ، فأرسلت رضى الله عنها الصحف إلى عثمان رضى الله عنه ، فأمر عثمان زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث أن يجمعوا هذه الصحف فى مصحف واحد على حرف واحد وقال لهم إذا اختلفتم أنتم وزيد فالجئوا إلى حرف قريش ، وإذ جمعتموه فانسخوا منه نسخا متكررة ثم أرسل سيدنا عثمان رضى الله عنه إلى كل مصر من أمصار المسلمين بنسخة من هذا المصحف .
وهكذا اتفق المسلمون جميعا على حرف واحد ووصل إلينا المصحف الإمام الذى بين أيدينا الآن .
من برنامج تفسير القرآن للشيخ محمد حسان حفظه الله وبارك فى عمره وفى صحته
تعليق