إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مختارات من تفسير الآيات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مختارات من تفسير الآيات








    "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم"
    المقصود بهذه الآية كما قال ابن عباس: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه و قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه. فلا يجوز له أن يدعو على من ظلمه بفقد بصره أو أولاده لأن ذلك من الاعتداء في الدعاء إلا إن كان الظلم الواقع على العبد يكافيئ دعاءه.


    (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ)
    قد ألهتهم دنياهم، وعملوا لها، وتنعموا وتمتعوا بها، فألهاهم الأمل عن إحسان العمل، فهذا هو الترف الذي ذمهم الله عليه.(السعدي)


    ما معنى كلمة (آلآء) في القرآن الكريم؟
    (فبأي آلاء ربكما تكذبان)، أي: فبأي نعم ربكما تكذبان.


    ماهي الباقيات الصالحات ؟
    تعددت أقوال العلماء في الباقيات الصالحات فقد نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف أنها الصلوات الخمس. ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح أنها سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر. ونقل القرطبي في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الباقيات الصالحات: كل عمل صالحٍ من قولٍ أو فعلٍ يبقى للآخرة. وقال هو الصحيح إن شاء الله.


    هل تزوج سيدنا يوسف عليه السلام من زوجة العزيز عندما أصبح هو العزيز؟
    فزواج سيدنا يوسف عليه السلام بزوجة العزيز ملك مصر يذكر في كتب التفسير عند قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) [ يوسف: 55]. وممن ذكر هذا الإمام ابن كثير والإمام القرطبي في تفسيريهما، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا شيء فيما نعلم، وقد يكون مستند المفسرين في هذا كتب الأخبار والتاريخ وهي كتب يغلب عليها الجانب العاطفي فلا يمكن الركون إلى ما انفردت به وقد يكون مستندهم: الإسرائيليات وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ألاّ نصدقها ولا نكذبها. والله أعلم.




    ماالحكمة من مجيء الإصلاح بعد العفو في الآية الكريمة
    (..فمن عفا وأصلح فأجره على الله....الآية )

    يقول رب العزة جل وعلا: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين) [الشورى:31]. والمعنى أن من عفا عمن ظلمه فلم يقابل السيئة بمثلها وأصلح بالعفو بينه وبين ظالمه فسيكسب بذلك أجرا عند الله. قال مقاتل: "فكان العفو من الأعمال الصالحة". والذي يظهر والعلم عند الله أن المراد بمن عفا: هو من لم يأخذ بحقه ممن ظلمه فتركه ابتغاء وجه الله وأن المراد بمن أصلح من أسقط حقه وزاد على ذلك بأنه قابل السيئة بالحسنة وأهدى إلى ظالمه هدية أو دفع عنه مضرة فالحاصل أن من عفا وأصلح ليس كمن عفا فقط، فلذلك كان الجمع بين الأمرين محتاجاً إلى كثير من الصبر وكان الجامع بينهما ذا حظ عظيم.


    (الرحمن على العرش استوى) [طه: 5]
    فيه إثبات صفة الاستواء، وقد فسره السلف بالعلو والارتفاع مع نفي علمنا بالكيفية، كما قال الإمام مالك رحمه الله : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
    وقد دلت نصوص الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل القرون الأولى على إثبات علو الله تعالى على خلقه، وأنه فوق كل شيء جل وعلا بذاته الكريمة المقدسة. فيجب الإيمان بذلك وترك ما عداه من الأقوال، كالقول بأنه - تعالى - في كل مكان ، أو أنه لا داخل العالم ولا خارجه، فإن هذا مع كونه لا يدل عليه دليل ، قول متناقص مخالف للعقل، بل هذه صفة المعدوم، تعالى الله عن ذلك. والله أعلم.



    معنى قوله تعالى ( ولذكر الله أكبر ) [ العنكبوت :45 ]
    أن ذكر الله لعباده بالثناء ‏عليهم، وثوابهم أكبر من ذكرهم له، وعلى هذا فالمصدر مضاف إلى فاعله، والتقدير أن يذكر الله عباده ‏بالثواب والثناء عليهم فذلك أكبر ‏‎…‎إلخ ) ويشهد لهذا المنحى في التفسير قوله تعالى : ( ‏فاذكروني أذكركم ) [البقرة: 152] وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي " أنا عند ‏ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ‏ذكرته في ملأ خير منهم " متفق عليه.‏
    وروى البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن ربيعة قال: " سألني ابن عباس رضي الله عنهما ‏عن قول الله ( ولذكر الله أكبر ) فقلت : ( ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير، قال :" لا. ‏ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه ثم قرأ : اذكروني أذكركم) " ا. هـ. وأخرج ابن أبي ‏شيبة عن ابن مسعود قال : "ذكر الله للعبد أكبر من ذكر العبد لله". والله أعلم.‏



    (ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) [البقرة: 235].
    المراد من الآية بيان حكم المرأة المعتدة من وفاة زوجها، فأباح الله تعالى التعريض لها بالخطبة، ومنع التصريح بذلك، كما منع الاتفاق والتواعد معها سراً على النكاح.
    قال الله تعالى في أول الآية: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً)
    والتعريض أن يقول: وددت أني وجدت امرأة صالحة، أو يقول: إني أريد امرأة من أمرها كذا وكذا، يعِّرض لها بالقول المعروف.
    فهذا في المرأة المتوفى عنها زوجها، وكذا حكم المطلقة المبتوتة، أما الرجعية فلا.


    اللهم صل وسلم على سيدنا محمد
    " إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"
    كيف يصلي الله على الرسول ؟ وما معنى يصلي ؟
    قال ابن كثير في تفسيره : قال البخاري : قال أبو العالية:
    صلاة الله سبحانه وتعالى: ثناؤه عند الملائكة.
    وصلاة الملائكة : الدعاء.
    وصلاة المؤمنين: طلب الرحمة من الله عليه صلى الله عليه وسلم.
    والله أعلم.

    ما الفرق بين إياك نعبد وبين نعبدك ؟
    فقوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة:5] يفيد اختصاص الله تعالى بالعبادة، لأن تقديم المفعول وهو (إياك) على عامله (نعبد) يؤتى به للقصر والحصر، والمعنى: نخصك بالعبادة، أو لا نعبد إلا إياك.

    معنى(فاعتزلوا النساء في المحيض)
    فالمقصود بالاعتزال في قول الله تعالى: (فاعتزلوا النساء في المحيض) هو أن يبتعد الزوج عن وطء زوجته في الفرج حال حيضها، ويجوز له الاستمتاع منها بما سوى ذلك إلا الدبر

    (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [لأعراف:165-166].
    فإن الله مسخ أصحاب السبت إلى قردة وخنازير في خلقتهم وصفاتهم، لا في صفاتهم فحسب
    فالأصل هو حمل النص على ظاهره، وقد تأكد ذلك بما رواه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: صار شبابهم قردة، وشيوخهم خنازير. انتهى.
    وما رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، القردة والخنازير هي مما مسخ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لم يهلك قوماً أو يعذب قوماً فيجعل لهم نسلاً، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك" فسؤال الرجل وجواب النبي صلى الله عليه وسلم يدلان على أن مسخهم كان مسخاً حقيقياً لا معنوياً، مع بيانه أن القردة والخنازير الموجودة في عصره ليست من نسل أولئك الممسوخين، لأن من عرف بالمسخ قضى الله ألا يكون له نسل.

    (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا).
    معنى الآية أن مجموع مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهراً، سنتان منها هي مدة الرضاع الكامل، لقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة:233].
    يبقى من الثلاثين شهراً ستة أشهر، وهي أقل أمد الحمل الذي يعيش معه المولود.





    معنى قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة)
    فإن للمفسرين في معنى قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة) أقوالاً:
    -فقيل: إن معنى خليفة أي عن الجن الذين كانوا في الأرض، فطردتهم الملائكة لما أفسدوا.
    -وقيل: إن معنى خليفة أي يخلف بعضهم بعضاً.
    -وقيل: إن معنى خليفة أي عن الملائكة.
    -وقيل: غير ذلك.

    تفسير قوله تعالى: (سرابيلهم من قطران...)
    يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية:
    قوله: (سرابيلهم من قطران) أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران، وهو الذي تهنأ به الإبل أي: تطلى.
    قال قتادة: هو ألصق شيء بالنار
    وكان ابن عباس يقول: القطران هو النحاس المذاب، وربما قرأها سرابيلهم من قطران أي من نحاس حار قد انتهى حره، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة، وقوله: (وتغشى وجوههم النار) كقوله: تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون

    العلة في عدم تفسير الرسول عليه الصلاة والسلام القرآن كله
    فإن القرآن لم يفسر كله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فسر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات التي أشكلت عليهم، وسبب عدم تفسيره كاملاً في عهده صلى الله عليه وسلم أن الصحابة كانوا عرباً أقحاحاً، والقرآن نزل بلغتهم فلم يحتاجوا إلى تفسير لفهمه، وإنما فسر القرآن كاملاً لما تأخر الزمن، واختلطت اللغات نتيجة للفتوحات الإسلامية، من هنا احتاج الناس إلى معرفة كثير من معانيه، فكتب العلماء كتب التفسير للقرآن آية آية.

    تفسير قوله تعالى: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)
    قد اختلف المفسرون في معنى (الماعون) المذكور في قوله تعالى: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) [الماعون:7] على أقوال كثيرة:
    - فقال بعضهم هي: الزكاة.
    - وقال آخرون: هو اسم لمنافع البيت، كالفأس والقدر وما شابهه، وهو قول الأكثر.
    - وقال آخرون: هي العارية.
    - وقال آخرون: هو المعروف كله.
    - وقال آخرون: هو الماء.
    وقيل غير ذلك


    تفسير قوله تعالى(فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
    يقول الله تعالى في صفات المؤمنين المفلحين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (المؤمنون 5 - 7 ) .أي أن كلاً من المؤمنين والمؤمنات يحفظون فروجهم عن المحرمات كالزنا واللواط وغيره ، إلا ما كان من الاستمتاع الشرعي بين الزوجين أو بين الرجل وملك يمينه، فمن قضى شهوته سالكا سبيلا غير واحد من هاتين السبيلين فقد اعتدى وتعدى على أمر الله تعالى ، فيدخل في ذلك تحريم نكاح المتعة، لأن المنكوحة فيه ليست زوجة شرعا وكذلك الناكح، ويدخل فيه تحريم الاستمناء، لأنه من وراء ما ذكر، وكذلك تحريم اللواط، لأنه لا يحل فعله ولو كان بين الزوجين وكذلك الاستمناء فهو حرام .

    تفسير قول الله (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيث)
    قد ذكر ابن كثير في تفسير الآية عن ابن مسعود أنه سئل عن هذه الآية؟
    فقال: ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء والله الذي لا إله إلا هو.. يرددها ثلاث مرات.
    وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وغيرهم في الآية مثل تفسير ابن مسعود رضي الله عنه.
    وجاء عن الضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما أن لهو الحديث هو: الشرك.
    واختار ابن جرير في تفسير هذه الآية: أنه كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله، وهو الصواب.
    فالله سبحانه وتعالى توعد في هذه الآية كل من يشتري أو يسعى في أي كلام يصد به عن آيات الله واتباع سبيله، ويدخل في ذلك الشرك والغناء وغير ذلك.


    ما المقصود بقوله تعالى "ربنا أمتَّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا"
    قد ورد عن عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم أنها كقوله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، ذكر هذا القول ابن كثير وقال: هو الصواب .فعلى هذا، فالموتتان هما: كون الإنسان كان في عالم العدم فهذه موتة، والأخرى موتة الانتقال من دار الدنيا إلى الدار الآخرة، أما: الحياتان فهما الحياة الدنيا الفانية، والحياة الآخرة الباقية.




    (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل:126] .
    قال الشوكاني رحمه الله في (فتح القدير) عند كلامه على هذه الآية: (وإن عاقبتم) أي أردتم المعاقبة (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) أي بمثل ما فعل بكم لا تجاوزوا ذلك.


    ثم حث سبحانه على العفو، فقال: (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل:126] أي: لئن صبرتم عن المعاقبة بالمثل، فالصبر خير لكم من الانتصاف، ووضع الصابرين موضع الضمير ثناء من الله عليهم بأنهم صابرون على الشدائد

    تفسير (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)
    الله جل وعلا يقول: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99].
    والمعنى: اعبد يا محمد ربك حتى يأتيك الموت الذي أنت موقن به، وقد نقل الطبري في تفسيره عن كثير من السلف تأويلهم لليقين في هذه الآيات بالموت.
    قال القرطبي: والمراد استمرار العبادة مدة حياته، كما قال العبد الصالح: وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً. انتهى
    وقال ابن كثير في تفسيره مدلالاً على أن اليقين هنا هو الموت، والدليل على ذلك قوله تعالى عن أهل النار :(قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ*وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ*وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ*وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) [المدثر:43-47].


    ماهي الوسيلة في الإسلام ؟
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)

    الوسيلة: هي كلمة جامعة لكل عمل صالح يتقرب به إلى الله تعالى، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة:35)
    قال بعض المفسرين الوسيلة: القربة التي ينبغي أن يطلب بها، وبهذا قال الحسن ومجاهد والسدي وابن زيد وغيرهم، وقال قتادة: أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه. قال ابن كثير في تفسيره: وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف فيه بين المفسرين.
    وقد وردت لفظة "الوسيلة" عَلَماً على درجة في الجنة مختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلوا علي فإنها زكاة لكم، واسألوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في أعلى الجنة لا ينالها إلا رجل، وأرجو أن أكون هو. رواه أحمد والنسائي وأصله في البخاري.
    وأما إذا كان مراد السائل هو: هل الوسيلة تبرر الغاية؟ فالجواب: أن الوسائل في الشرع الحنيف لها أحكام المقاصد، فإذا كانت المقاصد حسنة فلا يتوصل لها إلا بالوسيلة المباحة المشروعة وكل غاية حسنة لا يتوصل لها إلا بالوسائل الحسنة: ولا يجوز أن نتوصل لها بالوسائل السيئة.



    (..إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِين)


    إن قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [القصص:76] هي خطاب من صالحي قوم قارون له عندما بغى على قومه، وامتلأ قلبه بالكبر والعُجب والخيلاء بسبب ما آتاه الله من المال والكنوز، قال تعالى: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [القصص:76].




    وليعلم أنه لا يدخل في هذا فرح من آتاه الله مالاً وجاهاً، ونحو ذلك إذا لم يحمله ماله أو جاهه على الكبر والبطر والتعالي على الآخرين.














    تفسير (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)




    معنى "إنما يخشى الله من عباده العلماء" كما قال المفسرون: لا يخشى الله تعالى حق الخشية إلا العلماء الذين عرفوه حق معرفته.




    قال ابن كثير : أي "إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القديم أتم، والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر."




    وقال القرطبي : يعني بالعلماء الذين يخافون قدرته، فمن علم أنه عز وجل قدير أيقن بمعاقبته على معصيته، كما روي عن ابن عباس "إنما يخشى الله من عباده العلماء" قال: الذين علموا أن الله على كل شيء قدير. وقال أنس: من لم يخش الله فليس بعالم، وقال مجاهد: إنما العالم من خشي الله عز وجل، وقال ابن مسعود: كفى بخشية الله تعالى علما، وبالاغترار جهلاً......

    تفسير قوله تعالى ( أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ)
    قد اختلف أهل العلم في المراد بالملامسة المذكورة في آيتي النساء والمائدة، فمنهم من يقول بأنها الجماع، وهو قول علي وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة ومنهم من يرى أنها الملامسة باليد، وهو قول ابن مسعود وابن عمر والشعبي وعبيدة.


    معنى قوله تعالى:"الذين هم عن صلاتهم ساهون"
    كلمة سَاهُون تعني: غافلين غير مبالين بها حتى تفوتهم بالكلية، أو يخرج وقتها. أو لا يصلونها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح يصلونها. ولكن ينقرونها نقراً، ولا يخشعون، ويتهمون فيها وينجدون في كل واد من الأفكار المنافية لها يهيمون، فيسلم أحدهم منها وهو لا يدري ما قرأ فيها.
    وللسلف أقوال كثيرة في مدلول هذا السهو: قيل: الالتفات يمينًا ويسارًا، وقيل: عدم مبالاة المرء أصلَّى أم لم يصلِّ. وقيل معناه: لا يدري عن أي قدر انصرف أشفع هو أم وتر. وفسره بعضهم بتركها، والمراد أنهم كالمتسمين بسمة أهل الصلاة فقط.

    تفسير قوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)
    قد ذهب كثير من المفسرين إلى أن تفسير قوله تعالى في سورة الزلزلة: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4]. هو أن تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر يومئذ. ابن كثير 4/697 ، زاد المسير 9/204، الشيخ عطية سالم الأضواء 9/431 .
    ونقل القرطبي 20/138 عن الإمام الماوردي : أن قوله: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا فيه ثلاثة أقوال:

    أحدها: تحدث أخبارها بأعمال العباد على ظهرها، قاله أبو هريرة رضي الله عنه، ورواه مرفوعًا، وهو قول من زعم أنها زلزلة القيامة.
    الثاني: تحدث أخبارها بما أخرجت من أثقالها، قاله: يحيى بن سلام. وهو قول من زعم أنها زلزلة أشراط الساعة.
    الثالث: أنها تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها ؟ قاله ابن مسعود، فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى، وأمر الآخرة قد أتى. فيكون ذلك منها جوابًا لهم عند سؤالهم ووعيدًا للكافر.






    ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم[الأنفال:53].
    ومعنى هذه الآية: الإخبار بأن الله عز وجل إذا أنعم على قوم نعمة، فإنه بفضله ورحمته لا يبدأ بتغييرها وتكديرها، حتى يجيء ذلك منهم، بأن يغيروا حالهم الذي يُراد منهم، فإذا فعلوا ذلك، ولم يعرفوا للنعمة قدرها، ولا للمنعم حقه، وتلبسوا بالمعاصي أو الكفر الذي يوجب عقابهم حوَّل الله نعمته عنهم.
    وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أي: بكل ما يقع من تغيير في أنفسهم، ونظير هذه الآية قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].
    وهذه سنة الله تعالى في خلقه، فإنه سبحانه ما ينزل عليهم بلاءً إلا بمعصية، ولا يرفعه عنهم إلا بتوبة.


    ( ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)
    قد قال ابن كثير عن أصحاب الأعراف: اختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف، من هم؟
    وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة، وابن عباس، وابن مسعود وغير واحد من السلف والخلف يرحمهم الله. انتهى
    وهذا هو الذي قرره القرطبي في تفسيره.
    أما عن مصيرهم، فالقرآن والسنة لم يصرحا بشيء فيه، لكن ورد في كتب التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، أن الله تعالى سيرحمهم ويدخلهم الجنة، قال ابن كثير في قوله تعالى: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [الأعراف:46]، فكان الطمع دخولاً، وهذا هو اللائق بسعة رحمة الله تعالى، وإذا كان الله تعالى سيخرج أقواماً من النار بعد عذابهم فيها، ويدخلهم الجنة برحمته، فإن أهل الأعراف أولى بذلك وقال الحافظ الحكمي في معارج القبول عن أصحاب الأعراف: يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة.


    معنى قوله تعالى (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً..)
    إن الله تعالى يقول: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) [الكهف:104] قال القرطبي في تفسير الآية قال : "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً ... فيه دلالة على أن من الناس من يعمل العمل وهو يظن أنه محسن وقد حبط عمله، والذي يوجب إحباط السعي إما فساد الاعتقاد أو الرياء والمراد هنا: الكفر، وقد روى البخاري عن مصعب بن سعد أنه سأل أباه: أهم الحرورية؟ قال: لا، هم اليهود والنصارى... وكان سعد يسمي الحرورية الفاسقين ... وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد كفار أهل مكة. وقال علي: هم الخوارج، وقال مرة: هم الرهبان أصحاب الصوامع.. قال ابن عطية: ويضعف هذا كله قوله تعالى بعد ذلك: (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم ) وليس من هذه الطوائف من يكفر بالله ولقائه، وإنما هذه صفة مشركي مكة عبدة الأوثان، وعلي وسعد رضي الله عنهما إنما ذكروا أقواماً أخذوا بحظ من هذه الآية .


    السر في تنكير كلمة (بلد) في البقرة وتعريفها في إبراهيم
    فالسر في تنكير قوله الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة:وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً [126].
    فلعلَّ ذلك -والله أعلم- أن إبراهيم سأل الله تعالى أن يجعل ذلك المكان الخالي بلداً عامراً يرتاده الناس ويأمنون فيه من كل مكروه، وذلك عندما جاء بأم إسماعيل وابنها إلى ذلك الوادي الذي ليس فيه إنس ولاشيء، فقالت: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي؟.
    ويستدل لهذا المعنى بما أخرجه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء.
    وأما في سورة إبراهيم فكان الدعاء بعدما أصبح البلد بلداً بالفعل واستقر به الناس وبنى فيه البيت الحرام، فدعا عليه السلام لأهله بقوله: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ )إبراهيم:35].
    وقد أجمع المفسرون على أن البلد المدعو له هنا وهناك هو مكة المكرمة حرسها الله تعالى.
    قال صاحب التفسير المنير: عُـرِّف هذا البلد هنا - يعني في سورة إبراهيم - ونُـكِّر في سورة البقرة؛ لأنه في البقرة كان دعاؤه قبل بنائها فطلب أن تجعل بلداً وآمناً، وهنا كان بعد بنائها فطلب أن تكون بلد أمنٍ واستقرار .



    معنى قوله جل وعلا (وقرآن الفجر)
    المراد بقرآن الفجر في قوله جل وعلا: وقرآن الفجر صلاة الفجر، ويدل لهذا ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فضل صلاة الجمع على صلاة الواحد خمسة وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر . يقول أبو هريرة رضي الله عنه : اقرأوا إن شئتم: وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً.


    قول الله تعالى ((فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)) "آل عمران"
    وورد قوله تعالى ((إنما يخشى الله من عباده العلماء)) "فاطر"
    والسؤال هو ما الفرق بين الخشية من الله والخوف من الله؟
    الخوف رعدة تحدث في القلب عند ظن مكروه يناله أو فوات محبوب، وقد يكون عن استعظام، وقد يكون غير استعظام.
    والخشية مثل الخوف؛ إلا أنها لا تكون إلا عن استعظام ومهابة، والخشية من الله هي انكسار القلب من دوام الانتصاب بين يدي الله تعالى، والخشية أعلى مقاماً من الخوف لأن الخشية لا تكون إلا عن علم بالمخوف، لقوله تعالى ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) .


    المَعْنِيُّ بالأسماء المذكورة في سورة نوح

    هذه الأسماء المذكورة في سورة نوح:
    (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً )[نوح:23].
    أسماء رجال صالحين كانوا في قوم نوح، فلما ماتوا حزن عليهم قومهم حزناً شديداً، فجاءهم الشيطان وأمرهم أن يصنعوا تماثيل على صورهم ليتذكروهم بها ولم يعبدوهم، فلما كان أحفادهم أوحى إليهم الشيطان أن أسلافكم كانوا يعبدونهم فعبدوهم من دون الله.
    وأصل هذه القصة رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما.




    معنى قوله تعالى (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِم..)
    معنى الآية الكريم كما جاء في تفسير القرطبي رحمه الله 7/176 : ومن أحسن ما قيل في تأويل: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ [الأعراف:17] أي لأصرفنهم عن الحق وأرغبنهم في الدنيا وأشككهم في الآخرة، وهذا غاية في الضلالة... عن الحكم بن عتيبة قال: من بين أيديهم: من دنياهم، ومن خلفهم من آخرتهم، وعن أيمانهم يعني حسناتهم، وعن شمائلهم يعني سيئاتهم.
    أما عن السبب في ذكر الجهات الأربع وعدم ذكر الفوقية والتحتية: فيقول الإمام أبو بكر الجصاص في كتابه أحكام القرآن : وقيل من كل جهة يمكن الاحتيال عليهم، ولم يقل من فوقهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لأن رحمة الله تنزل عليهم من فوقهم
    وقال الإمام أبو السعود في تفسيره 3/219 عند تفسير الآية المتقدمة : أي من الجهات الأربع التي يعتاد هجوم العدو منها، مثل قصده إياهم للتسويل والإضلال من أي وجه يتيسر بإتيان العدو من الجهات الأربع، ولذلك لم يذكر الفوق والتحت . انتهى.
    وقال الإمام النسفي 2/6 : ولم يقل من فوقهم ومن تحتهم لمكان الرحمة والسجدة .


    معنى قوله عز وجل (إِِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ..)
    قول الله تعالى حكاية عن نبيه موسى عليه السلام، حيث يقول: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ [الأعراف:155].
    قال العلماء: وأصل الفتنة الاختبار والابتلاء والامتحان، ثم استعملت فيما أخرجه الاختبار من المكروه، ثم استعملت في المكروه: فتارة تستعمل في الكفر، وتارة تستعمل في الإثم، وتارة تستعمل في الإحراق، وتارة تستعمل في الإزالة عن الشيء.. والمراد بها في هذا الموضع: الاختبار؛ على بابها الأصلي. انتهى ملخصًا من الفتح.
    وقال القرطبي: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أي ما هذا إلا اختبارك وامتحانك.
    وأضاف الفتنة إلى الله عز وجل، ولم يضفها إلى نفسه، كما قال إبراهيم وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80]. فأضاف المرض إلى نفسه، والشفاء إلى الله تعالى، وقال يوشع: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ [الكهف:63]. لأن موسى عليه السلام استفاد ذلك من قوله تعالى: قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ [طـه: 85]. فلما رجع إلى قومه ورأى العجل منصوبًا للعبادة وله خوار قال: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ [الأعراف:155].
    وقوله: تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ فيه إثبات القدر، وأن الله تعالى بيده الأمر كله، يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وهذا ما نطق به القرآن الكريم في مواضع كثيرة كقوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125]. وقول: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [فاطر:8].




    تفسير (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون)

    قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (المؤمنون:5-7) يدل على وجوب حفظ الفرج وعدم تفريغ الشهوة إلا مع الزوجة أو ما ملكت اليمين من الإماء، وبهذه الآية استدل أهل العلم على تحريم العادة السرية، وعدوها من الاعتداء



    المقصود بقوله تعالى: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم..)

    الأثر الحسي الذي يكون على وجه الإنسان من السجود ليس هو السيما التي ذكرها الله تعالى في صفة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في آخر سورة الفتح: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29].
    بل المقصود بذلك ما يظهر على وجه المصلّي المخلص لله الخاشع في صلاته القائم بما أوجبه الله عليه التارك لما حرمه عليه، وهذه السيما هي ما يظهر على الوجه من السمت الحسن والخشوع والوقار والتواضع، كما نقل هذه المعاني ابن كثير في تفسيره 4/205، عن عدد من السلف كابن عباس ومجاهد، ونقل عن منصور عن مجاهد أنه قال: سيماهم في وجوههم من أثر السجود قال: الخشوع، قلت: ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه، فقال: ربما بين عيني من هو أقسى قلباً من فرعون.
    وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار.
    أما لماذا تظهر علامة الصلاة على وجوه الرجال دون النساء، وكذلك لا تظهر على وجوه بعض الرجال المكثرين من الصلاة؟ فالأمر يرجع لطبيعة جسم كل إنسان وكيفية سجوده وطوله وكثرته، وأهم من ذلك ما يسجد عليه فكلما كان ما يسجد عليه أخشن كانت هذه العلامة أظهر، وعموماً ليس هذا الأثر هو المقصود في الآية، ولا تعتبر هذه العلامة دليلاً على صلاح الإنسان أو عدمه.





    الظن في القرآن الكريم ليس كله بمعنىً

    الظن المذكور في الآية 46 من سورة البقرة: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:46].
    ليس بمعنى الشك؛ بل هو بمعنى اليقين كما نص على ذلك المفسرون كالطبري وابن كثير. وهذا الاستعمال معروف عند العرب كما في قول دريد بن الصمة:
    فقلت لهم ظنوا بألفي مدجّج ===== سراتُهم في الفارسيّ المسرّدِ
    أي تيقنوا بذلك.
    ومن ذلك قول الله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ [الحاقة:20].
    أي تيقنت وعلمت.
    وأما الآية الآخرى: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً [النجم:28].
    فالمقصود فيها الظن المذموم المرجوح الذي يخالف الحق فهو لا يغني من الحق شيئاً.







    استفهام الملائكة عن خلق آدم هو استعلام وليس اعتراض

    الملائكة لما أطلعهم الله تعالى على ما يكون من ذرية آدم عليه السلام من سفك للدماء وغيره من المحرمات سألوا الله تعالى على سبيل الاستعلام والاستكشاف عن الحكمة من خلق آدم، وليس على وجه الاعتراض ولا على وجه الحسد لآدم وذريته، حاشاهم من ذلك، فهم كما قال الله عنهم: عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء:26، 27]، يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:50]. لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].



    معنى قوله تعالى "لا يمسه إلا المطهرون.."

    إن المطهرين في الآية الكريمة تعني عدة معاني، ففي تفسير ابن كثير عند كلامه على الآية: لا يمسه إلا المطهرون قال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به. وقال آخرون: لا يمسه إلا المطهرون أي من الجنابة والحدث، قالوا: ولفظ الآية خبر ومعناها الطلب.
    واعلم أن كلمة المطهرين تشمل طهارة القلب وطهارة الحدث والخبث.




    المقصود بالرب في قوله تعالى "فيسقي ربه خمرا"

    المراد بالرب هنا الملك قول يوسف عليه السلام للناجي من السجينين، وهو الساقي: وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ [يوسف:42].
    قال ابن كثير في تفسيره: أي اذكرني عند ربك وهو الملك.





    تفسير قوله تعالى "وهديناه النجدين"
    فالمقصود بالنجدين: طريقا الخير والشر.
    قال ابن كثير في تفسيره 4/513-514: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ : الطريقين: قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله -هو ابن مسعود-: وهديناه النجدين قال: الخير والشر، وكذا رُوي عن عليّ وابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبي وائل وأبي صالح ومحمد بن كعب والضحاك وعطاء الخراساني في آخرين.


    لمقصود بالمهل والعهن في آيتي سورة المعارج (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ* وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ [المعارج:8-9].
    والتفسير كما في ابن كثير: يقول الله تعالى: العذاب واقع بالكافرين يوم تكون السماء كالمهل، قال مجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة والسدى وغير واحد أي كدردي الزيت، وتكون الجبال كالعهن: أي كالصوف المنفوش، قاله مجاهد وقتادة والسدى. ج4ص541. وقال القرطبي في تفسيره: المهل دردي الزيت وعكره في قول ابن عباس وغيره، وقال ابن مسعود: ما أذيب من الرصاص والنحاس والفضة، وقال مجاهد: كالمهل كقيح من دم وصديد.... ج18ص247. ودردي الزيت هو ما يبقى في أسفله، قاله في مختار الصحاح



    معنى قوله تعالى: (صَعِيداً جُرُزاً)
    فى سورة الكهف: وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً [الكهف:8].
    معناه أن ما على الأرض يبيد ويهلك فلا يبقى شجر ولا نبات، وهذا كقول الله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ [السجدة:27]. فلا يغتر بها وبزينتها ويركن إليها إلا مخدوع




    (وَآتَيْنَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)
    المقصود بروح القدس مقصود بروح القدس الذي قد ورد ذكره في مواضيع من القرآن الكريم وفي بعض أحاديث السنة النبوية هو جبريل عليه السلام، وقد قال القرطبي عن هذا القول إنه الأصح، ذكر ذلك في تفسيره




    تفسير قوله تعالى "الخبيثات للخبيثين..."
    نص الآية المشار إليها هو: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور:26]. هذه الآية جاءت في سياق التعقيب على خبر الإفك وعقاب أصحابه وتأديب الخائضين في أعراض الناس، ومعناها -كما ذكر المفسرون: النساء الزواني الخبيثات للخبيثين من الرجال، والخبيثون الزناة من الرجال للخبيثات من النساء، لأن اللائق بكل واحد منهم ما يشابهه في الأقوال والأفعال، ولأن التشابه في الأخلاق والتجانس في الطبائع من مقومات الألفة ودوام العشرة، فالطيور على أشكالها تقع وكل جنس بجنسه يأنس...، كما قال الله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3]. وعلى هذا المعنى يكون المراد بالخبيثات والطيبات: النساء أي شأن الخبيثات أن يتزوجن الخبيثين، وشأن الطيبات أن يتزوجن الطيبين، فهذا هو الأصل والأليق والأوفق.... وربما يتغير هذا الأصل وتخرم هذه القاعدة، ولكن هذا هو الأصل. وقال بعض المفسرين: الخبيثات الكلمات الخبيثة التي تصدر من المتكلم، فالكلمات الخبيثة للخبيثين من الرجال لا تصدر إلا منهم، وبالعكس فالكلمات الطيبة هي للطيبين من الرجال، روي هذا المعنى عن ابن عباس وغيره








    (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)[الغاشية:17]

    تخصيص الإبل بالذكر لمزايا عظيمة.قد ذكر الله تعالى هذه الآية: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ[الغاشية:17] في سياق التنبيه منه جل ثناؤه على عظيم مخلوقاته، لإثبات قدرته، ووجوب توحيده وعبادته وطاعته. وقد ذكر المفسرون شيئًا من الحكمة في التنصيص عليها دون سائر الحيوانات. فقد قال القرطبي في تفسيره عن الحيوان: لأن ضروبه أربعة: حلوبة وركوبة وأكولة وحمولة. والإبل تجمع هذه الخلال الأربع. فكانت النعمة بها أعم، وظهور القدرة فيها أتم. اهـ ونقل القرطبي عن الحسن البصري رحمه الله، أنه سئل عنها وقالوا: الفيل أعظم في الأعجوبة. فقال: العرب بعيدة العهد بالفيل. ثم هو خنزير لا يؤكل لحمه، ولا يركب ظهره، ولا يحلب دره. اهـ ونفيه لركوبه إما لما كان معروفًا في ذلك الزمن، أو لكونه لا يركب عليه عادة، وإن كان قد وجد في الناس من يركب عليه. وقد ذكر أيضًا من صفاتها أنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، حيث يأخذ الصغير بزمامها فيذهب بها حيث شاء. وأنها تتحمل العطش لمدة طويلة،وأن مرعاها ميسر، وأنها أصبر على الكدح وسوء الأحوال إلى غير ذلك من الصفات، وقد صدق من سماها بسفينة الصحراء



    تفسير "..مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا.." رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201].
    قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ أي: من نصيب ولا حظ، وتضمن هذا الذم والتنفير عن التشبه بهم بمن هو كذلك، وعن ابن عباس قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وخصب.. لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل الله فيهم: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ...الآية. والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل من انشغل بدنياه ولم يلتفت لآخرته يتناوله هذا الذم. أما من سأل الله تعالى الدنيا والآخرة فقد سلك منهج القرآن وامتثل أمر الله تبارك وتعالى حيث يقول: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77]. قال ابن كثير وقد مدح الله تعالى من يسأله الدنيا والآخرة، فقال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]. وعليه، فإن من سأل الله تعالى أن يفرج عنه في الدنيا دون أن يغفل أمر آخرته فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى، وقد قال الله تعالى في شأن عباد الرحمن:وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74].



    معنى قوله تعالى:" وقدموا لأنفسكم"
    في تفسير قوله الله تعالى: وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ [البقرة:223]. أقوال ذكرها القرطبي في تفسيره ج3ص96 فقال: وقدموا لأنفسكم أي قدموا ما ينفعكم غداً فحذف المفعول وقد صرح به في قوله تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ [البقرة:110]، فالمعنى قدموا لأنفسكم الطاعة والعمل الصالح، وقيل ابتغاء الولد والنسل لأن الولد خير الدنيا والآخرة فقد يكون شفيعاً وجُنّة، وقيل هو التزوج بالعفائف ليكون الولد صالحاً طاهراً، وقيل هو تقدم الأفراط كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم. وسيأتي في مريم إن شاء الله تعالى، وقال ابن عباس وعطاء أي قدموا ذكر الله عند الجماع كما قال عليه السلام: لو أن أحدكم إذا أتى امرأته قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره شيطان أبداً



    ما معنى [ ربنا آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنا عذابَ النار ] ؟
    ✽ قال ابن كثير - رحمه الله - :
    • الحسنة في الدنيا : تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ، و دار رحبة ،
    وزوجة حسنة ، وۈلد بار ، ورزق واسع ، وعلم نافع ، وعمل صالح .
    • والحسنة في الآخرة : فأعلاها دخول الجنة ، وتوابعه من الأمن من
    الفزع الأكبر ويسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة .
    • الوقاية من النار
    ✽ قال السعدي رحمه الله :
    فصار هذا الدعاء ، أجمعُ دعاءٍ وأكمله ، ولذا كان هذا الدعاء أكثر دعاء
    النبي صلى الله عليه وسلم
    فأكثروامنه في صلاتكم وسجودكم




    تفسير قوله تعالى ((ويل للمطففين))

    هذه الآية عامة في جميع الحقوق التي بين العباد ،المطففون على أصناف فمنهم:

    ـ زوج يريد من الزوجة أن تعطيه حقه كاملاً وهو يبخسها حقها.

    ـ موظف يطلب الراتب كاملاً، لكنه لا يعطي الوظيفة حقها دواما وعملا.

    ـ رجل استأجر أجيراً، فاستوفى الحق منه تاماً لكنه لم يعطه الأجرة كاملة .

    روي عن ابن عمر قال: المطفف: الرجل يستأجر المكيال وهو يعلم أنه يحيف في كيله فوزره عليه، وقال آخرون: التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة ..

    و قد قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره عند كلامه على هذه الآية: يقول تعالى ذكره: الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها للذين يطففون، يعني: للذين ينقصون الناس، ويبخسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم أو موازينهم إذا وزنوا لهم، عن الواجب لهم من الوفاء





    معنى قوله تعالى (.. وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ..)
    اتفق المفسرون على أن السماوات سبع، بعضها فوق بعض، واختلفوا في تفسير الأرضين السبع، فذهب الجمهور إلى أنها كرات كالكرة الأرضية، بعضها فوق بعض، بين كل أرض منها مسافة كما بين السماء والأرض، وأن في كل أرض منها خلق، لا يعلم حقيقتهم إلا الله تعالى. وقيل: إنها سبع أرضين، إلا أنه لم يفتق بعضها من بعض. وقيل: إن الأرض كرة واحدة منقسمة إلى سبعة أقاليم. والصحيح هو القول الأول، وهو الذي تدل عليه الأخبار. قال القرطبي في تفسيره: ذكر تعالى أن السماوات سبع، ولا خلاف في أنها كذلك، بعضها فوق بعض، كما دلَّ على ذلك حديث الإسراء وغيره، ولم يأتِ للأرض في التنزيل عدد صريح لا يحتمل التأويل إلا قوله تعالى: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ[الطلاق:12]، وقد اختلف في المثلية؛ هل تكون في العدد واللفظ؟ لأن الكيفية والصفة مختلفة بالمشاهدة والأخبار، والجمهور على أنها سبع أرضين طباقًا، بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والسماء، وفي كل أرض سكان من خلق الله. وعن الضحاك: أنها سبع أرضين، ولكنها مطبقة بعضها على بعض من غير فتوق بخلاف السموات. قال القرطبي : والأول أصح؛ لأن الأخبار دالّة عليه.


    معنى قوله تعالى: "وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ"
    إن الزواج من أربع نسوة جائز بلا خلاف بين العلماء، ولكن جوازه مشروط بأن يعلم المرء أنه سيعدل بين نسائه في المبيت والسكنى والنفقة والكسوة ونحو ذلك، فإن خاف أن لا يعدل بينهنَّ فليست له الزيادة على واحدة. قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3].
    وأما الكلمة التي سألت عنها وهي: ولن تعدلوا. فليست في كتاب الله، وإنما المنصوص: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء:129]. والمقصود هنا الميل القلبي، فقد أخرج أصحاب السنن وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. ومعنى قوله: لا تلمني فيما تملك ولا أملك: إنما يعني به الحب والمودة. كذا فسره بعض أهل العلم. وهذا هو الذي لا يتحكم الإنسان فيه ولا يسيطر عليه، وبالتالي تعذَّر العدل فيه



    معنى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى"
    قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: يعني بقوله جل ثناؤه (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)[البقرة:120] وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدًا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق، فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم، ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم؛ لأن اليهودية ضد النصرانية، والنصرانية ضد اليهودية، ولا يجتمع اليهودية والنصرانية في شخص واحد في حال واحدة، اليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك إلا أن تكون يهوديًّا أو نصرانيًّا، وذلك مما لا يكون منك أبدًا؛ لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة، وإذا لم يكن إلى اجتماعهما فيك في وقت واحد سبيل، لم يكن لك إلى إرضاء الفريقين سبيل، وإذا لم يكن لك إلى ذلك سبيل، فالزم هدى الله الذي لجمع الخلق على الألفة عليه سبيل.




    معنى قوله تعالى "وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ"
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33].
    قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أمر تبارك وتعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله، التي هي سعادتهم في الدنيا والآخرة، ونهاهم عن الارتداد الذي هو مبطل للأعمال، ولهذا قال تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ أي بالردة، ولهذا قال بعدها: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [محمد:34]. اهـ فتبين بهذا النقل عن ابن كثير أن المقصود بقوله: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ أن الردة والكفر بعد الإيمان هو المحبط للعمل. ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]، وقوله أيضًا: ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]. فالشرك هو المحبط للعمل، سواءً كان شركًا أكبر مُخرجًا من الملة، أو شركًا أصغر، كيسير الرياء إذا خالط العمل، فإنه يحبطه. ومما يحبط العمل التَّأَلِّي على الله عز وجل في تضييق رحمته عن عباده ، وهو الحلف، فقد روى مسلم عن جندب مرفوعًا: قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان. فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، إني قد غفرت له وأحبطت عملك. فهذا الرجل حبط عمله، لأنه أقسم أن الله لن يغفر لفلان، وهذا بيد الله عز وجل، فإنه يغفر لمن يشاء من عباده. وكذلك مما يحبط العمل العُجْبُ، فإنه ليس بأقل خطرًا من التَّألِّي على الله عز وجل المذكور . ويحبط العمل أيضًا المنُّ، فمن تصدق بصدقة ثم مَنَّ بها على المتصدق عليه، أو أذاه، فإنه يحبط بذلك أجر صدقته؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة:264].



    تفسير "ويعلم ما في الأرحام"


    إن هذه الآية تتحدث عن مفاتيح الغيب التي استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمها، وقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الجملة أن الله تعالى يعلم حقيقة ما يحصل في الأرحام من حمل ومن غيض وزيادة، كما قال الله تعالى في آية الرعد: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد:8]. ويعلم حالة وجود الحمل خصائص الجنين وملامحه وذكورته وأنوثته وسعادته وشقاءه، وهل هو مُخَلَّق أو غير مُخَلَّق، ومتى يتم وضعه، ولا يعارض استئثاره بهذا اطلاع بعض الأطباء بواسطة التجربة أو بواسطة الأجهزة على ذكورة الجنين أو أنوثته في بعض المراحل المتأخرة، لأن الغيب نوعان: غيب مطلق لا يعلمه إلا الله، وغيب نسبي يطلع عليه بعض العباد، فإذا علم الملك بذكورة الجنين، فقد خرج من دائرة الغيب المطلق، فأمكن اطلاع الأطباء عليه، وقد ذكر ابن كثير أنه لا مانع من اطلاع بعض الناس على ذكورة الجنين أو أنوثته بعد علم الملك ذلك. وقد ذكر بعض العلماء والأطباء المعاصرين أن الأجهزة التناسلية تتكون في الأسبوع السادس عشر، وعليه فلا مانع من رؤية الأطباء لها بالأجهزة


    ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴿٢٥﴾ ﴾ [الإنشقاق آية:٢٥]
    "لهم أجر غير ممنون" ليس معنى "ممنون" بغير منة عليهم من المنة، بل المعنى غير مقطوع عنهم ، فالله له المنة والفضل "تصحيح_التفسير".



    معنى قوله تعالى "تطهرهم وتزكيهم بها"


    الطهارة معناها النقاوة من الأنجاس والأدناس، والتزكية هي جعل الشيء زكيا أي كثير الخيرات، فقوله تعالى: " تطهرهم" من باب التخلية عن السيئات، "وتزكيهم" من باب التحلية بالفضائل والحسنات، وبهذا يظهر الفرق بين الجملتين




    ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78].
    قال الإمام الشوكاني في فتح القدير: أجمع المفسرون على أن هذه الآية في الصلوات المفروضات


    فمن قوله: لدلوك الشمس إلى غسق الليل وهو ظلامه، وقيل غروب الشمس - أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله: وقرآن الفجر يعني صلاة الفجر










    السجود أكثر دلالة على الشكر من الركوع


    يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:43].
    الحكمة من تقديم الأمر بالسجود على الأمر بالركوع، أن السجود أكثر دلالة على الشكر والمقام يقتضي ذلك، قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: وقدم السجود لأنه أدخل في الشكر، والمقام هنا مقام شكر. انتهى. فالسجود يشتمل على مزيد من التواضع لله تعالى، لأن الإنسان أثناءه يكون ملصقاً أشرف أعضائه بالأرض وهو الوجه، فلذلك يعتبر من المواضع الذي يظن فيها استجابة الدعاء، كما في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم




    تفسير (..عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ..)


    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (المائدة:105)، قوله "عليكم أنفسكم" أي اجتهدوا في إصلاحها وكمالها وإلزامها سلوك الطريق المستقيم، واحفظوا أنفسكم من المعاصي وأصلحوها. قوله: "لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" أي أنكم إذا أصلحتم أنفسكم، فلا يضركم ضلال من ضل ولم يهتد إلى الدين القويم، لأن كل نفس ستجزى بما كسبت هي، كما قال تعالى: ولا تسألون عما كانوا يعملون، ومن ضل إنما يضر نفسه ولا يضر غيره. وبعض الناس يفهم من هذه الآية ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الفهم غير صحيح لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفائي إذا تركه الناس أثموا. ولكن إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يُسمعْ منه، أو كان عاجزاً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده أو بلسانه، فلا حرج عليه ولا يضره ضلال من ضل بعد ذلك



    تفسير قوله تعالى "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"

    قد وردت هذه الآية مرتين: الأولى: في سورة الذاريات، وهي: قوله تعالى: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذريات:19]. والثانية: في سورة سأل سائل، في قوله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُوم ٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24- 25]. وفي كلتا الآيتين يثني سبحانه وتعالى على المتقين الذين من صفاتهم أنهم يجعلون في أموالهم نصيبا معلوما يعطونه للسائلين والمحرومين. قال قتادة ومحمد بن سيرين: المراد الزكاة المفروضة. وقول السائل: "هل يعني..." فالجواب أنه يجب على الإنسان أن ينفق من راتبه على نفسه ومن تلزمه نفقته، كالزوجة والأولاد، فإذا بقي شيء من الراتب في كل شهر وضم هذا الزائد مع بعضه فبلغ النصاب ثم حال عليه الحول، وجب إخراج الزكاة منه. فالواجب إخراج الزكاة من المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول، وليس المعنى أنه يجب أن يخرج الزكاة من كل ماله دون تحقق الشروط السابقة



    تفسير (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً..)

    الراجح -والله أعلم- هو ما ذهب إليه الإمام أحمد ومن وافقه، وهو الذي رجحه ابن تيمية رحمه الله قال: نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلف والخلف منهم أحمد بن حنبل وغيره، وذهب كثير من السلف إلى جوازه، وهو قول الثلاثة



    اسلام ويب















  • #2
    • لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)
      المهاد هو الفراش، ومنه مهد الطفل، والغاشية هي الغطاء، أي أن فرش هذا المهاد وغطاءه جهنم. وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه وتعالى:* لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ... *[الزمر: 16]
      إذن الظلل والغواشي تغطي جهتين في التكوين البعدي للإِنسان، والأبعاد ستة وهي: الأمام والخلف، واليمين والشمال، والفوق والتحت، والمهاد يشير إلى التحتية، والغواشي تشير إلى الفوقية، وكذلك الظلل من النار، ولكن الحق شاء أن يجعل جهنم تحيط بأبعاد الكافر الستة فيقول سبحانه:* إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا... *[الكهف: 29]
      وهذا يعني شمول العذاب لجميع اتجاهات الظالمين.
      وجهنم مأخوذة من الجهومة وهي الشيء المخوف العابس الكريه الوجه، ثم يأتي بالمقابل ليشحن النفس بكراهية ذلك الموقف، ويحبب إلى النفس المقابل لمثل هذا الموقف.

      تفسير الشعراوى (رحمة الله عليه)



      (والفتنة أشد من القتل) ما المقصود بالفتنة في هذه الآية؟
      إن الفتنة في الآية الكريمة يقصد بها محاولة الكفار إرجاع المسلمين عن دينهم. قال القرطبي: والفتنة أشد من القتل: أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموا رجوعكم بها إلى الكفر أشد من القتل
      قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " والفتنة أشد من القتل "، والشرك بالله أشدُّ من القتل




      يقول عز وجل ((بلى قادرين على أن نسوي بنانه))
      ما هو الإعجاز العلمي لهذه الآية؟
      فالإعجاز العلمي في قوله تعالى: بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ [القيامة:4] هو أن البنان تحتوي على البصمات، والتي في الغاية من الدقة، حيث لا يتشابه اثنان في خريطة البصمات، فأقسم الله تعالى بالقيامة أنه قادر على أن يرد هذه البنان يوم القيامة كما كانت وبنفس الخريطة والدقة، وذلك في معرض الرد على المشركين الذين ينكرون المعاد ويستبعدون حشر الأجسام بعد كونها ترابا، وقد ذكر هذا المعنى كثير من المواقع المتخصصة بالإعجاز، وهذا الأمر أي عدم تطابق البصمات إنما اكتشف مؤخرا، أما المفسرون، فإنهم ذكروا أن البنان التي تحتوي على العظام الصغيرة والأظافر إذا كان الله سيعيدها كما كانت، ويؤلف بينها حتى تستوي، فمن باب أولى أن يعيد ما هو أكبر منها، انظر مثلا تفسير القرطبي . والله أعلم.






      المقصود بصحف إبراهيم وموسى
      الذي أنزل الله تعالى على موسى هو التوراة. وقد سماها الله تعالى: صحفا في قوله تعالى: إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى [الأعلى:18-19]. ومن أهل العلم من ذهب إلى أن الصحف غير التوراة. كما تبين الآية نزول صحف على إبراهيم. وقد ذكر الإمام القرطبي المقصود بهذه الصحف عند تفسير هذه الآية حيث قال: صحف إبراهيم وموسى يعني الكتب المنزلة عليهما، ولم يرد أن هذه الألفاظ يعينهما في تلك الصحف، وإنما هو على المعنى، أي معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف. روى الآجري من حديث أبي ذر قال: قلت يا رسول الله: فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالا كلها: أيها الملك المتسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها ولو كانت من فم كافر. إلى أن قال القرطبي أيضا: قال: قلت: يا رسول الله: فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عِبَرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها.. إلى آخره



      الكتاب الذي أمر يحيى بأخذه بقوة
      لذي يظهر من سياق الآية أن الكتاب الذي أمر يحيى بأن يأخذه بقوة في قوله تعالى: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم:12]. هو كما قال الشوكاني في فتح القدير: إنه التوارة لأنه المعهود حينئذ، ويحتمل أن يكون كتاباً مختصا به، وإن كنا لا نعرفه الآن. ولعل القول بأنه التوارة أوضح، لأنه من المعلوم أن كثيراً من أنبياء بني إسرائيل كانوا يحكمون بالتوراة إلى أن جاء عيسى عليه السلام، فنسخ بعض تشريعاتها، ومع ذلك فقد امتن الله عليه بأنه علمه إياها، قال الله سبحانه: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ [المائدة:110]. والله أعلم.



      تفسير قوله تعالى"ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا"
      قد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره معنى هذه الآية قائلاً: كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت، فلما جاء الإسلام نهى الله المؤمنين عن ذلك، وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة -في ما ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف- في شأن عبد الله بن أبي بن سلول، فإنه كان له إماء فكان يكرههن على البغاء طلباً لخراجهن، ورغبة في أولادهن، ورياسة منه في ما يزعم.



      الآية التي يطلق عليها آية الضمائر
      الآية التي يطلق عليها آية الضمائر، هي الآية رقم: 31 من سورة النور. قال القرطبي: قال مكي رحمه الله تعالى: ليس في كتاب الله تعالى آية أكثر ضمائر من هذه، جمعت خمسة وعشرين ضميرا للمؤمنات من مخفوض ومرفوع
      (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )





      معنى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
      يبين الله عز وجل فيها عظم أجر الصابرين، وأن أجرهم قد تعدى الموازين والحساب، فلا يعلم جزاؤهم إلا الله، قال ابن كثير : قال الأوزاعي : ليس يوزن لهم ولا يكال، وإنما يغرف لهم غرفاً . انتهى. وقال أيضاً: قال ابن جريج : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم قط، ولكن يزادون على ذلك. وقد جاءت الآية عامة، وهذا يفيد أنها تشمل جميع أنواع الصبر



      تفسير ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )
      فيقول الشوكاني رحمه الله في تفسيره لهذه الآية وهي قول الحق سبحانه: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (قّ:18)، أي ما يتكلم من كلام فيلفظه ويرميه من فيه إلا لديه، أي ذلك اللافظ، رقيب، أي ملك يرقب قوله ويكتبه، والرقيب الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله من خير وشر، فكاتب الخير هو ملك اليمين، وكاتب الشر ملك الشمال. انتهى.
      وليست هذه الكتابة خاصة بالقول فقط، وإنما شاملة للفعل أيضاً، قال ابن كثير في قوله تعالى: إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (قّ:18): أي إلا ولها من يرقبها معد لذلك ليكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة كما قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ*كِرَاماً كَاتِبِينَ*يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (الإنفطار:10-12). انتهى.
      واختلف العلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكلام أم أنه لا يكتب إلا ما فيه عقاب وثواب؟ قال القرطبي في تفسيره: قال ابن الجوزاء ومجاهد يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه، وقال عكرمة لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزر عليه، وقيل يكتب عليه كل ما يتكلم به، فإذا كان آخر النهار محا عنه ما كان مباحاً نحو انطلق اقعد كل مما لا يتعلق به أجر أو وزر.
      وذكر ابن كثير أن ظاهر الآية العموم. والله أعلم.





      (وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ )
      قد اختلف المفسرون في تعيين من هم أصحاب اليمين على عدة أقوال حكاها ابن الجوزي في "زاد المسير"، فقال رحمه الله: فأصحاب الميمنة فيهم ثمانية أقوال: أحدها: أنهم الذين كانوا على يمين آدم حين أخرجت ذريته من صلبه، قاله ابن عباس . والثاني: أنهم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم، قاله الضحاك والقرطبي . والثالث: أنهم الذين كانوا ميامين على أنفسهم، أي مباركين، قاله الحسن والربيع . والرابع: أنهم الذين أخذوا من شق آدم الأيمن، قاله زيد بن أسلم . والخامس: أنهم الذين منزلتهم عن اليمين، قاله ميمون بن مهران . والسادس: أنهم أهل الجنة، قاله السدي . والسابع: أنهم أصحاب المنزلة الرفيعة، قاله الزجاج . والثامن: أنهم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، ذكره علي بن أحمد النيسابوري. ويمكن رد بعض هذه الأقوال إلى بعض. والله أعلم.




      معنى (القانطون - القانتون)
      فالقانطون هم اليائسون. أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى: فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ [الحجر: 55]. قال: الآيسين، وعلى هذا عامة المفسرين. هذا إذا كنت تسأل عن القانطين بالطاء، أما إذا كنت تسأل عن القانتين بالتاء: فقد اختلف أهل التفسير بالمراد بقول الله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238]. فقيل: معنى القنوت هنا الطاعة، ويؤيد هذا التفسير قول البخاري في صحيحه: باب وقوموا لله قانتين مطيعين، وقيل هو طول القيام، وقيل: هو الإمساك عن الكلام، ولكل واحد من هذه الأقوال ما يؤيده. والله أعلم.



      تفسير قوله تعالى "فقبضت قبضة من أثر الرسول"
      قوله تعالى في سورة طه عن السامري: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي [طـه: 96]. وقد كان السامري رأى عند خروجهم من البحر عند إغراق فرعون وقومه، رأى جبريل عليه السلام على فرسه فأخذ قبضة من أثر حافر فرسه، وسولت له نفسه أنه إذا ألقى هذه القبضة على شيء صار حيا فتنة وامتحانا. فألقاها على ذلك العجل الذي صاغه بصورة عجل فصار له خوار، فقال لبني إسرائيل هذا إلهكم وإله موسى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قال للسامري: "فما خطبك يا سامري؟" فأجابه السامري: "بصرت بما لم يبصروا به"، وهو جبريل عليه السلام على الفرس، "فقبضت قبضة من أثر الرسول"، أي من حافر فرسه، "فنبذتها"، أي ألقيتها على العجل، "وكذلك سولت لي نفسي"، أي أن أقبضها ثم أنبذها فكان ما كان. والله أعلم.


      معنى (المتردية والنطيحة)
      فقد وردت هاتان الكلمتان في سياق بعض المحرمات من الأطعمة، وذلك في سورة المائدة الآية رقم: (3) والمراد بالمتردية: البهيمة التي سقطت من شاهق كجبل أو حائط أو نحوهما، أو سقطت في بئر، فإذا ماتت فلا يحل أكلها. والمراد بالنطيحة: البهيمة التي نطحتها أخرى فماتت بسبب ذلك، وهي على هذا من باب: فعيلة بمعنى مفعولة أي منطوحة.


      تفسير قوله تعالى: (وليال عشر)
      فأكثر المفسرين على أن المقصود بقول الله تعالى في سورة الفجر: وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ هي العشر الأول من ذي الحجة، قال القرطبي: "وليال عشر" أي ليال عشر ذي الحجة وكذا قال مجاهد والسدي والكلبي، وقاله ابن عباس. انتهى.
      وقال الطبري: والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحي لإجماع الحجة من أهل التأويل. انتهى.
      وقال الشوكاني: وليال عشر هي عشر ذي الحجة في قول جمهور المفسرين
      عن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر والركعتين قبل الغداة. رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه، وفيه دليل على استحباب صوم أيام عشر ذي الحجة




      تفسير (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ..)
      فليس لهذا الذنب صلاة تخصه، وأما المراد بقوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ(هود: من الآية114) ففيه أقوال:
      قال مجاهد رحمه الله تعالى: طرفا النهار صلاة الصبح والظهر والعصر، وزلفاً من الليل صلاة المغرب والعشاء.
      وقال مقاتل: صلاة الفجر والظهر طرف، وصلاة العصر والمغرب طرف، وزلفاً من الليل يعني صلاة العشاء.
      وقال الحسن: طرفا النهار الصبح والعصر، وزلفاً من الليل: المغرب والعشاء. ا.هـ من البغوي.





      تفسير قوله تعالى عن الأمانة : ( وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) .
      قال الله عز وجل : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب / 72 .
      فعرض الله تعالى طاعته وفرائضه وحدوده على السموات والأرض والجبال ، على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت ، وإن ضيعت عوقبت ، فأبت حملها إشفاقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها ، وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا .
      قال الواحدي : " والأمانة في هذه الآية في قول جميعهم: الطاعة والفرائض التي يتعلق بأدائها الثواب وبتضييعها العقاب .." انتهى من "التفسير البسيط" (18/302) .



      تفسير (ظلوما جهولا)
      قد قال الإمام القرطبي في تفسيره مفسراً لما سألت عنه: ظلوماً لنفسه جهولاً لربه. انتهى. وقال الشوكاني في فتح القدير: وحملها الإنسان وهو في ذلك ظلوم لنفسه جهول لما يلزمه، أو جهول لقدر ما دخل فيه، كما قال سعيد بن جبير، أو جهول بربه كما قال الحسن.
      قال ابن عاشور رحمه الله :
      "مَعْنَى (كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) أَنَّهُ قَصَّرَ فِي الْوَفَاءِ بِحَقِّ مَا تَحَمَّلَهُ تقصيرا: بعضه عَن عَمْدٍ ، وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بِوَصْفِ ظَلُومٍ، وَبَعْضُهُ عَنْ تَفْرِيطٍ فِي الْأَخْذِ بِأَسْبَابِ الْوَفَاءِ ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِكَوْنِهِ جَهُولًا، فَظَلُومٌ مُبَالَغَةٌ فِي الظُّلْمِ وَكَذَلِكَ جَهُولٌ مُبَالَغَةٌ فِي الْجَهْلِ.
      وَالظُّلْمُ: الِاعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ وَأُرِيدُ بِهِ هُنَا الِاعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ الْمُلْتَزَمِ لَهُ بِتَحَمُّلِ الْأَمَانَةِ، وَهُوَ حَقُّ الْوَفَاءِ بِالْأَمَانَةِ.
      وَالْجَهْلُ: انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِمَا يَتَعَيَّنُ عِلْمُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا انْتِفَاءُ عِلْمِ الْإِنْسَانِ بِمَوَاقِعِ الصَّوَابِ فِيمَا تَحَمَّلَ بِهِ، فَقَوْلُهُ: (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) : مُؤْذِنٌ بِكَلَامٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ هُوَ عَلَيْهِ ، إِذِ التَّقْدِيرُ: وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ فَلَمْ يَفِ بِهَا إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا، وَلَوْلَا هَذَا التَّقْدِيرُ لَمْ يَلْتَئِمِ الْكَلَامُ ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمْ يُحَمَّلِ الْأَمَانَةَ بِاخْتِيَارِهِ ، بَلْ فُطِرَ عَلَى تَحَمُّلِهَا.
      وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ ظَلُوماً جَهُولًا فِي فِطْرَتِهِ ، أَيْ فِي طَبْعِ الظُّلْمِ، وَالْجَهْلِ ؛ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لَهُمَا ، مَا لَمْ يَعْصِمْهُ وَازِعُ الدِّينِ، فَكَانَ مِنْ ظُلْمِهِ وَجَهْلِهِ أَنْ أَضَاعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةَ الَّتِي حَمَلَهَا " انتهى من "التحرير والتنوير" (22/ 129) .



      معنى : { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }
      (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97 .
      قال ابن كثير رحمه الله :
      " هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر أو أنثى من بني آدم ، وقلبه مؤمن بالله ورسوله ، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله - بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة ، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت"
      قال السعدي:
      { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } وذلك بطمأنينة قلبه، وسكون نفسه، وعدم التفاته لما يشوش عليه قلبه، ويرزقه الله رزقا حلالا طيبا من حيث لا يحتسب. { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ } في الآخرة { أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } من أصناف اللذات مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فيؤتيه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة.



      تفسير قوله تعالى "لابثين فيها أحقابا"
      قوله تعالى: [لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ] (النبأ: 23) أي: ما كثين فيها أحقابا، وهي جمع حقب وهو المدة من الزمان، وقد اختلفوا في مقداره فقال ابن جرير عن ابن حميد عن مهران عن سفيان الثوري عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد قال: قال علي بن أبي طالب لهلال الهجري: ما تجدون الحقب في كتاب الله المنزل؟ قال: نجده ثمانين، كل سنة اثنا عشر شهرا، كل شهر ثلاثون يوما، كل يوم ألف سنة. انتهى. وقال الإمام القرطبي في تفسيره: [لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ] أي ماكثين في النار ما دامت الأحقاب، وهي لا تنقطع، فكلما مضى حقب جاء حقب، والحقب بضمتين الدهر، والأحقاب الدهور، إلى أن قال: وهذا الخلود في حق المشركين، ويمكن حمل الآية على العصاة الذين يخرجون من النار بعد أحقاب



      معنى (فمحونا آية الليل..)
      فيقول الإمام ابن الجوزي في زاد المسير: فمحونا آية الليل فيه قولان، أحدهما: أن آية الليل القمر ومحوها ما في بعض القمر من الاسوداد وإلى هذا المعنى ذهب علي عليه السلام وابن عباس في آخرين.
      والثاني: آية الليل محيت بالظلمة التي جعلت ملازمة لليل فنسب المحو إلى الظلمة إذ كانت تمحو الأنوار وتبطلها ذكره ابن الأنباري. ويروى أن الشمس والقمر كانا في النور والضوء سواء، فأرسل الله جبريل فأمَرَّ جناحه على وجه القمر وطمس عنه الضوء.




      تفسير (وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا)
      وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (آل عمران:147)، قال الإمام القرطبي في تفسيره: ربنا اغفر لنا ذنوبنا يعني الصغائر، وإسرافنا يعني الكبائر. والإسراف الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد، وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني. وذكر الحديث. فعلى المسلم أن يستعمل ما في كتاب الله، وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه، ولا يقول أختاره كذا، فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون




      {وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}
      الوسيط لطنطاوي :
      أى : وأمهلهم ليزدادوا إثما .
      تفسير القرطبي :
      (وأملي لهم) أي : أمهلهم وأطيل لهم المدة . والملاوة : المدة من الدهر .
      (إن كيدي متين) : أي إن عذابي لقوي شديد فلا يفوتني أحد .
      -وفي الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " . ثم قرأ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) [ هود : 102 ] .



      {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ}
      الوسيط لطنطاوي :
      أى : وليس له فى جهنم من طعام سوى الغسلين وهو صديد أهل النار . . أو شجر يأكله أهل النار ، فيغسل بطونهم ، أى : يخرج أحشاءهم منها ، أو ليس لهم إلا شر الطعام وأخبثه .



      "وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ"
      غاسق: أى الليل إذا اشتد ظلامه،والغسق أول ظلمه الليل .
      وقب: أى دخل بظلامه .
      قال المفسرون :
      أي وقل أعوذ به تعالى من شر الليل إذا أظلم واشتد ظلامه ،فإن ظلمه الليل ينتشر عندها اهل الشر من الإنس والجن .
      وقال الرازى: التعوذ من شر الليل لأن فى الليل تخرج السباع والهوام من مكانها ،ويهجم السارق ويقل فيه الغوث .




      تفسير ( وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا)
      قد قال الإمام ابن كثير في تفسير الآية: وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا: أي لا يثقله ولا يكرثه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما ومن بينهما؛ بل ذلك سهل عليه يسير، لديه، وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء، والأشياء كلها حقيرة بين يديه

      تفسير (والذاريات ذرواً...)
      فإن "الذاريات" هي الرياح تذرو التراب، "ذروا" أي تثيرها.
      وأما "الحاملات وقرا" فهي السحب التي تحمل الماء، والوقر ما يوقر أي يحمل، والمراد به هنا الماء.
      وأما "الجاريات" فهي السفن الجارية في البحر تجري جريا ذا يسر أي سهل، واليسر السهل في كل شيء.
      وأما "المقسمات أمرا" فهي الملائكة تقسم الأمور.
      وقد روي تفسيرها بما ذكرنا عن عمر وعلي وابن عباس ومجاهد والحسن، ذكر ذلك القرطبي في التفسير والسيوطي في الدر المنثور وابن كثير في تفسيره. وقال ابن كثير في التفسير إن ذلك ثبت عن علي من غير وجه، وذكر أن الطبري وابن أبي حاتم لم يذكرا غير هذا التفسير.


      تفسير قوله تعالى "فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني"
      [فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي] جاء في قصة طالوت
      والفرق بين الشرب والطعم في الآية الكريمة أن الذي يريد أن يشرب يتناول الكثير من المشروب حتى يروي عطشه ويقضي نهمه.
      وأما الطعم فإنه يصدق على أقل متناول من المشروب، وإن كان مجرد الذوق، وهذا كان لاختبار قوة إرادتهم والتحكم في شهواتهم ومدى طاعتهم لقيادتهم، وهذا ما يبدو واضحا من سياق الآية الكريمة فإن بدايتها قول الله تبارك وتعالى:[ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ] البقرة: 249.




      تفسير (الجبت والطاغوت)
      قد اختلف في الجبت والطاغوت. روى البخاري تعليقا: قال جابر: كانت الطواغيت التي يتحاكمون إليها في جهينة واحدة، وفي أسلم واحد. وفي كل حي واحد كهان ينزل عليهم الشيطان. وقال عمر: الجبت السحر والطاغوت الشيطان. وقال عكرمة: الجبت بلسان الحبشة شيطان والطاغوت الكاهن. وفي فتح الباري تفسيرات أخرى كثيرة للجبت والطاغوت منها: الجبت الشيطان، والطاغوت الكاهن، وقيل: الجبت الأصنام، والطواغيت الذين كانوا يعبرون عن الأصنام بالكذب، وقيل الجبت الكاهن والطاغوت رجل من اليهود يدعى كعب بن الأشرف، وقيل: الجبت حيي بن أخطب والطاغوت كعب بن الأشرف...


      معنى (..لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ..)
      إن البرهان الذي رءاه يوسف عليه السلام وجاء ذكره في قول الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف:24].
      اختلف فيه العلماء فلم يذكر في آية من كتاب الله تعالى... قال بعض المفسرين: نودي بالنهي عن الوقوع في الخطيئة.
      وقال بعضهم رأى صورة أبيه يعقوب على الجدران عاضا على أصبعه يتوعده.... وقال بعضهم: قامت المرأة إلى صنم لها في البيت فسترته حياء منه واحتراماً له فقال يوسف: أنا أولى أن أستحيي من الله تعالى.
      وقال بعضهم رأى في سقف البيت مكتوباً "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً" وقيل رأى مكتوبا "وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ"، "أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت" ذكر هذه الأقوال وغيرها الطبري والقرطبي وغيرهما...
      وعقب عليها القرطبي بقوله: وبالجملة فذلك البرهان آية من آيات الله تعالى رءاها يوسف عليه السلام حتى قوي إيمانه وامتنع عن المعصية. كما قال الله تعالى: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ.
      فالصواب أن يقف المسلم في هذه الأمور عند قول الله تعالى، أو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أنه لم يرد في كتاب الله ولا في الثابت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي تحديد لهذا البرهان فالوقوف متعين.


      تفسير معنى الفَوْقِيّة في حق الله
      - قال المفسِّر شمس الدِين القرطبيُّ (ت 671هـ) في تفسيره ما نَصُّه: "ومعنى ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ فوقيّةُ الاستِعلاء بالقَهْر والغَلَبَةِ عَلَيهم، أي هم تحت تَسْخِيرِه، لا فَوقِيّةُ مكانٍ، كما تقول: السلطان فوق رَعِيَّتِه أي بالْمَنْزِلَةِ والرِفْعَةِ. وفي القهر" انتهى.
      - قال المفسِّرُ اللُغَويُّ أبو زيدٍ الثَعالِبيُّ (ت 875هـ) في تفسير "قوله تعالى: ﴿يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [الأَنْعام: 61] ما نَصُّه: "يُريدُ فَوقِيّةَ القُدْرَةِ والعَظَمَةِ" انتهى.

      - قال الحافظُ جلال الدين السيوطيُّ (ت 911هـ) في "الإتقان في علوم القرآن" ما نصُّه: "وَمِنْ ذَلِكَ صِفَةُ الْفَوْقِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾، ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ وَالْمُرَادُ بِهَا الْعُلُوُّ مِنْ غَيْرِ جِهَةٍ، وَقَدْ قَالَ: فِرْعَوْنُ: ﴿وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْعُلُوَّ الْمَكَانِيَّ" انتهى.


      • واضرب لهم مَثَل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء
      شبَّه تعالى الدنيا بالماء، لأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل، كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها.
      (تفسير القرطبي)


      • ليسأل الصادقين عن صدقهم
      فإذا سُئِلَ الصادقون وحوسبوا على صدقهم، فما الظن بالكاذبين؟!
      (اغاثة اللهفان لابن القيم 83/1)


      • الذي أحسنَ كلَّ شيءٍ خلَقَه
      فيه إرشادٌ إلى أنه لا ينبغي لأحدٍ أن يستقبحَ شيئاً من المخلوقات.
      (روح المعاني)


      • وإلا تصرفْ عني كيدهُنَّ أصبُ إليهنَّ وأَكُنْ مِنَ الجاهلين
      دل هذا على أن أحداً لا يمتنع عن معصية الله إلا بعون الله، ودل أيضاً على قبح الجهل والذم لصاحبه.
      (تفسير القرطبي)


      • فِي مَقْعدِ صِدْقٍ عِند مَلِيكٍ مُقْتَدِر
      قال جعفر الصادق:
      مدح اللهُ المكانَ بالصدق، فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق.
      (تفسير البغوي)


      • وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِه
      قال سفيان بن عيينة:
      لم يأمر بالمسألة إلا ليعطي.
      (تفسير البغوي)


      • فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون
      قال الربيع:
      إن الله ذاكر من ذكره، وزائد من شكره، ومعذب من كفره.
      (تفسير الطبري)


      • وقال ربكم ادعوني استجب لكم
      قال ابو بكر الشبلي:
      ادعوني بلا غفلة، استجب لكم بلا مهلة.
      (شعب الايمان 54/2)


      • فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً
      قال ابن القيم:
      فالعمل الصالح هو الخالي من الرياء المقيد بالسنة.
      (بدائع التفسير 168/2)


      • والقواعد من النساء
      قال ابن قتيبة:
      سميت المرأة قاعداً إذا كبرت لأنها تكثر القعود.
      (تفسير البغوي)


      • لئن شكرتم لأزيدنكم
      قال الحسن البصري:
      إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يُشكر عليها قلبها عذاباً.
      (رواه البيهقي في الشعب)


      • هذا ما توعدون لكل أوابٍ حفيظ
      جاء عن مجاهد:
      ألا أُنبئك بالأوَّاب الحفيظ؟ هو الرجل يذكر ذنبه إذا خلا، فيستغفر له.
      (الدر المنثور)


      • يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً
      من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره، وُفّق لمعرفة الحق من الباطل.
      (تفسير ابن كثير)


      • لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً
      يدل على جواز الإخبار بما يجده الشخص من الألم، وأنه لا يقدح في الرضا بالقضاء، اذا لم يصدر ذلك عن ضجر.
      (تفسير القرطبي)


      • قال يا بُني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً
      الآية أصل في أن لا تقص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح، ولا على من لا يحسن التأويل فيها.
      (تفسير القرطبي)


      • ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً
      قال أبو العالية:
      الكتاب والفهم به.
      (تفسير الطبري)


      • إنما يتقبل اللهُ من المتقين
      قال فضالة بن عبيد:
      لأن أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة، أحب إليّ من الدنيا وما فيها.
      (الاخلاص والنية لابن أبي الدنيا)


      • ما أصابك من حسنة فمِن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك
      قال ابن القيم:
      فالأول فضله، والثاني عدله، والعبد يتقلب بين فضله وعدله.
      (زاد المعاد)


      • كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها
      قال الفضيل بن عياض:
      والله إن الأيدي لموثقة وإن الأرجل لمقيدة، وإن اللهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم.
      (تفسير ابن كثير)


      • فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً
      ظلماً: بزيادة سيئاته.
      وهضماً: بنقص حسناته.
      (التفسير الميسر)


      • وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون
      بالصبر تترك الشهوات، وباليقين تدفع الشبهات.
      (اقتضاء الصراط المستقيم)


      • كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون
      قال الشافعي:
      لما حجب قوماً بالسخط، دل على أن قوماً يرونه بالرضا.
      (تفسير القرطبي)


      • والراسخون في العلم
      قال مالك:
      الراسخ: العالم العامل، فإذا لم يعمل بعلمه فهو الذي يقال فيه: نعوذ بالله من علم لا ينفع.
      (القبس لابن العربي 1057/3)


      • واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه
      قال يحيى بن أبي كثير:
      هي مجالس الفقه.
      (الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي)


      • وطعاماً ذا غُصّة
      قال عنه ابن عباس أنه:
      شوك يدخل الحلق، فلا ينزل ولا يخرج.
      (تفسير القرطبي)


      • وشفاء لما في الصدور
      قال السعدي في تفسيره:
      القرآن شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات وأمراض الشبهات...


      • فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون
      قال ابن تيمية:
      الناس إذا تعاونوا على الإثم والعدوان، أبغض بعضهم بعضاً، وإن كانوا فعلوه بتراضيهم.
      (مجموع الفتاوى)


      • فإنه كان للأوّابين غفوراً
      قال سعيد بن المسيّب:
      "الأواب" الذي يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب.
      (تفسير البغوي)


      • ومن يتقِ اللهَ يجعل له مخرجاً
      قال ابن عباس:
      ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة.
      (تفسير ابن كثير)


      • ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم
      قال ابن رجب:
      فهذه الآية تتضمن توبيخاً وعتاباً لمن سمع هذا السماع ولم يحدث له في قلبه صلاحاً ورِقّة وخشوعاً.
      (نزهة الأسماع 82/1)


      • وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
      قال الإمام أحمد بن حنبل:
      من رد حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهو على شفا هلكة.
      (سير اعلام النبلاء 297/11)


      • ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب
      قال السعدي:
      يأمرهم بأن يكونوا ربانيين، أي: علماء حكماء حلماء، معلمين للناس ومربيهم بصغار العلم قبل كباره، عاملين بذلك.
      (تفسير السعدي)


      • ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون
      قال ابن الأعرابي:
      لا يقال للعالم "رباني"، حتى يكون عالماً معلماً عاملاً.
      (القبس شرح الموطأ)


      • ونُنَزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين
      قال ابن القيم:
      فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة.
      (الطب النبوي ص262)


      • قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم
      قال الحسن البصري:
      زعم قوم أنهم يحبون الله، فابتلاهم الله بهذه الآية.
      (تفسير ابن كثير)


      • واجنبني وبَنِيَّ أن نعبد الأصنام
      قال إبراهيم التيمي:
      من يأمن البلاء بَعد الخليل؟!
      (تفسير القرطبي)


      • ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار
      قال السعدي:
      وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة، فكيف حال الظلمة أنفسهم؟!
      (تفسير السعدي)


      • ورفع أبويه على العرش وخروا له سُجداً
      قال قتادة:
      هذه كانت تحية الملوك عندهم، وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة.
      (تفسير القرطبي)


      • بل يريد الإنسان ليفجر أمامه
      قال سعيد بن جبير:
      يقدم على الذنب ويؤخر التوبة، فيقول: سوف أتوب، سوف أعمل، حتى يأتيه الموت على شر أحواله.
      (تفسير البغوي)


      • وسيجنبها الأتقى
      قال ابن عطية:
      ولم يختلف أهل التأويل أن المراد بالأتقى هو أبو بكر الصديق.
      (المحرر الوجيز)


      • نرفع درجاتٍ مَن نشاء
      قال زيد بن أسلم: بالعلم.
      (رواه الإمام أحمد بسند صحيح)


      • فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون
      قال عطاء:
      الحمد لله الذي قال: "عن صلاتهم"، ولم يقل: "في صلاتهم".
      (تفسير القرطبي 212/20)


      • وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير
      قال الضّحاك:
      وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن؟!
      (تفسير ابن كثير)


      • ولا تقولوا لِما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب
      قال أبو نضرة:
      قرأتُ هذه الآية في سورة النحل، فلم أزل أخاف الفُتيا إلى يومي هذا.
      (تفسير فتح القدير)


      • وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى
      قال مقاتل:
      هو الرجل يهم بالمعصية، فيذكر مقامه للحساب، فيتركها.
      (تفسير البغوي)


      • ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم
      قال ابن مسعود:
      ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين.
      (تفسير ابن كثير)


      • وقل رب زدني عِلماً
      قال القرطبي:
      فلو كان شيء أشرف من العلم، لأمر الله نبيه أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم.
      (تفسير القرطبي 41/4)


      • كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون
      قال الحسن البصري:
      هو الذنب على الذنب، حتى يعمى القلب فيموت.
      (تفسير ابن كثير)


      • والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
      هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة.
      (تفسير القرطبي)


      • ولا تحسَبنَّ اللهَ غافلاً عما يعمل الظالمون
      قال ميمون بن مهران:
      هذه الآية تعزيةٌ للمظلوم، ووعيدٌ للظالم.
      (تفسير الطبري)


      • كانتا تحت عبدَيْن من عبادنا صالحَيْن فخانتاهما
      قال ابن عباس:
      ما بغت امرأة نبي قط، إنما كانت خيانتهما في الدين.
      (زاد المسير)


      • فَلَمْ يغنيا عنهما من الله شيئاً
      قال ابن الجوزي:
      هذه الآية تقطع طمع من ركب المعصية، ورجا أن ينفعه صلاح غيره.
      (زاد المسير)


      • تلفح وجوهَهم النارُ وهم فيها كالحون
      الكالح: هو الذي قد تشمّرت شفتاه، وبدت أسنانه.
      (معاني القرآن للزجّاج)


      • من شر الوسواس الخناس
      قال سعيد بن جبير:
      إذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولّى، وإذا غفل وسوس إليه.
      (العيال لابن أبي الدنيا)


      • ثم لتُسئلن يومئذ عن النعيم
      قال سعيد بن جبير:
      الصحة والفراغ والمال.
      (معالم التنزيل)


      • وترى الناس سُكارى وما هم بسكارى
      قال ابن القيم:
      فهُم سكارى من الدهش والخوف، وليسوا بسكارى من الشراب.
      (مدارج السالكين 307/3)


      • يا أبتِ إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك
      قال ابن القيم:
      فلم يقل له إنك جاهل لا علم عندك، بل عدَل عن هذه العبارة إلى ألطف عبارة.
      (بدائع الفوائد 133/3)


      • واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
      قال ابن القيم:
      هو الموت، بإجماع أهل التفسير.
      (مدارج السالكين 103/1)


      • وما تغيض الأرحام وما تزداد
      قال ابن عباس وغيره:
      أي ما تنقص عن التسعة أشهر، وما تزيد عليها.
      (بدائع التفسير)


      • سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق
      قال سفيان بن عيينة في تفسيره للآية:
      أنزع عنهم فهم القرآن وأصرفهم عن آياتي.
      (تفسير الطبري)


      • ويَدْعُ الإنسانُ بالشر دعاءه بالخير
      قال ابن عباس:
      هو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له.
      (تفسير القرطبي)


      • أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها
      قال ابن عباس:
      ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها.
      (تفسير الطبري)


      • واذكر ربك إذا نسيت
      قال السعدي:
      فيه الأمر بذكر الله تعالى عند النسيان، فإنه يزيله ويذكّر العبد ما سها عنه.
      (تفسير السعدي)


      • فيهما عينان تجريان
      قال أبو بكر الوراق:
      فيهما عينان تجريان، لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الله عز وجل.
      (تفسير القرطبي)


      • فَخَلَفَ مِن بعدهم خلْف أضاعوا الصلاة
      قال القرطبي:
      وهو ذم ونص في أن إضاعة الصلاة من الكبائر التي يوبق بها صاحبها، ولا خلاف في ذلك.
      (تفسير القرطبي)


      • إما يبلغن عندك الكِبَرَ أحدُهما أو كلاهما
      خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره، لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر.
      (تفسير القرطبي)


      • قرآناً عربياً غير ذي عوج
      قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
      غير مخلوق.
      (تفسير القرطبي)


      • يا ليتها كانت القاضية
      قال قتادة:
      تمنى الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره إليه منه !
      (تفسير ابن كثير)


      • إنما نُملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين
      الله تعالى يملي للظالم حتى يزداد طغيانه ويترادف كفرانه، حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر.
      فليحذر الظالمون من الإمهال، ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال.
      (تفسير السعدي، سورة آل عمران: 17)


      • فَخَلَفَ مِن بعدهم خلْف أضاعوا الصلاة
      قال ابن تيمية:
      إضاعتها التفريط في واجباتها، وإن كان يصليها.
      (مجموع الفتاوي ج22 ص6)


      • وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا
      قال ابن كثير في تفسيره:
      ولا تقفن على باب قوم ردوك عن بابهم، فإن للناس حاجات ولهم أشغال.


      • فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون
      قال السعدي في تفسيره للآية:
      فليحذر المؤمن من هذا الوصف الشنيع، أن يعاهد ربه إن حصل مقصوده الفلاني، ليفعلن كذا وكذا، ثم لا يفي بذلك، فإنه ربما عاقبه الله بالنفاق كما عاقب هؤلاء.


      • وجعلني مبارَكاً أين ما كنتُ
      قال مجاهد:
      معلماً للخير حيثما كنت.
      (تفسير الطبري)


      • وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً
      قال ابن القيم:
      فلما كان في الصبر الذي هو حبس النفس عن الهوى: خشونة وتضييقاً، جازاهم على ذلك: نعومة الحرير وسعة الجنة.
      (روضة المحبين ص476)


      • وكذلك نُنْجي المؤْمِنين
      وهذا وعدٌ وبشارة لكل مؤمن وقع في شِدة وغم، أن الله تعالى سينجيه منها، ويكشف عنه ويخفف لإيمانه، كما فعل بيونس عليه السلام.
      (تفسير السعدي)


      • وما يستوي الأعمى والبصير. ولا الظلمات ولا النور. ولا الظل ولا الحرور. وما يستوي الأحياء ولا الأموات
      قال ابن القيم:
      فجعل من اهتدى بهداه واستنار بنوره بصيراً حياً في ظل يقيه من حر الشبهات والضلال والبدع والشرك، مستنيراً بنوره، والآخر أعمى ميتاً في حر الكفر والشرك والضلال منغمساً في الظلمات.
      (اجتماع الجيوش الاسلامية ص32)


      • وقَرْنَ في بيوتكن
      قال ابن مسعود:
      ما تعبدت اللهَ إمرأةٌ بمثل تقوى الله وجلوسها في بيتها.
      (تفسير السمعاني 279/4)





      ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) .

      ذكروا في تفسير الثقيل وجوها :

      أحدها : وهو المختار عندي أن المراد من كونه ثقيلا عظم قدره وجلالة خطره ، وكل شيء نفس وعظم خطره فهو ثقل وثقيل وثاقل ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء : (
      قولا ثقيلا ) يعني كلاما عظيما ، ووجه النظم أنه تعالى لما أمره بصلاة الليل ، فكأنه قال : إنما أمرتك بصلاة الليل ؛ لأنا سنلقي عليك قولا عظيما ، فلا بد وأن تسعى في صيرورة نفسك مستعدة لذلك القول العظيم ، ولا يحصل ذلك الاستعداد إلا بصلاة الليل ، فإن الإنسان في الليلة الظلماء إذا اشتغل بعبادة الله تعالى وأقبل على ذكره ، والثناء عليه ، والتضرع بين يديه ، ولم يكن هناك شيء من الشواغل الحسية ، والعوائق الجسمانية استعدت النفس هنالك لإشراق جلال الله فيها ، وتهيأت للتجرد التام ، والانكشاف الأعظم بحسب الطاقة البشرية ، فلما كان لصلاة الليل أثر في صيرورة النفس مستعدة لهذا المعنى ، لا جرم قال : إني إنما أمرتك بصلاة الليل ؛ لأنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ، فصير نفسك مستعدة لقبول ذلك المعنى ، وتمام هذا المعنى ما قال عليه الصلاة والسلام : "إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها" .

      وثانيها : قالوا : المراد بالقول الثقيل ، القرآن وما فيه من الأوامر والنواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين عامة ، وعلى رسول الله خاصة ؛ لأنه يتحملها بنفسه ويبلغها إلى أمته ، وحاصله أن ثقله راجع إلى ثقل العمل به ، فإنه لا معنى للتكليف إلا إلزام ما في فعله كلفة ومشقة .

      وثالثها : روي عن الحسن : أنه ثقيل في الميزان يوم القيامة ، وهو إشارة إلى كثرة منافعه ، وكثرة الثواب في العمل به .

      ورابعها : المراد أنه عليه الصلاة والسلام كان يثقل عند نزول الوحي إليه ، روي أن الوحي نزل عليه وهو على ناقته فثقل عليها ، حتى وضعت جراءها ، فلم تستطع أن تتحرك .

      وعن ابن عباس : كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربد وجهه ، وعن عائشة رضي الله عنها : " رأيته ينزل عليه الوحي ، في اليوم الشديد البرد ، فيفصم عنه ، وإن جبينه ليرفض عرقا " .

      وخامسها : قال الفراء : قولا ثقيلا ، أي ليس بالخفيف ولا بالسفساف ؛ لأنه كلام ربنا تبارك وتعالى .

      وسادسها : قال الزجاج : معناه أنه قول متين في صحته وبيانه ونفعه ، كما تقول : هذا كلام رزين ، وهذا قول له وزن إذا كنت تستجيده ، وتعلم أنه وقع موقع الحكمة والبيان .

      وسابعها : قال أبو علي الفارسي : إنه ثقيل على المنافقين ، من حيث إنه يهتك أسرارهم ، ومن حيث إنه يبطل أديانهم وأقوالهم .

      وثامنها : أن الثقيل من شأنه أن يبقى في مكانه ولا يزول ، فجعل الثقيل كناية عن بقاء القرآن ، على وجه الدهر ، كما قال : (
      إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [الحجر : 9] .

      وتاسعها : أنه ثقيل ، بمعنى أن العقل الواحد لا يفي بإدراك فوائده ومعانيه بالكلية ، فالمتكلمون غاصوا في بحار معقولاته ، والفقهاء أقبلوا على البحث عن أحكامه ، وكذا أهل اللغة والنحو وأرباب المعاني ، ثم لا يزال كل متأخر يفوز منه فوائد ما وصل إليها المتقدمون ، فعلمنا أن الإنسان الواحد لا يقوى على الاستقلال بحمله ، فصار كالحمل الثقيل الذي يعجز الخلق عن حمله .

      وعاشرها : أنه ثقيل ؛ لكونه مشتملا على المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، والفرق بين هذه الأقسام مما لا يقدر عليه إلا العلماء الراسخون ، المحيطون بجميع العلوم العقلية والحكمية ، فلما كان كذلك لا جرم كانت الإحاطة به ثقيلة على أكثر الخلق




      تفسير قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)
      فقد قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية:
      حافظوا خطاب لجميع الأمة، والآية أمر بالمحافظة على إقامة الصلوات في أوقاتها بجميع شروطها، والمحافظة هي المداومة على الشيء والمواظبة عليه، والوسطى تأنيث الأوسط، ووسط الشيء خيره وأعدله، ومنه قوله تعالى: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا] (البقرة: 143) إلى أن قال: وأفرد الصلاة الوسطى بالذكر وقد دخلت قبل في عموم الصلوات تشريفا لها. انتهى. ثم ذكر خلاف أهل العلم في تعيين الصلاة الوسطى على عشرة أقوال مبينا كون جمهور أهل العلم على أنها صلاة العصر، حيث قال: الثاني: أنها العصر، لأن قبلها صلاتي نهار وبعدها صلاتي ليل، إلى أن قال: وممن قال إنها وسطى علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري، وهو الذي اختاره أبو حنيفة وأصحابه، وقاله الشافعي وأكثر أهل الأثر، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب، واختاره ابن العربي في قبسه وابن عطية في تفسيره، قال: وعلى هذا القول الجمهور من الناس، وبه أقول، واحتجوا بالأحاديث الواردة في هذا الباب خرجها مسلم وغيره، وأنصها حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة الوسطى صلاة العصر. خرجه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح. انتهى.
      وعليه، فالآية مشتملة على الأمر بالمحافظة على جميع الصلوات مؤكدة على خصوص الصلاة الوسطى التي هي صلاة العصر عند جمهور أهل العلم.


      معنى (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)؟
      قد فسر أهل العلم الآية الكريمة : [هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ] (البقرة: 187) بالستر، أي هن ستر لكم وأنتم ستر لهن، لأن كلا الزوجين يستر صاحبه ويمنعه من الفجور ويغنيه عن الحرام، والعرب تكني عن الأهل بالستر واللباس والثوب والإزار.
      وقال بعضهم: هن فراش لكم وأنتم لحاف لهن. وقال بعضهم: هن سكن لكم وأنتم سكن لهن، أي يسكن بعضكم إلى بعض، كما في قوله تعالى:[ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا] (الأعراف: 189) وفي قوله: [وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً] (الروم: 21).
      وقال صاحب الظلال عند تفسير قوله تعالى: [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ] (البقرة: 187). والرفث مقدمات المباشرة أو هو المباشرة ذاتها، وكلاهما مقصود هنا ومباح، ولكن القرآن الكريم لا يمر على هذا المعنى دون لمسة حانية رفافة تمنح العلاقة الزوجية شفافية ورفقا ونداوة.. وتنأى بها عن غلظ المعنى الحيواني وعرامته، وتوقظ معنى الستر في تيسير هذه العلاقة.
      والحاصل أن التعبير القرآني: [هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ] يشمل المعاني التي أشار إليها المفسرون وزيادة، فهو يشمل القرب والملاصقة والستر والتجميل والغطاء والمتعة والوقاء من الحر والبرد، ويرتفع بمشاعر الإنسان عن المستوى البهيمي في الوقت الذي يلبي فيه متطلبات جسده، فكلا الزوجين بهذا المعنى لصاحبه.
      والله أعلم.


      تفسير قوله تعالى "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء .."
      الآية الكريمة يوضح معناها معرفة سبب نزولها فقد ذكر غير واحد من المفسرين أن سبب نزولها: أنه كان لعبد الله بن أبي ـ رأس النفاق بالمدينة ـ جوار (إماء) وكان يكرههن على البغاء (الزنا) ليكسب المال بذلك ويستكثر بأولادهن كما كان أهل الجاهلية يفعلون، فكانت الإماء مصدر كسب بالنسبة لهم لما يأتون به من المال والولد, فرفضت إماء عبد الله بن أبي الزنا بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأراد إكراههن فشكينه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فأنزل الله تعالى في شأنهن وفي أمثالهن: [ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ] (النور: 33)
      والبغاء ليس معناه معاشرة الزوج أو السيد الذي أحله الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان
      رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: [وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ] (المؤمنون:6)
      فقرن إتيان السيد لأمته بإتيانه لزوجته الحلال.


      معنى (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ..)
      ذكر أهل التفسير أن الجن كانت تسكن الأرض قبل آدم فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم إبليس قبل أن يعصي الله تعالى ويمتنع من السجود لآدم، فقاتلهم حتى لجؤوا إلى جزائر البحار والجبال... ولهذا عندما قال الله تعالى للملائكة: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً أجابوه بقولهم: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء {البقرة:30} قياساً على ما فعل الجن في الأرض من الفساد...
      وأما معنى الآية الكريمة ملخصاً من أقوال أهل التفسير: فإنها جاءت في تعداد نعم الله تعالى على الناس، واستنكار الكفر به سبحانه وتعالى، وهو الذي أحياهم بعد ما كانوا أمواتاً.... وخلق لهم ما في الأرض جميعاً.. وجعلهم خلفاءه في أرضه، وأعلن ذلك لملائكته في الملأ الأعلى بقوله: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً. فهذا كله يدل على تكريم الإنسان وتشريفه على غيره من المخلوقات. ولهذا بدأ السياق بقول المولى تبارك وتعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
      وقول الملائكة عليهم السلام: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء. ليس باعتراض على المولى تبارك وتعالى، ولا طعناً في بني آدم... وإنما هو تعجب واستكشاف عن ما خفي عليهم من الحكمة... واستخبار عما يرشدهم ويزيح شبهتهم.. لأنهم "عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون"
      وأما سؤالكم هل كانت الملائكة تعلم أن ذرية آدم عليه السلام ستفسد في الأرض؟ فالظاهر أنهم علموا ذلك، وقد قال أهل التفسير: يحتمل أن يكون الله تعالى أعلمهم بطبيعة بني آدم وأنهم سيفسدون في الأرض، ويحتمل أن يكونوا فهموا ذلك من قول الله تعالى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً. فالمقصود من الخليفة الإصلاح ورد الفساد والعدل بين الناس فيما يقع بينهم من مظالم... ويحتمل أن يكون قياسا منهم على فساد الجن في الأرض عندما كانوا فيها قبل بني آدم...
      وقد أخذ أهل العلم من هذه الآية ومن أمثالها في القرآن الكريم وجوب نصب إمام وخليفة للمسلمين، قال القرطبي في تفسيره: هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يُسمع له ويطاع لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة، ولا بين الأئمة.... وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1099.

      والله أعلم.
    • اسلام ويب

    تعليق

    يعمل...
    X