السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وكفى وصلاً وسلاماً على عباده الذين اصطفى لا سيما عبده المُجتبى ونبيه المرتضى سيدنا "مُحمد" _صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم _....
فهذه وقفات يسيرة جداً مع تعليق على آياتٍ بينات من كتاب رب الأرض والسموات تحكى لنا موقفاً من أعجب المواقف وأجلها وإن المرء ليقف أمامها طويلاً طويلاً متأملاً فيها وفى عظمة الشخوص المعنين فى هذه الآيات ...والله المستعان..
قال تعالى فى محكم التنزيل ::
{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }الصافات
102
102
يالله !!! ويالروعة الإيمان والطاعة والتسليم ....
هذا الخليل "إبراهيم" _عليه الصلاة والسلام_ ....الشيخ المقطوع من الأهل والقرابة .. المهاجر من الأرض والوطن ...
ها هو ذا يُرزق فى كِبره وهرمه بغلام طالما تطلع إليه ، فلما جاءه ، جاء غلاماً ممتازاً يشهد له ربه بأنه ((حليم)) ....
وها هو ذا ما يكاد يأنس ويستروح بهذا الغلام الوحيد ، حتى يرى فى المنام أنه ((يذبحه)) ....ويُدرك أنها إشارة من ربه بالتضحية ..فماذا بعد؟؟!!!
إنه لا يتردد ولا يُخالجه إلا شعور الطاعة ، ولا يخطر بباله إلا خاطر التسليم !!
نعم إنها إشارة ....مجرد إشارة ، وليست وحياً صريحاً ولا أمراً مُباشراً ولكنها إشارة من ربه ....وهذا يكفى ...هذا يكفى ليلبى ويستجيب ودون أن يعترض ..ودون أن يسأل ربه :: لماذا يارب أذبح ابنى الوحيد ؟؟!!!
ولكنه لا يُلبى فى انزعاج ، ولا يستسلم فى جزع ، ولا يطيع فى اضطراب !!!
كلا كلا!!
إنما هو القبول والرضى والطمأنينة والهدوء ، يبدو ذلك فى كلماته لابنه وهو يعرض عليه الأمر الهائل فى هدوء وفى إطمئنان عجيب فقال ::
(((قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى)))
فهى كلمات المالك لأعصابه ،المطمئن للأمر الذى يواجهه ، الواثق بأنه يؤدى واجبه ....
وهى فى ذات الوقت :: كلمات المؤمن الذى لا يهوله الأمر فيؤديه فى اندفاع ليخلص منه وينتهى ويستريح من ثقله على أعصابه !!
والأمر شاق_ما فى ذلك شك_ فهو لا يُطلب منه أن يُرسل بابنه الوحيد إلى معركة ....ولا يطلب إليه أن يكلفه أمراً تنتهى به حياته !!!
إنما يُطلب منه أن يتولى هو بيده....يتولى ماذا ؟؟؟!!!!
يتولى ذبحه !!!!
وهو مع هذا يتلقى الأمر هذا التلقى ويعرض على ابنه هذا العرض ويطلب منه أن يتروى فى أمره وأن يرى فيه رأيه!!!
إنه لا يأخذ ابنه على غِرة لينفذ إشارة ربه وينتهى الأمر ....إنما يعرض الأمر عليه كالذى يعرض المألوف من الأمر!!!
فالأمر فى حسه هكذا ....ربه يُريد ...فليكن ما يريد ..على العين والرأس ...وابنه ينبغى أن يعرف ، وأن يأخذ الأمر طاعةً وإسلاماً ، لا قهراً واضطراراً ، لينال هو الآخر أجر الطاعة وليسلم هو الآخر ويتذوق حلاوة التسليم !!!
إن سيدنا "إبراهيم" _عليه الصلاة والسلام_ يُحب لإبنه أن يتذوق لذة التطوع التى ذاقها وأن ينال الخير الذى يراه هو أبقى من الحياة وأقنى ...
والحمد لله رب العالمين...
وللحديث بقية إن شاء الله والله المستعان ...
والحمد لله رب العالمين...
وللحديث بقية إن شاء الله والله المستعان ...
تعليق