المسائل المتعلقة بأهل القرآن وحفاظه
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن من نعم الله العظيمة أن جعل في هذه الأمة العلماءَ الذين هم ورثة الأنبياء يُبَلِّغون العلم النافع والعمل الصالح مما جاءت به الشريعة، ومن حق أهل العلم على الخاصة والعامة محبتُهم وإجلالُهم واحترامهم ونشر علمهم، وذلك لما وهبهم الله من المكانة العظيمة والمنزلة العالية ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾[ المجادلة : 11 ].
ثم إن هذه جملة من المسائل الجليلة، والتي أملاها وعلَّقَ عليها فضيلة الشيخ: خالد بن عبدالعزيز الهويسين - حفظه الله - وذلك في ليلة السبت الموافق ١٦/ ٥/ ١٤٣٩هـ، والتي هي بعنوان "المسائل المتعلقة بأهل القرآن وحُفَّاظه" وهي مسائل جليلة في قدرها عظيمة في بابها يَكْسُوها نور الوحيين، وهدي الصحابة والسلف الصالح – رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين - مما صح عنهم، وقد أَخرجت ما دوَّنته مع سماحته، وعرضتها على فضيلته راجياً من الله أن يَعُمَّ بها النفع، فأجازها وأجاز نشرها[1]، واللهَ أسأل أن ينفع بها كاتبها وشارحها وقارئها، وكتب الله أجر سماحته ورفع الله قدره وأعلى شأنه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال فضيلة الشيخ: خالد بن عبدالعزيز الهويسين – حفظه الله - ١٦/ ٥/ ١٤٣٩هـ:
«المسائل المتعلقة بأهل القرآن وحفاظه»
- المراد بأهل القرآن هم: المشتغلون به تلاوةً وحفظاً وتَعَلُّمَاً وتعليماً.
- ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) سنده ضعيف وإن كان يقبل التحسين.
- أفضل علمٍ يُتعلم وأشرف علم على الإطلاق هو تعلم كتاب الله، لأنه كلام الله الذي لا أفضل منه.
- العلماء يقولون: شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم والمتعلم هو كتاب الله، فإذاً لا أشرف منه على الإطلاق.
- القرآن عند أهل السنة والجماعة يُعَرَّف بقولهم: كلام الله مُنَزَّلُ غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود.
- قول أهل السنة والجماعة "واليه يعود" أي: إلى الله، والمعنى أن القرآن يُرفع في آخر الزَّمان فلا يبقى منه شيء في الصدور ولا في السطور وعلى هذا دَلَّت أحاديث صحيحة كحديث ابن مسعود وحديث أنس وغيرهم بأسانيد صحيحة.
- المراد بِحُفَّاظه: هم المشتغلون بحفظه، فكل من حفظ شيئًا منه فهو من حُفَّاظه، وإن لم يتم أحدهم إلا ربعه أو نصفه أو جزءاً منه، لكونه مشتغلاً بالحفظ.
- حافظ القرآن والمشتغل به ينبغي أن يتميز عن غيره بجميع صفاته وأخلاقه وأن يتعاطى كل خلق حميد وكل أدب حسن.
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: (ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبصمته إذا الناس يخوضون وبصومه إذا الناس مفطرون وببكائه إذا الناس يضحكون).
- يتعين على حفاظ القرآن أن يبتعدوا عن كل خلق سيئ لأنهم إذا ذُموا قد يُذم ما يتعلمونه فعليه أن يترفع الحافظ عن كل ما يسوؤه ويدنِّسه.
- حافظ القرآن في بداية حفظه لا يُحَمِّل نفسه ما لا تطيق بل يراعيها ويرفق بها لأن القران ثقيل، ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾[المزمل: 5].
- كان السلف الصالح في تعلمهم وحفظهم للقرآن لا يحفظون آيات كثيرة بل ربما حفظوا في اليوم آيات قليلة، الثلاث والأربع والخمس لأن همهم العمل به.
- يُروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مكث في تعلم سورة البقرة وحفظها نحواً من ثمان سنين، لأن همهم العمل لا حفظ الحروف فقط.
- كان الصحابة رضي الله عنهم، والسلف يقولون: (كان أحدنا لا يتجاوز عشر آيات حتى يعلم ما فيها من العلم والعمل ويعمل بها) قالوا: (فتعلمنا العلم والعمل جميعاً).
- يسأل كثير من الحفاظ عن كيفية مراجعة ما حفظه وكلٌ يعطيه جواباً، والجواب الذي لا ينبغي أن يُحاد عنه ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قام به في الليل والنهار لم ينسه) رواه الإمام مسلم.
- يَدَّعي بعض الُحفاظ أنه مشغول بالحفظ عن تعلم العلم ولو اطلعت على وقته لرأيت أنه لا يأخذ من اليوم والليلة إلا ساعة أو ساعتين، فكان الأولى أن يشتغل في بقية الساعات في الطلب.
- لا تعارض بين حفظ القرآن وطلب العلم، فالمُوفق يعطي كل ذي قدر قدره.
- ليس هناك وقت محدد أو ساعة معينة لا يُراجع الحافظ إلا فيها، بل جميع الأوقات له: في الصلاة ولا سيما النافلة، وقيام الليل، وبين الصلوات، وهو ذاهب إلى عمله أو راجع، أو في أي وقت رآه مناسباً.
- عند مراجعة ما حفظه الحافظ ينبغي له ألا يكون أمامه ما يشغله عن حفظه، فإنه أثبت للحفظ.
- من أسباب قلة الخطأ فيما حفظه أن ينظر في المصحف كثيراً.
- إذا أشكل على الحافظ حفظُه فليرجع إلى المصحف سريعاً ولا يُؤخِّر ذلك فإن التأخير سببٌ للنسيان.
- جاءت أحاديث في خطر وذم من حفظ القرآن أو بعضه ثم نسيه، وهذه الأحاديث أسانيدها ضعيفة.
- جاء عن الإمام أحمد وغيره -رحمهم الله- أنهم قالوا: (ما أشَدَّ ما جاء فيمن حفظ القرآن ونسيه!!) وقال بعضهم (هو بذنبٍ ارتكبه).
- يروى عن بعض السلف في خطر المعصية على حافظ القرآن أنه قال: (رأيتُ يدَ امرأةٍ مرةً فأصبحت وقد نسيت القرآن).
- ينبغي لحافظ القرآن أن يحرص الحرص الشديد على فهم ما يحفظه من أجل العمل به وتثبيت محفوظاته.
- يهتم الحافظ بمراجعة التفاسير الموثوقة لفهم ما يحفظه، ومنها تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم وتفسير البغوي وتفسير ابن كثير.
- ينبغي للحافظ عند قراءته لما يحفظ أن يهتم بالصدق والإخلاص، فقد جاء الوعيد الشديد فيمن يتعلم القرآن ليقال قارئ فإنه يُسحب على وجهه إلى النار، كما صح بذلك الخبر عند الإمام مسلم.
- يحرص الحافظ لكتاب الله أن لا يُبرز نفسه وأن لا يُشْهِرَ نفسه إلا أن يُشْهَر لأن الشهرة عاقبتها سيئة خاصة إذا طلبها.
- قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (ما صدق الله عبد أحب الشهرة) ثم قال: (ولا يلبث إلا أن يفتتن).
- يحرص الحافظ لكتاب الله على أمور كلِّية منها: الإخلاص والصدق والعلم والعمل والتواضع والرحمة والأدب واتباع السنة والعبادة.[2].
ليلة السبت 16/5/1439هـ
[1] تنبيه: تم مراجعة فضيلة الشيخ: خالد بن عبدالعزيز الهويسين - حفظه الله - لهذه المسائل من جهة صحتها وأما من جهة الألفاظ اللغوية والكتابة فلم يشملها التصحيح من فضيلته لكونها مقروءةً عليه لا مُشاهدة.
[2] تم مراجعة المسائل على فضيلة الشيخ: خالد بن عبدالعزيز الهويسين - حفظه الله - بين العشاءين من يوم الأربعاء الموافق 12/ 6/ 1439هـ، ولله الحمد والمنة.
تعليق