السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحور الأول :
مقدمة الموضوع :
من يقرأ القرآن لا بد أن يلفت انتباهه كثرة الحوارات في القرآن الكريم، المطولة منها والموجزة، فهناك حوار بين الله تعالى وملائكته الكرام، وحوار بين الله تعالى وأنبيائه، وحوار بين الله تعالى وبين إبليس، وحوارات كثيرة بين الأنبياءوأقوامهم،
بل حتى الحوار بين نبي الله سليمان وطائر الهدهد، كل هذه الحوارات اعتنى بها القرآن، وذكرها مفصلة تارة ومجملة تارة أخرى، وكرر ذكر بعضها في سياقات مختلفة.
كذلك اعتنى القرآن بالحوار مع المخالفين للإسلام ولدعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الرافضين لما جاء به، من المشركين وأهل الكتاب، وجادلهم في القضايا التي يخالفون فيها مثل الحوار مع المشركين في قضايا التوحيد، والبعث، وبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل الحوار مع أهل الكتاب في صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وصحة القرآن، ولربما كان الحوار مع واحد من المشركين زعم أنه أتى بدليل يناقض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتي القرآن بالحوار معه والرد علي شبهته، كما في قوله تعالى:
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}
[يس: 78 - 81].
ومع هذه العناية البالغة بالحوار والجدال مع المخالفين، إلا إننا لا نرى أي حوار في القرآن مع المنافقين، فكل ما جاء في القرآن عن المنافقين - على كثرة الآيات التي تحدثت عنهم وعن مواقفهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع الصحابة - لا يخلو إما أن يكون ذكراً لصفاتهم مثل قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ ...}
[البقرة: ٩]،
و {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء : 142]
وإما أن يكون فضحاً لمواقفهم مثل قوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة : 58]
و {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة : 107]
ولعل سبب عدم وجود الحوار مع المنافقين في القرآن - والله أعلم - هو أن المنافقين آمنوا ثم كفروا فهم قوم عرفوا الحق وعقلوه وآمنوا به ثم ارتدوا عنه وكفروا به في الخفاء وإن استمروا على الظهور بمظهر المؤمنين، فجمعوا إلى الكفر بالحق دناءة الخلق ولؤم الطباع إذأصبحوا يعيشون في المجتمع بشخصيتين شخصية تعرف الحق وتظهره والأخرى ترفض الحق وتخفي رفضها، فمشكلتهم مع الدين ليست علمية أو عقلية يحتاجون فيها إلى توضيح وبرهان وإنما مشكلتهم في أصلها بسبب الهوى ومرض القلب؛ {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [المائدة : 52]
لهذا لم يتوجه الخطاب القرآني لهم بالحجة والإقناع وإنما توجه إلى كشفهم أمام أنفسهم وتعريتهم وفضح مواقفهم أمام المجتمع.
وهذا محورنا الثاني :
المنافقون .. كيف تعامل القرآن معهم؟
يتبع ...
المحور الأول :
مقدمة الموضوع :
من يقرأ القرآن لا بد أن يلفت انتباهه كثرة الحوارات في القرآن الكريم، المطولة منها والموجزة، فهناك حوار بين الله تعالى وملائكته الكرام، وحوار بين الله تعالى وأنبيائه، وحوار بين الله تعالى وبين إبليس، وحوارات كثيرة بين الأنبياءوأقوامهم،
بل حتى الحوار بين نبي الله سليمان وطائر الهدهد، كل هذه الحوارات اعتنى بها القرآن، وذكرها مفصلة تارة ومجملة تارة أخرى، وكرر ذكر بعضها في سياقات مختلفة.
كذلك اعتنى القرآن بالحوار مع المخالفين للإسلام ولدعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الرافضين لما جاء به، من المشركين وأهل الكتاب، وجادلهم في القضايا التي يخالفون فيها مثل الحوار مع المشركين في قضايا التوحيد، والبعث، وبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل الحوار مع أهل الكتاب في صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وصحة القرآن، ولربما كان الحوار مع واحد من المشركين زعم أنه أتى بدليل يناقض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتي القرآن بالحوار معه والرد علي شبهته، كما في قوله تعالى:
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}
[يس: 78 - 81].
ومع هذه العناية البالغة بالحوار والجدال مع المخالفين، إلا إننا لا نرى أي حوار في القرآن مع المنافقين، فكل ما جاء في القرآن عن المنافقين - على كثرة الآيات التي تحدثت عنهم وعن مواقفهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع الصحابة - لا يخلو إما أن يكون ذكراً لصفاتهم مثل قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ ...}
[البقرة: ٩]،
و {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء : 142]
وإما أن يكون فضحاً لمواقفهم مثل قوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة : 58]
و {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة : 107]
ولعل سبب عدم وجود الحوار مع المنافقين في القرآن - والله أعلم - هو أن المنافقين آمنوا ثم كفروا فهم قوم عرفوا الحق وعقلوه وآمنوا به ثم ارتدوا عنه وكفروا به في الخفاء وإن استمروا على الظهور بمظهر المؤمنين، فجمعوا إلى الكفر بالحق دناءة الخلق ولؤم الطباع إذأصبحوا يعيشون في المجتمع بشخصيتين شخصية تعرف الحق وتظهره والأخرى ترفض الحق وتخفي رفضها، فمشكلتهم مع الدين ليست علمية أو عقلية يحتاجون فيها إلى توضيح وبرهان وإنما مشكلتهم في أصلها بسبب الهوى ومرض القلب؛ {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [المائدة : 52]
لهذا لم يتوجه الخطاب القرآني لهم بالحجة والإقناع وإنما توجه إلى كشفهم أمام أنفسهم وتعريتهم وفضح مواقفهم أمام المجتمع.
وهذا محورنا الثاني :
المنافقون .. كيف تعامل القرآن معهم؟
يتبع ...
تعليق