إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سورة البقرة (وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سورة البقرة (وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل)


    ﴿ وَبِٱلْءَاخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤﴾] واليقين أعلى درجات العلم؛ وهو الذي لا يمكن أن يدخله شك بوجه. ابن عطية: 1/86.



    ﴿ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣﴾] وجه ترتب الإنفاق على الإيمان بالغيب أن المدد غيب؛ لأن الإنسان لما كان لا يطلع على جميع رزقه كان رزقه غيبا، فاذا أيقن بالخلف جاد بالعطية، فمتى أمد بالأرزاق تمت خلافته، وعظم فيها سلطانه، وانفتح له باب إمداد برزق أعلى وأكمل من الأول. البقاعي: 1/30.





    ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣﴾] وأتى بـ (من) الدالة على التبعيض؛ لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءاً يسيراً من أموالهم، غير ضار لهم، ولا مثقل، بل ينتفعون هم بإنفاقه، وينتفع به إخوانهم،وفي قوله: (رزقناهم) إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم، ليست حاصلة بقوتكم وملككم، وإنما هي رزق الله الذي خولكم، وأنعم به عليكم؛ فكما أنعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم. السعدي: 41.





    ﴿ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣﴾] لم يقل: يفعلون الصلاة، أو يأتون بالصلاة؛ لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة؛ فإقامة الصلاة: إقامتها ظاهراًً بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها، وإقامتها باطناًً بإقامة روحها؛ وهو حضور القلب فيها، وتدبر ما يقوله ويفعله منها. السعدي: 41.





    ﴿ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣﴾] الإيمان بالغيب حظ القلب، وإقام الصلاة حظ البدن، (ومما رزقناهم ينفقون)حظ المال، وهذا ظاهر. القرطبي: 1/7465.





    ﴿ ذَٰلِكَ ٱلْكِتَٰبُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢﴾] لم يقل: هدى للمصلحة الفلانية، ولا للشيء الفلاني؛ لإرادة العموم، وأنه هدى لجميع مصالح الدارين؛ فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية، ومُبَيِّن للحق من الباطل، والصحيح من الضعيف، ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم في دنياهم وأُخراهم. السعدي: 40.





    ﴿ الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ ٱلْكِتَٰبُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١﴾] إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها... ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء. ابن كثير: 1/36-37.





    ﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُا۟ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمْ وَمَا كَانُوا۟ مُهْتَدِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦﴾] أي: رغبوا في الضلالة رغبة المشتري بالسلعة التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة، وهذا من أحسن الأمثلة؛ فإنه جعل الضلالة التي هي غاية الشر كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن. السعدي: 43.






    ﴿ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۢ بِمَا كَانُوا۟ يَكْذِبُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠﴾] (في قلوبهم مرض)؛ أي: بسكونهم إلى الدنيا وحبهم لها، وغفلتهم عن الآخرة وإعراضهم عنها. وقوله: (فزادهم الله مرضا)؛ أي: وكلهم إلى أنفسهم، وجمع عليهم هموم الدنيا؛ فلم يتفرغوا من ذلك إلى اهتمام بالدين. (ولهم عذاب أليم) بما يفنى عما يبقى. وقال الجنيد: علل القلوب من اتباع الهوى، كما أن علل الجوارح من مرض البدن. القرطبي: 1/300.





    ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨﴾] نبه الله سبحانه على صفات المنافقين لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون؛ فيقع لذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم وهم كفار في نفس الأمر، وهذا من المحذورات الكبار. ابن كثير: 1/46.





    ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨﴾] لما تقدم وصف المؤمنين في صدر السورة بأربع آيات، ثم عَرَّفَ حال الكافرين بهاتين الآيتين، شرع تعالى في بيان حال المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، ولما كان أمرهم يشتبه على كثير من الناس؛ أطنب في ذكرهم بصفات متعددة. ابن كثير: 1/45.





    ﴿ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰٓ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَٰوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧﴾] وفي تقديم السمع على البصر في مواقعه من القرآن دليل على أنه أفضل فائدة لصاحبه من البصر؛ فإن التقديم مؤذن بأهمية المقدم؛ وذلك لأن السمع آلة لتلقي المعارف التي بها كمال العقل، وهو وسيلة بلوغ دعوة الأنبياء إلى أفهام الأمم على وجه أكمل من بلوغها بواسطة البصر لو فقد السمع. ابن عاشور: 1/258.





    ﴿ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰٓ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَٰوَةٌ ۖ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧﴾] ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الإيمان، فقال: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) أي: طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمان، ولا ينفذ فيها، فلا يعون ما ينفعهم، ولا يسمعون ما يفيدهم، (وعلى أبصارهم غشاوة)؛ أي: غشاء وغطاء وأكِنَّة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم. وهذه طرق العلم والخير قد سدت عليهم؛ فلا مطمع فيهم، ولا خير يرجى عندهم، وإنما منعوا ذلك وسدت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم. السعدي: 42.





    ﴿ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧﴾] الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قبل الله تعالى والطبع؛ فلا يكون للإيمان إليها مسلك، ولا للكفر عنها مخلص، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكره في قوله تعالى: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم). ابن كثير: 1/45.





    ﴿ وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٤﴾] وبدأ سبحانه بالناس؛ لأنهم الذين يدركون الآلام، أو لكونهم أكثر إيقادا من الجماد؛ لما فيهم من الجلود واللحوم والشحوم، ولأن في ذلك مزيد التخويف. الألوسي: 1/199.





    ﴿ وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا۟ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِۦ وَٱدْعُوا۟ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴿٢٣﴾ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا۟ وَلَن تَفْعَلُوا۟ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٣﴾] أي: ولن تفعلوا ذلك أبداً، وهذه أيضاً معجزة أخرى، وهو أنه أخبر خبراً جازماً قاطعاً مقدماً غير خائف ولا مشفق أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبد الآبدين، ودهر الداهرين، وكذلك وقع الأمر لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا، ولا يمكن، وأنَّى يتأتى ذلك لأحد. ابن كثير: 1/58.





    ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا۟ لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٢﴾] هذه الآية من المحكم الذي اتفقت عليه الشرائع واجتمعت عليه الكتب، وهو عمود الخشوع، وعليه مدار الذل والخضوع. البقاعي: 1/59.





    ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢١﴾] (اعبدوا ربكم): يدخل فيه الإيمان به سبحانه، وتوحيده، وطاعته؛ فالأمر بالإيمان به لمن كان جاحدا، والأمر بالتوحيد لمن كان مشركا، والأمر بالطاعة لمن كان مؤمنا. ابن جزي: 1/56.





    ﴿ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٠﴾] إنما وصف الله تعالى نفسَه بالقدرة على كل شيء في هذا الموضع؛ لأنه حذر المنافقين بأسه وسطوته، وأخبرهم أنه بهم محيط، وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قدير. ابن كثير: 1/55.





    ﴿ صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٨﴾] قال تعالى [عنهم]: (صم) أي: عن سماع الخير، (بكم) [أي]: عن النطق به، (عمي): عن رؤية الحق، (فهم لا يرجعون): لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه، فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال؛ فإنه لا يعقل، وهو أقرب رجوعا منهم. السعدي: 44.





    ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِى ظُلُمَٰتٍ لَّا يُبْصِرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٧﴾] فإن قيل: ما وجه تشبيه المنافقين بصاحب النار التي أضاءت ثم أظلمت؟ فالجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أن منفعتهم في الدنيا بدعوى الإيمان شبيه بالنور، وعذابهم في الآخرة شبيه بالظلمة بعده، والثاني: أن استخفاء كفرهم كالنور، وفضيحتهم كالظلمة، والثالث: أنّ ذلك فيمن آمن منهم ثم كفر، فإيمانه نور، وكفره بعده ظلمة، ويرجح هذا قوله: (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا). ابن جزي: 1/54.








    ﴿ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرًا وَيَهْدِى بِهِۦ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٦﴾] أي: ببركة اعتقادهم الخير، وتسليمهم له الأمر، يهديهم ربهم بإيمانهم؛ فيفهمهم المراد منه، ويشرح صدورهم لما فيه من المعارف؛ فيزيدهم به إيماناً وطمأنينة وإيقانا. والمهديون كثير في الواقع، قليل بالنسبة إلى الضالين. البقاعي: 1/77.





    ﴿ ۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرًا وَيَهْدِى بِهِۦ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٦﴾] ذم لمن يضل به؛ فإنه فاسق، ليس أنه كان فاسقا قبل ذلك؛ ولهذا تأولها سعد بن أبي وقاص في الخوارج، وسماهم «فاسقين» لأنهم ضلوا بالقرآن؛ فمن ضل بالقرآن فهو فاسق. ابن تيمية: 1/178.





    ﴿ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٥﴾] هذا هو تمام السعادة؛ فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع، فلا آخر له ولا انقضاء، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام. ابن كثير: 1/61.






    ﴿ وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٥﴾] فلم يقل: «مطهرة من العيب الفلاني» ليشمل جميع أنواع التطهير؛ فهن مطهرات الأخلاق، مطهرات الخَلْق، مطهرات اللسان، مطهرات الأبصار. السعدي: 46.





    ﴿ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٥﴾] أكمل محاسن الجنات جريان المياه في خلالها؛ وذلك شيء اجتمع البشر كلهم على أنه من أنفس المناظر. ابن عاشور: 1/354.





    ﴿ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٥﴾] قال معاذ رضي الله عنه: العمل الصالح: الذي فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص. البغوي: 1/27.





    ﴿ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٥﴾] وفيه استحباب بشارة المؤمنين وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها ومثيراتها؛ فإنها بذلك تخف وتسهل. السعدي: 47.





    ﴿ فَتَلَقَّىٰٓ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣٧﴾] سبقت رحمته غضبه؛ فيرحم عبده في عين غضبه، كما جعل هبوط آدم سبب ارتفاعه، وبعده سبب قربه، فسبحانه من تواب ما أكرمه، ومن رحيم ما أعظمه. الألوسي: 1/238.





    ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣٥﴾] النهي عن القرب يقتضي النهي عن الأكل بطريق الأولى، وإنما نهى عن القرب؛ سدّا للذريعة، فهذا أصل في سدّ الذرائع. ابن جزي: 1/62.





    ﴿ قَالُوا۟ سُبْحَٰنَكَ لَا عِلْمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣٢﴾] الواجب على من سُئل عن علم أن يقول إن لم يعلم: الله أعلم، ولا أدري؛ اقتداء بالملائكة، والأنبياء، والفضلاء من العلماء، لكن أخبر الصادق أن بموت العلماء يُقبض العلم، فيبقى ناس جهال يُستفتَون؛ فيُفتون برأيهم؛ فيضلون، ويُضلون. القرطبي: 1/425.





    ﴿ ۖ قَالُوٓا۟ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣٠﴾] (أتجعل فيها من يفسد فيها) بالمعاصي، (ويسفك الدماء): وهذا تخصيص بعد تعميم؛ لبيان شدة مفسدة القتل. السعدي: 48.





    ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣٠﴾] وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، ولا على وجه الحسد لبني آدم... وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك. ابن كثير: 1/67.





    ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣٠﴾] فهذان السببان اللذان ذكرتهما الملائكة هما اللذان كتب الله على بني إسرائيل القتل بهما. ابن تيمية: 1/192.





    ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى ٱلْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٣٠﴾] هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يُسمع له ويُطاع؛ لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة. القرطبي: 1/395.






    ﴿ وَٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤٥﴾] وإنما لم تثقل عليهم؛ لأنهم عارفون بما يحصل لهم فيها، متوقعون ما ادخر من ثوابها؛ فتهون عليهم، ولذلك قيل: من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية. الألوسي: 1/249.





    ﴿ وَٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤٥﴾] أخبر الله- جل ثناؤه- أن الصلاة كبيرة إلا على من هذه صفته. الطبري: 1/22.





    ﴿ أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤٤﴾] وليس المراد: ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له، بل على تركهم له؛ فإن الأمر بالمعروف معروف، وهو واجب على العالم، ولكن الواجب والأولى بالعالم أن يفعله مع أمرهم به ولا يتخلف عنهم... فكُلٌّ من الأمر بالمعروف وفعله واجب، لا يسقط أحدهما بترك الآخر. ابن كثير: 1/82.





    ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا۟ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُوا۟ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤٢﴾] اُستُدِل بالآية على أن العالم بالحق يجب عليه إظهاره، ويحرم عليه كتمانه بالشروط المعروفة لدى العلماء. الألوسي: 1/247.



    ﴿ ۖ وَلَا تَشْتَرُوا۟ بِـَٔايَٰتِى ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّٰىَ فَٱتَّقُونِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤١﴾] وهذه الآية وإن كانت خاصة ببني إسرائيل فهي تتناول من فعل فعلهم؛ فمن أخذ رشوة على تغيير حق أو إبطاله، أو امتنع من تعليم ما وجب عليه، أو أداء ما علمه –وقد تعيَّن عليه- حتى يأخذ عليه أجراً ؛ فقد دخل في مقتضى الآية. القرطبي: 2/11.



    ﴿ وَءَامِنُوا۟ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوٓا۟ أَوَّلَ كَافِرٍۭ بِهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤١﴾] تصديق القرآن للتوراة وغيرها، وتصديق محمد ﷺ للأنبياء والمتقدمين له ثلاث معان: أحدها: أنهم أخبروا به؛ ثم ظهر كما قالوا؛ فتبين صدقهم في الإخبار به، والآخر: أنه ﷺ أخبر أنهم أنبياء، وأنزل عليهم الكتب، فهو مصدق لهم؛ أي: شاهد بصدقهم، والثالث: أنه وافقهم فيما في كتبهم من التوحيد وذكر الدار الآخرة وغير ذلك من عقائد الشرائع؛ فهو مصدق لهم لاتفاقهم في الإيمان بذلك. ابن جزي: 1/64.





    ﴿ يَٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٤٠﴾] مُهَيِّجاً لهم بذكر أبيهم إسرائيل، وهو نبي الله يعقوب عليه السلام، وتقديره: يا بني العبد الصالح المطيع لله: كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق، كما تقول: يا ابن الكريم: افعل كذا، يا ابن الشجاع: بارز الأبطال، يا ابن العالم: اطلب العلم، ونحو ذلك. ابن كثير: 1/79.





    ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥٧﴾] والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل للدلالة على تماديهم في الظلم واستمرارهم عليه. الألوسي: 1/264.





    ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا۟ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٰكُمْ ۖ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥٧﴾] فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويُقِيتُهم. (كلوا من طيبات ما رزقناكم) أي: رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين. فلم يشكروا هذه النعمة، واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب. السعدي: 49.





    ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥٧﴾] لما ذكر تعالى ما دفعه عنهم من النقم شرع يُذَكِّرُهم أيضاً بما أسبغ عليهم من النعم فقال: (وظللنا عليكم الغمام). ابن كثير: 1/90.





    ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥٤﴾] جعلتم أنفسكم متذللة لمن لا يملك لها شيئاًً ولمن هي أشرف منه، فهذا هو أسوأ الظلم؛ فإن المرء لا يصلح أن يتذلل ويتعبد لمثله، فكيف لمن دونه من حيوان! فكيف بما يشبه بالحيوان من جماد الذهب الذي هو من المعادن. البقاعي: 1/134.





    ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوٓا۟ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥٤﴾] الفعل الذي فعلوه فظلموا به أنفسهم هو ما أخبر الله عنهم من ارتدادهم باتخاذهم العجل ربا بعد فراق موسى إياهم. الطبري: 2/72.





    ﴿ وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰٓ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِنۢ بَعْدِهِۦ وَأَنتُمْ ظَٰلِمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥١﴾] وخصَّ الليل بالذكر؛ إشارة إلى أن ألذ المناجاة فيه. البقاعي: 1/133.








    ﴿ وَأَغْرَقْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥٠﴾] أغرقناهم وأنتم تنظرون؛ ليكون ذلك أشفى لصدوركم، وأبلغ في إهانة عدوكم. ابن كثير: 1/87.





    ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا۟ يَكْفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّۦنَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ يَعْتَدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦١﴾] والمعنى: أن الذي حملهم على الكفر بآيات الله تعالى وقتلهم الأنبياء إنما هو تقدم عصيانهم، واعتدائهم، ومجاوزتهم الحدود، والذنب يجر الذنب. الألوسي: 1/277.





    ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا۟ يَكْفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّۦنَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ يَعْتَدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦١﴾] إدمان المعاصي يفضي إلى التغلغل فيها، والتنقل من أصغرها إلى أكبرها. ابن عاشور: 1/530.





    ﴿ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّۦنَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ يَعْتَدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦١﴾] (ذلك بما عصوا) بأن ارتكبوا معاصي الله، (وكانوا يعتدون) على عباد الله؛ فإن المعاصي يجر بعضها بعضا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك، فنسأل الله العافية من كل بلاء. السعدي: 53.





    ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦١﴾] ومعنى لزوم الذلة والمسكنة لليهود أنهم فقدوا البأس والشجاعة، وبدا عليهم سيما الفقر والحاجة مع وفرة ما أنعم الله عليهم؛ فإنهم لما سئموها صارت لديهم كالعدم، ولذلك صار الحرص لهم سجية باقية في أعقابهم. ابن عاشور: 1/528.





    ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦١﴾] ولما كان الذي جرى منهم فيه أكبر دليل على قلة صبرهم، واحتقارهم لأوامر الله ونعمه؛ جازاهم من جنس عملهم، فقال: (وضربت عليهم الذلة) التي تشاهد على ظاهر أبدانهم، (والمسكنة) بقلوبهم. السعدي: 53.





    ﴿ ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِى هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِى هُوَ خَيْرٌ ۚ ٱهْبِطُوا۟ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦١﴾] فيه تهديد لهذه الأمة بما غلب على أهل الدنيا منهم من مثل أحوالهم باستبدال الأدنى في المعنى من الحرام والمتشابه بالأعلى من الطيب. البقاعي: 1/149.





    ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُوا۟ هَٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُوا۟ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَٱدْخُلُوا۟ ٱلْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا۟ حِطَّةٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٥٨﴾] وحاصل الأمر: أنهم أمِروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول، وأن يعترفوا بذنوبهم، ويستغفروا منها، والشكر على النعمة عندها.... ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يظهر عليه الخضوع جداً عند النصر، كما روي أنه كان يوم الفتح -فتح مكة- داخلاً إليها من الثنية العليا، وإنه لخاضع لربه، حتى إن عثنونه ليمس مورك رحله شكراًً لله على ذلك، ثم لما دخل البلد اغتسل وصلى ثماني ركعات. ابن كثير: 1/94.





    ﴿ قَالُوا۟ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ ۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌۢ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَٱفْعَلُوا۟ مَا تُؤْمَرُونَ ﴿٦٨﴾ قَالُوا۟ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّٰظِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦٨﴾] فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شدّدوا فشدَّد عليهم، حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال: والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهباً، فأخذوها فذبحوها. ابن كثير: 1/103.





    ﴿ قَالُوٓا۟ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦٧﴾] لأنه لا يليق بالعقلاء الأفاضل؛ فإنه أخص من المزح لأن في الهزؤ مزحا مع استخفاف واحتقار للممزوح معه، على أن المزح لا يليق في المجامع العامة والخطابة، على أنه لا يليق بمقام الرسول؛ ولذا تبرأ منه موسى. ابن عاشور: 1/548.



    ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا۟ بَقَرَةً ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦٧﴾] قال الماوردي: وإنما أُمروا -والله أعلم- بذبح بقرة دون غيرها؛ لأنها من جنس ما عبدوه من العجل؛ ليهون عندهم ما كان يرونه من تعظيمه، وليعلم بإجابتهم ما كان في نفوسهم من عبادته. القرطبي: 2/177





    ﴿ فَجَعَلْنَٰهَا نَكَٰلًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦٦﴾] ولكنها لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين، وأما من عداهم فلا ينتفعون بالآيات. السعدي: 54.





    ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَوْا۟ مِنكُمْ فِى ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَٰسِـِٔينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦٥﴾] وإنما جعل الاعتداء فيه مع أن الحفر في يوم الجمعة لأن أثره الذي ترتب عليه العصيان -وهو دخول الحيتان للحياض- يقع في يوم السبت. ابن عاشور: 1/544.





    ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦٣﴾] المراد بالقوة الجد والاجتهاد وعدم التكاسل والتغافل. الألوسي: 1/281.





    ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلصَّٰبِـِٔينَ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَعَمِلَ صَٰلِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٦٢﴾] وهذه طريقة القرآن: إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام، فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم؛ لأنه تنْزيل مَن يعلم الأشياء قبل وجودها، ومَنْ رحمتُه وسعت كل شيء، وذلك -والله أعلم- أنه لما ذكر بني إسرائيل وذمَّهم، وذكر معاصيهم وقبائحهم، ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم، فأراد الباري تعالى أن يبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه. ولما كان أيضاً ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم؛ ذكر تعالى حكماً عاماً يشمل الطوائف كلها؛ ليتضح الحق، ويزول التوهم والإشكال. السعدي: 54.





    ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا۟ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧٥﴾] (مِن بعد ما عقلوه)؛ أي: عرفوه وعلموه. وهذا توبيخ لهم؛ أي: إن هؤلاء اليهود قد سلفت لآبائهم أفاعيل سوء وعناد، فهؤلاء على ذلك السنن، فكيف تطمعون في إيمانهم؟! ودل هذا الكلام أيضا على أن العالِم بالحق المعاند فيه بعيد من الرشد؛ لأنه علم الوعد والوعيد ولم ينهه ذلك عن عناده. القرطبي: 2/213.





    ﴿ وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلْأَنْهَٰرُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧٤﴾] إن من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم؛ لخروج الماء منها، وترديها، قال مجاهد: ما تردى حجر من رأس جبل، ولا تفجر نهر من حجر، ولا خرج منه ماء إلا من خشية الله؛ نزل بذلك القرآن. القرطبي: 2/208.





    ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧٣﴾] وقوة القلب المحمودة غير قسوته المذمومة، فإنه ينبغي أن يكون قويا من غير عنف، ولينا من غير ضعف. ابن تيمية: 1/243.



    ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧٣﴾] ثم وصف قسوتها بأنها كالحجارة، التي هي أشد قسوة من الحديد؛ لأن الحديد والرصاص إذا أُذِيب في النار ذاب، بخلاف الأحجار. السعدي: 55.





    ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا۟ يَفْعَلُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧١﴾] لعصيانهم وكثرة سؤالهم، أو لغلاء البقرة -فقد جاء أنها كانت ليتيم، وأنهم اشتروها بوزنها ذهبا- أو لقلة وجود تلك الصفة؛ فقد روي أنهم لو ذبحوا أدنى بقرة أجزأت عنهم، ولكنهم شدّدوا فشدّد عليهم. ابن جزي: 1/70.





    ﴿ قَالُوا۟ ٱلْـَٰٔنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧١﴾] وهذا من جهلهم، وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة، فلو أنهم اعترضوا أيَّ بقرة لحصل المقصود، لكنهم شددوا بكثرة الأسئلة؛ فشدد الله عليهم. السعدي: 55.



    ﴿ وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧٠﴾] لولا أن القوم استثنوا فقالوا: (وإنا إن شاء الله لمهتدون)؛ لما هدوا إليها أبداًً. ابن كثير: 1/104.





    ﴿ وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٣﴾] هو اللين في القول، والمعاشرة بحسن الخلق. البغوي: 1/72.





    ﴿ وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٣﴾] وجعل الإحسان لسائر الناس بالقول؛ لأنه القدر الذي يمكن معاملة جميع الناس به، وذلك أن أصل القول أن يكون عن اعتقاد، فهم إذا قالوا للناس حسنا فقد أضمروا لهم خيراً. ابن عاشور: 1/583.







    



    ﴿ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٣﴾] وناسب أن يأمرهم بأن يقولوا للناس حسناً بعد ما أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل؛ فجمع بين طرفي الإحسان الفعلي والقولي. ابن كثير: 1/115.




    ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٣﴾] وأمرناهم بالوالدين إحساناً. وقرن الله عز وجل في هذه الآية حق الوالدين بالتوحيد لأن النشأة الأولى من عند الله، والنشء الثاني -وهو التربية- من جهة الوالدين، ولهذا قرن تعالى الشكر لهما بشكره. القرطبي: 2/229.




    ﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُوا۟ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٠﴾] وإنما فعلوا ذلك مع علمهم (ليشتروا به ثمناً قليلا)، والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل، فجعلوا باطلهم شَرَكا يصطادون به ما في أيدي الناس، فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم، ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق، بل بأبطل الباطل، وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما. السعدي: 56.




    ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧٨﴾] هذه صفة من لا يفقه كلام الله، ويعمل به، وإنما يقتصر على مجرد تلاوته، كما قال الحسن البصري: نزل القرآن ليعمل به؛ فاتخذوا تلاوته عملا. ابن تيمية: 1/247.




    ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٧٨﴾] (إلا أماني): تلاوة بغير فهم. ابن جزي: 1/72.




    ﴿ وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٨﴾] أضرب الله سبحانه عنه بقوله: (بل)؛ أي: ليس الأمر كما قالوا من أن هناك غلفا حقيقة، بل (لعنهم الله)؛ أي: طردهم الملك الأعظم عن قبول ذلك؛ لأنهم ليسوا بأهل للسعادة بعد أن خلقهم على الفطرة الأولى القويمة لا غلف على قلوبهم؛ لأن اللعن إبعاد في المعنى والمكانة. البقاعي: 1/182.




    ﴿ وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٨﴾] قلوبنا مغشاة بأغشية خلقية، مانعة عن نفوذ ما جئت به؛ فيها إقناط النبي ﷺ عن الإجابة، وقطع طمعه عنهم بالكلية؛ فأقصاهم الله تعالى عن رحمته. الألوسي: 1/318.




    ﴿ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌۢ بِمَا لَا تَهْوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٧﴾] وسُمي الهوى هوى؛ لأنه يهوي بصاحبه إلى النار، ولذلك لا يُستعمل في الغالب إلا فيما ليس بحق، وفيما لا خير فيه. القرطبي: 2/245.




    ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَٰبَ وَقَفَّيْنَا مِنۢ بَعْدِهِۦ بِٱلرُّسُلِ ۖ وَءَاتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدْنَٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٦﴾] التأييد بروح القدس لمن ينصر الرسل عام في كل من نصرهم على من خالفهم من المشركين وأهل الكتاب. ابن تيمية: 1/268.




    ﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُا۟ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلْءَاخِرَةِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٦﴾] أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب والإيمان ببعضه، فقال: (أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة). السعدي: 58.




    ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٥﴾] وفيها أكبر دليل على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي، وأن المأمورات من الإيمان. السعدي: 58.




    ﴿ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَٰرَىٰ تُفَٰدُوهُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٥﴾] وردت الآثار عن النبي ﷺ أنه فك الأُسارى، وأمر بفكهم، وجرى بذلك عمل المسلمين، وانعقد به الإجماع، ويجب فك الأسارى من بيت المال، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين. القرطبي: 2/242.





    ﴿ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُوا۟ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٣﴾] أي: سماع قبول، وطاعة، واستجابة. السعدي: 59.




    ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُوا۟ ۖ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٣﴾] (ورفعنا فوقكم الطور): الجبل العظيم؛ الذي جعلناه زاجرا لكم عن الرضا بالإقامة في حضيض الجهل، ورافعا إلى أوج العلم... ومن سمع فلم يقبل كان كمن لم يسمع. قال: (واسمعوا): وإلا دفناكم به؛ وذلك حيث يكفي غيركم في التأديب رفع الدرة والسوط عليه فينبعث للتعلم. البقاعي: 1/198.




    ﴿ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩١﴾] في إضافة (أنبياء) إلى الاسم الكريم تشريف عظيم، وإيذان بأنه كان ينبغي لمن جاء من عند الله تعالى أن يعظم وينصر، لا أن يقتل. الألوسي: 1/324.




    ﴿ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩١﴾] فلِمَ تؤمنون بما أنزل عليكم، وتكفرون بنظيره؟ هل هذا إلا تعصب واتباع للهوى؟ السعدي: 59.




    ﴿ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٠﴾] فلعنهم الله، وغضب عليهم غضباًً بعد غضب؛ لكثرة كفرهم، وتوالي شكهم وشركهم. السعدي: 59.




    ﴿ بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْا۟ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا۟ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ ۚ وَلِلْكَٰفِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٠﴾] لما كان كفرهم سببه البغي والحسد، ومنشأ ذلك التكبر؛ قوبلوا بالإهانة والصغار في الدنيا والآخرة. ابن كثير: 1/120.




    ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِۦ ۚ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٨٩﴾] كفرهم كان لمجرد العناد الذي هو نتيجة الحسد لا للجهل، وهو أبلغ في الذم؛ لأن الجاهل قد يعذر. الألوسي: 1/322.





    ﴿ وَلَمَّا جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠١﴾] قال سفيان بن عيينة: أدرجوها في الحرير والديباج، وحلوها بالذهب والفضة، ولم يعملوا بها؛ فذلك نبذهم لها. البغوي: 1/82




    ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٩﴾] من عادى ولياً لله فقد عادى الله، ومن عادى الله فإن الله عدوٌ له، ومن كان الله عدوه فقد خسر الدنيا والآخرة. ابن كثير: 1/127.




    ﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٧﴾] وخص القلب بالذكر؛ لأنه موضع العقل والعلم وتلقي المعارف. القرطبي: 2/262.



    ﴿ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِۦ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَٱللَّهُ بَصِيرٌۢ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٦﴾] (وما هو بمزحزحه): مباعده. (من العذاب): من النار. (أن يعمر)؛ أي: طول عمره لا ينقذه. البغوي: 1/79.




    ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَوٰةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوا۟ ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِۦ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَٱللَّهُ بَصِيرٌۢ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٥﴾] ذمهم بتهالكهم على بقائهم في الدنيا على أي حالة كانت؛ علماً منهم بأنها -ولو كانت أسوأ الأحوال- خير لهم مما بعد الموت. البقاعي: 1/202.




    ﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلْءَاخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُا۟ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٤﴾] لأن ذلك علم على صلاح حال العبد مع ربه، وعمارة ما بينه وبينه ورجائه للقائه؛... فعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف منال النفس مع المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى لقاءه وتحبه، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. البقاعي: 1/200.
    ﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلْءَاخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُا۟ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٩٤﴾] لأن من اعتقد أنه من أهل الجنة كان الموت أحب إليه من الحياة في الدنيا؛ لما يصير إليه من نعيم الجنة، ويزول عنه من أذى الدنيا. القرطبي: 2/257.











    ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَقُولُوا۟ رَٰعِنَا وَقُولُوا۟ ٱنظُرْنَا وَٱسْمَعُوا۟ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٤﴾] كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: (راعنا)؛ أي: راع أحوالنا؛ فيقصدون بها معنىً صحيحاًً. وكان اليهود يريدون بها معنى فاسداًً، فانتهزوا الفرصة، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك، ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة سداًً لهذا الباب؛ ففيه: النهي عن الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم. السعدي: 61.




    ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ ۖ لَّوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٣﴾] (لمثوبة من عند الله): لم يقل: «لمثوبة الله» - مع أنه أخصر - ليشعر التنكير بالتقليل؛ فيفيد أن شيئا قليلا من ثواب الله تعالى في الآخرة الدائمة خير من ثواب كثير في الدنيا الفانية، فكيف وثواب الله تعالى كثير دائم؟! الألوسي: 1/347.




    ﴿ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشْتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنْ خَلَٰقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا۟ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٢﴾] السحر لا ينفع في الآخرة، ولا يُقرّب إلى الله، وأنّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاق؛ فإنّ مبناه على الشرك، والكذب، والظلم، مقصود صاحبه الظلم، والفواحش. ابن تيمية: 2/287.




    ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٢﴾] يتعلمون منهما السحر الذي يضرهم في دينهم، ولا ينفعهم في معادهم. الطبري: 2/450.




    ﴿ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٢﴾] وفي هذه الآية وما أشبهها: أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير فإنها تابعة للقضاء والقدر، ليست مستقلة في التأثير. السعدي: 61.




    ﴿ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُوا۟ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٢﴾] كما أن الملائكة لا تعاون إلا أخيار الناس المشبهين بهم في المواظبة على العبادة، والتقرب إلى الله تعالى بالقول والفعل؛ كذلك الشياطين لا تعاون إلا الأشرار المشبهين بهم في الخباثة والنجاسة قولا، وفعلا، واعتقادا؛ وبهذا يتميز الساحر عن النبي والولي. الألوسي: 1/338.




    ﴿ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُوا۟ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٢﴾] ويستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان بارتكاب القبائح؛ قولا؛ كالرقى التي فيها ألفاظ الشرك، ومدح الشيطان، وتسخيره، وعملا؛ كعبادة الكواكب، والتزام الجناية، وسائر الفسوق. الألوسي: 1/338.




    ﴿ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُۥٓ أَجْرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٢﴾] وإنما يدخل الجنة من أسلم وجهه لله؛ أي:أخلص دينه لله، وقيل: أخلص عبادته لله، وقيل: خضع وتواضع لله. وأصل الإسلام: الاستسلام والخضوع، وخص الوجه؛ لأنه إذا جاد بوجهه في السجود لم يبخل بسائر جوارحه. البغوي: 1/93.




    ﴿ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُۥٓ أَجْرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٢﴾] (من أسلم وجهه لله)؛ أي: أخلص لله أعماله، متوجهاً إليه بقلبه (وهو محسن) في عبادة ربه؛ بأن عبده بشرعه، فأولئك هم أهل الجنة وحدهم... ويفهم منها أن من ليس كذلك فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول. السعدي: 64.



    ﴿ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُۥٓ أَجْرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٢﴾] (بلى من أسلم وجهه لله)؛ يقول: من أخلص لله... (وهو محسن)؛ أي: اتبع فيه الرسول ﷺ؛ فإن للعمل المتقبل شرطين: أحدهما: أن يكون خالصاً لله وحده، والآخر: أن يكون صواباًً موافقاًً للشريعة، فمتى كان خالصاًً ولم يكن صواباًً لم يُتَقَبَّلْ. ابن كثير: 1/147.




    ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعْدِ إِيمَٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٩﴾] (ود كثير من أهل الكتاب)؛ أي: تمنوا. ونزلت الآية في حيي بن أخطب وأخيه أبي ياسر، وأشباههما من اليهود؛ الذين كانوا يحرصون على فتنة المسلمين، ويطمعون أن يردّوهم عن الإسلام حَسَداً. ابن جزي: 1/78.




    ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْـَٔلُوا۟ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٨﴾] والمراد بذلك أسئلة التعنت والاعتراض... وأما سؤال الاسترشاد والتعلم فهذا محمود قد أمر الله به. السعدي: 62.





    ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٧﴾] فمن علم أنه تعالى وليه ونصيره -لا ولي ولا نصير له سواه- يعلم قطعا أنه لا يفعل به إلا ما هو خير له؛ فيفوض أمره إليه تعالى. الألوسي: 1/354.




    ﴿ مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٠٦﴾] معرفة هذا الباب أكيدة، وفائدته عظيمة، لا يستغني عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام، ومعرفة الحلال من الحرام. القرطبي: 2/300.




    ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْـَٔلُ عَنْ أَصْحَٰبِ ٱلْجَحِيمِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٩﴾] المراد: إنا أرسلناك لأن تبشر من أطاع وتنذر من عصى، لا لتجبر على الإيمان، فما عليك إن أصروا أو كابروا. الألوسي:1/370.




    ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ ءَايَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَٰبَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٨﴾] (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ): الضمير للذين لا يعلمون وللذين من قبلهم، وتشابه قلوبهم في الكفر، أو في طلب ما لا يصح أن يطلب. ابن جزي:1/ 81.




    ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ ءَايَةٌ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٨﴾] يطلبون آيات التعنت، لا آيات الاسترشاد، ولم يكن قصدهم تبيُّن الحق؛ فإن الرسل قد جاؤوا من الآيات بما يؤمن بمثله البشر. السعدي: 64.




    ﴿ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَآ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٤﴾] (وسعى)؛ أي: اجتهد وبذل وسعه. (في خرابها): الحسي والمعنوي؛ فالخراب الحسي: هدمها وتخريبها، وتقذيرها، والخراب المعنوي: منع الذاكرين لاسم الله فيها. وهذا عام لكل من اتصف بهذه الصفة. السعدي: 63.




    ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُۥ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَآ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٤﴾] من أعلام قيام الساعة: تضييع المساجد؛ لذلك كل أمة وكل طائفة وكل شخص معين تطرق بجُرم في مسجد يكون فعله سبباً لخلائه فإن الله عز وجل يعاقبه بروعة ومخافة تناله في الدنيا. البقاعي: 1/225.




    ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُۥ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَآ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٤﴾] وإذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه؛ فلا أعظم إيمانا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية؛ كما قال تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) [التوبة: 18]. السعدي: 63.




    ﴿ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ لَيْسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَىْءٍ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَىْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١١٣﴾] فهم- كما قال الإمام أحمد -: «مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب»؛ قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه؛ فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء. ابن تيمية: 1/311.


    يتبع





  • #2
    بارك الله فيكم
    رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

    تعليق


    • #3

      ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيم رَبِّ ٱجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنًا وَٱرْزُقْ أَهْلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٦﴾] تعميم دعاء الرزق، وأن لا يحجر في طلب اللطف؛ وكأن إبراهيم- عليه السلام- قاس الرزق على الإمامة؛ فنبهه سبحانه على أن الرزق رحمة دنيوية لا تخص المؤمن بخلاف الإمامة. الألوسي: 1/382.


      ﴿ أَن طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْعَٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٥﴾] (والركع السجود): لأنهما أقرب أحواله إليه تعالى، وهما الركنان الأعظمان، وكثيرا ما يكنى عن الصلاة بهما. الألوسي: 1/381.




      ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٥﴾] (مثابة)؛ أي: مرجعاًً يرجعون إليه بكلياتهم؛ كلما تفرقوا عنه اشتاقوا إليه، هم أو غيرهم، آية على رجوعهم من الدنيا إلى ربهم. البقاعي: 1/239.



      ﴿ وَإِذِ ٱبْتَلَىٰٓ إِبْرَٰهِۦمَ رَبُّهُۥ بِكَلِمَٰتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِى ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٤﴾] استدل جماعة من العلماء بهذه الآية على أن الإمام يكون من أهل العدل والإحسان والفضل مع القوة على القيام بذلك....فأما أهل الفسوق والجور والظلم فليسوا له بأهل؛ لقوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين). القرطبي: 2/370.



      ﴿ ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يَتْلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُو۟لَٰٓئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢١﴾] وتلاوة الكتاب هي اتباعه؛ كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) قال: يحللون حلاله، ويحرمون حرامه، ويؤمنون بمتشابهه ويعملون بمحكمه. ابن تيمية: 1/339.



      ﴿ وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٠﴾] ليس غرضهم يا محمد بما يقترحون من الآيات أن يؤمنوا، بل لو أتيتهم بكل ما يسألون لم يرضوا عنك، وإنما يرضيهم ترك ما أنت عليه من الإسلام واتباعهم. القرطبي: 2/345.






      ﴿ وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٠﴾] فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق. ابن كثير: 1/155.




      ﴿ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣١﴾] فقوموا به، واتصفوا بشرائعه، وانصبغوا بأخلاقه، حتى تستمروا على ذلك، فلا يأتيكم الموت إلا وأنتم عليه؛ لأن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه. السعدي: 67.



      ﴿ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٩﴾] (الحكمة) هي: السنة؛ لأن الله أمر أزواج نبيه أن يذكرن ما يتلى في بيوتهن من الكتاب والحكمة، و(الكتاب): القرآن، وما سوى ذلك مما كان الرسول يتلوه هو السنة. ابن تيمية: 1/345.


      ﴿ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٩﴾] والحكمة: المعرفة بالدين، والفقه في التأويل، والفهم الذي هو سجية ونور من الله تعالى. القرطبي: 2/403.



      ﴿ رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٨﴾] التوبة تختلف باختلاف التائبين: فتوبة سائر المسلمين: الندم، والعزم على عدم العود، ورد المظالم إذا أمكن، ونية الرد إذا لم يمكن، وتوبة الخواص: الرجوع عن المكروهات من خواطر السوء، والفتور في الأعمال، والإتيان بالعبادة على غير وجه الكمال، وتوبة خواص الخواص لرفع الدرجات والترقي في المقامات. الألوسي: 1/386.


      ﴿ رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٨﴾] ولما كان العبد –مهما كان- لا بد أن يعتريه التقصير ويحتاج إلى التوبة، قالا: (وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم). السعدي: 66.


      ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِۦمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٧﴾] وآثر صيغة المضارع مع أن القصة ماضية استحضارا لهذا الأمر؛ ليقتدي الناس به في إتيان الطاعات الشاقة مع الابتهال في قبولها، وليعلموا عظمة البيت المبني فيعظموه. الألوسي: 1/383.


      ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِۦمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٢٧﴾] (تقبل منا)؛ أي: عاملنا بفضلك، ولا ترده علينا؛ إشعاراً بالاعتراف بالتقصير؛ لحقارة العبد -وإن اجتهد- في جنب عظمة مولاه. البقاعي: 1/242.


      ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْـَٔلُونَ عَمَّا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤١﴾] كررها؛ لأنها تضمنت معنى التهديد والتخويف؛ أي: إذا كان أولئك الأنبياء على إمامتهم وفضلهم يُجازون بكسبهم فأنتم أحرى. القرطبي: 2/425.


      ﴿ وَنَحْنُ لَهُۥ مُخْلِصُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٩﴾] قال سعيد بن جبير: الإخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله لله؛ فلا يشرك به في دينه، ولا يرائي بعمله. قال الفضيل: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما. البغوي: 1/113.


      ﴿ صِبْغَةَ ٱللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٨﴾] أي: الزموا صبغة الله، وهو دينه، وقوموا به قياماًً تاماًً بجميع أعماله الظاهرة والباطنة، وجميع عقائده في جميع الأوقات، حتى يكون لكم صبغةً وصفةً من صفاتكم، فإذا كان صفة من صفاتكم أوجب ذلك لكم الانقياد لأوامره، طوعاًً واختياراًً ومحبة، وصار الدين طبيعة لكم بمنْزلة الصبغ التام للثوب الذي صار له صفة، فحصلت لكم السعادة الدنيوية والأخروية. السعدي: 68.


      ﴿ فَإِنْ ءَامَنُوا۟ بِمِثْلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهْتَدَوا۟ ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا۟ فَإِنَّمَا هُمْ فِى شِقَاقٍ ۖ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ ۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٧﴾] (فسيكفيكهم): وعد ظهر مصداقه؛ فقتل بني قريظة، وأجلى بني النضير، وغير ذلك. ابن جزي: 1/85.


      ﴿ وَمَآ أُوتِىَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٦﴾] دلالة على أن عطية الدين هي العطية الحقيقية المتصلة بالسعادة الدنيوية والأخروية؛ لم يأمرنا أن نؤمن بما أوتي الأنبياء من الملك والمال ونحو ذلك، بل أمرنا أن نؤمن بما أعطوا من الكتب والشرائع. السعدي: 68.


      ﴿ قُولُوٓا۟ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِىَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٦﴾] وقدم الإيمان بالله لأنه لا يختلف باختلاف الشرائع الحق، ثم عطف عليه الإيمان بما أنزل من الشرائع. ابن عاشور: 1/739.


      ﴿ قُولُوٓا۟ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٣٦﴾] أي: بألسنتكم متواطئة عليها قلوبكم، وهذا هو القول التام المترتب عليه الثواب والجزاء؛ فكما أن النطق باللسان بدون اعتقاد القلب نفاق وكفر، فالقول الخالي من العمل-عمل القلب- عديم التأثير، قليل الفائدة. السعدي: 67.


      ﴿ ۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم مِّنۢ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٥﴾] ثم حذر تعالى عن مخالفة الحق الذي يعلمه العالم إلى الهوى؛ فإن العالم الحجة عليه أقوم من غيره. ابن كثير:1/184.


      ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا۟ قِبْلَتَكَ ۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٥﴾] بيان لتصلبهم في الهوى وعنادهم بأن هذه المخالفة والعناد لا يختص بك؛ بل حالهم فيما بينهم أيضا كذلك؛ فإنكارهم ذلك ناشيء عن فرط العناد. الألوسي: 2/12.


      ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا۟ قِبْلَتَكَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٥﴾] لو أقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به لما اتبعوه وتركوا أهواءهم؛ كما قال تعالى: (إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم) [يونس: 96]، ولهذا قال هاهنا: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك). ابن كثير: 1/184.


      ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٣﴾] والوسط ههنا الخيار والأجود... ولما جعل الله هذه الأمة وسطاً خَصَّها بأكمل الشرائع، وأقوم المناهج، وأوضح المذاهب. ابن كثير:1/181.


      ﴿ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِى كَانُوا۟ عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٢﴾] وقد كان في قوله: (السفهاء) ما يغني عن رد قولهم، وعدم المبالاة به، ولكنه تعالى مع هذا لم يترك هذه الشبهة حتى أزالها وكشفها مما سيعرض لبعض القلوب من الاعتراض، فقال تعالى: (قل) لهم مجيبًا: (لله المشرق والمغرب). السعدي: 70.


      ﴿ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِى كَانُوا۟ عَلَيْهَا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٢﴾] وتقديم الإخبار بالقول على الوقوع لتوطين النفس به؛ فإن مفاجأة المكروه أشد إيلاما، والعلم به قبل الوقوع أبعد من الاضطراب، ولما أن فيها إعداد الجواب؛ والجواب المعد قبل الحاجة إليه أقطع للخصم. الألوسي: 2/2.


      ﴿ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِى كَانُوا۟ عَلَيْهَا ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٢﴾] العاقل لا يبالي باعتراض السفيه، ولا يلقي له ذهنه، ودلت الآية على أنه لا يعترض على أحكام الله إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل فيتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم؛ كما قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) [الأحزاب:36]، (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) [النساء:65]. السعدي: 70.



      ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٣﴾] هذه معية خاصة، تقتضي محبته ومعونته، ونصره وقربه، وهذه منقبة عظيمة للصابرين؛ فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعية من الله لكفى بها فضلا وشرفا. السعدي: 75.






      ﴿ ٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٣﴾] إذا كانت صلاة العبد صلاة كاملة، مجتمعا فيها ما يلزم فيها وما يسن، وحصل فيها حضور القلب،... لا جرم أن هذه الصلاة من أكبر المعونة على جميع الأمور؛ فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في الصلاة يوجب للعبد في قلبه وَصفاً وَدَاعِيَاً يدعوه إلى امتثال أوامر ربه، واجتناب نواهيه. هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء. السعدي: 75.


      ﴿ وَٱشْكُرُوا۟ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ ﴿١٥٢﴾ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٢﴾] لما فرغ تعالى من بيان الأمر بالشكر؛ شرع في بيان الصبر والإرشاد والاستعانة بالصبر والصلاة؛ فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها، أو في نقمة فيصبر عليها. ابن كثير: 1/187.


      ﴿ فَٱذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٢﴾] لكل ذكر خاصيته وثمرته... وأما الأسماء التي معناها الاطلاع والإدراك -كالعليم، والسميع، والبصير، والقريب، وشبه ذلك- فثمرتها المراقبة، وأما الصلاة على النبي ﷺ فثمرتها شدّة المحبة فيه، والمحافظة على اتباع سنته، وأما الاستغفار فثمرته الاستقامة على التقوى، والمحافظة على شروط التوبة مع [انكسار] القلب بسبب الذنوب المتقدّمة. ابن جزي: 1/88.


      ﴿ فَٱذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُوا۟ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٢﴾] لكل ذكر خاصيته وثمرته، وأما التهليل فثمرته التوحيد؛ أعني التوحيد الخاص؛ فإنّ التوحيد العام حاصل لكل مؤمن، وأما التكبير فثمرته التعظيم والإجلال لذي الجلال، وأما الحمد والأسماء التي معناها الإحسان والرحمة -كالرحمن، الرحيم، والكريم، والغفار، وشبه ذلك- فثمرتها ثلاث مقامات؛ وهي: الشكر، وقوة الرجاء، والمحبة؛ فإنّ المحسن محبوب لا محالة. ابن جزي: 1/88.


      ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُۥ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٩﴾] ومن التفت بقلبه في صلاته إلى غير ربه لم تنفعه وجهة بدنه إلى الكعبة؛ لأن ذلك حكم حق، حقيقته توجه القلب، ومن التفت بقلبه إلى شيء من الخلق في صلاته فهو مثل الذي استدبر بوجهه عن شطر قبلته. البقاعي: 1/272.


      ﴿ فَٱسْتَبِقُوا۟ ٱلْخَيْرَٰتِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٤٨﴾] من سبق في الدنيا إلى الخيرات فهو السابق في الآخرة إلى الجنات؛ فالسابقون أعلى الخلق درجة،... ويستدل بهذه الآية الشريفة على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل؛ كالصلاة في أول وقتها، والمبادرة إلى إبراء الذمة من الصيام، والحج، والعمرة، وإخراج الزكاة، والإتيان بسنن العبادات وآدابها؛ فلله ما أجمعها وأنفعها من آية!!. السعدي: 73.


      ﴿ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوٓا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٦﴾] جعل هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين لما جمعت من المعاني المباركة؛ وذلك توحيد الله، والإقرار له بالعبودية، والبعث من القبور، واليقين بأن رجوع الأمر كله إليه كما هو له، وقال سعيد بن جبير: لم يعط هذه الكلمات نبي قبل نبينا، ولو عرفها يعقوب لما قال: (يا أسفا على يوسف). ابن عطية: 1/228.


      ﴿ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوٓا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٦﴾] (إنا لله) اللام للملك، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء. (راجعون): تذكروا الآخرة لتهون عليهم مصائب الدنيا، وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله ﷺ قال: (من أصابته مصيبة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها أخلف الله له خيرا مما أصابه). قالت أمّ سلمة: فلما مات زوجي أبو سلمة قلت ذلك فأبدلني الله به رسول الله ﷺ. ابن جزي: 1/89.


      ﴿ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوٓا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٦﴾] أي: مملوكون لله، مدبرون تحت أمره وتصريفه؛ فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم، فلا اعتراض عليه. السعدي: 76.

      ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٥﴾] السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة؛ لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر. هذه فائدة المحن، لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان، ولا ردهم عن دينهم، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين، فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده (بشيء من الخوف) من الأعداء (والجوع) أي: بشيء يسير منهما؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله، أو الجوع، لهلكوا، والمحن تمحص لا تهلك. السعدي: 76.


      ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٥﴾] قيل: إنما ابتلوا بهذا ليكون آية لمن بعدهم؛ فيعلموا أنهم إنما صبروا على هذا حين وضح لهم الحق، وقيل: أعلمهم بهذا ليكونوا على يقين منه أنه يصيبهم، فيوطنوا أنفسهم عليه، فيكون أبعد لهم من الجزع، وفيه تعجيل ثواب الله تعالى على العزم، وتوطين النفس. القرطبي: 2/462.


      ﴿ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتٌۢ ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٤﴾] ومن المعلوم أن المحبوب لا يتركه العاقل إلا لمحبوب أعلى منه وأعظم؛ فأخبر تعالى أن من قتل في سبيله -بأن قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه الظاهر، لا لغير ذلك من الأغراض- فإنه لم تفته الحياة المحبوبة، بل حصل له حياة أعظم، وأكمل مما تظنون وتحسبون. السعدي: 75.


      ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴿١٥٣﴾ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتٌۢ ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٥٤﴾] إشارة إلى أن كون الله معهم لا يمنع أن يستشهد منهم شهداء، بل ذلك من ثمرات كون الله معهم؛ حيث يظفر من استشهد منهم بسعادة الأخرى، ومن بقي بسعادة الدارين. البقاعي: 1/279.


      ﴿ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَٰلَهُمْ حَسَرَٰتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٧﴾] قال السدي: ترفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله تعالى، ثم تقسم بين المؤمنين؛ فذلك حين يندمون. وأضيفت هذه الأعمال إليهم من حيث هم مأمورون بها... والحسرة أعلى درجات الندامة على شيء فائت. القرطبي: 3/11.


      ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوا۟ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا۟ مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَٰلَهُمْ حَسَرَٰتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٧﴾] أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها انقلبت عليهم حسرة وندامة...وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم؛ بأن يتركوا الشرك بالله، ويقبلوا على إخلاص العمل لله. السعدي: 80.


      ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُوا۟ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوا۟ وَرَأَوُا۟ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلْأَسْبَابُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٦﴾] ظنوا أن لها من الأمر شيئا، وأنها تقربهم إليه، وتوصلهم إليه؛ فخاب ظنهم، وبطل سعيهم، وحق عليهم شدة العذاب، ولم تدفع عنهم أندادهم شيئا، ولم تغن عنهم مثقال ذرة من النفع، بل يحصل لهم الضرر منها من حيث ظنوا نفعها، وتبرأ المتبوعون من التابعين، وتقطعت بينهم الوصل التي كانت في الدنيا؛ لأنها كانت لغير الله، وعلى غير أمر الله. السعدي: 80.


      ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٥﴾] واعلم أنّ محبة الله إذا تمكنت من القلب ظهرت آثارها على الجوارح من الجدّ في طاعته، والنشاط لخدمته، والحرص على مرضاته، والتلذذ بمناجاته، والرضا بقضائه، والشوق إلى لقائه، والأنس بذكره، والاستيحاش من غيره، والفرار من الناس، والانفراد في الخلوات، وخروج الدنيا من القلب، ومحبة كل من يحبه الله، وإيثاره على كل من سواه. ابن جزي: 1/92.

      ﴿ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿١٦٤﴾] قيل: تصريفها أنها تارة تكون لينا، وتارة تكون عاصفا، وتارة تكون حارة، وتارة تكون باردة، قال ابن عباس: أعظم جنود الله الريح والماء. البغوي: 1/132.


      يتبع

      تعليق

      يعمل...
      X