{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}(الحج:2:1).
قال السعدي: "{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} لا يقدر قدْره، ولا يبلغ كُنهه، ذلك بأنها إذا وقعت الساعة، رجفت الأرض وارتجت، وزلزلت زلزالها، وتصدّعت الجبال واندكت، وكانت كثيبا مهيلا ثم كانت هباء منبثا، ثم انقسم الناس ثلاثة أزواج. فهناك تنفطر السماء، وتُكور الشمس والقمر، وتنتثر النجوم، ويكون من القلاقل ما تنصدع له القلوب، وتجل منه الأفئدة، وتشيب منه الولدان، وتذوب له الصم الصلاب،
ولهذا قال: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} مع أنها مجبولة على شدة محبتها لولدها، خصوصا في هذه الحال، التي لا يعيش إلا بها. {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} من شدة الفزع والهول، {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} أي: تحسبهم - أيها الرائي لهم - سُكارى من الخمر، وليسوا سكارى. {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} فلذلك أذهب عقولهم، وفرغ قلوبهم، وملأها من الفزع، وبلغت القلوب الحناجر، وشخصت الأبصار، وفي ذلك اليوم، لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا".
وقال الشيخ ابن عثيمين: "وسُمي يوم القيامة، لقيام أمور ثلاثة فيه: الأول: قيام الناس من قبورهم لرب العالمين، كما قال تعالى: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(المطففين:6:5).
الثاني: قيام الأشهاد الذين يشهدون للرسل وعلى الأمم، لقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}(غافر:51).
الثالث: قيام العدل، لقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}(الأنبياء:47)".
ولمَّا عَظُم أمر يوم القيامة، وكثُرت أهواله، سماه الله عز وجل في كتابه بأسماء كثيرة ومتنوعة، تنبيها للعباد ليخافوا منه ويستعدوا له.. والعرب مِن عادتهم أن الشيء إذا كان عندهم عظيماً له شأن كثّروا مِن أسمائه، قال القرطبي في "التذكرة": "وكل ما عَظُم شأنه تعددت صفاته وكثرت أسماؤه، هذا ماهية كلام العرب، ألا ترى أن السيف لما عظم عندهم موضعه، وتأكد نفعه لديهم وموقعه جمعوا له خمسمائة اسم، ولهذا نظائر".
وليوم القيامة أسماء كثيرة ذكرها أهل العلم، أخذوها من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:
1 ـ يوم القيامة: قال الله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا }(النساء:87). قال البغوي: "وسُميت القيامة قيامة لأن الناس يقومون من قبورهم".
2 ـ اليوم الآخر: قال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}(البقرة:177). قال ابن حجر في "فتح الباري": "وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك لأنه آخر أيام الدنيا، أو آخر الأزمنة المحدودة".
3 - يوم الآزفة: قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ}(غافر:18). قال السعدي: " أي: يوم القيامة التي قد أزِفت وقرُبَت".
4 - يوم البعث: قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(الروم:56). قال الطبري: "يقول: فهذا يوم يبعث الناس من قبورهم".
5 - يوم التغابن: قال الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}(التغابن:9). قال الطبري: "من أسماء يوم القيامة، عظمه وحذر عباده". وقال السعدي: "أي: يظهر فيه التغابن والتفاوت بين الخلائق، ويغبن المؤمنون الفاسقين، ويعرف المجرمون أنهم على غير شيء، وأنهم هم الخاسرون".
6 - يوم التلاق: قال تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ * يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}(غافر:16:15). قال ابن عباس: "يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض". وقال قتادة وأبو العالية: "يلتقي فيه الخَلق والخالق"، وقال البغوي: "وقيل: الظالم والمظلوم"، وقيل: "يلقى كل إنسان جزاء عمله"، وقال القرطبي: "وكله صحيح".
7 ـ يوم التناد: قال عز وجل: {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ}(غافر:32). قال ابن كثير: "يعني: يوم القيامة". وقال القرطبي: "سُمي بذلك: لمناداة الناس بعضهم بعضاً، فينادي أصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم بسيماهم، وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار.. وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة.. وينادي المنادي أيضاً بالشقوة والسعادة: ألا إن فلان بن فلان قد شقي شقاوة لا يسعد بعدها.. وتنادي الملائكة أصحاب الجنة.. وينادَى حين يُذبح الموت: (يا أهل الجنة، خلود لا موت، ويا أهل النار، خلود لا موت) رواه البخاري، وينادى كل قوم بإمامهم، إلى غير ذلك من النداء".
8 - يوم الجمع: قال الله تعالى: {وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ}(الشورى:7). قال القرطبي: وسُمي يوم الجمع لأنه "يوم يجمع الله الأولين والآخرين، والإنس والجن، وأهل السماء وأهل الأرض، وقيل: هو يوم يجمع الله بين كل عبد وعمله، وقيل: لأنه يجمع فيه بين الظالم والمظلوم، قيل: لأنه يجمع فيه بين كل نبي وأمته، وقيل: لأنه يجمع فيه بين ثواب أهل الطاعات وعقاب أهل المعاصي".
9 ـ يوم الحساب: قال الله عز وجل: {وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ}(غافر:27). قال القرطبي: "وسمي يوم الحساب: لأن الباري سبحانه يعدد على الخلق أعمالهم، من إحسان وإساءة، يعدد عليهم نعمه ثم يقابل البعض بالبعض".
10 - الحاقة: قال الله تعالى: {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ}(الحاقة:3:1). قال ابن حجر: "سُميت الحاقة لأنها أحقت لقوم الجنة، ولقوم النار، وقيل: لأنها تحاقق الكفار الذين خالفوا الأنبياء، أي: تخاصمهم، وقيل: لأنها حق لا شك فيه".
11 ـ يوم الحسرة: قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(مريم:39). قال السعدي: "وأحق ما يُنْذَر به ويُخَوّف به العباد، يوم الحسرة حين يقضى الأمر، فيُجمع الأولون والآخرون في موقف واحد، ويسألون عن أعمالهم.. وأي: حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته، واستحقاق سخطه والنار، على وجه لا يتمكن من الرجوع، ليستأنف العمل".
12 - يوم الخروج: قال الله تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}(ق:24). قال الطبري: "وسمي يوم الخروج: لخروج الناس فيه من قبورهم للبعث".
13 - يوم الخلود: قال تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ}(ق:34). قال الشوكاني في "فتح القدير": "سماه يوم الخلود لأنه لا انتهاء له، بل هو دائم أبداً".
14 - يوم الدين: قال الله تعالى: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}(الفاتحة:4). قال ابن عباس رضي الله عنه: "يوم الدين: يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة، يدينهم بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إلا من عفا عنه".
15 - الساعة: قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}(طه:15). قال الطبري: "يقول تعالى: إن الساعة التي يبعث الله فيها الخلائق من قبورهم لموقف القيامة جائية". وقال السعدي: "{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} أي: لا بد من وقوعها.. فعلمها قد أخفاه عن الخلائق كلهم، فلا يعلمها مَلك مقرب، ولا نبي مرسل".
16 - الصاخة: قال الله عز وجل: {فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}(عبس:37:33). قال أبو السعود: " والصاخة هي: صيحة القيامة لأنها تصخ الآذان أي تصمها".
17 ـ الطامة: {فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى}(النازعات:35:34). قال القرطبي: "معناها الغالبة، من قولك: طم الشيء إذا علا وغلب، ولما كانت تغلب كل شيء كان لها هذا الاسم حقيقة دون كل شيء". وقال السعدي: "أي: إذا جاءت القيامة الكبرى، والشدة العظمى، التي يهون عندها كل شدة".
18 - الغاشية: قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}(الغاشية:1). قال السعدي: "يذكر تعالى أحوال يوم القيامة وما فيها من الأهوال الطامة، وأنها تغشى الخلائق بشدائدها، فيجازون بأعمالهم، ويتميزون إلى فريقين: فريقًا في الجنة، وفريقًا في السعير".
19 - يوم الفصل: قال عز وجل: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا}(النبأ:17). قال الطبري: "وسمي يوم الفصل: لأنه يوم عظمه الله، يفصل الله فيه بين الأولين والآخرين بأعمالهم".
20 - القارعة: قال الله عز وجل: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}(القارعة:3:1). قال القرطبي: "سُميت بذلك لأنها تقرع القلوب بأهوالها".
21 - الواقعة: قال الله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ}(الواقعة:2:1). قال الطبري: "عن ابن عباس في قوله: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} الواقعة والطامة والصاخة، ونحو هذا من أسماء القيامة، عظَّمه الله، وحذره عباده. وقوله: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} يقول تعالى: ليس لوقعة الواقعة تكذيب".
22 - يوم الوعيد: قال عز وجل: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}(ق:20). قال الشوكاني: "سمي يوم الوعيد لأن الله أوعد به الكفار، قال مقاتل: يعني بالوعيد العذاب في الآخرة، وخصص الوعيد مع كون اليوم هو يوم الوعد والوعيد جميعاً لتهويله".
23 ـ يوم الفزع الأكبر: قال الله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}(الأنبياء:103) قال السعدي: "{لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ} أي: لا يقلقهم إذا فزع الناس أكبر فزع، وذلك يوم القيامة".
24 ـ يوم قيام الأشهاد، قال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}(غافر:51). قال ابن كثير: "أي: يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل".
25 ـ يوم الآزفة: قال الله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ}(غافر:18). قال السعدي: "{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ} أي: يوم القيامة التي قد أزِفت وقرُبت، وآن الوصول إلى أهوالها وقلاقلها وزلازلها".
قال القرطبي: "ولا يمتنع أن تُسمَّى (القيامة) بأسماء غير ما ذكرنا حسب الأحوال الكائنة فيه، من الازدحام، والتضايق، واختلاف الأقدام، والخزي، والهوان، والذل، والافتقار، والصغار، والانكسار، ويوم الميقات، والمرصاد، إلى غير ذلك من الأسماء". وقال ابن حجر في "فتح الباري": "وقد جمع الغزالي ثم القرطبي - أسماء يوم القيامة - فبلغت نحو الثمانين اسماً، فمنها: يوم الجمع، ويوم الفزع الأكبر، ويوم التناد، ويوم الوعيد، ويوم الحسرة، ويوم التلاق، ويوم المآب، ويوم الفصل، ويوم العرض على الله، ويوم الخروج، ويوم الخلود، ومنها: يوم عظيم، ويوم عسير، ويوم مشهود، ويوم عبوس قمطرير، ومنها: يوم تبلى السرائر، ومنها: يوم لا تملك نفس لنفس شيئا، ويوم يُدّعون إلى نار جهنم، ويوم تشخص فيه الأبصار، ويوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ويوم لا ينطقون، ويوم لا ينفع مال ولا بنون، ويوم لا يكتمون الله حديثا، ويوم لا مردّ له من الله، ويوم لا بيع فيه ولا خلال، ويوم لا ريب فيه. فإذا ضمت هذه إلى ما ذكر في الأصل كانت أكثر من ثلاثين اسما معظمها ورد في القرآن بلفظه وسائر الأسماء المشار إليها أخذت بطريق الاشتقاق بما ورد منصوصاً كيوم الصدر من قوله: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا}(الزلزلة:6)، ويوم الجدال من قوله: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا}(النحل:111). ولو تتبع مثل هذا مِن القرآن زاد على ما ذُكِر. والله أعلم".
لقد سمَّى الله عز وجل يوم القيامة بأسماء كثيرة ومتنوعة في المعاني، تنويها بشأنه، وتنبيها للعباد ليخافوا منه، ويستعدوا له بالإيمان والتقوى والعمل الصالح.
قال الشيخ ابن عثيمين: "سبب تعدد أسماء يوم القيامة أنها أسماءٌ تدل على أوصاف، فهي (الساعة)، وكلمة الساعة تقال في اللغة العربية لما يقع فيه الأمر العظيم الشديد الشاق، وتسمى (الحاقة) لكونها حقاً، ووصفها الله جل جلاله أن زلزلتها شيء عظيم لما فيها من الأهوال، ووصفت بـ: (القارعة).. إلى غير ذلك من الأوصاف التي كل وصفٍ منها يدل على معنى لا يدل عليه الاسم الآخر أو الوصف الآخر، فهذه هي الحكمة مِن تعدد أوصافها وذِكرها حتى يكون ذلك أبلغ في الإيمان بها وأقوم للاستعداد لها".
اسلام ويب
قال السعدي: "{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} لا يقدر قدْره، ولا يبلغ كُنهه، ذلك بأنها إذا وقعت الساعة، رجفت الأرض وارتجت، وزلزلت زلزالها، وتصدّعت الجبال واندكت، وكانت كثيبا مهيلا ثم كانت هباء منبثا، ثم انقسم الناس ثلاثة أزواج. فهناك تنفطر السماء، وتُكور الشمس والقمر، وتنتثر النجوم، ويكون من القلاقل ما تنصدع له القلوب، وتجل منه الأفئدة، وتشيب منه الولدان، وتذوب له الصم الصلاب،
ولهذا قال: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} مع أنها مجبولة على شدة محبتها لولدها، خصوصا في هذه الحال، التي لا يعيش إلا بها. {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} من شدة الفزع والهول، {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} أي: تحسبهم - أيها الرائي لهم - سُكارى من الخمر، وليسوا سكارى. {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} فلذلك أذهب عقولهم، وفرغ قلوبهم، وملأها من الفزع، وبلغت القلوب الحناجر، وشخصت الأبصار، وفي ذلك اليوم، لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا".
وقال الشيخ ابن عثيمين: "وسُمي يوم القيامة، لقيام أمور ثلاثة فيه: الأول: قيام الناس من قبورهم لرب العالمين، كما قال تعالى: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(المطففين:6:5).
الثاني: قيام الأشهاد الذين يشهدون للرسل وعلى الأمم، لقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}(غافر:51).
الثالث: قيام العدل، لقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}(الأنبياء:47)".
ولمَّا عَظُم أمر يوم القيامة، وكثُرت أهواله، سماه الله عز وجل في كتابه بأسماء كثيرة ومتنوعة، تنبيها للعباد ليخافوا منه ويستعدوا له.. والعرب مِن عادتهم أن الشيء إذا كان عندهم عظيماً له شأن كثّروا مِن أسمائه، قال القرطبي في "التذكرة": "وكل ما عَظُم شأنه تعددت صفاته وكثرت أسماؤه، هذا ماهية كلام العرب، ألا ترى أن السيف لما عظم عندهم موضعه، وتأكد نفعه لديهم وموقعه جمعوا له خمسمائة اسم، ولهذا نظائر".
وليوم القيامة أسماء كثيرة ذكرها أهل العلم، أخذوها من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:
1 ـ يوم القيامة: قال الله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا }(النساء:87). قال البغوي: "وسُميت القيامة قيامة لأن الناس يقومون من قبورهم".
2 ـ اليوم الآخر: قال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}(البقرة:177). قال ابن حجر في "فتح الباري": "وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك لأنه آخر أيام الدنيا، أو آخر الأزمنة المحدودة".
3 - يوم الآزفة: قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ}(غافر:18). قال السعدي: " أي: يوم القيامة التي قد أزِفت وقرُبَت".
4 - يوم البعث: قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(الروم:56). قال الطبري: "يقول: فهذا يوم يبعث الناس من قبورهم".
5 - يوم التغابن: قال الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}(التغابن:9). قال الطبري: "من أسماء يوم القيامة، عظمه وحذر عباده". وقال السعدي: "أي: يظهر فيه التغابن والتفاوت بين الخلائق، ويغبن المؤمنون الفاسقين، ويعرف المجرمون أنهم على غير شيء، وأنهم هم الخاسرون".
6 - يوم التلاق: قال تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ * يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}(غافر:16:15). قال ابن عباس: "يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض". وقال قتادة وأبو العالية: "يلتقي فيه الخَلق والخالق"، وقال البغوي: "وقيل: الظالم والمظلوم"، وقيل: "يلقى كل إنسان جزاء عمله"، وقال القرطبي: "وكله صحيح".
7 ـ يوم التناد: قال عز وجل: {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ}(غافر:32). قال ابن كثير: "يعني: يوم القيامة". وقال القرطبي: "سُمي بذلك: لمناداة الناس بعضهم بعضاً، فينادي أصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم بسيماهم، وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار.. وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة.. وينادي المنادي أيضاً بالشقوة والسعادة: ألا إن فلان بن فلان قد شقي شقاوة لا يسعد بعدها.. وتنادي الملائكة أصحاب الجنة.. وينادَى حين يُذبح الموت: (يا أهل الجنة، خلود لا موت، ويا أهل النار، خلود لا موت) رواه البخاري، وينادى كل قوم بإمامهم، إلى غير ذلك من النداء".
8 - يوم الجمع: قال الله تعالى: {وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ}(الشورى:7). قال القرطبي: وسُمي يوم الجمع لأنه "يوم يجمع الله الأولين والآخرين، والإنس والجن، وأهل السماء وأهل الأرض، وقيل: هو يوم يجمع الله بين كل عبد وعمله، وقيل: لأنه يجمع فيه بين الظالم والمظلوم، قيل: لأنه يجمع فيه بين كل نبي وأمته، وقيل: لأنه يجمع فيه بين ثواب أهل الطاعات وعقاب أهل المعاصي".
9 ـ يوم الحساب: قال الله عز وجل: {وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ}(غافر:27). قال القرطبي: "وسمي يوم الحساب: لأن الباري سبحانه يعدد على الخلق أعمالهم، من إحسان وإساءة، يعدد عليهم نعمه ثم يقابل البعض بالبعض".
10 - الحاقة: قال الله تعالى: {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ}(الحاقة:3:1). قال ابن حجر: "سُميت الحاقة لأنها أحقت لقوم الجنة، ولقوم النار، وقيل: لأنها تحاقق الكفار الذين خالفوا الأنبياء، أي: تخاصمهم، وقيل: لأنها حق لا شك فيه".
11 ـ يوم الحسرة: قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(مريم:39). قال السعدي: "وأحق ما يُنْذَر به ويُخَوّف به العباد، يوم الحسرة حين يقضى الأمر، فيُجمع الأولون والآخرون في موقف واحد، ويسألون عن أعمالهم.. وأي: حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته، واستحقاق سخطه والنار، على وجه لا يتمكن من الرجوع، ليستأنف العمل".
12 - يوم الخروج: قال الله تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}(ق:24). قال الطبري: "وسمي يوم الخروج: لخروج الناس فيه من قبورهم للبعث".
13 - يوم الخلود: قال تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ}(ق:34). قال الشوكاني في "فتح القدير": "سماه يوم الخلود لأنه لا انتهاء له، بل هو دائم أبداً".
14 - يوم الدين: قال الله تعالى: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}(الفاتحة:4). قال ابن عباس رضي الله عنه: "يوم الدين: يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة، يدينهم بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إلا من عفا عنه".
15 - الساعة: قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}(طه:15). قال الطبري: "يقول تعالى: إن الساعة التي يبعث الله فيها الخلائق من قبورهم لموقف القيامة جائية". وقال السعدي: "{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} أي: لا بد من وقوعها.. فعلمها قد أخفاه عن الخلائق كلهم، فلا يعلمها مَلك مقرب، ولا نبي مرسل".
16 - الصاخة: قال الله عز وجل: {فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}(عبس:37:33). قال أبو السعود: " والصاخة هي: صيحة القيامة لأنها تصخ الآذان أي تصمها".
17 ـ الطامة: {فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى}(النازعات:35:34). قال القرطبي: "معناها الغالبة، من قولك: طم الشيء إذا علا وغلب، ولما كانت تغلب كل شيء كان لها هذا الاسم حقيقة دون كل شيء". وقال السعدي: "أي: إذا جاءت القيامة الكبرى، والشدة العظمى، التي يهون عندها كل شدة".
18 - الغاشية: قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}(الغاشية:1). قال السعدي: "يذكر تعالى أحوال يوم القيامة وما فيها من الأهوال الطامة، وأنها تغشى الخلائق بشدائدها، فيجازون بأعمالهم، ويتميزون إلى فريقين: فريقًا في الجنة، وفريقًا في السعير".
19 - يوم الفصل: قال عز وجل: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا}(النبأ:17). قال الطبري: "وسمي يوم الفصل: لأنه يوم عظمه الله، يفصل الله فيه بين الأولين والآخرين بأعمالهم".
20 - القارعة: قال الله عز وجل: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}(القارعة:3:1). قال القرطبي: "سُميت بذلك لأنها تقرع القلوب بأهوالها".
21 - الواقعة: قال الله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ}(الواقعة:2:1). قال الطبري: "عن ابن عباس في قوله: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} الواقعة والطامة والصاخة، ونحو هذا من أسماء القيامة، عظَّمه الله، وحذره عباده. وقوله: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} يقول تعالى: ليس لوقعة الواقعة تكذيب".
22 - يوم الوعيد: قال عز وجل: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}(ق:20). قال الشوكاني: "سمي يوم الوعيد لأن الله أوعد به الكفار، قال مقاتل: يعني بالوعيد العذاب في الآخرة، وخصص الوعيد مع كون اليوم هو يوم الوعد والوعيد جميعاً لتهويله".
23 ـ يوم الفزع الأكبر: قال الله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}(الأنبياء:103) قال السعدي: "{لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ} أي: لا يقلقهم إذا فزع الناس أكبر فزع، وذلك يوم القيامة".
24 ـ يوم قيام الأشهاد، قال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}(غافر:51). قال ابن كثير: "أي: يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل".
25 ـ يوم الآزفة: قال الله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ}(غافر:18). قال السعدي: "{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ} أي: يوم القيامة التي قد أزِفت وقرُبت، وآن الوصول إلى أهوالها وقلاقلها وزلازلها".
قال القرطبي: "ولا يمتنع أن تُسمَّى (القيامة) بأسماء غير ما ذكرنا حسب الأحوال الكائنة فيه، من الازدحام، والتضايق، واختلاف الأقدام، والخزي، والهوان، والذل، والافتقار، والصغار، والانكسار، ويوم الميقات، والمرصاد، إلى غير ذلك من الأسماء". وقال ابن حجر في "فتح الباري": "وقد جمع الغزالي ثم القرطبي - أسماء يوم القيامة - فبلغت نحو الثمانين اسماً، فمنها: يوم الجمع، ويوم الفزع الأكبر، ويوم التناد، ويوم الوعيد، ويوم الحسرة، ويوم التلاق، ويوم المآب، ويوم الفصل، ويوم العرض على الله، ويوم الخروج، ويوم الخلود، ومنها: يوم عظيم، ويوم عسير، ويوم مشهود، ويوم عبوس قمطرير، ومنها: يوم تبلى السرائر، ومنها: يوم لا تملك نفس لنفس شيئا، ويوم يُدّعون إلى نار جهنم، ويوم تشخص فيه الأبصار، ويوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ويوم لا ينطقون، ويوم لا ينفع مال ولا بنون، ويوم لا يكتمون الله حديثا، ويوم لا مردّ له من الله، ويوم لا بيع فيه ولا خلال، ويوم لا ريب فيه. فإذا ضمت هذه إلى ما ذكر في الأصل كانت أكثر من ثلاثين اسما معظمها ورد في القرآن بلفظه وسائر الأسماء المشار إليها أخذت بطريق الاشتقاق بما ورد منصوصاً كيوم الصدر من قوله: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا}(الزلزلة:6)، ويوم الجدال من قوله: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا}(النحل:111). ولو تتبع مثل هذا مِن القرآن زاد على ما ذُكِر. والله أعلم".
لقد سمَّى الله عز وجل يوم القيامة بأسماء كثيرة ومتنوعة في المعاني، تنويها بشأنه، وتنبيها للعباد ليخافوا منه، ويستعدوا له بالإيمان والتقوى والعمل الصالح.
قال الشيخ ابن عثيمين: "سبب تعدد أسماء يوم القيامة أنها أسماءٌ تدل على أوصاف، فهي (الساعة)، وكلمة الساعة تقال في اللغة العربية لما يقع فيه الأمر العظيم الشديد الشاق، وتسمى (الحاقة) لكونها حقاً، ووصفها الله جل جلاله أن زلزلتها شيء عظيم لما فيها من الأهوال، ووصفت بـ: (القارعة).. إلى غير ذلك من الأوصاف التي كل وصفٍ منها يدل على معنى لا يدل عليه الاسم الآخر أو الوصف الآخر، فهذه هي الحكمة مِن تعدد أوصافها وذِكرها حتى يكون ذلك أبلغ في الإيمان بها وأقوم للاستعداد لها".
اسلام ويب