لأن خَلْق الله آيات، وكلامه آيات، وفِعله آيات؛ وَجَبَ علينا أن نتدبّر تلك الآيات، لنفهم ونعقل، ثم نعمل وفق ما فهمناه وعقلناه..
لم يبقَ أحدٌ من صغير أو كبير، في هذه الشدائد المتلاحقة، إلا سأل هذا السؤال:
لماذا؟
لماذا يقع كل هذا العذاب؟
ما الحكمة من تواتر الابتلاءات؟
ما المطلوب أن نفهمه مما عجزنا عن استيعابه؟
لن أبحث بعيداً، ولن أستعين بتحليلات خبراء السياسة والاقتصاد والأمن، بل سأمدّ يدي قريباً مني، وأمسك كتاب ربي، الذي يقول فيه: (ما فرّطنا في الكتاب من شيء)، لأفتّش عن أجوبة تلك الأسئلة..
ما علّة حدوث تلك الهزات العنيفة؟! ولِمَ تظهر كل تلك "السيئات" في ساحتنا؟!
بحثتُ عن كلمة "فساد"، وعن كلمة "عذاب"، و"هلاك"، و"بلاء"، و"آية"، و"آيات"..
فتعالوا معي، لنرصدَ نتائج البحث، لعلنا نصل إلى الكلمة المفتاحية..
في سورة الأعراف الآية 168، يقول الله تعالى: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات، لعلهم يرجعون)، وفي سورة الروم الآية 41، يقول تعالى: (ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس، لنُذيقهم بعض الذي عملوا، لعلهم يرجعون)، وفي سورة الزخرف الآية 48، يقول عزّ من قائل: (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها، وأخذناهم بالعذاب، لعلهم يرجعون)، وفي سورة الأحقاف الآية 27، يقول ربّنا: (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى، وصرّفنا الآيات، لعلهم يرجعون)..
يبدو جليّاً لكل ذي بصرٍ وبصيرة، ونتيجة هذا البحث، أنّ العبرة من كل ما يحدث، قد اختُصِر في جملة مكررة، لا تحتمل التأويل، ولا تحتاج إلى تفسير، الجملة مفادها: (لعلهم يرجعون)..
وهنا يأتي السؤال المهم: نرجع إلى أين؟
نرجع إلى (ما كان) بصيغته الأصلية: إلى الفطرة التي فَطرَ اللهُ الناسَ عليها، وإلى الصبغة التي أحْسَنَها اللهُ فينا.. أن نرجع عن الشهادة التي زوّرناها، والإقرار الذي عارضناه، إلى العهد الذي نقضناه، إلى الاعتراف الذي نسيناه..
فهل تذكرون (ما كان)، حتى نرجع إليه؟!
وهنا أيضاً لن أستعين بكلام أحد من البشر، لأن في كلام رب البشر ما يُغني، فإنّ (ما كان) منصوص عليه بوضوح في قوله تعالى: (وإذْ أخذَ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريَّتهم، وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربّكم؟، قالوا: بلى، شهدنا، أن تقولوا إنّا كنا عن هذا غافلين!)
إذن، (لعلهم يرجعون) إلى الله، إلى من شهدوا له بأنّه ربهم؛ عودة كاملة شاملة، لا مُجزّأة أو مقطّعة!
فمن رجع قلبه، ولم ترجع يداه، فما هو براجع!
ومن رجع عقله، ولم يرجع لسانه، فما هو براجع!
ومن رجع سمعه وبصره، ولم ترجع رجلاه فما هو براجع!
ومن رجع أمله، ولم يرجع عمله، فما هو براجع!
ومن رجع ضميره، ولم يُرجع حقوق الناس، فما هو براجع!
فإذا رجعنا، فإننا حتماً سنهدم الفساد، وسنحارب الظلم، وسنقف في وجه الطغاة، وسنقطع دابرالمعتدين، وسنردّ الحقوق، وسنقيم دولة العدالة والكرامة، في صدورنا، وعلى أرضنا..
ولكل من يريد أن يحقق الحكمة مما يحدث، فما عليه إلا أن يأخذ خطوات إلى "الوراء السليم"، على اعتبار أنّ كلّ الأحداث التي تمرّ بنا، إنما هي مفترقات طرق، تدفعنا دفعاً نحو الوراء السليم، الذي سنسلم معه جميعاً، بدل الواقع السقيم، الذي نعاني منه جميعاً أيضاً..
اختبارات متنوعة (حسنات وسيئات)، الهدف منها أن تعيدنا دوماً إلى الله، وأن ترجعنا إلى "سكة السلامة" من خلال "العذاب الأدنى"، قبل أن نصل إلى محطة اللاعودة، هناك حيث "العذاب الأكبر"، الذي لا مفرّ منه لمن لا يصحح مساره في الدنيا، ولمن لا يفهم الرسالة من مقادير الله..
وعلى الرغم من قساوة تصاريف الدهر، إلا أنها صور من الرحمة الربانية، واللطف الإلهي، لكل من تدبر ووعى: (ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر، لعلهم يرجعون) السجدة- 21.
رابطة العلماء المسلمين
هنادي الشيخ نجيب
لم يبقَ أحدٌ من صغير أو كبير، في هذه الشدائد المتلاحقة، إلا سأل هذا السؤال:
لماذا؟
لماذا يقع كل هذا العذاب؟
ما الحكمة من تواتر الابتلاءات؟
ما المطلوب أن نفهمه مما عجزنا عن استيعابه؟
لن أبحث بعيداً، ولن أستعين بتحليلات خبراء السياسة والاقتصاد والأمن، بل سأمدّ يدي قريباً مني، وأمسك كتاب ربي، الذي يقول فيه: (ما فرّطنا في الكتاب من شيء)، لأفتّش عن أجوبة تلك الأسئلة..
ما علّة حدوث تلك الهزات العنيفة؟! ولِمَ تظهر كل تلك "السيئات" في ساحتنا؟!
بحثتُ عن كلمة "فساد"، وعن كلمة "عذاب"، و"هلاك"، و"بلاء"، و"آية"، و"آيات"..
فتعالوا معي، لنرصدَ نتائج البحث، لعلنا نصل إلى الكلمة المفتاحية..
في سورة الأعراف الآية 168، يقول الله تعالى: (وبلوناهم بالحسنات والسيئات، لعلهم يرجعون)، وفي سورة الروم الآية 41، يقول تعالى: (ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس، لنُذيقهم بعض الذي عملوا، لعلهم يرجعون)، وفي سورة الزخرف الآية 48، يقول عزّ من قائل: (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها، وأخذناهم بالعذاب، لعلهم يرجعون)، وفي سورة الأحقاف الآية 27، يقول ربّنا: (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى، وصرّفنا الآيات، لعلهم يرجعون)..
يبدو جليّاً لكل ذي بصرٍ وبصيرة، ونتيجة هذا البحث، أنّ العبرة من كل ما يحدث، قد اختُصِر في جملة مكررة، لا تحتمل التأويل، ولا تحتاج إلى تفسير، الجملة مفادها: (لعلهم يرجعون)..
وهنا يأتي السؤال المهم: نرجع إلى أين؟
نرجع إلى (ما كان) بصيغته الأصلية: إلى الفطرة التي فَطرَ اللهُ الناسَ عليها، وإلى الصبغة التي أحْسَنَها اللهُ فينا.. أن نرجع عن الشهادة التي زوّرناها، والإقرار الذي عارضناه، إلى العهد الذي نقضناه، إلى الاعتراف الذي نسيناه..
فهل تذكرون (ما كان)، حتى نرجع إليه؟!
وهنا أيضاً لن أستعين بكلام أحد من البشر، لأن في كلام رب البشر ما يُغني، فإنّ (ما كان) منصوص عليه بوضوح في قوله تعالى: (وإذْ أخذَ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريَّتهم، وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربّكم؟، قالوا: بلى، شهدنا، أن تقولوا إنّا كنا عن هذا غافلين!)
إذن، (لعلهم يرجعون) إلى الله، إلى من شهدوا له بأنّه ربهم؛ عودة كاملة شاملة، لا مُجزّأة أو مقطّعة!
فمن رجع قلبه، ولم ترجع يداه، فما هو براجع!
ومن رجع عقله، ولم يرجع لسانه، فما هو براجع!
ومن رجع سمعه وبصره، ولم ترجع رجلاه فما هو براجع!
ومن رجع أمله، ولم يرجع عمله، فما هو براجع!
ومن رجع ضميره، ولم يُرجع حقوق الناس، فما هو براجع!
فإذا رجعنا، فإننا حتماً سنهدم الفساد، وسنحارب الظلم، وسنقف في وجه الطغاة، وسنقطع دابرالمعتدين، وسنردّ الحقوق، وسنقيم دولة العدالة والكرامة، في صدورنا، وعلى أرضنا..
ولكل من يريد أن يحقق الحكمة مما يحدث، فما عليه إلا أن يأخذ خطوات إلى "الوراء السليم"، على اعتبار أنّ كلّ الأحداث التي تمرّ بنا، إنما هي مفترقات طرق، تدفعنا دفعاً نحو الوراء السليم، الذي سنسلم معه جميعاً، بدل الواقع السقيم، الذي نعاني منه جميعاً أيضاً..
اختبارات متنوعة (حسنات وسيئات)، الهدف منها أن تعيدنا دوماً إلى الله، وأن ترجعنا إلى "سكة السلامة" من خلال "العذاب الأدنى"، قبل أن نصل إلى محطة اللاعودة، هناك حيث "العذاب الأكبر"، الذي لا مفرّ منه لمن لا يصحح مساره في الدنيا، ولمن لا يفهم الرسالة من مقادير الله..
وعلى الرغم من قساوة تصاريف الدهر، إلا أنها صور من الرحمة الربانية، واللطف الإلهي، لكل من تدبر ووعى: (ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر، لعلهم يرجعون) السجدة- 21.
رابطة العلماء المسلمين
هنادي الشيخ نجيب
تعليق