الخطبة الأولى : كم أنت ضعيف أيها الانسان ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) (28) النساء ، وقال الله تعالى : (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ) يونس 12، وقال الله تعالى: (إِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ) (51) فصلت
إخوة الإسلام
وحقا ما قال ربنا : (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) ، فالطبيعة البشرية مجبولة على الضعف والوهن ، فمهما علت النفوس وتكبَّرت ، فهي في حقيقتها ضعيفة ، ولا تقوى إلا على ما يناسبها . وقد ذكر ابن الجوزي – رحمه الله – ثلاثة أقوال في الآية فقال : ” في المراد بـ ( ضعْف الإنسان ) ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الضعف في أصل الخلقة ، قال الحسن : هو أنه خُلق من ماءٍ مهين . والثاني : أنه قلة الصبر عن النساء ، قاله طاووس ، ومقاتل . والثالث : أنه ضعف العزم عن قهر الهوى ، وهذا قول الزجّاج ، وابن كيسان ” ويقول ابن القيم – رحمه الله – بعد أن ذكر بعض أقوال السلف في تفسير الآية – : ” والصواب أَن ضعفه يعم هذا كله ، وضعفه أَعظم من هذا وأَكثر : فَإنه ضعيف البنية ، ضعيف القوة ، ضعيف الإرادة ، ضعيف العلم ، ضعيف الصبر ، والآفات إليه مع هذا الضعف أَسرع من السيل في الحدور ” ” طريق الهجرتين ” ،ويقول العلامة السعدي رحمه الله : ضعف الإنسان من جميع الوجوه ، ضعف البنية ، وضعف الإرادة ، وضعف العزيمة ، وضعف الإيمان ، وضعف الصبر ، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته ” ” تيسير الكريم الرحمن “،وقد سُبقت هذه الآية الكريمة بآية تفيد أن أصحاب الشهوات والنزوات يريدون من المؤمنين أن ينساقوا وراء شهواتهم، ويخضعوا لهذا الضعف الذي فطروا عليه، قال تعالى: { وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } (النساء:27)أي: أن تنحرفوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين. ويقول الشيخ السعدي في هذا الصدد: “يريدون أن يصرفوكم عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، ومَنْ السعادة في امتثال أوامره، إلى مَنْ الشقاوة في اتباع الشيطان. فإذا عرفتم أن الله تعالى يأمركم بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم، وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غاية الخسار والشقاء، فاختاروا لأنفسكم أولى الداعيين، وتخيروا أحسن الطريقتين”.
أيها المسلمون
نعم (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) ، فهو ضعيف في تصرفه وإدراكه ، فقد يتصور البعيد قريبا والقريب بعيدا ،والنافع ضارا والضار نافعا ،ولا يدرك النتائج التي تتمخض عن تصرفاته. فالضعف الإنساني سمة تلازم الإنسان من لحظة البداية في خلقه . فهل تَذكَّر الإنسان ذلك؟ وهل فكر الإنسان في أصل تكوينه ؟ إنه تراب الأرض ، وهل أدرك الإنسان أنه خُلق من عدم ولم يكن شيئاً ؟ وهل فكر الإنسان بالقدرة التي أوجدته من العدم وكَّونته من التراب ؟ وهل فكر الإنسان لحظة واستشعر مراحل ضعفه ووهنه ؟ إن الإنسان – هذا المخلوق العجيب – هو صنعة الله تعالى المحكمة الدقيقة ، وهذا الإنسان الذي يبدو للوهلة الأولى في منتهى البساطة مشتمل على كل أشكال التعقيد، إنه يبدو قوياً مخيفاً مع أنه في حد ذاته ضعيف في كل جانب من جوانب شخصيته ضعفاً لا يوازيه شيء سوى ما يدعيه من القوة والعزة والسطوة.ويزداد ظهور ضعف الإنسان حين يدخل الإنسان في صراع بين عقله ومشاعره ، حيث يجد الانسان نفسه عاجزاً عن دفع مشاعره والخلاص من وساوسه ، والتغلب على مخاوفه، أو معرفة مصدرها في بعض الأحيان، ليدرك الانسان المرة تلو المرة أنه مع طموحه إلى السيادة على الأرض وغزو الفضاء فهو قاصر عن السيطرة على نفسه ،نعم : (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) وَمجَالاتُ وشَواهدُ وأمَاراتُ هذه الضَّعفِ ظاهرةٌ بين أيدينا ومن خَلفنا وعَن أيماننا وعَن شَمائلنا , ضُعفاءُ في أقوالنا وأعمالنا وتطلعاتنا وأمانينا وخُصوماتنا وأجسامنا , فأنت أيها الإنسان ضعيفٌ بكل ما تعنيه كلمة الضَّعفِ , وهذا الضَّعفُ هو ما جعلكَ أهلاً لحمل صفتينِ مُلازمتين لكَ وهما الظلمُ والجَهل ( إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) .فإذا كان الإنسان على ما ذكرنا من هذا العجز والقصور ، فعليه أن يخضع لقيوم السموات والأرض خضوع العارف بضعفه ،المدرك لعظمة خالقه ،متخذاً من ذلك باباً للأوبة والتوبة الدائمة .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : كم أنت ضعيف أيها الانسان ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم : 54 ، هكذا يشير الحق سبحانه وتعالى إلى صفة الضعف التي تلازم الإنسان طوال حياته وهى السمة المميزة للإنسان في مقتبل العمر وفى خريف حياته. وسبحان الله الخالق العظيم ، فقد جعل مشوار حياة الإنسان يبدأ بالضعف ، وينتهي به ، حتى وإن كان في ريعان شبابه ، وقمة عنفوانه ، فهو ضعيف. فنرى الانسان مثلا ضعيفا أمام دوافع النوم (الموتة الصغرى) ، فلا غلبة له عليه ، يطرحه النوم أرضاً ، حتى وإن كانت قوته تصارع وتقهر العتاة من البشر ، وها هو المرض ، في أوهن أشكاله ومسبباته ، يقهر الإنسان ويوهن صحته ،ويحد من نشاطه ،وقد ينال من جسده ويضعف من قوته ، فيصبح الانسان عاجزاً لا يقوى على رعاية نفسه ؟
أيها المسلمون
وإذا كان الانسان ضعيفا ، فإن مصدر قوته في سبيل واحد فريد ، وهو مصدر كل قوة حقيقية ، وهو مبعث كل طمأنينة، وهو المصدر المنيع الذي يدافع عن النفس ويحميها من كل خطب وضلال وهوان . إنه الإيمان بالله.. فهو القوة الحقيقة في النفس البشرية ، وما دون ذلك فهو ضعف وهوان وإن كان ظاهره القوة. فعليك أيها المسلم أن تستلهم من مسيرة حياتك وتأخذ العبرة من لحظات الضعف التي كنت بها قبل أن تصبح رجلاً قوياً. فتكرس قوتك وتسخرها لعبادة الله وطاعته وتنتهز لحظات القوة لكي تؤدى واجب الطاعة والعبادة للخالق الذي أمدك بالقوة ووهبك العقل والفكر والبصيرة. فلا تضيع قوتك التي سوف تزول لا محالة في هوى النفس وشهواتها ولا تفنى هذه القوة في معصية الله ، وكن قويا بالله ، فمن كان مع الله ، كان الله معه ، ومن كان الله معه ، فمعه القوة التي لا تغلب ولا تقهر ، فكن قويا بإيمانك بالله
حامد ابراهيم
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) (28) النساء ، وقال الله تعالى : (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ) يونس 12، وقال الله تعالى: (إِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ) (51) فصلت
إخوة الإسلام
وحقا ما قال ربنا : (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) ، فالطبيعة البشرية مجبولة على الضعف والوهن ، فمهما علت النفوس وتكبَّرت ، فهي في حقيقتها ضعيفة ، ولا تقوى إلا على ما يناسبها . وقد ذكر ابن الجوزي – رحمه الله – ثلاثة أقوال في الآية فقال : ” في المراد بـ ( ضعْف الإنسان ) ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الضعف في أصل الخلقة ، قال الحسن : هو أنه خُلق من ماءٍ مهين . والثاني : أنه قلة الصبر عن النساء ، قاله طاووس ، ومقاتل . والثالث : أنه ضعف العزم عن قهر الهوى ، وهذا قول الزجّاج ، وابن كيسان ” ويقول ابن القيم – رحمه الله – بعد أن ذكر بعض أقوال السلف في تفسير الآية – : ” والصواب أَن ضعفه يعم هذا كله ، وضعفه أَعظم من هذا وأَكثر : فَإنه ضعيف البنية ، ضعيف القوة ، ضعيف الإرادة ، ضعيف العلم ، ضعيف الصبر ، والآفات إليه مع هذا الضعف أَسرع من السيل في الحدور ” ” طريق الهجرتين ” ،ويقول العلامة السعدي رحمه الله : ضعف الإنسان من جميع الوجوه ، ضعف البنية ، وضعف الإرادة ، وضعف العزيمة ، وضعف الإيمان ، وضعف الصبر ، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته ” ” تيسير الكريم الرحمن “،وقد سُبقت هذه الآية الكريمة بآية تفيد أن أصحاب الشهوات والنزوات يريدون من المؤمنين أن ينساقوا وراء شهواتهم، ويخضعوا لهذا الضعف الذي فطروا عليه، قال تعالى: { وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } (النساء:27)أي: أن تنحرفوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين. ويقول الشيخ السعدي في هذا الصدد: “يريدون أن يصرفوكم عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، ومَنْ السعادة في امتثال أوامره، إلى مَنْ الشقاوة في اتباع الشيطان. فإذا عرفتم أن الله تعالى يأمركم بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم، وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غاية الخسار والشقاء، فاختاروا لأنفسكم أولى الداعيين، وتخيروا أحسن الطريقتين”.
أيها المسلمون
نعم (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) ، فهو ضعيف في تصرفه وإدراكه ، فقد يتصور البعيد قريبا والقريب بعيدا ،والنافع ضارا والضار نافعا ،ولا يدرك النتائج التي تتمخض عن تصرفاته. فالضعف الإنساني سمة تلازم الإنسان من لحظة البداية في خلقه . فهل تَذكَّر الإنسان ذلك؟ وهل فكر الإنسان في أصل تكوينه ؟ إنه تراب الأرض ، وهل أدرك الإنسان أنه خُلق من عدم ولم يكن شيئاً ؟ وهل فكر الإنسان بالقدرة التي أوجدته من العدم وكَّونته من التراب ؟ وهل فكر الإنسان لحظة واستشعر مراحل ضعفه ووهنه ؟ إن الإنسان – هذا المخلوق العجيب – هو صنعة الله تعالى المحكمة الدقيقة ، وهذا الإنسان الذي يبدو للوهلة الأولى في منتهى البساطة مشتمل على كل أشكال التعقيد، إنه يبدو قوياً مخيفاً مع أنه في حد ذاته ضعيف في كل جانب من جوانب شخصيته ضعفاً لا يوازيه شيء سوى ما يدعيه من القوة والعزة والسطوة.ويزداد ظهور ضعف الإنسان حين يدخل الإنسان في صراع بين عقله ومشاعره ، حيث يجد الانسان نفسه عاجزاً عن دفع مشاعره والخلاص من وساوسه ، والتغلب على مخاوفه، أو معرفة مصدرها في بعض الأحيان، ليدرك الانسان المرة تلو المرة أنه مع طموحه إلى السيادة على الأرض وغزو الفضاء فهو قاصر عن السيطرة على نفسه ،نعم : (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) وَمجَالاتُ وشَواهدُ وأمَاراتُ هذه الضَّعفِ ظاهرةٌ بين أيدينا ومن خَلفنا وعَن أيماننا وعَن شَمائلنا , ضُعفاءُ في أقوالنا وأعمالنا وتطلعاتنا وأمانينا وخُصوماتنا وأجسامنا , فأنت أيها الإنسان ضعيفٌ بكل ما تعنيه كلمة الضَّعفِ , وهذا الضَّعفُ هو ما جعلكَ أهلاً لحمل صفتينِ مُلازمتين لكَ وهما الظلمُ والجَهل ( إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) .فإذا كان الإنسان على ما ذكرنا من هذا العجز والقصور ، فعليه أن يخضع لقيوم السموات والأرض خضوع العارف بضعفه ،المدرك لعظمة خالقه ،متخذاً من ذلك باباً للأوبة والتوبة الدائمة .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : كم أنت ضعيف أيها الانسان ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم : 54 ، هكذا يشير الحق سبحانه وتعالى إلى صفة الضعف التي تلازم الإنسان طوال حياته وهى السمة المميزة للإنسان في مقتبل العمر وفى خريف حياته. وسبحان الله الخالق العظيم ، فقد جعل مشوار حياة الإنسان يبدأ بالضعف ، وينتهي به ، حتى وإن كان في ريعان شبابه ، وقمة عنفوانه ، فهو ضعيف. فنرى الانسان مثلا ضعيفا أمام دوافع النوم (الموتة الصغرى) ، فلا غلبة له عليه ، يطرحه النوم أرضاً ، حتى وإن كانت قوته تصارع وتقهر العتاة من البشر ، وها هو المرض ، في أوهن أشكاله ومسبباته ، يقهر الإنسان ويوهن صحته ،ويحد من نشاطه ،وقد ينال من جسده ويضعف من قوته ، فيصبح الانسان عاجزاً لا يقوى على رعاية نفسه ؟
أيها المسلمون
وإذا كان الانسان ضعيفا ، فإن مصدر قوته في سبيل واحد فريد ، وهو مصدر كل قوة حقيقية ، وهو مبعث كل طمأنينة، وهو المصدر المنيع الذي يدافع عن النفس ويحميها من كل خطب وضلال وهوان . إنه الإيمان بالله.. فهو القوة الحقيقة في النفس البشرية ، وما دون ذلك فهو ضعف وهوان وإن كان ظاهره القوة. فعليك أيها المسلم أن تستلهم من مسيرة حياتك وتأخذ العبرة من لحظات الضعف التي كنت بها قبل أن تصبح رجلاً قوياً. فتكرس قوتك وتسخرها لعبادة الله وطاعته وتنتهز لحظات القوة لكي تؤدى واجب الطاعة والعبادة للخالق الذي أمدك بالقوة ووهبك العقل والفكر والبصيرة. فلا تضيع قوتك التي سوف تزول لا محالة في هوى النفس وشهواتها ولا تفنى هذه القوة في معصية الله ، وكن قويا بالله ، فمن كان مع الله ، كان الله معه ، ومن كان الله معه ، فمعه القوة التي لا تغلب ولا تقهر ، فكن قويا بإيمانك بالله
حامد ابراهيم