إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مراحل دعوة إبراهيم عليه السلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مراحل دعوة إبراهيم عليه السلام





    مراحل دعوة إبراهيم ​​​​​عليه السلام
    محمد بن عبدالعزيز الخضيري

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:

    كان مما اعتنى به الـقـرآن الكريم ذكر قصص دعوات الأنبياء ، وتصويرها بأبلغ أسلوب، وعـرضـهـا بأدق عبارة، حـتـى أصـبـحــت أخبارهم في القرآن نماذج حيّة يحتذيها الدعاة ويقتبسون مـن نـورها ، ويهتدون بهـــداها ((أُوْلَئِكَ الَذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)) .

    مراحل دعوة إبراهيم
    ذكر القرآن الكريم لدعوة إبراهيم عليه السلام ثلاث مراحل ، نوجزها فيما يلي:
    المرحلة الأولى :
    دعوته لأبيه ، وقد صورتها أبـلـغ تـصـويـر آيـــات سـورة مريم حيث يقول الله جل وعلا ((واذْكُرْ فِي الكِتَابِ إبْرَاهِيمَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِياً (41) إذْ قَـــالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ ولا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إنِّي قَدْ جَـاءَنِــــي مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِياً (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إنَّ الشَّيْطـَـانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِياً (44) يَا أَبَتِ إنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ ولـِـيـــاً (45) قَـالَ أَرَاغِـــبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ واهْجُرْنِي مَلِياً (46) قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إنَّهُ كَانَ بِي حَفِياً (47) وأَعْتَزِلُكُمْ ومَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِياً))[مريم41 / 48].
    لقد كانت كلمات إبراهيم تفيض حنانًا وشفقة وتتدفق عطفًا ورقة ، فبيّن لأبيه أن ما يعبده فاقد لأوصاف الربوبية من السمع والبصر فضلًا عن الخلق فكيف يضر أو ينفع ثم أردف ذلك بـبـيـان ما قد أوتيه من علم وحكمة وأن دعوته فد بنيت عليهما ففى اتباعه سلوك الصراط السوي ، ثم حذره من عدو البشرية الذي تلبس بمعصية الرحمن فهو جدير بأن يتخذ عدوًا وأن لا يطاع بل يعصى ، ثم أعلمه بشدة خوفه عليه من أن يمسه مجرد مس عذاب من الرحمن فيكون وليًا للشيطان ، وأمام هذه الدعوة الحانية الرفيقة المتزنة نسمع عبارات الأب الفـجـــة الغليظة التي تمثل صورة التقليد الأعمى وإغلاق القلب عن النظر والتأمل ، ومع ذلك كله فإن الابن البار لم يواجه تلك السيئة إلا بالتي هي أحسن (سلام عليك) كحال عباد الرحمن الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا: (سلامًا) بل وعد بالاستغفار لأبيه ، وذلك قبل أن يتبين له أنه عدو لله ((
    فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ)) ثم قرر اعتزاله ليراجع الأب نفسه، ولينأى إبراهيم بنفسه عن الشر ومواطنه، وكانت رحمة الله لإبراهيم أن عوضه بأبناء صالحين بررة عن أولئك القوم الفجرة.

    المرحلة الثانية :
    دعوته لقومه. بعد أن دعا إبراهيم أباه لقربه توجه بالدعوة إلـى قومه ، وكانوا فيما قبل قسمان ، منهم من يعبد الأصنام ، ومنهم من يعبد الكواكب ، وقيل : إنهم كانوا يعبدون الكواكب ويصورون أصنامًا على صورها يعبدونها ويعكفون عليها ، وعلى أي ، فقد أبطل كلا المعبودين بالأدلة القطعية وبين وهاء ما هم عليه من العـبــــادة ، وبدأهم بالدعوة إلى توحيد الله بالعبادة وتقواه وبين لهم أن ما يعبدون ما هو إلا إفك مفترى ، وأنها لا تملك لهم رزقًا فليعبدوا من يملك رزقهم ، ثم أخبرهم بأنه مبلغ لا يستطيع هدايتهم إلا بإذن الله ، ولفت أنظارهم إلى أن مصيرهم إن لم يستجيبوا للدعوة مصير أمثالهم فقد سبقهم على ذلك أمم ولحقهم من ربهم من النكال والعذاب ما لا يخفي عليهم ، قال تعالى ((وإبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ واتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * إنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وتَخْلُقُونَ إفْكاً إنَّ الَذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ واشْكُرُوا لَهُ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وإن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ومَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ البَلاغُ المُبِينُ))[العنكبوت:16-18] .
    - ولقد سلك إبراهيم في إقناع قومه مسلك المساءلة عن جدوى أصنامهم ، هل تنفع أو تضر أو تسمع الدعاء ، فما وجد إلا التبعية العمياء (
    (واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إبْرَاهِيمَ * إذْ قَالَ لأَبِيهِ وقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)) فما كان من إبراهيم إلا أن أعلن البراءة مما هم عليه، وأوضح سبب ذلك وسبب قصره العبادة على الله ((قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إلاَّ رَبَّ العَالَمِينَ * الَذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * والَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ * وإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ… الآيات)) [الشعراء:69 -80].
    - وبدأ القوم يراوغون فيما عـرضـــــه عليهم إبراهيم إلا أنه ما كان من إبراهيم إلا إعلان النكير ، وبيان الحق فعلًا لا قولًا فحسب ودخل بهذا مرحلة خطرة من مراحل إقناع القوم بعدم جدوى أصنامهم وفي هذا يقول الله تعالى ((
    ولَقَدْ آتَيْنَا إبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إذْ قَالَ لأَبِيهِ وقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَـــوَاتِ والأَرْضِ الَـــذِي فَــطَــــرَهُنَّ وأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ))[للأنبياء:51-56] ولم يكتف القوم بهذه المراوغة مع إبراهيم بل دعوه للخروج معهم إلي عيد من أعيادهم ولكنه اعتذر عن الخروج بتورية ((فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ))[الصافات:88-90] وقــال عـنــد ذلـك ((وتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ)) فسمعها بعض القوم ، وبادر إبراهيم ((فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَــلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إن كَانُوا يَنطِقُونَ * فَرَجَعُوا إلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ)) لقد ورطهم إبراهيم في هذه الإجابة وهذا ما كان يريده لـيـنـدفع بكل قوة مخاطبا عقولهم إن كانت لهم عقول :(( قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً ولا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ ولِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)) وهنا لم يجد القوم بدا من تدبير المؤامرة عليه والتخلص منه ((قَالُوا حَرِّقُوهُ وانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وسَلاماً عَلَى إبْرَاهِيمَ * وأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ)) [الأنبياء:51-70].
    أما عبادتهم للكواكب فقد سلك في دحض تعلقهم بها سبيل المناظرة وذلـك فـيمـا حكاه الله عنهم في سورة الأنعام ، وسيأتي إن شاء الله تفصيل ذلك في رسائل إبراهيم العملية.

    المرحلة الثالثة :
    دعوته للملك، حين ناظره في ربه وذلك فيما حكاه الله تعالى عنهم في سورة البقرة فقال: ((أَلَمْ تَرَ إلَى الَذِي حَاجَّ إبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ إذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ:...)) وتفصيل ما وقع فيها آت بإذن الله في الوسائل ، وهذه المناظرة كانت فيما يظهر بعد نجاة الخليل من النار كما ذكره السدي ويدل عليه: أن الـعـادة جارية بأن الأنبياء يبدأون بتكوين قـاعــدة شعبية حتى يكون للدعوة ثقل ثم يلتفـتون إلى القيادة ليدعوها ، وأيضًا ، فمن عادة خصوم الدعوة ملاحقة الداعية وإحراجه ليفـضح أمام الناس خصوصًا وأن إبراهيم بعد نجاته من الـنــار بمعـجـــزة التفتت إليه الأنـظــار وتعجب الناس من ربه الذي نجاه فبادر الملك إلى مناظرته ليوقعه في الحرج ظنا منه أن إبراهيم قد ينهزم في المناظرة ، وما علم أنه المؤيد من عند الله وهو سيد المناظرين ، ومناظرهم الأكبر ، والمجادل عن حوزة التوحيد وحمى الملة بكل ألوان الجدل.
    - ولا نستطيع الجزم بأن هـذه الـمـنـاظرة كانت بعد النجاة لكنه الذي يظهر من خلال ما تقدم من الأدلة والله أعلم.

    منقول بتصرف

    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 28-08-2017, 12:37 AM.


  • #2
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جعلها الله في موازين حسناتكم
      قصة سيدنا إبراهيم رائعة ومن عجيب ما سمعت فيها أنه لم يذكر مصطلح القلب السليم إلا مع قصته ولذلك تدبر هذه القصة طريق إلى تحصيل القلب السليم
      اللهم ارحم أبى وأمى وأسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة
      اللهم اعتق رقابنا من النار
      يا وهاب هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء

      تعليق


      • #4
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        موضوع طيب ،
        جعله الله في موازين حسناتكم

        تعليق


        • #5
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا

          "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
          وتولني فيمن توليت"

          "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

          تعليق

          يعمل...
          X