السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الإمام ابن القيم في " بدائع الفوائد " (2/47)
لِم قُدم المغضوب عليهم على الضالين ؟
تقديم المغضوب عليهم على الضالين فلوجوه
أحدها : أنهم متقدمون عليهم بالزمان .
الثاني : أنهم كانوا هم الذين يلون النبي من أهل الكتابين فإنهم كانوا
جيرانه في المدينة ، والنصارى كانت ديارهم نائية عنه ، ولهذا تجد خطاب
اليهود والكلام معهم في القرآن الكريم أكثر من خطاب النصارى
كما في سورة البقرة والمائدة وآل عمران وغيرها من السور .
الثالث : أن اليهود أغلظ كفرا من النصارى ، ولهذا كان الغضب أخص بهم
واللعنة والعقوبة ، فإن كفرهم عن عناد وبغي كما تقدم ، فالتحذير من
سبيلهم والبعد منها أحق وأهم بالتقديم ، وليس عقوبة من جهل كعقوبة من علم .
الرابع : وهو أحسنها أنه تقدم ذكر المنعم عليهم والغضب ضد الإنعام
والسورة هي السبع المثاني التي يذكر فيها الشيء ومقابله ، فذكر
المغضوب عليهم مع المنعم عليهم فيه من الإزدواج والمقابلة ما ليس
في تقديم الضالين ، فقولك :
" الناس منعَمٌ عليه ومغضوب عليه فكن من المنعم عليهم " ، أحسن
من قولك : مُنْعَمٌ عليه وضالٌّ .
تعليق