العظمةُ التي جاء بها القرآن الكريم لا تقتصر على الاعتقادِ الصحيح وتوحيد الخالق جلَّ جلالُه فقط، بل عظمتهُ تجاوزت آفاق الحياة التي لا حدَّ لها، بما يترتَّب على التَّوحيد من صياغةِ الشخصيةِ الإنسانية، بتقويمِ سُلوكها وتصحيح معاملاتها. فالقرآن الكريم منهج ودستور حياة يضبطُ اعوجاج الإنسان، بمنحهِ فيضاً تِلوَ الآخر من الطهرِ والحبِ والجمالِ، وذلك بنظرتهِ الشموليَّة، وقواعدهِ الكليَّة التي تصلح لكلِّ زمانٍ ومكان. ومن هنا، سَنُبحر سويًا إن شاء الله بسلسلةٍ متواضعة (آية ومنهج حياة) التي أعْتبِرها قبسٌ صغيرٌ شَعَّ نورها من وهجِ القرآن، وهو بالواقع ليس تفسيرًا ولا محاولة للتفسير؛ إذ لتفسير رجاله من العلماء الأفاضل، لكنها مجرد خواطر أخُطها بما فتح الله بها عليَّ؛ لعلها تُلامس الواقع؛ لنصلَ بها معًا لما هو خيرٌ في الدنيا والآخرة.
❤"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" ❤
تلك المساحةُ الروحيةُ التي تتولد شيئًا فشيئًا من زفَراتِ الحياة الباردة، التي تَغورُ على مفاصلِ الفرد الإنساني؛ فَتَشلَ كل جزء من جسده وتزلزل كيانه؛ فيصبحَ عاجزًا أمامَ ما يريد وما كان ليكون، فيصبحَ يبحث عن ذلك المخرج أو تلك الثقوب داخل قسماتِ أخاديد الحياة، ليعيدَ صياغة لحظة خروج.. حتى لو كانت تلُفّها العشوائية المطلقة، فهنا تطغى فوض العجز؛ فتضيق الأرض وتُصفد الأبواب، وتُسد الطرق، ويتلاشى الأمل، ويتضاءل النور، ويفرد الظلام جناحيه، ويفقد الجمال جماله، فلا لذَّة تبقى ولا راحة تغمرنا، فتتحول البسمة إلى دمعة والسعادة إلى ألم.
نعم، هذه هي الحياة، فلا بدَّ أن تُغلق عليك الدروب يومًا ما، فترى كل الأبواب التي أمامك مُوصده. قد يكون هناك بابٌ واحدٌ مفتوح على مصراعيه، لكن هذا الباب لا يُرضي الله –عز وجل- فتصاب بتلك الزَّفَرات، التي هي ليس إلا اختبار صعبٌ جدًا.. ينبغي أن تنجحَ فيه. وهنا يتجلى قول الله تعالى:: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
يقول د. محمد راتب النابلسي في هذه الآية: "والله لو لم يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكَفَت".
إنَّ الله إذا أراد لك أمراً فتح لك أبوابه، وصير لك جميع خلقه، وأتمه لك من حيث لا تدري. نعم، سيأتيك الفرج والرزق من باب ما ظننتَ يومًا ما أنه سيفتح
فإذا اجتَزتَ هذا الاختبار أخي، بتحقيقكَ فعل الشرط في هذه الآية وهو تقوى الله –عز وجل- ؛ سرعان ما يتحقق جوابه وجزاؤه وتُفتح لك جميع الأبواب على مصرعيها، فتستحقَ الوعد وتنال المكافأة في الدنيا والآخرة.
قال أيضًا الشيخ النابلسي في ذاتِ السياق: "إن زوال الكون أهون على الله من تحقيق هذه الآية. والمخرج ليس مجرد رزق مادي، بل نفسي ومعنوي".
وقِيلَ "أنه لو أُطبقتْ السماء على الأرض لجعل الله للمتقين فتحاتٍ يخرجون منها". أما إذا فشلتَ أخي، باجتياز هذا الاختبار بعدم تحقيقكَ فعل الشرط وهو تقوى الله –عز وجل-؛ سيقودك بلا شَكّ نحو خيبة هائلة أو نتائج واقعية بائسة لا سبيل لنكْرانها في الدنيا والآخرة.
إنْ كنت تعاني من ضائقة أي كانت مالية، اجتماعية، صحية، نفسية أو حتى ذلك الخَليط من أحاسيس العجز والفقر، التي أحيانًا تَتدفق علينا في لحظة واحدة في هذه الحياة .. عليك فقط أن تَتقِ الله؛ فسرعان ما يجل لك مخرجا. فإذا اتقيتَ الله في رزقك، جعلَ لك الله مخرجًا من فقرك. وإذا اتقيت الله في جسدك عافاك الله من سقمك. وإذا اتقيت الله في بصرك وفرجك عافاك الله في عزوبيتك وزوجك. وإذا اتقيت الله في عملك كفاك الله دخلك، وإذا اتقيت الله في الحبِ كفاك الله حب الناس.. وهكذا. هذا هو جزاء المتقين في الدنيا، فكيف بالآخرة؟!
لا تسأل عن الكمِّ ولا الكيف؟
فإنَّ الله إذا أراد لك أمراً فتح لك أبوابه، وصير لك جميع خلقه، وأتمه لك من حيث لا تدري. نعم، سيأتيك الفرج والرزق من باب ما ظننتَ يومًا ما أنه سيفتح. فَشْغل نفسك أخي، بتحقيق تقوى الله ولا تُشْغِل نفسك بالمخرج واجْعَل حياتك عامرة بها، فإنَّ الحياة العامرة بتقوى الله أقلها ضيقًا وجزعًا، وأكثرها فرحًا واستقرارًا وبركة. إنَّ الناظر والمتأمل مواضع التقوى في كتاب الله -عز وجل- وفي سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يدرك تمام الإدراك أنها سببًا لكل خير في الدنيا والآخرة. لذا كانت التقوى كما قيل هي وصية الله للأولين والآخرين ووصية كل رسول لقومه أن اتقوا الله؛ لأن فيها السعادة في الدنيا والآخرة وفيها النجاة والمخرج من الشدائد والأزمات وتفريج الكروب والعزة والنصر في الدنيا والآخرة. قال الشعر لبيد بن أبي ربيعة:
رأيت التقى والحمد خير تجارة رباحاً إذا ما المرء أصبح ثاقلا
وهل هو إلا ما ابتنى في حياته إذا قذفوا فوق الضريح الجنادلا
ومن هنا، فإنَّ هذه الآية تُتَرجم فلسفةٌ كونية ومنهج حياة هام جدًا في متاهاتِ هذا الواقع المظلم، لا سيما ونحن نعيش بممراتٍ متداخلة وأفكارٍ متزاحمة كل لحظة تَضَعُنا أمامَ اختبارٍ صعب؛ لنقرر فيه أي منعطف نَسْلُك، أمنعطف التقوى الله ومخافته، التي فيها النجاة والرزق في الدنيا والآخرة، أم منعطف الشهوات والأهواء التي فيها الهم والحزن.
الكاتب
احمد ياسر طوطح
❤"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" ❤
تلك المساحةُ الروحيةُ التي تتولد شيئًا فشيئًا من زفَراتِ الحياة الباردة، التي تَغورُ على مفاصلِ الفرد الإنساني؛ فَتَشلَ كل جزء من جسده وتزلزل كيانه؛ فيصبحَ عاجزًا أمامَ ما يريد وما كان ليكون، فيصبحَ يبحث عن ذلك المخرج أو تلك الثقوب داخل قسماتِ أخاديد الحياة، ليعيدَ صياغة لحظة خروج.. حتى لو كانت تلُفّها العشوائية المطلقة، فهنا تطغى فوض العجز؛ فتضيق الأرض وتُصفد الأبواب، وتُسد الطرق، ويتلاشى الأمل، ويتضاءل النور، ويفرد الظلام جناحيه، ويفقد الجمال جماله، فلا لذَّة تبقى ولا راحة تغمرنا، فتتحول البسمة إلى دمعة والسعادة إلى ألم.
نعم، هذه هي الحياة، فلا بدَّ أن تُغلق عليك الدروب يومًا ما، فترى كل الأبواب التي أمامك مُوصده. قد يكون هناك بابٌ واحدٌ مفتوح على مصراعيه، لكن هذا الباب لا يُرضي الله –عز وجل- فتصاب بتلك الزَّفَرات، التي هي ليس إلا اختبار صعبٌ جدًا.. ينبغي أن تنجحَ فيه. وهنا يتجلى قول الله تعالى:: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
يقول د. محمد راتب النابلسي في هذه الآية: "والله لو لم يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكَفَت".
إنَّ الله إذا أراد لك أمراً فتح لك أبوابه، وصير لك جميع خلقه، وأتمه لك من حيث لا تدري. نعم، سيأتيك الفرج والرزق من باب ما ظننتَ يومًا ما أنه سيفتح
فإذا اجتَزتَ هذا الاختبار أخي، بتحقيقكَ فعل الشرط في هذه الآية وهو تقوى الله –عز وجل- ؛ سرعان ما يتحقق جوابه وجزاؤه وتُفتح لك جميع الأبواب على مصرعيها، فتستحقَ الوعد وتنال المكافأة في الدنيا والآخرة.
قال أيضًا الشيخ النابلسي في ذاتِ السياق: "إن زوال الكون أهون على الله من تحقيق هذه الآية. والمخرج ليس مجرد رزق مادي، بل نفسي ومعنوي".
وقِيلَ "أنه لو أُطبقتْ السماء على الأرض لجعل الله للمتقين فتحاتٍ يخرجون منها". أما إذا فشلتَ أخي، باجتياز هذا الاختبار بعدم تحقيقكَ فعل الشرط وهو تقوى الله –عز وجل-؛ سيقودك بلا شَكّ نحو خيبة هائلة أو نتائج واقعية بائسة لا سبيل لنكْرانها في الدنيا والآخرة.
إنْ كنت تعاني من ضائقة أي كانت مالية، اجتماعية، صحية، نفسية أو حتى ذلك الخَليط من أحاسيس العجز والفقر، التي أحيانًا تَتدفق علينا في لحظة واحدة في هذه الحياة .. عليك فقط أن تَتقِ الله؛ فسرعان ما يجل لك مخرجا. فإذا اتقيتَ الله في رزقك، جعلَ لك الله مخرجًا من فقرك. وإذا اتقيت الله في جسدك عافاك الله من سقمك. وإذا اتقيت الله في بصرك وفرجك عافاك الله في عزوبيتك وزوجك. وإذا اتقيت الله في عملك كفاك الله دخلك، وإذا اتقيت الله في الحبِ كفاك الله حب الناس.. وهكذا. هذا هو جزاء المتقين في الدنيا، فكيف بالآخرة؟!
لا تسأل عن الكمِّ ولا الكيف؟
فإنَّ الله إذا أراد لك أمراً فتح لك أبوابه، وصير لك جميع خلقه، وأتمه لك من حيث لا تدري. نعم، سيأتيك الفرج والرزق من باب ما ظننتَ يومًا ما أنه سيفتح. فَشْغل نفسك أخي، بتحقيق تقوى الله ولا تُشْغِل نفسك بالمخرج واجْعَل حياتك عامرة بها، فإنَّ الحياة العامرة بتقوى الله أقلها ضيقًا وجزعًا، وأكثرها فرحًا واستقرارًا وبركة. إنَّ الناظر والمتأمل مواضع التقوى في كتاب الله -عز وجل- وفي سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يدرك تمام الإدراك أنها سببًا لكل خير في الدنيا والآخرة. لذا كانت التقوى كما قيل هي وصية الله للأولين والآخرين ووصية كل رسول لقومه أن اتقوا الله؛ لأن فيها السعادة في الدنيا والآخرة وفيها النجاة والمخرج من الشدائد والأزمات وتفريج الكروب والعزة والنصر في الدنيا والآخرة. قال الشعر لبيد بن أبي ربيعة:
رأيت التقى والحمد خير تجارة رباحاً إذا ما المرء أصبح ثاقلا
وهل هو إلا ما ابتنى في حياته إذا قذفوا فوق الضريح الجنادلا
ومن هنا، فإنَّ هذه الآية تُتَرجم فلسفةٌ كونية ومنهج حياة هام جدًا في متاهاتِ هذا الواقع المظلم، لا سيما ونحن نعيش بممراتٍ متداخلة وأفكارٍ متزاحمة كل لحظة تَضَعُنا أمامَ اختبارٍ صعب؛ لنقرر فيه أي منعطف نَسْلُك، أمنعطف التقوى الله ومخافته، التي فيها النجاة والرزق في الدنيا والآخرة، أم منعطف الشهوات والأهواء التي فيها الهم والحزن.
الكاتب
احمد ياسر طوطح