التجارة التي لا تبور هي أن تتاجر مع الله والله تعالى أرادنا أن نربح معه:
قال تعالى:
﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)﴾
حتى اللقمة في فم زوجتك تكون لك بها صدقه جاء في صحيح البخاري (3936) وصحيح مسلم (4409): (وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ)
المؤمن يضع اللقمة في فم زوجته تكون له يوم القيامة كجبل أُحُد، أي أن الله عزَّ وجل أرادنا أن نربح معه .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(10)تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(11) ﴾( سورة الصف )
التجارة التي لا تبور هي أن تتاجر مع الله . مثل بسيط: مَلِك قال لمعلِّم: أعطِ ابني دروساً وأنا أحاسبك . فهذا المعلِّم ضيِّق الأفق، بعد أن أعطى الابن درساً قال له: أعطني أجرته . أعطاه الابن خمسمئة ليرة، والسعر مئتان فأعطاه خمسمئة، لكن الأب كان سيعطي هذا المعلِّم بيتاً ومركبةً وكل شيء أراده . فهو طمع بعطاء العباد، أما المؤمن الصادق يطمع بما عند الله .
سأل النبي الكريم أحد الصحابة فقال له ( " يا ربيعة سلني فأعطيك " فقلت: أنظرني حتى أنظر، وتذكرت أن الدنيا فانية منقطعة فقلت: يا رسول الله أسألك أن تدعو الله أن ينجيني من النار ويدخلني الجنة . فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "من أمرك بهذا؟" قال: قلت: ما أمرني به أحد ولكني علمت أن الدنيا منقطعة فانية وأنت من الله بالمكان الذي أنت منه فأحببت أن تدعو الله. قال: "إني فاعل فأعني بكثرة السجود ))[رواه الطبراني عن ربيعة بن كعب]
مهما بدا لك الخير قليلاً فله عند الله أجرٌ كبير: أنت حينما تخدم عباد الله لوجه الله لك عند الله أجرٌ لا يعلمه إلا الله، أما حينما لا تتحرَّك حركة إلا بالأجرة ليس لك عند الله من شيء .
﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ (110) ﴾
﴿من﴾تفيد استغراق الأجزاء الصغيرة، فهل هناك أقل من أن يجد إنسان قشَّة صغيرة على أرض المسجد فيضعها في جيبه ؟
أقل من أن تجد نملة تسير على المغسلة فانتظرت حتى خرجت، ولم تغرقها بالماء، هذا عمل صالح .
أطعمت هرَّةً، سقيت كلباً، غفر الله لامرأة لأنها رأت كلباً يلهث ويأكل الثرى من العطش، ملأت خفَّها ماءً وسقت الكلب فغفر الله لها .
فالله عزَّ وجل يكافئك على أدق الأشياء، حتى في البيت كل عمل طيب تفعله ترقى به عند الله .
مهما بدا لك الخير قليلاً فله عند الله أجرٌ كبير، وهذا مصداق قوله تعالى:﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه(8) ﴾( سورة الزلزلة )
الله عز وجل بصير بالنوايا التي وراء عملك: قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) ﴾
دقِّق ؛ بصير بحجم عملك، بصير بالنوايا التي وراء عملك، بصير بحجم التضحية التي ضحيت بها من أجل هذا العمل، الوقت ثمين:﴿ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ(20) ﴾( سورة المزمل الآية: 20 )
أحياناً يكون الإنسان في أشد الحاجة الماديَّة إلى المال، يعطي أخاه مبلغاً من مصروفه الشخصي، الله يقدِّر كل ذلك:﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) ﴾
هو العليم بسر هذا العمل، العليم بالنيَّة التي وراء هذا العمل( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ))[ متفق عليه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ]
إنسان أحب امرأة، فاشترطت عليه أن يهاجر حتى يتزوجها، فهاجر من مكة إلى المدينة، فُسُمِّيَ عند الناس مهاجر أم قيس، هو هاجر من أجل أن يتزوَّج هذه المرأة لذلك ورد في الحديث(إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))[ متفق عليه عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ]
راتب النابلسى
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية
تعليق