﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٤﴾] العباد لا يزالون مقصرين محتاجين إلى عفوه ومغفرته؛ فلن يدخل أحد الجنة بعمله، وما من أحد إلا وله سيئات يحتاج فيها إلى مغفرة الله لها؛ (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) [فاطر: 45]. وقوله ﷺ: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله) لا يناقض قوله تعالى: (جزاء بما كانوا يعملون)... فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سبباً للجزاء، ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه، وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه فهو ضال. ابن تيمية:5/549.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُوا۟ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٣﴾] إشارة إلى أن هيبته بالنظر إلى جلاله وقهره وجبروته وكبره وكماله لا تنتفي، ويحصل للإنسان باستحضارها إخبات وطمأنينة ووقار وسكينة يزيده في نفسه جلالاً ورفعة وكمالاً، فالمنفي خوف يقلق النفس. البقاعي:18/144.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُوا۟ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٣﴾] الذين جمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم، والاستقامة في الدِّين التي هي منتهى العمل. الألوسي:25/240.
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ ۚ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١١﴾] وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- هو بدعة؛ لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها. ابن كثير:4/159.
﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ ٱلرُّسُلِ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٩﴾] (مِن) ابتدائية؛ أي ما كنت آتياً منهم بديعاًً غير مماثل لهم؛ فكما سمعتم بالرسل الأولين أخبروا عن رسالة الله إياهم فكذلك أنا، فلماذا يعجبون من دعوتي. وهذه الآية صالحة للرد على نصارى زماننا الذين طعنوا في نبوته بمطاعن لا منشأ لها إلا تضليلٌ وتمويه على عامتهم؛ لأن الطاعنين ليسوا من الغباوة بالذين يخفى عليهم بهتانهم. ابن عاشور:26/ 17.
﴿ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدًۢا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ۖ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٨﴾] هذا تهديد لهم ووعيد أكيد، وترهيب شديد، وقوله جل وعلا: (وهو الغفور الرحيم) ترغيب لهم إلى التوبة والإنابة؛ أي: ومع هذا كله إن رجعتم وتبتم تاب عليكم وعفا عنكم وغفر ورحم. ابن كثير:4/157.
﴿ ۖ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدًۢا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ۖ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٨﴾] ففي هذا الختام ترغيب للنبي ﷺ في الصفح عنهم فيما نسبوه إليه في افتتاحها من الافتراء، وندب إلى الإحسان إليهم، وترغيب لهم في التوبة. البقاعي:18/132.
﴿ فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٠﴾] أُريد بالاستكبار الترفع عن الإيمان، وبالفسق معاصي الجوارح، وقدَّمَ ذنب القلب على ذنب الجوارح؛ إذ أعمال الجوارح ناشئة عن مراد القلب. الألوسي:25/250.
﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَٰتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُم بِهَا ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٥﴾] والآية في الكفار بدليل قوله: (يعرض الذين كفروا على النار)، وهي مع ذلك واعظة لأهل التقوى من المؤمنين؛ ولذلك قال عمر لجابر بن عبد الله وقد رآه اشترى لحماً: أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية؟ ابن جزي:2/335.
﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَٰتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُم بِهَا ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٠﴾] فالمؤمن لا يُذهِب طيباتِه في الدنيا، بل إنه يترك بعض طيباته للآخرة. وأما الكافر فإنه لا يؤمن بالآخرة، فهو حريص على تناول حظوظه كلها في الدنيا. ابن القيم:2/450.
﴿ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٥﴾] والنِعَم على الوالدين نِعَمٌ على أولادهم وذريتهم؛ لأنهم لا بد أن ينالهم منها ومن أسبابها وآثارها، خصوصاً نِعَم الدين؛ فإن صلاح الوالدين بالعلم والعمل من أعظم الأسباب لصلاح أولادهم. السعدي:781..
﴿ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحًا تَرْضَىٰهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِىٓ ۖ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٥﴾] وإنما خص زمان بلوغه الأشد لأنه زمن يكثر فيه الكلف بالسعي للرزق؛ إذ يكون له فيه زوجة وأبناء، وتكثر تكاليف المرأة؛ فيكون لها فيه زوج وبيت وأبناء، فيكونان مظنة أن تشغلهما التكاليف عن تعهد والديهما والإحسان إليهما، فنبها بأن لا يفتُرا عن الإحسان إلى الوالدين. ابن عاشور:26/32.
﴿ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحًا تَرْضَىٰهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِىٓ ۖ إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٥﴾] فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله عز وجل ويعزم عليها. ابن كثير:4/160.
﴿ وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَٰنًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُۥ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهْرًا ۚ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿١٥﴾] إشارة إلى أن حق الأم آكد من حق الأب؛ لأنها حملته بمشقة، ووضعته بمشقة، وأرضعته هذه المدة بتعب ونصب، ولم يشاركها الأب في شيء من ذلك. الشوكاني:5/18.
﴿ فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَانًا ءَالِهَةًۢ ۖ بَلْ ضَلُّوا۟ عَنْهُمْ ۚ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٨﴾] أي فهلا نصرهم آلهتهم التي تقربوا بها بزعمهم إلى الله لتشفع لهم -حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله- ومنعتهم من الهلاك الواقع بهم. الشوكاني: 5/24.
﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَٰرًا وَأَفْـِٔدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُهُمْ وَلَآ أَفْـِٔدَتُهُم مِّن شَىْءٍ إِذْ كَانُوا۟ يَجْحَدُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٦﴾] وهذه الآية وأمثالها تدل على أن السمع والأبصار والأفئدة لا تنفع صاحبها مع جحده بآيات الله، فتبين أن العقل الذي هو مناط التكليف لا يحصل بمجرده الإيمان النافع والمعرفة المنجية من عذاب الله. ابن تيمية: 5/550.
﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَٰرًا وَأَفْـِٔدَةً ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٦﴾] وفائدة قوله: (وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة) أنهم لم ينقصهم شيء من شأنه يخل بإدراكهم الحق لولا العناد، وهذا تعريض بمشركي قريش؛ أي أنكم حرمتم أنفسكم الانتفاع بسمعكم وأبصاركم وعقولكم كما حرموه. ابن عاشور: 26/53.
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّٰهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّٰكُمْ فِيهِ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٦﴾] أي: ولقد مكنا عاداً كما مكناكم يا هؤلاء المخاطبون؛ أي: فلا تحسبوا أن ما مكناكم فيه مختص بكم، وأنه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئاً، بل غيركم أعظم منكم تمكيناً، فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم ولا جنودهم من الله شيئاً. السعدي: 783.
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا۟ هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِۦ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٤﴾] أخرج مسلم عن عائشة -رضي اللّه تعالى عنها- قالت: «كان رسول اللّه ﷺ إذا عصفت الريح قال: (اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به). فإذا أخيلت السماء تغير لونه ﷺ، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرِّي عنه». فسألته. فقال عليه الصلاة والسلام: (لا أدري لعله كما قال قوم عاد: (هذا عارض ممطرنا). الألوسي: 25/256.
﴿ قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِۦ وَلَٰكِنِّىٓ أَرَىٰكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٣﴾] وإنما زيد (قوماً) ولم يقتصر على (تجهلون) للدلالة على تمكن الجهالة منهم حتى صارت من مقوّمات قوميتهم، وللدلالة على أنها عمت جميع القبيلة كما قال لوط لقومه: (أليس منكم رجل رشيد) [هود: 78]. ابن عاشور: 26/48
﴿ وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُۥ بِٱلْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦٓ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢١﴾] بضرب الأمثال وقصص مَن تَقَدَّم يُعرف قبح الشيء وحسنه؛ فقال سبحانه لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (واذكر أخا عاد). الألوسي: 25/251.
﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوٓا۟ إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍۭ ۚ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٣٥﴾] لأنه ينسيهم شدة ما ينزل بهم من عذابه قدر ما كانوا في الدنيا لبثوا، ومبلغ ما فيها مكثوا من السنين والشهور؛ كما قال جل ثناؤه: (قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين) [المؤمنون: 112-113]. الطبري:22/146.
﴿ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٣٥﴾] لما أمره بالصبر الذي من أعلى الفضائل، نهاه عن العجلة التي هي من أمهات الرذائل، ليصح التحلي بفضيلة الصبر الضامنة للفوز والنصر، فقال: (ولا تستعجل لهم) أي: تطلب العجلة وتوجدها بأن تفعل شيئاً مما يسوءهم في غير حينه. البقاعي:18/191.
﴿ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٣٥﴾] (أولو العزم من الرسل) هم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -عليهم الصلاة والسلام- وعلى هذا القول فالرسل الذين أُمِر رسول الله ﷺ أن يصبر كما صبروا أربعة، فصار هو ﷺ خامسهم. الشنقيطي: 7/241.
﴿ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوٓا۟ إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍۭ ۚ بَلَٰغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْفَٰسِقُونَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٣٥﴾] العزم المحمود في الدين: العزم على ما فيه تزكية النفس وصلاح الأمة، وقوامه الصبر على المكروه، وباعثه التقوى، وقوته شدة المراقبة بأن لا يتهاون المؤمن عن محاسبته نفسه؛ قال تعالى: (وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) [آل عمران:186]. ابن عاشور:26/67.
﴿ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِىٓ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٣٠﴾ يَٰقَوْمَنَآ أَجِيبُوا۟ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءَامِنُوا۟ بِهِۦ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٣٠﴾] لَمَّا مدحوا القرآن وبينوا محله ومرتبته دعوهم إلى الإيمان به. السعدي:783.
﴿ قَالُوا۟ يَٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٣٠﴾] ولم يذكروا عيسى لأن عيسى - عليه السلام - أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ وترقيقات وقليل من التحليل والتحريم، وهو في الحقيقة كالمتمم لشريعة التوراة، فالعمدة هو التوراة، فهلذا قالوا: (أنزل من بعد موسى)، وهكذا قال ورقة بن نوفل حين أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بقصة نزول جبريل عليه الصلاة والسلام أول مرة؛ فقال: بخ بخ، هذا الناموس الذي كان يأتي موسى. ابن كثير 4/173.
﴿ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓا۟ أَنصِتُوا۟ ۖ فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْا۟ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ﴾ [سورة الأحقاف آية:﴿٢٩﴾] أي: استمعوا، وهذا أدب منهم.... (ولوا إلى قومهم منذرين) أي: رجعوا إلى قومهم فأنذروهم ما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كقوله: (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة: 122]. وقد استدل بهذه الآية على أنه في الجن نذر، وليس فيهم رسل، ولا شك أن الجن لم يبعث الله تعالى منهم رسولاً. ابن كثير:4/172.
الكلم الطيب