( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا[النساء:48] )
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ (48
يمكن أن تتجه إلى مدينة، ولك فيها مبلغٌ كبيرٌ جداً، يُمكن أن ترتكب وأنت في الطريق إليها آلاف الأخطأ، لكنَّك تسير نحوها وستأخذ هذا المبلغ، أما الخطأُ الذي لا يُغْتَفَر أن تتجه في طريقٍ معاكس لا تجد فيه شيئاً
مشكلة كثير من المسلمين الأولى أنهم يتعلقون بغير الله وهذا هو الشرك :
معنى أن الله عز وجل لا يغفر أن يشرك به، لأنك في الشرك تتجه إلى غيره، لا إليه، إنك لم تتجه إليه، إنك لم تعلق الأمل عليه، إنك لم تنصع إليه، إنك لم تطلب من القوي الغني القدير، طلبت من الضعيف، الفقير
أنت حينما تسأل الله لا شك أنك مؤمن بوجوده، ولا تسأله إلا إذا أيقنت أنه يسمعك، ولا تسأله إلا إذا أيقنت أنه قادر على أن يلبي طلبك، ولا تسأله إلا إذا علمت أنه يحب أن يلبي طلبك، لا بد من أن تؤمن بوجوده، وأن تؤمن بعلمه، وأن تؤمن بقدرته، وأن تؤمن برحمته، أما إنك حينما تتجه إلى بشر، إلى إنسان ضعيف، هذا الضعيف ربما لا يكون معك دائماً، إن لم يكن معك كيف يسمعك؟ وإن سمعك ربما لا يملك القدرة على حل مشكلة، وإن ملك القدرة ربما لا يحب أن يحل مشكلتك، إذاً الشرك أن تتجه إلى غير الله، الشرك أن تعقد الأمل على غير الله، الشرك أن تتوكل على غير الله، الشرك أن تخلص لغير الله،الشرك أن تكون مجيراً لغير الله، التوحيد، ولا يليق بك إلا أن تكون موحداً، لا يليق بالإنسان أن يكون لغير الله، ولا أن يتذلل إلى غير الله، ولا أن يمرغ جبهته إلا في أعتاب الله، ولا أن يطلب إلا من الله، وألا يستغفر إلا من الله، وألا يطلب العون إلا من الله، مشكلة المسلمين الأولى أنهم يتعلقون بغير الله.
علينا أن نجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله :
من أخذ الأسباب واعتمد عليها فقد أشرك، أي أنت حينما تراجع مركبتك، وتعتقد أن هذه المراجعة ضمان لك من حادث فأنت واهم، ينبغي أن تراجع مركبتك أخذاً بالأسباب، ولا بد من أن تتوكل على رب الأرباب، أن تجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل شيء يحتاج إلى تفوق، الذي أخذ بالأسباب واعتمد عليها، ونسي الله عز وجل، الغرب أخذوا بالأسباب وأشركوا، لأنهم ألهوا الأسباب واعتمدوا عليها
﴿ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ﴾ [ سورة الحشر: 2 ]
كلما اعتمدت على قوتك خيب الله ظنك بقوتك
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾
﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾
أي إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾( سورة طه )
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾( سورة الشعراء )
سيدنا يونس وهو في بطن الحوت ، والأمل بمنظور الناس في النجاة معدوم .
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾( سورة الأنبياء )
إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ، الله عز وجل القوي ، الغني ، الحكيم ، العليم ، يستجيب لك .
الشيخ راتب النابلسى
موسوعة النابلسى للعلوم الإسلامية
تعليق